تستهدف زيادة إنتاج مصر من أصناف الذرة المعتمدة ومواجهة ظاهرة الغش بالأسواق
برنامج جديد لدعم القطاع الخاص بأراضى ومحطات غربلة وباحثين لزيادة إنتاج الأصناف
خبراء : النهوض بصناعة التقاوى فى مصر يغطى احتياجات المشروعات الزراعية القومية ويقلل الاستيراد
منذ أن تبنت الحكومة المصرية ممثلة فى وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى إستراتيجية كبرى لدعم صناعة التقاوى فى مصر، والجهود لا تتوقف لاستكمال خطوات النهوض بهذه الصناعة الوطنية الكبيرة، وقد تضمنت الخطوات عدة محاور، أهمها دعم القطاع البحثى بكافة الإمكانات للنهوض بصناعة التقاوى والتوسع فى استنباط أصناف جديدة من المحاصيل المهمة قادرة على توفير المياه وتحمل التغيرات المناخية ودرجات الحرارة والملوحة وتحقق أعلى إنتاجية من المحاصيل، إضافة إلى التوسع فى الشراكات مع القطاع الخاص خاصة فى ظل التطور الكبير الذى حققه فى هذا الملف خلال السنوات الأخيرة، ونجاحه فى القدرة على نقل تجارب عالمية رائدة وكذلك تقنيات متطورة لإنتاج واستنباط تقاوى المحاصيل الزراعية الإستراتيجية، وكذلك تكثيف برامج العمل داخل الجهات والإدارة المعنية لزيادة إنتاج التقاوى وتوفير الأصناف المعتمدة للمزارعين فى كافة أنحاء الجمهورية.
زيادة مساحة الرقعة الزراعية فى مصر، كان من أبرز محاور خطة النهوض بصناعة التقاوى فى مصر، ووجود ضرورة ملحة بتوفير احتياجات المحاصيل الزراعية من البذور والتقاوى المطلوبة والمعتمدة، خاصة بعد نجاح الدولة فى إنشاء حزمة من المشروعات الزراعية الكبرى التى تتطلب بالطبع التوسع فى استنباط أصناف تقاوى قادرة على تحمل الظروف والتغيرات المناخية، وتتناسب مع طبيعة التربة الرملية بالأراضى الجديدة، وقد كان على رأس هذه المشروعات مشروع الدلتا الجديدة الذى يستهدف استصلاح وزراعة 2.2 مليون فدان، ومشروع الـ1.5 مليون فدان زراعي، الممتد فى العديد من المناطق منها توشكى وجنوب سيناء والوادى الجديد والفرافرة وغرب «غرب المنيا»، وكذلك مشروع الـ100 ألف فدان صوبة زراعية، إضافة إلى المساحات القديمة بأراضى الوادى والدلتا والتى تقدر بنحو 5 ملايين فدان، وهو الأمر الذى تطلب سرعة توفير احتياجات هذه المساحات من التقاوى والبذور.
على الناحية الأخرى تبنت وزارة الزراعة خطة كبرى لتنفيذ عدد من المشروعات الزراعية المشتركة مع القارة السمراء، ضمن خطة النهوض بصناعة التقاوي، وقد كانت عبارة عن تنفيذ مجموعة من المزارع النموذجية فى أكثر من 10 دول فى إفريقيا، بهدف التوسع فى الشراكات الخضراء مع الجنوب،وزيادة إنتاجية مصر من المحاصيل الإستراتيجية المهمة، خاصة فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى تواجه العالم، والتى وضعت الكثير من الدول وعلى رأسها مصر فى طريق واحد، هو الاعتماد على نفسها فى تحقيق الاكتفاء الذاتى من السلع والمنتجات الزراعية المهمة لتأمين المخزون الغذائى للمواطنين.
وزارة الزراعة مؤخرًا واصلت خطوات النهوض بصناعة التقاوى وأعلنت عن توقيع شراكة جديدة مع القطاع الخاص.. كشف عن تفاصيلها السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضى والذى أكد الدولة تبنت مؤخرًا خطة كبرى لإنتاج أصناف التقاوى المعتمدة لزيادة إنتاجية المحاصيل، ودعم المزارعين بالكميات المطلوبة وبأسعار مناسبة، وتشجيعهم على زراعة المحاصيل الزراعية الإستراتيجية التى تدخل فى تأمين المخزون الإستراتيجى من السلع فى مصر، إضافة إلى دورها فى سد احتياجات المشروعات الزراعية الكبرى من البذور والتقاوى خاصة للمحاصيل الزراعية الإستراتيجية، مضيفًا أن هناك توجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسى بضرورة إشراك القطاع الخاص فى المشروعات الزراعية وقطاعاتها المختلفة على رأسها صناعة التقاوي، باعتباره شريكا أساسيا لإستراتيجية التنمية الشاملة التى تبنتها الدولة خلال الفترة الأخيرة.
«تقاوى محسّنة»
«المعاهد البحثية فى مركز البحوث الزراعية بوزارة الزراعة تقوم بمجهود كبير فى منظومة إنتاج درجتى تقاوى المربى والأساس للمحاصيل الحقلية وذلك وفق للتقارير التى قدمتها الإدارة المركزية لإنتاج التقاوي، وشركات القطاع الخاص العاملة بالقطاع الزراعى لتغطية احتياجات المحاصيل الإستراتيجية من الكميات المطلوبة».. استكمل القصير كلامه؛ حيث أشار إلى أن الشراكة الجديدة من إحدى الشركات الكبرى العاملة بالقطاع الخاص تستهدف توفير التقاوى على المزارعين بحيث تغطى المساحات المطلوبة بالتقاوى المحسنة؛ حيث يعتبر هذا أحد أهم عوامل زيادة الإنتاجية و التوسع الرأسى من خلال تضييق الفجوة بين القدرة الإنتاجية وزيادة الإنتاج الكلى بما يسهم فى تخفيض فاتورة الاستهلاك وتأمين الاحتياجات المحلية فى ظل التحديات المناخية ونقص إمدادات الغذاء العالمية التى تواجه العديد من الدول، حيث تسعى الدولة المصرية لتحقيق الأمن الغذائى خلال الفترة الأخيرة، وتحديدًا بعد الأزمة الاقتصادية الأخيرة التى اجتاحت العالم.
وأوضح أن وزارة الزراعة تتبنى منظومة قوية لمراقبة عملية تداول التقاوي، والتأكد من سلامتها ووصولها للمزارعين بشكل آمن وعبر المنافذ الشرعية، وذلك من خلال الإدارة المركزية لفحص واعتماد التقاوي، فهى إدارة مستقلة تابعة لوزارة الزراعة معنية بالرقابة على جميع مراحل إنتاج التقاوى بدءًا من مراحل إنتاجها وحتى وصولها إلى المزارعين، كما أنها منوط بها رفض أى أصناف تقاوى تخالف المواصفات القياسية لأى صنف يتم إنتاجه تجاريا حفاظًا على مستقبل الزراعات وضمان تحقيق أعلى إنتاجية من المحاصيل الزراعية المهمة فى مصر، مضيفًا أن الوزارة تقوم أيضًا بنشر توصيات للمزارعين عن طريق قطاع الإرشاد الزراعى وعبر المنصات الرقمية لتوعية بمنظومة تداول التقاوى المحسنة وطرق الحصول عليها من أماكنها المعتمدة، إضافة إلى تكثيف دور المحطات البحثية فى عمليات إنتاج وصناعة التقاوي، وتطوير محطات الغربلة الحكومية للحصول على أعلى جودة للأصناف، والوصول فى النهاية لأعلى إنتاجية من المحاصيل.
«شراكة جديد»
من ناحيته، كشف الدكتور أحمد إبراهيم المستشار الإعلامى لوزير الزراعة واستصلاح الأراضى عن تفاصيل جديدة بشأن الشراكة الجديدة بين الوزارة وأحد الشركات الكبرى العاملة فى القطاع الخاص؛ حيث أكد أن شركة أوروبية مصرية تعمل فى إنتاج تقاوى الذرة، وتزرع ما يقرب من 5 آلاف فدان الأراضى الجديدة التابعة لنطاق محافظة البحيرة، كما تحقق إنتاجية سنويًا من تقاوى الذرة لما يغطى ما يقرب من 500 ألف فدان على مستوى الجمهورية، مضيفًا أن الشركة تخضع لإجراءات المراقبة من قبل الإدارة العامة لفحص واعتماد التقاوى بوزارة الزراعة لمتابعة منظومة إنتاج التقاوى وطرق تداولها وتوفيرها للمزارعين فى المنافذ الشرعية وبأسعار مناسبة.
وأضاف أن التعاون الجديد بين وزارة الزراعة والشركة الجديدة يتضمن توفير كافة الإمكانات والدعم لمنظومة الإنتاج، حيث تعتزم وزارة الزراعة توفير مساحات من الأراضى الزراعية التابعة لقطاعات وزارة الزراعة لزيادة إنتاج الشركة، إضافة إلى إتاحة محطات الغربلة والباحثين للتعاون مع فريق الشركة وإبداء المواصفات الفنية المطلوبة لإنجاح منظومة الإنتاج، كما أن وزارة الزراعة تدخل بشراكة مع هذا الكيان بحوالى 20 % من عائد الإنتاج، موضحًا أن الهدف من الشراكة الجديدة هو زيادة إنتاج مصر من تقاوى الذرة ومن ثم التوسع فى المساحات المنزرعة من المحصول لمواجهة أزمة ارتفاع أسعارها وتقليل فاتورة استيرادها من الخارج فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى خلفتها الحرب الروسية ـ الأوكرانية، والأهم سد احتياجات المشروعات الزراعية القومية التى نفذتها الدولة خلال السنوات الأخيرة من التقاوي.
«فاتورة الاستيراد»
الدكتور عبد الحميد شحاتة رئيس الإدارة المركزية للتقاوى السابق، قال إن التوسع في الشراكات الجديدة مع القطاع الخاص فى صناعة التقاوى فرصة قوية لتقليل فاتورة استيراد الأصناف من الخارج فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى تواجه العالم، والأهم التوسع فى تسجيل الأصناف المصرية المعتمدة، كما أن الشراكة بين الحكومة ممثلة فى وزارة الزراعة والقطاع الخاص خطوة نحو الطريق الصحيح بشأن الاستفادة من التطورات العالمية التى تطبقها الدول الكبرى بشأن النهوض بهذه الصناعة، إضافة إلى دورها فى تبادل الخبرات فى مجال صناعة التقاوي، فضلا عن التوسع فى دعم المشروع الوطنى لإنتاج تقاوى الخضر، ودعم البحث العلمى فى مجال إنتاج التقاوي، مشيرًا إلى أن هناك العديد من الجهات بوزارة الزراعة تشارك فى مهمة النهوض بصناعة التقاوى فى مصر، وهى معهد بحوث المحاصيل الحقلية، ومعهد بحوث البساتين، ومعهد بحوث القطن، ومعهد بحوث المحاصيل السكرية، فضلا عن الإدارتين المركزيتين لإنتاج التقاوى وفحص واعتماد التقاوي، وشركات القطاع الخاص العاملة فى صناعة التقاوي.
وأضاف الدكتور شحاتة، أن الهدف من هذه الشراكات مواجهة ظاهرة الغش التجاري، والتوسع فى منظومة الزراعة التعاقدية فى مصر خاصة على المحاصيل العلفية والإستراتيجية المهمة، قائلًا: «الأزمة التى تواجه منظومة إنتاج التقاوى خاصة فى شركات القطاع الخاص عدم التزام جهتى التعاقد بالبنود المتفق عليها لزراعة المساحات، حيث من المعروف أن الشركات تتعاقد مع المزارعين لزراعة وإنتاج التقاوى لكن يلجأ إما المزارع فى الإخلال بالتعاقد وبيع المنتجات للتجار بأسعار أعلى، وإما الشركات التى تستغنى عن جميع الكميات من المزارعين لتحقيق المستهدف لها كل موسم»، مشيرًا أن المنظومة تحتاج إلى وجود «شرط جزائي» بمبلغ مالى يلزم جميع الأطراف الالتزام ببنود التعاقد.
واستكمل الدكتور شحاتة كلامه؛ حيث أكد أن استحواذ التجار على سوق التقاوي، وقيامهم بجمع الكميات من المزارعين يمثل أزمة حقيقية ويعرض الأصناف للغش سواء فى عمليات الخلط بالأصناف الأقل كفاءة والقديمة، أو بسبب عدم الإلمام بالطرق السليمة للتخزين والتعقيم ضد الفطريات، مما يعرق الأصناف للغش، كما أن الشركات المعتمدة والمنافذ الشرعية المنتجة للتقاوى ملتزمة بمنظومة «الباركود» على عبوات الأصناف مدون عليها مكان المنشأ وتاريخ الإنتاج ومصدر التقاوى وفقًا للاشتراطات والإجراءات التى حددتها وزارة الزراعة ممثلة فى الغدارة المركزية لفحص واعتماد التقاوى المعنية بالمراقبة وأعمال التفتيش، وذلك بعد الانتهاء من أعمال الغربلة والتطهير المحددة، مشيرًا إلى أن وزارة الزراعة تمتلك قوة ضخمة من محطات الغربلة فى العديد من المحافظات منها كفر الشيخ والبحيرة والغربية والشرقية، كما تشارك هذه المحطات بالتنسيق مع إدارات قطاع الإرشاد بالمحافظات لتقديم كافة إمكانات الدعم للقطاع الخاص للنهوض بصناعة التقاوي.
وأشار إلى أن قطاعات وزارة الزراعة بدأت مؤخرًا التوسع فى إنشاء محطات غربلة التقاوى خاصة مع الطفرة الزراعية الكبيرة التى نفذتها الدولة المصرية خلال السنوات الأخيرة، وساهمت فى زيادة الطلب على أصناف التقاوى التى تناسب كل الظروف بالقطاع الزراعي، سواء كانت ظروفا متعلقة بندرة المياه، أو ظروفا مناخية، وقد نجحت الجهات البحثية حقيقية فى استنباط أصناف جديدة تحقق أعلى إنتاجية وقادرة على توفير المياه بشكل كبير، على رأسها الأرز والذرة والقمح وبعض الأصناف من محاصيل الخضر، وبسبب هذا التحول الزراعى الكبير الذى تشهده مصر تبنت العديد من محطات وزارة الزراعة خطة للتوسع فى محطات غربلة التقاوي، على رأسها قطاع الإنتاج والمعاهد البحثية وكذلك الإدارة المركزية لفحص واعتماد التقاوي، والإصلاح الزراعي، موضحا أن الهدف من زيادة هذه المحطات هو دعم صناعة التقاوى فى مصر.
وطالب رئيس الإدارة المركزية للتقاوى السابق بضرورة إعادة النظر آليات الدعم المقدمة للقطاع البحثى ممثل فى مركز البحوث الزراعية، وسرعة توفير التمويل الكافى لإجراء المزيد من الأبحاث العلمية المتطورة فى ملف استنباط التقاوي، وإنتاج أصناف جديدة قادرة على التعامل مع كافة الظروف وتحقيق أعلى إنتاجية من المحاصيل، إضافة إلى ضرورة تطوير آليات مخاطبة مؤسسات التمويل الدولية المعنية بالقطاع الزراعى لدعم هذه الأبحاث والباحثين بالتمويل المطلوب لتقديم أفضل النتائج فى دعم الصناعة، والنهوض بالقطاع الزراعى بشكل عام، مشيرًا إلى أن نقص تمويل القطاع البحثى فى مصر يؤثر بالسلب على خطة التنمية الزراعية التى تسعى الدولة لتحقيقها، خاصة أن القطاع البحثى يدخل فى العديد من قطاعات الزراعة منها أبحاث المياه والتربة والتقاوى وغيرها.
«طفرة بالقارة السمراء»
على الناحية الأخرى وزارة الزراعة تبنت إستراتيجية كبرى لدعم صناعة التقاوى من خلال الزراعة فى إفريقيا، وقد بدأت فى إنشاء مجموعة من المزارع المشتركة مع دول القارة السمراء للنهوض بهذه الصناعة.. التفاصيل كشف عنها الدكتور ماهر المغربي، المدير التنفيذى لمشروع المزارع المصرية فى إفريقيا؛ حيث أكد أن أحد الأهداف الرئيسية من إنشاء مزارع مصرية مع إفريقيا هو تقييم الهجن المصرية من البذور والتقاوى المصرية على أرض بلاد الجنوب وقياس مدى قدرتها على تحقيق الإنتاجية المطلوبة والتكيف مع كافة الظروف المناخية، خاصة وأن المزارع المصرية منتشرة فى كافة أنحاء القارة السمراء والبالغ عددها حتى الآن ما يقرب من 10 مزارع، موضحًا أن الأصناف التى تحقق نتائج قوية فى المزارع المشتركة يتم البدء فى تسجيلها بالتنسيق مع وزارة الزراعة فى كل بلد لنشرها وإسناد براءة إنتاجها لمصر على أن يتم توزيعها وبيعها فى نفس بلد المزارعة.
وأضاف أن مركز البحوث الزراعية بوزارة الزراعة المعنى بالتنسيق ومتابعة مراحل التسجيل مع الجانب الإفريقي، باعتباره المسئول عن استنباط أصناف الهجن الجديد، والمعنى بطرق التعامل مع الاكتشافات البحثية فى القطاع الزراعي، وقد نجحت مصر خلال السنوات الأخيرة فى إنتاج أصناف من الأرز وهى «جيزة 87» و«جيزة 79»، ومن القمح نجحت مصر فى استنباط وزراعة أصناف القمح «جيزة 171» و«سخا 94» و«سدس 12» فى بلاد القارة السمراء، كما حقق طفرة فى إنتاج أصناف من الخضر على رأسها الطماطم والخيار والفلفل بمزرعتى فى زنجبار وزمبيا بإفريقيا، مشيرًا إلى أن هذه المحاصيل تخضع الآن لإجراءات التسجيل فى الدول المستهدفة بإفريقيا وفقًا للوائح والقوانين الدولية المحددة فى كل بلد، وبشكل يحقق هدف وزارة الزراعة فى الحفاظ على حقوقها من استنباط الأصناف ونشرها فى بلاد القارة السمراء.