يبدو أن الأرض وصلت رسميًا إلى مرحلة الخطر؛ بسبب تغيرات المناخ العالمية، إذ ترتفع درجات الحرارة في كوكب الأرض بشكل كبير خلال هذه الآونة، وتتوالى تحذيرات الأمم المتحدة من خطر ارتفاعات شديدة في درجات الحرارة غير مسبوقة كما جاء في تحذير للمنضمة الدولية أمس الثلاثاء، بشأن خطر موجة الحر التي تضرب أنحاء مختلفة من العالم وترافقها حرائق وفيضانات تسببت في العديد من الوفيات وإجلاء آلاف السكان من منازلهم، بالإضافة إلى الضغط على شبكات المياه والكهرباء.
موضوعات مقترحة
وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، في تحذيرها الأخير بشأن موجات الحر، إنه من المتوقع أن تشتد موجة الحر على منطقة البحر المتوسط بحلول منتصف الأسبوع الجاري، ومن المرجح أن تستمر هذه الموجة حتى أغسطس في بعض الأماكن.
3 تريليونات دولار سنويًا لمواجهة تغير المناخ
وذكرت لجنة تابعة لمجموعة العشرين، أنه سيتعين إنفاق حوالي 3 تريليونات دولار سنويًا إلى غاية عام 2030، من أجل الاستثمار في مجال العمل البيئي ومواجهة تغير المناخ، وتم تكليف لجنة من قبل مجموعة العشرين لاقتراح إصلاحات للمصارف التنموية متعددة الأطراف، مع التركيز على زيادة التمويل لتحقيق أهداف التنمية المستدامة والتغير المناخي، وغيرها.
وشهد العالم الأيام الماضية ارتفاعًا غير مسبوق في درجات الحرارة، إذ تجاوزت درجة الحرارة العالمية متوسط 17 درجة مئوية على سطح الكوكب لأول مرة، وفقًا للقياسات الأولية التي أجراها خبراء الأرصاد الجوية الأمريكيون، وهو الرقم الأعلى على الإطلاق.
والموجة الحارة تؤثر على مصر وأنحاء المنطقة العربية، بل وتشهدها مناطق مختلفة من جنوب أوروبا وأنحاء مختلفة من العالم، ففي مصر تشهد درجات الحرارة ارتفاعا منذ نهاية الأسبوع الماضي في موجة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، وتشهد أيضا دول جنوب أوروبا موجة شديدة الحرارة حيث كسرت درجات الحرارة في إيطاليا وإسبانيا وتركيا حاجز 40 درجة مئوية، ومن المتوقع المزيد من الحرارة الحارقة في الأيام المقبلة.
وتتزامن الموجة شديدة الحرارة في أوروبا مع الموجة الطويلة من الحر الشديد التي تتأثر بها أجزاء كبيرة من البلاد القاهرة الكبرى والوجه البحري وجنوب البلاد وجنوب سيناء وأيضا بلاد المغرب العربي، والدول المطلة على البحر المتوسط تحت وطأة الموجة شديدة الحرارة.
أسباب ارتفاع درجات الحرارة
ويعود ارتفاع درجات الحرارة القياسي إلى ظاهرة القبة الحرارية التي تحدث في طبقات الجو العليا (الستراتوسفير)؛ حيث تكون درجات الحرارة متدنية، في الوقت الذي تكون فيه درجات الحرارة مرتفعة في طبقات الجو الدنيا المعروفة بالتروبوسفير.
وكان العلماء على مدار أشهر ماضية، قد حذروا من أن عام 2023 قد يشهد رقما قياسيا لدرجات الحرارة بسبب التغير المناخي، وأشاروا أيضا إلى أن ظاهرة النينو التي يقصد بها التبريد الطبيعي للمحيط والتي كانت بمثابة مضاد للاحتباس، قد حل محلها الظاهرة المضادة بتدفئة مياه المحيطات والمعروفة باسم النينو، وقد شهد شمال الأطنطلي تدفئة قياسية هذا العام.
مستقبل أكثر سخونة بسبب الاحتباس الحراري
والأرقام القياسية لدرجات الحرارة هي مجرد دليل آخر على الاقتراح الذي أصبح مدعوما بشكل هائل بأن الاحتباس الحراري العالمي يدفعنا إلى مستقبل أكثر سخونة، فيقول عالم المناخ بجامعة ماين شون بريكل، الذي أنشأ أداة تحليل المناخ ريناليزر، التي تستخدم بيانات الأقمار الصناعية ونماذج محاكاة الكمبيوتر لقياس حالة العالم، إن الأرقام اليومية غير رسمية لكنها تقدم لقطة مفيدة عما يحدث في عالم تزداد درجة حرارته.
وعلى الرغم من تداعيات التغيرات المناخية التي يشهدها العالم كله وما تسببه من كوارث، إلا أن الإحصائيات الدولية الأخيرة أفادت بأن 49% من البشر يعتقدون أن التغير المناخي لا يمثل أزمة كبيرة، ولا يحتاج لإجراءات فورية معه، الأمر الذي ينذر بكارثة كبيرة على مدار السنوات القادمة, فما هو الحل، وماذا يحدث لو ارتفعت درجات الحرارة لأكثر من ذلك، وكيف تواجه مصر تغير المناخ، الإجابة في السطور التالية.
23 تريليون دولار خسائر العالم بسبب تغيرات المناخ
وكشفت تقارير دولية، أن 23 تريليون دولار خسائر الاقتصاد العالمي بحلول 2050، كما أن هناك 72 مليار دولار خسائر اقتصادية في النصف الأول من عام 2022، وأن تكلفة تكييف الدول النامية 300 مليار دولار مع تغيرات المناخ 2030، كما أوضحت أنه من 2 إلى % من ناتج الدول الإفريقية تنفق لمواجهة آثار تغير المناخ، وحجم الخسائر الاقتصادية الأمريكية خلال العام الماضي وصل إلى 145 مليار دولار.
ويؤكد الدكتور مجدي علام، أمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب، أن موجة الحر الحالية التي تشهدها معظم دول العالم ومنها مصر، هي موجة غير طبيعية واستثنائية، لأن معدلات درجات الحرارة فيها مرتفعة بشكل كبير ولم تكن متوقعة بهذا الحد من قبل، فهي ليست قاصرة على مصر ولكن تؤثر على عدة دول في العالم.
وتعتبر قارة إفريقيا أكثر دفئا من أوروبا، لكن كل دول العالم بما فيها قارة أوروبا وأمريكا الشمالية وجنوب شرق آسيا العالم يتعرض إلى موجة حارة وشديدة في الحرارة، ووصلت إلى أعلى درجاتها، ففي بعض الأماكن مثل الكويت والعراق تخطت درجات الحرارة حاجز الـ50 درجة مئوية، فهي موجة شديدة ومعدلاتها عالية كما أن مدتها طويلة.
تأثير الموجة الحارة على مصر والعالم
ويوضح أمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب، أن موجات الحر السابقة كانت تستمر يومين أو ثلاثة لكنها مستمرة لنحو أسبوع ومستمرة للأيام المقبلة لتصل لـ10 أيام، وهذه الموجة لها ثلاثة أبعاد، البعد الأول: مدتها الزمنية فهي من أعلى المدد الزمنية في موجات الحرارة، والثاني: هو تأثيرها على الإنسان والكائنات الحية ككل فهي من أعنف موجات الحرارة، أما البعد الثالث: هو الآثار السلبية لها فهي تسببت في آثار سلبية شديدة فأدت لاحتراق مساحات كبيرة من الغابات وحتى موجات من الفيضانات.
وتأثير تلك الموجة الحارة سيكون كبيرا على العالم على الغطاء النباتي والجفاف وموجات الرياح والأعاصير ورفع درجات حرارة البحار والمحيطات وجعل مياهها حامضية ما يؤثر على الكائنات الحية، هناك بعض الكائنات البحرية من الأسماك والدلافين خرجت من البحر مقطعة بسبب موجات الحر السابقة.
وترتبط هذه الموجة ارتباطًا وثيقًا بالتغيرات المناخية؛ لأن المناخ يقاس بالمائة عام، فخلال المائة عام من 1900 حتى 2000 ارتفعت درجات حرارة الأرض بشكل كبير، ومنذ عام 2000 وحتى العام الحالي 2023 زادت درجات الحرارة، والتوقعات أن ترتفع درجات الحرارة حتى 2050 بأكثر من 2.5 درجة، رغم التوقعات والجهود لمنع ارتفاع درجات الحرارة بأكثر من درجة ونصف، وتأثير ارتفاع درجات حرارة الأرض بهذا المعدل سيكون له تأثير شديد على كل مناحي الحياة من البشر والنباتات والحيوانات والغذاء والمياه والتربة، مؤكدًا أن المسألة ليست سهلة.
جهود مصر لمواجهة أخطار التغيرات المناخية
تحاول مصر منذ سنوات العمل على تحسين الظروف البيئة من خلال مبادرات حكومية مختلفة، وتعمل الدولة على إقامة مشاريع للاستخدام الذكي للموارد الطبيعية، ولضمان موارد طبيعية للأجيال القادمة، والمحافظة عليها من الإهدار أو التلوث، بحسب الدكتور محمد فهيم، أستاذ التغيرات المناخية.
وعلى الرغم أن مصر من أقل الدول المشاركة في الانبعاثات الكربونية لكنها من أكثر الدول المهددة بأخطار تغير المناخ، ولذلك تعمل الدولة على مجموعة محاور مثل تدشين مشروعات إنتاج الطاقة وتنمية الموارد المائية، وتطوير البنية التحتية وإنشاء مدن جديدة خضراء وتطوير الريف، واستثمرت مصر 20 مليار دولار في مشاريع إنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة، واستثمرت في مشاريع أخرى للرياح، وتستهدف أنه في عام 2035 تنتج 40% طاقة نظيفة ومتجددة من الطاقة التي تستخدمها.
ولتخفيف درجات الحرارة كانت هناك خطة لتطوير منظومة الزراعة والرى والاستثمار فى الأراضى الزراعية وتوسيع الرقعة الخضراء، لمجابهة ظاهرة التغير المناخى والتكيف مع آثارها وتقليل الانبعاثات.