تعد قضية التغيرات المناخية واحدة من أكبر التحديات التي تواجه البشرية في القرن الحالي. هذه التغيرات تؤثر على العالم بطرق عديدة، مثل الطقس والمناخ والبيئة والاقتصاد والصحة والأمن الغذائي والمياه.
موضوعات مقترحة
ومن بين التغيرات المناخية الأكثر بروزًا التي يشهدها العالم ارتفاع درجة حرارة الأرض، وقد تسبب هذا الارتفاع في ظاهرة الاحتباس الحراري، التي تحدث عندما تتراكم الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز. ويؤدي هذا الاحتباس إلى زيادة درجة حرارة الأرض وتغير المناخ.
وتؤثر التغيرات المناخية على الطقس بشكل عام، وتتسبب في زيادة التطرف في الأحوال الجوية، مثل الأعاصير والفيضانات والجفاف والحرائق الكبيرة، وتؤثر هذه الأحوال الجوية المتطرفة على البنية التحتية والمجتمعات البشرية، وتؤدي إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة، حيث تتسبب في انخفاض مستويات المياه وتغير التربة والغابات والأنهار والحيوانات والنباتات. وتؤثر هذه التغيرات على الأنظمة الإيكولوجية وعلى العديد من الخدمات الإيكولوجية التي تقدمها، مثل الإنتاج الغذائي وتنظيم المناخ وتصفية المياه والحفاظ على التنوع الحيوي. فقد تؤدي تلك التغيرات إلى تغير نمط الإنتاج الزراعي والصناعي وتكاليف الإصلاح والتعويض والتأمين، وتؤدي إلى تدهور الصحة العامة وزيادة انتشار الأمراض المعدية وغير المعدية.
وتشكل التغيرات المناخية أيضًا تهديدًا للأمن الغذائي والمياه. فقد يؤدي تغير نمط الأمطار والنمو والانتاج الزراعي إلى نقص في الموارد الغذائية والمياه، وتؤدي إلى تدهور الأمن الغذائي والمياه في العديد من المناطق.
ليس هذا فحسب، بل وفقا لتقديرات رسمية صدرت فى يوليو 2022، عن عدد من دول أوروبا توفى ما لا يقل عن 1027 شخصًا بسبب ارتفاع درجات الحرارة المرتبطة بتغير المناخ، وسجلت البرتغال وإسبانيا فقط حوالى 440 حالة وفاة، بحسب الأرقام الصادرة عن معهد كارلوس الثالث الصحى، المعنى بتسجيل الوفيات المرتبطة بدرجات الحرارة يوميًا، حيث تم تسجيل 360 حالة وفاة مرتبطة بالحرارة فى إسبانيا، بجانب تسبب الارتفاع الكبر فى درجة الحرارة الذى وصل فى إسبانيا فى بعض الأيام من شهر يوليو 2022 إلى 45 درجة مئوية، إلى 20 حريقًا من حرائق الغابات، بجانب حرائق متعددة فى فرنسا بفعل درجات الحرارة، أدت إلى إخلاء الكثير من البلدات وتشريد ما يقرب من 3500 شخص المعرضين لخطر الوقوع فى مسار النيران.
كيف يمكن التصدي للتغيرات المناخية؟
من أجل التصدي لهذه التحديات، يتطلب الأمر تبني إجراءات جادة وفعالة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة والتأثيرات السلبية للتغيرات المناخية. ويتطلب الأمر أيضًا التعاون الدولي وتبادل المعرفة والخبرات والتكنولوجيا بين الدول والمنظمات الدولية.
ويمكن تحقيق ذلك من خلال تبني العديد من السياسات والإجراءات الحكومية والتقنيات الجديدة، مثل تطوير الطاقة المتجددة وزيادة كفاءة الطاقة وتحسين النقل العام وتحسين إدارة الموارد الطبيعية وتحفيز الابتكار والتنمية المستدامة.
ويمكن أيضًا للأفراد المساهمة في هذه الجهود من خلال تغيير سلوكهم الشخصي، مثل تقليل استخدام السيارات الخاصة واختيار النقل العام وتوفير الطاقة والمياه والتحول إلى الطاقة المتجددة وتناول الأطعمة المستدامة.
وأكد الدكتور عبد الله علام أستاذ الجغرافيا والعميد الأسبق لكلية الأدب جامعة كفر الشيخ وعضو الجمعية المصرية للجغرافيا، أن العالم لم يتوقع أن يحدث تغيير مناخى على مستوى العالم بهذا الشكل والمتوقع أن يكون سريعا جدا، الأمر الذي أدى إلى إصابة معظم سكان العالم بخاصة سكان السواحل بهلع كبير جدا مع توقع حدوث كوارث طبيعية وبشرية بسبب هذا التغير المناخي خصوصا لو كان هذا التغير فعلا موجودا أو متوقعا وجوده.
وأشار الدكتور عبد الله علام، إلى أن الشواطئ والمشاريع المقامة عليها مثل القرى السياحية تواجه خطرين نتيجة التغيير المناخى الحقيقى وهما ارتفاع مستوى سطح البحر مباشرة الذى سيؤدي إلى غرقها تماما لو حدث ذلك، والخطر الآخر يتمثل في خطر السيول المتوقع حدوثها بسبب التغير المناخي الحقيقى بخاصة أن هذه القرى السياحية تقع عند مصبات الأودية على ساحل البحر الأحمر مباشرة الأمر الذي سيؤدى إلى تدميرها تدميرا كبيرا جدا وكارثيا.
وأوضح أن العوامل البشرية تتداخل فى حدوث مثل هذه الكوارث الطبيعية لأن اختيار مواقع ومواضع القرى السياحية اختيار خاطئ وكارثى من البداية، ولنا عودة فيما بعد لمعالجة سلبيات ذلك الاختيار لمثل هذه المواقع والمواضع المثلى لاختيار أماكن القرى السياحية وغيرهما من المشروعات الأخرى.
وأضاف أنه للحماية من كافة الأخطار الناتجة عن هذه التغيرات المناخية على البيئة الفيضية والبيئة الجبلية والبيئة الصحراوية والبيئة الساحلية فى الأراضى المصرية والعربية وحمايتها من الأخطار الطبيعية والبشرية التى تواجهها يجب أن نتتبع الخطوات التالية..
بالنسبة للقرى السياحية المقامة حاليا على طول السواحل المصرية وكذلك القرى السياحية على السواحل العربية يمكن حمايتها من التغيرات المناخية بإقامة وسائل الحماية على طول شواطئ القرى السياحية مثل إقامة السياج الأسمنتى المسلح المحيط بالقرى السياحية وعلى ارتفاع مناسب للحماية من ارتفاع مستوى سطح البحر وقوة الأمواج. وتوجد الكثير من وسائل الحماية الأخرى مثل الكتل الصخرية الكبيرة. أيضا عملية تدريع الشواطئ والمشاريع المقامة عليها بطرق هندسية مهمة جدا وخاصة فى مناطق النحت البحرى. كما حدث فى شواطئ مدينة الإسكندرية ومدينة رشيد وبلطيم ورأس البر ومدينة دمياط على شواطئ الدلتا، حيث توجد هذه الوسائل وهى مهمة جدا وأثبتت كفاءة عالية جدا.
ويجب الرجوع إلى هيئة حماية الشواطئ فى هذا الموضوع وأيضا وزارة البيئة وكذلك الرجوع إلى كافة الأبحاث والدراسات الجيمورفولوجية الخاصة بحماية الشواطئ من عمليتي النحت والإرساب وهى كثيرة جدا. فقد جاء الوقت للرجوع إلى البحث العلمى لمعالجة سلبيات الأخطار الناتجة عن هذه التغيرات المناخية.
وبالنسبة للمشاريع القومية الأخرى على مستوى مصر والوطن العربى يجب تقديم الحلول والمقترحات لمعالجة سلبيات الأخطار الناتجة عن هذه التغيرات المناخية مثل حماية حقول النفط والغاز الطبيعى وحماية مناطق التعدين ومصادر الطاقة المتجددة وغير المتجددة وحماية مشروع الرمال السوداء والجسر المصرى ومشروع المحطات النووية في الضبعة المصرية وكذلك حماية شبكة الطرق ومراكز العمران على طول السواحل المصرية والعربية.
وقال إنه لحماية كل ما سبق بوضعه الحالى في مصر والوطن العربى يجب الرجوع إلى الأبحاث والدراسات الجيمورفولوجيا التطبيقية النفعية لخدمة المجتمع وتنمية البيئة المصرية والعربية وحمايتها من الأخطار الطبيعية والبشرية التى تواجهها. لأن هذه الأبحاث تحتوى كل المقترحات والحلول اللازمة لمعالجة سلبيات الأخطار بوضعها الحالى. لهذا السبب لا سبيل ولا طريق للحل الأمثل إلا بالرجوع لمثل هذه الأبحاث فى ثروة قومية كبيرة لحمايتنا جميعا من التغيرات المناخية لو حدثت بالفعل.
الدكتور عبد الله علام أستاذ الجغرافيا والعميد الأسبق لكلية الأدب جامعة كفر الشيخ