حمل المقال السابق بعضًا من أمنيات عدد من العاملين بالحكومة؛ المنتقلين للعمل بالعاصمة الإدارية الجديدة؛ لاسيما أن تحمل بين ترتيباتها كل ما حلم به العاملون؛ من بنية تحتية رائعة؛ شملت أحدث ما وصل إليه التقدم العلمي في العالم.
وما بين تلك الأحلام التى شكلها الناس وفق مخيلتهم؛ وما بين الواقع الذي عاصروه؛ احتاج الأمر لتوضيح بعض الرتوش؛ والتي يتوجب إزالتها بقدر بسيط للغاية من التنظيم.
جاءتني عدة رسائل من بعض القراء؛ تحمل آملاً كبيرا لبعضهم في تسهيل مهام العمل؛ منها ما وجدته منطقيًا؛ ومنها من استبعدت طرحه لخروجه عن السياق.
يبدو أهم الأمور؛ كما ذكرت في المقال السابق؛ التباس الأمر على عدد من الموظفين باختلاف درجاتهم؛ في وجود آلية مريحة لعمليات التنقل بين العاصمة والسكن؛ لاسيما أن غالبية الأسر دون استثناء كانت تدير أمرها وفق منظومة أسرية فيها الأب والأم من العاملين سواء بالجهاز الإداري للدولة؛ أو القطاع الخاص؛ ومعهم الأبناء في مختلف الأعمار؛ في مراحل تعليمية مختلفة.
وذلك حال يحتم تنظيم التنقل وفق وقت يسمح بمتابعة الأبناء؛ وهذا كان وضع المجتمع؛ وما زال، إلا أن آليات النقل لم تكن بالشكل المأمول من الناس؛ وقد أوضحنا في المقال بشكل تفصيلي؛ ما تم إنجازه من مشروعات في مجال النقل للعاصمة؛ وهي مشروعات مبهرة بكل المعايير؛ ولكن المنظومة لم تعمل بكامل طاقتها حتى اللحظة.
هنا يجب توضيح أن هناك قطاعات داخل الحكومة ما زالت تنقل موظفيها؛ وفق خطوط سير تأخذهم من نقاط معينة قريبة من محل الإقامة للعمل والعكس.
وقطاعات أخرى لم تقم بتلك الآلية إطلاقا؛ بل تركتهم يذهبون بمفردهم؛ وفق خطوط سير عامة أعلنتها سابقا.
كما أن هناك آليات لنقل الموظفين الكبار من درجات إدارية كبيرة بدءًا من مدير عام؛ وما يعلو؛ وقطاعات أخرى لا تسمح بذلك.
لكن الأكثر غرابة؛ أن هناك داخل الوزارة الواحدة قطاعات تنقل مديريها وأخرى ترفض؛ دون فهم السبب؛ وهذا بسبب ضبابية القرارات وعدم وضوحها!
وهذا ينقلنا إلى الاستفادة القصوى من البنية الرقمية؛ التي أنشأتها مصر؛ وتستطيع من خلالها الولوج لعالم مغاير من الاحترافية في إنجاز الأعمال؛ أعتقد أننا بدأنا في جني ثمارها بالفعل؛ مع ظهور جيل من الشباب يعمل مع شركات عالمية؛ في منظومة خدمة العملاء؛ وللحقيقة أظهروا نجاحا مبهرا؛ يستحق كل التقدير.
فلماذا لا تستفيد الحكومة من بنيتها الرقمية؛ حتى تعظم النتائج المرجوة؛ وتحققها وفق أفضل السبل المتاحة؛ لأنها متاحة بالفعل.
في هذا الصدد أقترح تقسيم العمل ليتم إنجازه ما بين المكاتب الإدارية والمنزل؛ لأن آلية العمل المتقدم؛ كل ما تحتاجه وجود جهاز الكمبيوتر؛ وما أعلمه أنه قريبا سيتم العمل بنظام التوقيع الإلكتروني؛ وكل ما يحتاجه الموظف جهاز الكمبيوتر؛ سواء في المكتب أو المنزل.
تنفيذ تلك الآلية؛ ينقلنا لبراح مختلف؛ يعود بالنفع علينا؛ كما يجعلنا نضرب عدة عصافير بحجر واحد.
أولها؛ توفير كامل لتكاليف النقل؛ وما يعنيه ذلك من تخفيف العبء على الطرق؛ وما يعود به على تسليس المرور.
ثانيها؛ نقل صورة ذهنية بديعة عن إحراز تقدم عملي غير مسبوق؛ من شأنه أن يعود بالنفع عاجلا على تعظيم تدفق الاستثمارات الخارجية؛ لأنه يؤكد العمل وفق منظومة قوية على الأرض؛ وليس مجرد شكل نظرى.
ثالثا؛ سيعمق مبدأ الشفافية المطلقة؛ لأنه سيحدد المسئولية بشكل واضح؛ ومن ثم تتحدد المهام؛ وبناء عليه يكون إنجاز العمل أفضل وأسرع.
أما كيفية التعامل وفق تلك النظرية؛ فعندنا نماذج كثيرة لشركات عالمية ومحلية أتت ثمار تطبيق تلك الفكرة؛ بل إنه يوما بعد يوم تعظمها؛ لكن يبدو أن الأهم أن ننشر فكر التوقيع الإلكترونى ونعمقه؛ لنسهل على المواطنين؛ سواء طالبو الخدمات أم مقدموها.
تملك مصر الآن؛ القدرة على جعل العاصمة الإدراية نموذجا يحتذى به؛ كمركز إقليمي كبير لإدارة المال والأعمال؛ كل ما يلزمنا إدراك قيمتنا و قدراتنا؛ لإحراز ما نستحق من نجاحات هي قاب قوس من التحقق.
فهل نفعل.. و متى؟
،،،، و الله من وراء القصد
[email protected]