تعليق الملاحة الجوية من وإلى مطار معيتيقة الدولي جراء الاشتباكات الدائرة في العاصمة الليبية | الهلال الأحمر المصري يصدر تعليمات عاجلة للمواطنين بشأن الزلزال | رئيس قسم الزلازل: المسافة بين مركز الزلزال الذي وقع جنوب كريت وأقرب مدينة مصرية "آمنة ولا تستدعي القلق" | محافظ الإسكندرية: الهزة الأرضية لم تسفر عن أي خسائر بالمحافظة.. ونهيب بعدم الانسياق وراء الشائعات| صور | ماذا تفعل عند حدوث زلزال؟ .. إليك بعض إرشادات السلامة التي يجب اتباعها| إنفوجراف | الشبكة القومية لرصد الزلازل: لم يتم رصد أي توابع لزلزال البحر المتوسط | دعاء الزلازل والهزات الأرضية‎ | رئيس "القومي للبحوث الفلكية": لم نرصد أي هزات ارتدادية جراء الزلزال ونتابع تداعياته بشكل دقيق ونطمئن المواطنين | هزة أرضية بقوة 6.4 درجة دون خسائر في الأرواح والممتلكات | نص البيان الرسمي للمعهد القومي للبحوث الفلكية | رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية: قوة الزلزال حوالي 6.4 على مقياس ريختر وعمقه كان كبيرًا |

المارد الألماني يستيقظ!

8-7-2023 | 13:01

 بالأمس حدث ما حدث فى روسيا، والجميع مذهول من تلك التطورات السريعة.. انتصار باخموت والتقدم السريع نحو كييف أعقبه تمرد من فاجنر ضد بوتين، وسرعان ما انتهى التمرد أسرع مما بدأ فى ظروف غامضة يرجح الكثيرين أنها مسرحية مفبركة الغرض منها إتاحة فرص أكبر لبوتين سواء فى قرار الحرب أو الانسحاب، أو فيما يتعلق بالانتخابات القادمة فى روسيا.. 

وطبقاً لاستطلاعات الرأى فى الداخل الروسي أن شعبية بوتين تضاعفت خلال ساعات قليلة بسبب ما قيل أنه "حكمته" فى إدارة أزمة الانقلاب المحتمل ضده.. غير أن ما يهمنا هنا هو نظرة الناتو لكل هذا الذي حدث..

 أوروبا اليوم منقسمة على ذاتها، والدولة التى تتربع على عرش قيادة أوروبا هى ألمانيا لا فرنسا، وليس بعيداً عن الكافة أن ألمانيا بالذات لها موقفها الخاص تجاه تلك الحرب، وهناك حساسية خاصة من تاريخها الدامى خلال الحرب العالمية الثانية؛ حيث صارت النازية هى المارد المطرود الذي يخشاه الجميع، وقد تم تحجيمه وإعادته إلى القمقم.

إلا أن ألمانيا اليوم باتت تتعرض لضغوط من كل اتجاه، العداء القديم بينها وبين جيرانها لأسباب مختلفة كصراع الزعامة بينها وبين فرنسا، وصراع الأولويات بينها وبين بولندا وفنلندا، ومسئوليتها نحو كل الدول المنسدلة تحت قائمة الاتحاد الأوروبى، والتى تلزمها بدور كبير يجب أن تلعبه فى الحرب الروسية الأوكرانية القائمة.. 

كل هذا يقع في جهة، بينما الضغوط الاقتصادية تسحقها من جهة أخرى فيما يخص علاقتها الجيدة بالصين وروسيا اللذين  أصبحا هما العدو الأول لأمريكا والغرب.

 السؤال هنا: بعد اضطرار ألمانيا للتحيز إلى حلف الأطلسي بمشاركتها بدبابات ليوبارد وهو ما لم يحقق نصراً ولو جزئياً بمعركة باخموت الفاصلة، وبعد أن ضاعفت ألمانيا إنفاقها العسكرى بعد عقود طويلة من منعها منه.. فهل يرتد مارد النازية إلى ماضيه ليفكر فى الخروج من جديد للظهور تحت تأثير الضغوط؟ وإلى أى اتجاه يصوب سلاحه إلى الشرق أم إلى الغرب؟ أم يعاود الاتحاد الأوروبى بعد الحرب الروسية الأوكرانية تنظيم صفوفه لينزع من ألمانيا تاج الزعامة؟

سياسة نزع المخالب

الحق أن ألمانيا مهما حاولت استعادة قدرتها العسكرية سيظل لها سقف لا تستطيع تجاوزه على أساس بناء قدراتها الدفاعية دون الهجومية،  خاصةً أن انتماءها لحلف الناتو يجعلها جزء من كل، فلا قدرة لها منفردة على اتخاذ قرار الدفاع أو الهجوم حتى لو كان الأمر يتعلق بأمنها المباشر؛ إذ ستقع المسئولية حينئذ على حلف الناتو بأكمله لحماية ألمانيا حال تعرضها لأى خطر.. غير أن ثقة دول حلف الأطلسي بدأت تتزعزع قليلاً نحو قدرة الحلف على مواجهة الروس، وأن بعض تلك الدول تسعى اليوم إلى تحييد روسيا وإنهاء الحرب وإعادة النظر فى موقفها تجاه تصعيد الموقف فى أوكرانيا لأن اقتصاديات دول الاتحاد الأوروبى جميعها تضررت، والجميع يرغب فى إغلاق هذا النزيف الخطر لليورو والدولار. 

 فإذا كانت ألمانيا لم تعد هى سيدة قرارها. فكيف حدث لها هذا بينما هى رابع دول العالم من حيث الاقتصاد؟! كيف حدثت هذه المفارقة؟ وكيف تم تقليم أظافر ألمانيا ونزع مخالبها؟
 
لقد حدث هذا فى أعقاب الحرب العالمية الثانية وهزيمة الرايخ النازى على يد الحلفاء، وهو ما أعقبته تغيرات دراماتيكية فى توجهات النظام العالمى.. حيث انقسم العالم سريعاً إلى قوتين عظميين، وبات الاتحاد السوفيتى عدواً للغرب فجأة بعد أن تحالف معها ضد ألمانيا. 
وانقسمت ألمانيا إلى شطرين شرقى وغربي، النصف اشتراكى والنصف الآخر رأسمالى، ثم انهار جدار برلين وباتت ألمانيا كلها غربية الهوى والنزعة والاتجاه، قسراً لا اختياراً.. إذ خضعت لشروط الحلفاء وتم نزع سلاحها ومنعها من إعادة بناء قوتها العسكرية على أساس هجومى، وتم ضمها لحلف الناتو بقيادة أمريكا، مع تقليص حجم الجيش الألمانى وتأسيس 21 قاعدة أمريكية دائمة فى ألمانيا تضم نحو 50 ألف أمريكى بين عسكريين ومدنيين، كما تم تدمير أغلب طائرات ومدرعات وأساطيل الجيش الألمانى المنهزم. 
كل تلك الخطوات كانت هى الضريبة التى تم دفعها لأجل تحقيق الوحدة بين ألمانيا الغربية والشرقية بشروط أمريكية، حتى تنضم للمنظومة العالمية الجديدة، غير أن كل هذا لم يستطع أن يمنع الماكينات الألمانية من إعادة بناء اقتصادها ليصبح أكبر رابع اقتصاد فى العالم، إلا أن أزمة الحرب الروسية الأوكرانية أعادت إلى السطح تساؤلات أمنية وجودية فى رأس صانع القرار الألمانى.. 
فكيف يكون تصرفه أمام تهديدات اقتصادية تتحقق فى حالة تحيزه ضد روسيا، وتهديدات أمنية أشد ضرراً لو انحاز لها!

سياسة اقتناص الفرص

 بالطبع لا تستطيع ألمانيا التنصل من التزاماتها نحو حلف الناتو، كما أنها لا تستطيع الإضرار بمصالحها الاقتصادية التى قد تؤدى لنقص حاد فى الطاقة لديها وبالتالى توقف الإنتاج؛ لهذا كان التصرف التلقائى أنها اتخذت ما يمكن وصفه بالحياد الإيجابى خلال الشهور الأولى من الحرب الروسية الأوكرانية وهو ما لم يعجب كييف ولا الناتو؛ مما اضطرها للدفع بآلياتها ودباباتها فى المعركة التى خسرتها أوكرانيا فى باخموت.

 رغم كل هذه الضغوط فإن ألمانيا أحسنت استغلال كل تلك الظروف المتناقضة لصالحها.. إذ سارعت فى منتصف يونيو الماضى بإصدار أول إستراتيجية وطنية شاملة تتضمن البناء الاقتصادى والعسكرى حتى أنها لا تغفل قضايا البيئة والتغيرات المناخية المحدقة بأوروبا والعالم.
 
ومن خلال تلك الإستراتيجية ربما استطاعت ألمانيا خلق حالة من التوازن بين رغبتها فى بناء جيشها عسكرياً للوصول إلى حالة استعداد تشبه ما قبل الحروب العالمية أو أقوى إن استطاعت، مستغلة تلك الفرصة السانحة التى أتاحتها مواجهة الناتو أمام روسيا، وفى نفس الوقت تعزز تحالفاتها الاقتصادية مع القوى الجديدة فى ساحة الاقتصاد العالمى وفى مقدمتها الصين؛ إذ وصل حجم التجارة الصينية الألمانية إلى نحو 200 مليار يورو لتتصدر الصين قائمة شركاء ألمانيا التجاريين.

 إلا أن الإستراتيجية الألمانية الشاملة التى أصدرتها حكومة ألمانيا، كانت فى الحقيقة ترضية لأمريكا وتغطية لغرضها الرئيسي فى التنصل من التزاماتها نحو اتفاقية نزع السلاح القديمة بعد انهيار جدار برلين، خاصةً وأن القواعد الأمريكية قد تقلصت وعاد أغلب الجنود الأمريكيين لوطنهم طبقاً للخطة التى وضعتها إدارة بايدن لإعادة تموضع القوات الأمريكية حول روسيا والصين وكوريا الشمالية. 
هكذا باتت ألمانيا قادرة أخيراً على تنفيذ مخططها لإعادة بناء قوتها العسكرية سريعاً لمواجهة أية مخاطر أو تهديدات قائمة أو قادمة.

رمانة الميزان فى أوروبا الجديدة
 
بعيداً عن توقعات الحرب وما ستؤول إليه من هدنة أو تصعيد.. فإن الحالة الألمانية تظل هى الحالة الأهم للقياس عليها عند النظر لما ستكون عليه الأمور فى المشهد الأوروبى فى المستقبل القريب والبعيد.. هناك حالة توثب من فرنسا لأخذ مكان ألمانيا حال اهتزاز مكانتها فى أعقاب الحرب، إلا أن مؤشرات القوة تتجه لصالح ألمانيا خصوصاً بعد تغيير خططها التكتيكية فى الاقتصاد والسياسة والدفاع والأمن وفق الإستراتيجية التي أعلنتها مؤخراً.

 من ناحية أخرى، ورغم تمدد حلف الأطلسي ليشمل 32 دولة، إلا أن الهزائم التي تلقاها على الأرض ستدفع كل دولة من دول الحلف إلى التمسك بتقوية جيشها بشكل منفرد، وهو ما يجعل سيطرة القبضة الأمريكية على دول الحلف تتراخى؛ لاسيما بعد موجة انعدام الثقة التى أصابت أغلب دول الحلف جراء ما فعلته أمريكا أثناء الحرب الروسية الأوكرانية من أفاعيل ظهر منها تغليب مصالحها على مصلحة دول الاتحاد الأوروبى، فابتزتها اقتصادياً وعسكرياً، وباعت لها البترول والغاز بمبالغ باهظة، وصدرتها فى مواجهة القوات الروسية بينما تشاهد أمريكا من بعيد.

 إذا أضفنا للمشهد القائم، تصاعد صوت الحزب اليمينى المتطرف وريث الحزب الاشتراكى الوطنى فى زمن الرايخ والذى يعتبر الامتداد الطبيعى للمارد النازى المكلوم؛ هذا الحزب الذى استطاع أن يشغل نحو 13% من حجم البرلمان الألمانى. 

كل تلك المؤشرات تقول إن ألمانيا قد تقود حالة التغيير القادم حتمًا فى أوروبا ونرى اليوم إرهاصاته الظاهرة فى المشهد.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة