مرت أمس الأربعاء ذكرى وفاة السندريلا سعاد حسني، حيث رحلت فى 21 من يونيو من عام 2001، وفي أجواء غير عادية، إذ ما زال رحيلها محاطا بالكثير من الغموض، ما بين وفاة نتيجة سقوط من شرفة المبنى الذي كانت تسكنه، ومحاولات قتلها، وأن يرفضها كل عشاق فنها وأصدقاوها المقربون حتى الانتحار.
موضوعات مقترحة
وبرغم مرور 22 عاما، ما زال رحيل سعاد حسني يمثل أحد أكثر ألغاز رحيل النجوم المحيرة، وبخاصة ذلك المبنى المخيف «ستيوارت تاور»، في ضاحية مايدافيل بلندن؛ إذ إن كل تحقيقات سكوتلاند يارد لم تفضِ بشيء جديد، بل لأسباب كثيرة أغلقت الملفات وقيدت القضية على أنها انتحار مع أن من يعرفون السندريلا جيدا لديهم عشرات الأسباب التى تؤكد أن شخصيتها ضد تلك الرغبة، فهي كما قال حسين فهمي وسمير صبري ونادية لطفي: شخصية محبة للحياة.
فى بداية التسعينيات كانت سعاد حسني قد قررت ألا تواصل المسيرة وأن تتوقف عن التمثيل، كل المحطات التى مر بها قطار نجوميتها لم تكن ببريقها نفسه، فبعد فيلم «الدرجة الثالثة» الذي قدمته في عام 1988 وفشل فشلا ذريعا برغم مشاركة كبار النجوم معها، أحمد زكي، وجميل راتب، وأحمد راتب، تأليف ماهر عواد، وإخراج شريف عرفة، ولم تكن قد تخلصت من كابوس فشل الفيلم وتراجع جماهيريتها، حتى جاء فيلم «الراعي والنساء» وهو فيلم مع مخرج كبير وقصة معروفة سبق أن قدمتها السينما وهي «جريمة جزيرة الماعز»، دخلت سعاد حسني الفيلم وهي تتمنى أن تستعيد بريق نجوميتها وبخاصة أن الفيلم حظى بدعاية كبيرة وخلافات بسبب تقديم نادية الجندي القصة نفسها مع المخرج خيري بشارة ومحمود حميدة، وتم عمل معسكر في الفيوم عاشت فيه سعاد حسني، وأحمد زكي، ويسرا، وميرنا وليد، ومرت هي بأوقات صعبة بسبب تفاقم آلام العمود الفقري، فكانت تستريح بين كل مشهد وآخر بالساعات، وعرض الفيلم فى مهرجان الإسكندرية، وتم تسريب النتيجة بأنها هي الفائزة بجائزة أفضل ممثلة، وفي أثناء الإعلان عن الجوائز فوجئت بأنها ذهبت إلى نبيلة عبيد، وقيل حينها: إن لجنة التحكيم غيرت النتيجة بناء على طلب من أحد المسؤولين بجمعية كتاب ونقاد السينما آنذاك لتبرع نبيلة عبيد بمبلغ للجمعية، وهو ما تم نفيه فيما بعد، ولكن ذهبت الجائزة إلى نبيلة عبيد، وعادت سعاد حسني إلى القاهرة لتدخل في حالة من الاكتئاب تتوقف عندها عن قراءة الأعمال الفنية.
لم تكن سعاد حسني ممثلة مثل من سبقوها ولا حتى من أتوا بعدها، ظلت في مسيرتها محاطة بكبار الكتاب، والمخرجين، والإعلاميين، لها طريقتها في احتواء من حولها بابتسامتها التي وصفت بأنها بريئة، وقيل: إن كل ممثلات جيلها كن يغرن منها، حتى إن خلافات كثيرة حدثت بينها وبين فاتن حمامة، وصلت إلى القضاء والمحاكم، حيث كانت سعاد حسني هي النجمة المفضلة لدى الكثير من صناع السينما، الحصان الرابح، كل أفلامها تحقق نجاحا على كل المستويات الفنية والجماهيرية، ومن النجمات اللاتي قيل إنهن يغرن منها بسبب حب المخرجين لها كانت سيدة الشاشة فاتن حمامة، فقد رشح في إحدى المرات المخرج هنري بركات سعاد حسني ومحمود ياسين لبطولة فيلم «حبيبتي»، وبعد أن قرأت ووافقت على الفيلم ووقعت عقد بطولته، سألت عن المخرج فقيل لها: إنه يصور الفيلم بفاتن حمامة في لبنان، لجأت السندريلا إلى المحكمة، ورفعت قضية، لكنها بعد أيام من فشل الفيلم تراجعت وطلبت من المحامي سحبها، ولأن فاتن حمامة كانت تعلم بطيبة قلب سعاد سارعت إلى التصالح معها، وقالت عنها: إن سعاد من أجمل الوجوه التي تعشقها الشاشة، وإنها ممثلة ليس لها مثيل، وكان ذلك في سؤال وُجِّه إليها عن ليلى مراد وسعاد حسني وقالت: فاتن حمامة إن ليلى مراد أسطورة، ووصفت سعاد حسني بأنها من أهم ممثلات السينما.
معظم المشاهير في العالم تحاط حياتهم بكثير من علامات الاستفهام، ستظل مارلين مونرو نجمة الأسئلة الصعبة، وسيظل جون كيندى نجم الألغاز الصعبة التي يصعب حلها، وسيظل موت ديانا أيضا لغزا، وكذلك ستظل حياة سعاد حسني بكل تفاصيلها مجموعة من الألغاز، طفولتها لغز زيجاتها بداية من المصور والمخرج صلاح كريم فى عام 1966، في أثناء عمله في فيلم «مبكى العشاق» إخراج حسن الصيفي، وكان قد عمل مساعدا ومصورا ومخرجا قبله في أكثر من 20 فيلما، وشاركت سعاد حسني في هذا الفيلم البطولة رشدي أباظة، ويوسف شعبان، وشويكار، عن قصة يوسف السباعي، ومرورا بزواجها من المخرج على بدرخان، والمخرج زكى فطين عبد الوهاب، وحتى السيناريست ماهر عواد، ثم اللغز الأكبر زواج تم أم لم يتم بالعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، كل تلك الألغاز عاشتها، وكثير منها لم يكن له تفسيرات، ويبدو أنها ماتت معها، ولن يجد أحد تفسيرا يؤكد هل سقطت سعاد أم أُسقطت أم انتحرت، تزوجت عبد الحليم أم لم تتزوجه، ماذا تركت من أسرار وهي تعيش ما بين باريس ولندن؟، أسئلة شائكة، قد تكون جزءا من أوراق بعثرت مثل أوراق مجهولة فى حياتها لظروف سياسية لم يكن لأحد أن يطلع عليها بسبب علاقة المخابرات بها آنذاك.
منذ طفولتها وهي تمثل لغزا، ولدت في حي بولاق في القاهرة، لأب ترجع أصوله إلى الشام، فوالدها هو محمد كمال حسني البابا الخطاط العربي الشهير الذي انتقلَ من سورية برفقة والده «حسني البابا» - كان مغنيًا معروفًا في دمشق - إلى القاهرة في عام 1912، ليُعين خطاطًا في المعهد الملكي للخط العربي، ووالدتها جوهرة محمد حسن صَفّور، مصريَّة، تنتمي هي الأخرى إلى عائلة حِمصية، وكان لها ستة عشر أخًا وأختًا، وكان ترتيبها العاشر بين إخوتها، فلها شقيقتان فقط، هما «كوثر» و»صباح»، وثمانية إخوة وأخوات لأبيها، منهم أربعة إخوة وأربع أخوات، وست أخوات لأمها، منهم ثلاثة إخوة وثلاث أخوات، ومن أشهر أخواتها من الأب المغنية نجاة الصغيرة، محطتها من سلم البدايات تؤكد أنها لم تعش حياة سعيدة في طفولتها؛ إذ انفصل والداها حين كانت في الخامسة من عمرها، واقترنت والدتها بالزوج الثاني «عبد المنعم حافظ» مفتش التربية والتعليم، وفي حضانتها بناتها الثلاث «كوثر وسعاد وصباح»، ولم تدخل سعاد مدارس نظامية واقتصر تعليمها على البيت، كان أول لقاء بينها وبين ابن عمها أنور البابا الفنان السوري عام 1963 في منزل الفنان اللبناني محمد شامل، ظلت تحلم بالخروج من تلك الحياة غير المستقرة إلى أن التقت الشاعر عبد الرحمن الخميسي الذى كان له الفضل في اكتشافها، وتقديمها للمسرح، ثم السينما، ويرى الجمهور وجه القمر فى فيلم «حسن ونعيمة».