اختيار شريك الحياة والتنازلات

8-7-2023 | 09:09

لا شيء يتسبب بالتحسر "المؤلم" على النفس ويحرم الإنسان من الفرح بحياته "ويمنعه" من رؤية المزايا والنعم في حياته مثل الشعور بالتنازلات "حتى" يحصل على ما يريد..

وأشد "وأقسى" شعور بالتنازلات نجده بعد الزواج؛ فيتألم الكثيرون من الجنسين بعد تنازلهم عن بعض أحلامهم في شريك الحياة ليتزوجوا؛ خوفًا من تأخر الزواج أو تعجلًا، أو لأن أقرانهم تزوجوا وأصبحوا يعانون الوحدة وربما تتعرض بنات حواء للمعايرة لعدم زواجهن..

أسباب تقديم التنازلات كثيرة؛ والأهم ما يحدث بعدها؛ وهل هي تنازلات "حقيقية"؟ أم أنها "ذكاء" ومرونة واختيار الأفضل في هذا الوقت ورؤية الواقع كما هو وليس كما نتمناه؛ وهو دليل النضج والمرونة وبدونهما لا ينجح أحد في الحياة ولا يسعد أبدًا..

يفكر البعض من الجنسين بالتنازل "مؤقتا" وقبول عيوب بالطرف الآخر ثم "يغيرها" بعد الزواج؛ وهو خطأ شائع ويتسبب بمشاكل مؤلمة بعد الزواج؛ فمن فكر أنه يتنازل "سيعاني" لرفض شريك حياته التغيير، والآخر سيشعر بالإساءة وأن الرف الآخر قد خدعه ولم يقبله كما هو "ويشترط" عليه القبول بالتغيير غصبًا ليقبل به ولا أحد سيرحب بذلك..

يتنازل البعض من الجنسين عن حقه في اختيار شريك الحياة ويترك هذا الحق للأهل وأحيانا للأصدقاء ويتأثر بما يُنشر على وسائل التواصل ويخسر كثيرا "وحده" ويجب منع ذلك ولا مانع بالطبع من الاستفادة من نصائح "المخلصين" من المقربين.

يتوهم البعض من الجنسين أنه يتنازل لأنه قبل بأقل من كل رغباته بشريك حياته؛ ولكل إنسان قائمة بأحلامه في شريك الحياة، ولن يحصل أحد على كل القائمة فهذا غير واقعي، ويجب ترتيبها وفقا للأهمية لديه؛ فإذا وجد أهم ما يريده فهذا جيد جدا، وعدم السماح بضياع العمر ومهم أيضا تقبل "برضا" تام أن لكل سن ما "يناسبها" والاحتفال والفرح بالزواج
مع التنبه للعيوب ولا يتجاهلها ولا يتوهم أنه سيغيرها فلا أحد يغير سوى نفسه وبعد مثابرة ومجهود، ولابد أن يثق أنه يتقبلها برضا مقابل الاستمتاع بمزاياه؛ فكل ما يمكن في التعامل مع عيوب شريك الحياة هو الوعي لها وعدم التعامل بحدة معها وتفادي المشاكل بسببها والتعامل معه بلطف لتشجيعه ليكون أفضل وأكثر حرصا على تجنب المضايقات، مع التركيز على الفرح بالمزايا لإسعاد النفس ثم ليتمكن بالتعامل بإيجابية وبلا مبالغة مع العيوب، وأن يتشاركا بعض الاهتمامات ويحترمان بعض الاختلافات بينهما.

من التنازلات التغاضي عن فارق "كبير" في التعليم ويفضل دومًا التقارب بين الزوجين وإن كان الفارق أعلى يكون من نصيب الزوج وليس الزوجة؛ ودوما لكل قاعدة إستثناء "مشروط"..

فالتقارب والتكافؤ بين الزوجين يقلل المشاكل ويتسبب في عدم وجود التكافؤ في صدامات مستمرة بين الزوجين وقد يتقبل الطرف الأعلى الطرف الأقل برضا ويحس الأقل بالنقص فينتهز الفرص ليضايق الأعلى ليهرب من إحساسه بالنقص وقد يحدث العكس حيث "يتوقع" الأعلى أن الأقل سيرد له "الجميل" ويبالغ في تدليله ولا يخطئ بحقه أبدا "ليعوضه" عن الفارق بينهما
ونادرا جدا ما يتعامل الطرفان جيدا ويتجاهلان الفارق بينهما، ويمكن التغاضي عن فارق التعليم عند وجود تكافؤ مادي واجتماعي وثقافي بينهما..

أما عن التنازلات المادية فيجب التأكد من الاستعداد "النفسي" الكامل لقبولها وخاصة إذا ارتبطت بالسكن في مكان غير مناسب للزوجة أو انتقال لمستوى معيشة أقل ولابد أن "ترضى" الزوجة بذلك تماما وألا تتوقع أن زوجها سيفعل المستحيل لتغيير ذلك بأسرع وقت؛ فهذا غير واقعي، وعليها الامتناع عن مضايقته أو "المن" عليه بتنازلها بعد الزواج؛ فلن يتقبل ذلك وستصنع تعاستها بيديها..

أما إذا قدم الشاب تنازلات مادية قبل الزواج فيجب أن يتأكد أن أهل البنت لا يستطيعون فعلا تحمل نصيبهم من نفقات الزواج وليسوا طماعين ولا يعايرها بذلك بعد الزواج ويتأكد "أنهم" يقدرون ما يفعله ولا يرونه حقًا لهم.

أما التنازل الاجتماعي فيجب التمهل قبل القبول به؛ فالاختلاف الاجتماعي بين الزوجين يتسبب في مشاكل كثيرة أثناء الخطبة وبعد الزواج وقد يتسبب الطرف الأقل اجتماعيا-من الجنسين-أو أهله للمشاكل لاحساسهم بالفارق الاجتماعي ومعاناتهم من الحساسية الزائدة فيفسرون أي ملاحظة عابرة بأنها إهانة، وقد يبالغ الطرف الأعلى اجتماعيا أو أسرته بالتوقف عند أي تصرف عادي وتفسيره بما يسيء للآخر.

ونوصي قبل الزواج بالتعرف "الحقيقي" على الطرف الآخر وعلى أسرته أيضا  فسيتأثر سلبًا وإيجابًا بها وكذلك الأولاد سيتأثرون بأسرة شريك الحياة من الجنسين، ويجب حسن الاختيار، وأن يكون هناك تشابه في التربية والأسس العامة بالحياة وألا يكون هناك تناقضات بينكم، وهذا لا يعني التطابق فلابد من بعض الاختلافات ومن المهم ألا تكون بالأمور الهامة كالمبادئ والأخلاق وأسلوب التعاملات.

التنازل الحقيقي والأخطر والمرفوض عند التغاضي عن عيوب فادحة كالعناد والكلام الجارح والعصبية الشديدة والاستبداد بالرأي وقبلهم تعدد العلاقات؛ فمن يتنازل بها يدفع الثمن غاليًا..

ولتجنب خطأ الاختيار فالانبهار أو تجاهل الاختلافات الحادة والجوهرية ممنوع منعًا باتًا..

كما يجب قبل التنازل عن فارق السن "التأكد" أنه لن يؤثر مستقبلًا على علاقتهما وتخيل الحياة بعد سنوات طويلة بينهما وهل سترضي من يتنازل من الجنسين أم لا؟ 
وكذلك التنازل عن الأحلام الخاصة بجمال الزوجة أو وسامة الزوج؛ وهل سيتقبلها من يتنازل أم لا لاحقا؟ وهل سيكتفي به نفسيًا وعاطفيًا وهل بتشجعيه بلطف على الاهتمام بنفسه وبأناقته سيمكن حل المشكلة ويختفي الشعور بالتنازل أم لا؟ وهل جمال تعامله يعوضه عن ذلك ويراه جميلًا أم لا؟

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة