حرصت الدولة المصرية على تعزيز دور القطاع الخاص لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية للسوق المصرية، فضلا عن تحقيق الاستقرار في سعر الصرف وإنجاح مستهدفات الدولة التنموية.
ومن المستهدف زيادة مساهمة القطاع الخاص في قطاعات واعدة مثل الاتصالات والزراعة والصناعة لتحقيق مزيد من التنمية الاقتصادية وخلق مزيد من فرص العمل في تلك القطاعات الواعدة للاستثمار.
ويذكر أن الهدف من برنامج الطروحات الحكومية ليس معالجة أزمات اقتصادية عالمية؛ ولكن الهدف تحقيق مستهدفات الدولة التنموية في قطاعاتها الاقتصادية المتنوعة، وهو برنامج اقتصادي حقيقي تسعى الدولة من خلاله لزيادة الوزن النسبي لمساهمة قطاعات مهمة في الناتج المحلي الإجمالي وتحقيق معدلات نمو مرتفعة على المدى القريب والمتوسط.
عودة الحكومة إلى دورها الرقابي
وبحسب ما قاله الدكتور ياسر شحاتة، أستاذ إدارة الموارد البشرية، وخبير التنمية المستدامة، أن ما حدث في اجتماع مجلس الوزراء ما هو إلا رسالة طمأنينة للمصريين؛ لأن الدولة تسير في الاتجاه الصحيح عبر برنامج "إصلاح اقتصادي" يستطيع التصدي وامتصاص الأزمات وكان أُولى الأولويات هو موضوع "الطروحات" التي نوّه عنه رئيس الوزراء، والتي تستهدف التخرج الحكومي وعودة الحكومة لدورها الرقابي، وإشراك القطاع الخاص باعتباره "شريك أصيل" في عجلة التنمية،موضحًا أنها خطة تنتهجها الحكومة المصرية كمستهدف من مستهدفات صندوق النقد الدولي، ولكننا نعمل وفق مستهدفات الدولة في المقام الأول.
إستراتيجية قومية
وتابع: من هنا زاد دور القطاع الخاص في الاستثمارات والمشروعات داخل الدولة المصرية من خلال إستراتيجية قومية انتهجتها الدولة، ونفذها معها القطاع الخاص بهدف إضافة قيمة مضافة للدولة المصرية، تساعد الاقتصاد المصري على مواكبة التحديات من خلال رفع مستوى معدلات النم، وبالتالي رفع مستوى المعيشة.
كما شمل هذا اللقاء توجه الدولة المصرية نحو زيادة القطاع السياحي واستثمارات قناة السويس وزيادة الصادرات بنسب تتراوح من 10 إلى 20%كمستهدف.
الملاءة المالية
وأشار شحاتة، أنه إجمالا نستطيع القول بأن الدولة المصرية لديها ما يعرف بـ"الملاءة المالية"، وهي قدرة الدولة على السداد، ومن هنا تعطي للدولة المصرية الثقة من كافة المؤسسات المالية الدولية.
كما أشار رئيس الوزراء، إلى ارتفاع الصادرات المصرية بمقدار 20% ، وهذا الأمر يؤدي إلى تقليل الفجوة في الميزان التجاري، لافتا إلى استعداد الدولة المصرية لهذا الأمر منذ نهاية 2019 بتقليل الواردات وزيادة الصادرات؛ حيث كان في 2018 فجوة في الميزان التجاري تقدر بـ 45 مليار دولار، وقد اجتمع في هذا الصدد رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وأعضاء المجلس التصدير المصري للبحث والتشاور حول تقليل هذه الفجوة وكانت من أهم الخطوات هو إنشاء برنامج لتحفيز الصادرات" برنامج رد الأعباء التصديرية للمصدرين".
صندوق مصر السيادي
ولفت أستاذ إدارة الموارد البشرية، وخبير التنمية المستدامة، أن صندوق مصر السيادي، منوط بالمحافظة على مقدرات ومكتسبات الدولة المصرية والمسئول عن الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة والتي ترأسه وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية.
الدكتور ياسر شحاتة
تهيئة المناخ الاستثماري
ومن جانبه، يرى الدكتور مصطفى أبو زيد، مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية، أن المتغيرات الاقتصادية العالمية والتي فرضت تحديات كبيرة على الاقتصاد العالمي، وتأثر الاقتصاد المصري بتلك التحديات نظرًا لارتباط الاقتصاد المصري بالعديد من التشابكات والعلاقات بالعديد من الدول المتقدمة إلا أن الدولة المصرية خلال الـ8 سنوات الماضية بدأت في "تهيئة المناخ الاستثماري"، بإصدار العديد من القوانين المتعلقة بالاستثمار والمعاملات الضريبية، والتي من شأنها تهيئة البيئة الاستثمارية وزيادة جذب التدفقات الدولارية في الاقتصاد المصري عبر إتاحة العديد من الحوافز والتيسيرات، التي تساهم في زيادة مشاركة القطاع الخاص المحلي والأجنبي.
زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة
وأوضح أن ذلك ظهر جليا في زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة خاصة خلال الـ4 سنوات الماضية؛ حيث جاءت بالمرتبة الأولى في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر على منطقة شمال أفريقيا؛ حيث وصل حجم الاستثمار الأجنبي المباشر لـ9.2 مليار دولار في عام 2021 ، واستمر في الارتفاع ليحقق 11.4 مليار دولار في عام 2022 وفقا لآخر تقرير عن الأونكتاد.
زيادة مساحة المشاركة من جانب القطاع الخاص
وأشار الخبير الاقتصادي أن حدوث الأزمة الروسية الأوكرانية شكلت ضغوطا كبيرة على الاقتصاد المصري، فيما يتعلق بالتضخم وعدم استقرار سعر الصرف، ولذلك لجأت الدولة المصرية إلى إصدار وثيقة سياسة ملكية الدولة للحفاظ على المكتسبات التي تم تحقيقها في المرحلة الأولى لبرنامج الإصلاح الاقتصادي والمضي قدما في زيادة مساحة المشاركة من جانب القطاع الخاص لزيادة مساهمته في عملية النمو الاقتصادي، ولزيادة معدل الاستثمار لتحقيق زيادة في الناتج المحلي الإجمالي وتوفير فرص عمل تساهم في تراجع معدلات البطالة، ولذلك قامت الحكومة المصرية بالإعلان عن طرح" 32 شركة" قابلة للزيادة للطرح في البورصة أو على مستثمر إستراتيجي، موضحًا قيام الحكومة بتطبيق عدة إجراءات لضمان تحقيق المستهدفات التي جاءت بالوثيقة في التعاون مع مؤسسة التمويل الدولية التابعة لمجموعة البنك الدولي لتكون استشاري للحكومة المصرية لتنفيذ برنامج "الطروحات الحكومية" عبر تقديم الدعم الفني والتسويقي لهذا البرنامج إلى جانب تعيين مستشار لرئيس الوزراء منوط به إدارة عملية الطروحات لتحقيق أفضل عائد لعملية الطرح الخاصة بالشركات وهذا ما تم الإعلان عنه في المؤتمر الصحفي لرئيس الوزراء عن وصول عدد الشركات التي تم طرحها حتى الآن 7 شركات من إجمالي 32 شركة المعلن عنهم سابقا؛ حيث تم الإعلان عن طرح 3 شركات بإجمالي 1.9 مليار دولار.
أثر إيجابي
وأكد أبو زيد على أن ذلك دلالة على مدى جاذبية الشركات المطروحة في هذا البرنامج عبر الإعداد الكبيرة التي تقدمت بعروض لشراء هذه الحصص في تلك الشركات وهذا سيكون له أثره الإيجابي على التقارير التي تصدر من المؤسسات الدولية عن مدى جاذبية المناخ الاستثماري في الدولة المصرية.
الدكتور مصطفى أبو زيد