على مدى عمرنا؛ كنا نسمع عن لفظ الدواء المر؛ وكنا نقول إن الدواء مر؛ ولابد من تناوله حتى يكتمل الشفاء؛ وكنا نحذر من الوقوع في متاهات المرض؛ مع ضرورة الحفاظ على مقومات الصحة؛ والوقوع في مغبات المرض؛ يوجب عليك تناول الدواء المر!
إلا أنني اليوم أتحدث عن الدواء القاتل؛ لفظ غير معتاد علينا سماعه؛ فكيف يكون دواءً للشفاء؛ ويتحول لدواء قاتل؛ وهل يمكن لمريض أن يتناول دواءً ليشفى من المرض؛ فيمسي الدواء قاتلاً؟
الإجابة بكل بساطة .. نعم.
قد تصاب في أحد الأيام بمرض ما؛ وليكن إنفلونزا على سبيل المثال؛ وتذهب للطبيب؛ ليصف لك الدواء؛ ثم تذهب لشرائه؛ وتلتزم بما وصفه الطبيب بدقة حتى تتعجل الشفاء؛ ولكن يمكن أن يحدث ما لا تحمد عقباه!
لأن هناك أعراضًا جانبية يسببها تناول الدواء؛ تلك الأعراض قد تصل لحد القتل؛ فهناك بعض المرضى يمنع عليهم تناول بعض مشتقات الأدوية كالبنسلين على سبيل المثال؛ لأنه يسبب حساسية شديدة؛ وزيادة جرعته قد تكون مميتة.
ولأننا اعتادنا أن يصف الطبيب الدواء؛ وأحيانا لا يسأل المريض عن بعض التفاصيل المهمة؛ من عينة هل تعاني من حساسية ما ضد الأدوية التى يصفها؛ فيكون البديل الآمن جدا؛ هو قراءة النشرة الداخلية المصاحبة للدواء وبعناية شديدة؛ حتى تتمكن من فهم أبعاد تناول الدواء؛ ومدى صلاحيته لك.
وأتذكر جيدًا أننى كثيرًا حينما كنت أشتري بعض الأدوية؛ أقرأ نشرتها الداخلية؛ وأنتبه لبعض المحاذير؛ وأضف لذلك أن هناك عددًا من الأدوية تقول نشرتها الداخلية بضرورة قراءتها قبل التناول؛ ولكن الكارثة في أمرين.
الأول؛ أنه غالبًا تُكتب النشرات الداخلية بخط صغير جدًا جدًا؛ يصعب قراءته تمامًا؛ مما يضع المريض أمام خيارين كلاهما سيىء؛ الأول أن يتناوله ويسلم أمره لله؛ أو يخشى تناول الدواء؛ ومن ثم يفقد ميزته لو كان آمنًا!
وهنا لا أعرف لمن أتوجه بالنداء؛ هل لشركات الأدوية لتعتني بتلك الزاوية المهمة جدا؛ أم أتوجه بالنداء لوزارة الصحة ليؤخذ الأمر بعين الاهتمام الشديد؛ قد يقول قائل إن هناك أدوية مستوردة؛ ومن ثم نشرتها بلغة المُصنع؛ هنا أقترح على وزارة الصحة ترجمة النشرة من لغة المصنع للغة العربية؛ وإرفاقها الدواء؛ حرصًا على صحة المواطنين. والأمر لن يكلفنا الكثير؛ ولكنه في المقابل سيجنبنا الكثير من الأزمات التى لا ناقة لنا بها.
أعرف أن على الطبيب دورًا مهمًا حينما يقرر صرف دواء لمريضه؛ من خلال استيعاب حالته الصحية بشكل كامل؛ ليصف له الدواء الآمن على صحته؛ ولكننا الآن بتنا في عصر السرعة المقيتة؛ تمرض فتذهب للطبيب؛ فيكشف عليك؛ ويكتب لك الدواء؛ كل ذلك في خلال دقائق معدودة؛ وتكاد تشعر أن الطبيب في بعض الأحيان متخم بكم كبير جدًا من الأمور التى تشغله؛ وبالتالي فهى أيضًا تشغله عن مريضه.
أمس كنت في زيارة لأحد الأطباء؛ رفقة أحد المرضى؛ منذ لحظة دخولنا وحتى خروجنا لم يستغرق الأمر أكثر من 4 دقائق؛ وكنا نسأل وهو يجيب في كلمة؛ وأحيانًا ينظر ويصمت الـــ 4 دقائق شاملين كتابة الدواء؛ وعندما أبديت اعتراضى؛ قال لي أنا أفعل ما أراه صوابًا؛ وليس ما تراه أنت صوابًا هو الصواب؛ الأغرب كان الخط الذى كتب به وصف العلاج؛ سيئ جدًا جدًا؛ لم ينجح الصيدلي فى فهم ما يريد بسهولة؛ بل استغرق الأمر وقتًا؛ وبعدما علم المرض؛ حاول أن يترجم الخط ليفهم الدواء!!
وهذا يأخذنا لنقطة أخرى؛ ولكنها مهمة للغاية؛ طريقة كتابة الأطباء للأدوية؛ غريبة؛ وغير مفهومة؛ وأيضا مستفزة؛ وإذا حدث خطأ؛ فيلقي اللوم على الصيدلي الذى صرف الدواء؛ رغم أن الوضع يستلزم كتابة الدواء بخط واضح؛ نظرًا لتشابه أنواع كثيرة في الحروف والمعاني.
قليل من النتظيم؛ يؤدى لتجنب كثير من السوءات.
،،، والله من وراء القصد
[email protected]