لا جدل ولا حوار مع حقيقة ثابتة لا تحتمل النقاش، وهي: "أن مصلحة الوطن تعلو وتتقدم فوق كل اعتبار"..
هذه كانت محصلة الأداء الرسمي وغير الرسمي خلال العقد الماضي على أرض سيناء، وهكذا يجب أن تكون وتستمر تعزيزًا لتضحيات الوطن وأبنائه على مدى أكثر من 10 سنوات هي عمر المعركة مع الإرهاب هناك.
وإذا كانت سيناء، هى مؤشر للاستقرار في الحرب والسلم معا، فإن جهود تنميتها، بعد أن تم تطهيرها من الإرهاب، هي معركة وجولات مستمرة لا تتوقف، خاصة أنها من أهم المناطق النظيفة الخالية من التلوث بكافة صورة وأشكاله محليا وإقليميا، فضلا عن طبيعتها ومواردها فائقة التميز.
لقد أدركنا مدى أهمية التنمية، باعتبارها الحصن المنيع والعلاج المؤكد الذي يواجه كافة المخاطر الحالية والمستقبلية، فبالرغم مما واجهته من معارك، فإن سيناء تحمل تميزًا فريدًا، فهي بلا مشكلات بيئية، وخالية تمامًا من التلوث بكافة أشكاله، كما تؤكد ذلك مدينة مثل "شرم الشيخ"، فهي من المدن العالمية النظيفة الخضراء التي تعتمد على الطاقة المتجددة.
على شاطئ البحر بالعريش، نجحت الجهود الرسمية والأهلية هناك، مؤخرا، في إطلاق المبادرة الوطنية، تحت عنوان "لا للبلاستيك"، وهي تعد المحافظة الرائدة التي نفذت فعاليات المبادرة على أرض الواقع، وتم خلالها، فصل المخلفات البلاستيكية حتى يمكن إعادة تدويرها واستخدامها لتصبح صديقة للبيئة وقابلة للتحلل، ومتعددة الاستخدام ويتم تصنيعها بأشكال وأصناف طبقًا لوظيفة كل منها.
نجاح هذه المبادرة ليس جديدًا على المحافظة، التي تستوعب وتترجم كل الجهود والمبادرات الإيجابية لتعويض المحافظة عن الفترات السابقة والمعوقة للتنمية، فالمبادرة تمت برعاية د.ياسمين فؤاد وزيرة البيئة ود. محمد عبدالفضيل شوشة، محافظ شمال سيناء، والمهندس عبدالله الحجاوي رئيس مجلس إدارة الجمعية الأهلية لحماية البيئة بالمحافظة، باستخدام البلاستيك أحادي الاستخدام، حفاظًا على نظافة البيئة، بمشاركة وزارة الصحة والسكان، وجهاز شئون البيئة، والمجلس القومي للمرأة، والمكتب العربي للشباب والبيئة، والهيئة العامة لتنشيط السياحة.. وغيرها من الكيانات المعنية، وكذلك افتتاح المخيم الصيفي للشباب بالعريش، إضافة إلى الحملة المحلية ليوم البيئة المحلية يوم 13 يوليو.
بإمكان سيناء شمالها مع جنوبها، تطبيق معايير المدن والمجتمعات الخضراء باستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة، وصولا إلى تطبيق الاستدامة، تحت شعار "لا للبلاستيك"، لتبدأ في المطاعم والمقاهي بتقديم الأطعمة الجاهزة في عبوات قابلة لإعادة الاستخدام، لتحفيز التقليل من استخدام العبوات البلاستيكية ذات الاستعمال الأحادي "لمرة واحدة"، وتطبيق نظامٍ إعادة تدوير المواد القابلة لإعادة الاستخدام.
قدر الاتحاد الأوروبي حجم النفايات البلاستيكية التي تطفو في البحار بجميع أنحاء العالم، بحوالي 150 مليون طن من النفايات البلاستيكية، يُضاف إليها 11 مليون طن تقريبًا كل عام.
واللافت أن سيدات ورجال وشباب المجتمع المدني في شمال سيناء يصنعون الفارق الحقيقي في صيد النفايات البلاستيكية ويساهمون في نظافة المحافظة واستمرارها نظيفة من المخلفات والبلاستيك ومن التلوث بكافة انواعه، عبر تُنظِّيم ورش عمل في المدارس والشركات حول إنتاج مستلزماتهم الصغيرة من النفايات البلاستيكية، وفي نفس الوقت، تقديم التوعية خلالها، بأهمية وكيفيةُ الحد من النفايات البلاستيكية، وامكانية عمل مشروعات تجريبية لإعادة تدوير الزجاجات البلاستيكية بإشراف الجهات المعنية مثل فرع جهاز شئون البيئة بالمحافظ، وكذلك إدارة شئون البيئية التابعة للمحافظة.
كيف تتفادى سيناء المخلفات بأنواعها والقمامة مستقبلا، يقترح رئيس الجمعية الأهلية لحماية البيئة هناك، ضرورة الانتباه إلى أهمية وخصوصية سيناء، قبل اتخاذ أية خطوات تنفيذية جادة للحد من التلوث البيئي، حيث الطبيعة في سيناء تعالج نفسها بنفسها عبر التنوع البيولوجي، كما توفر العلاج للإنسان عبر والنباتات الطبية فى علاج الكثير من الأمراض.
ونظرًا لخصوصية سيناء، فقد يشكل تشجيع الاستثمار في المشروعات المعنية بالبيئة، فرصة مهمة لحماية صيانة البيئة هناك، فهي تستحق باعتبارها منحة وأمانة من الخالق، سبحانه، لكي نحميها ونصونها ونحافظ عليها.
وبإمكان صائدي الأسماك، بإشراف الجمعيات الأهلية، جمع النفايات البلاستيكية من سطح البحار وفي عمق المياه والشواطئ، لكي تنقل هذه النفايات في القوارب، بإشراف الإدارات المحلية والأهلية ومنظماتِ حماية البيئة، قبل مرحلة إعادة تدويرها بالتنسيق مع اتحاد الصناعة المصرية عبر مشروع "الالتزام البيئي"، لكي نحافظ على سيناء خالية من التلوث، فضلا عن توظيف وتدوير النفايات والاستفادة منها.
ومن الخطوات الجادة في هذا المجال، إنشاء "المنتدى المصرى للتنمية المستدامة فرع شمال سيناء"، بإشراف المهندس عبدالله الحجاوي منسق المنتدى، ولخفض انتشار النفايات والحد من النفايات البلاستيكية، يقترح تطبيق نظام "الرهن"، وهو أقرب إلى نظام شراء عبوات المياه الغازية الزجاجية في الماضي، حيث يشتري المستهلك زجاجة المياه الغازية، ويدفع ثمنها، مع ثمن العبوة الزجاجية، وعند إعادة هذه العبوة، يستعيد المستهلك من التاجر قيمة الرهن الذي دفعه في السابق مقابل قيمة العبوة الزجاجة فارغة، وبإمكان المستهلكين استرجاع قيمة الرهن من موظف الخزينة، ثم يعاد تدوير العبوات لاحقًا.
لابد أن نصنع في سيناء التغيير الحقيقي، وهو أن نحمي البيئة بكافة مفرداتها، وأن نصون الطبيعة بكل عناصرها، ضد التلوث بكل أشكاله.
[email protected]