روشتة الخبراء للشباب.. كيف تستصلح أرضك بالاكتفاء الذاتي من الطاقة والمياه والغذاء؟

6-7-2023 | 17:50
روشتة الخبراء للشباب كيف تستصلح أرضك بالاكتفاء الذاتي من الطاقة والمياه والغذاء؟استصلاح الأراضي الزراعية
وفاء فراج
نصف الدنيا نقلاً عن

المزرعة البيئية هي نموذج من مزرعة دنماركية تُطبق تقنيات توليد الطاقة الجديدة والمتجددة بداية من الطاقة الشمسية و(البيوجاز) والرياح والهيدروجين الأخضر، الذي يُعد بديل الطاقة المناسب في الأراضي الصحراوية لأنه الأفضل والأنقى والأرخص ومُصنع كليا من الموارد الطبيعية.

موضوعات مقترحة

جاءت دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي حول استغلال كنز مصري يحتاج إلى جهد الشباب وهو التوسع في الأرض الزراعية لتتوافق مع استراتيجية الدولة في استصلاح الصحراء من خلال مشروع استصلاح (المليون ونصف المليون فدان) الذي يهدف إلى تأمين الغذاء وإنشاء المجتمعات العمرانية وخلق فرص عمل ومشاريع استثمارية للشباب، ولكن يواجه البعض تحديات من المعوقات التقنية والمادية لاستكمال حلمه بامتلاك أرض زراعية يُنتج منها غذاءه ويربح ماديا ويعيش في بيئة خالية من التلوث والزحام والضوضاء.

ما هذه التحديات؟ وما رأي الخبراء في كيفية مواجهة الشباب لها حتى لا يفشل مشروعهم في استصلاح الأراضي وتضيع أحلامهم أدراج الرياح؟

تقدم مجلة نصف الدنيا في هذا التحقيق روشتة الخبراء للشباب لاستكمال حلمهم في استصلاح الأراضي الزراعية.

المعرفة أولا 

يؤكد الدكتور صلاح عرفة أستاذ الفيزياء بكلية العلوم والهندسة بالجامعة الأمريكية والمتخصص في الطاقة المتجددة وأمين عام مجلس علماء مصر أن الخطوة الأولى في كل رحلة نجاح في مجال الاستثمار البيئي في زراعة الصحراء، هي «المعرفة»، فالشباب يحتاج إلى أن يرى ويعرف، وإذا كان مهتما سيجد جمعيات المجتمع المدني التي تساعده بالمعلومة أو بالتمويل، مشيرا إلى أن «التمويل» هو العقبة الأولى التي تقابله ومعنى التمويل هنا تخفيف الأعباء من خلال التقسيط المريح الشهري بفائدة بسيطة.

أما عن العائق الآخر أمام الشباب وهو عدم توفر «العمالة المدربة المتخصصة»، إضافة إلى عدم الاستفادة من تجارب الآخرين ونصائح الخبراء في مجال الطاقة والزراعة والمياه ليحصل على أوفر وأكثر الطرق المستدامة لتوفير هذا المثلث (الطاقة والغذاء والماء) والاكتفاء منه في المشروع، وبخاصة أن الزراعة تحتاج إلى أرض ومياه وعمالة وتسويق، وطاقة من أجل إمكانية خلق مجتمع وفرص عمل، وتدوير المخلفات، وهذا التكامل البيئي يحتاج إلى وعي علمي كبير.

وردا على ما يتردد عن التكلفة العالية لتوليد الطاقة الجديدة والمتجددة يذكر عرفة أنها بالفعل قد تكون تكلفتها باهظة نسبيا، ولكنها زهيدة أمام دورها في الحفاظ على البيئة سواء من استخدام الطاقة الشمسية أو بيوجا أو طاقة الرياح ولابد من الاستعانة بالمتخصصين بالطاقة المتجددة لتحديد نوع الطاقة والتكلفة المطلوبة لتشغيل العدد المطلوب من الأجهزة والآلات الزراعية ورفع المياه من الآبار وغيرها.

وأشار د. عرفة إلى أهمية وجود نماذج ناجحة للاستثمار الزراعي والبيئي في مصر ليتعلم منها الشباب ونشر التوعية لأهمية البحث عن حلول جديدة لتوليد الطاقة المتجددة، موضحًا أهمية الشراكة مع الجامعات وبناء الجسور الخضراء بين الجامعات والمجتمع المدني وتنظيم الزيارات الميدانية للتعرف إلى ما يتم على أرض الواقع وتعميمه في مختلف المحافظات.

مسابقة لأهم الأبحاث الزراعية

ومن جانبه أوضح الدكتور وائل رضا نائب رئيس مجلس علماء مصر والمتحدث الرسمي له، دور المجلس في رعاية الابتكارات والأبحاث ليكون همزة الوصل بين الشباب والباحثين وبين الجهات المعنية لتنفيذ أبحاثهم وابتكاراتهم، إضافة إلى عمل بروتكولات تعاون بين مجلس علماء مصر والجامعات المصرية للتعاون في مجال الأبحاث وتطبيقها في المزارع النموذجية التابعة لأعضاء المجلس بخاصة فيما يخص أبحاث الزراعة والطاقة المتجددة والمياه ومجالات البيئة. 

وأضاف د. رضا أن المجلس وسَّع في عمله في التطبيقات العملية في المحافظات النائية ومنها أسوان والوادي الجديد وسيناء، كما سيتم عمل مؤتمر سنوي للبحث العلمي بالتعاون مع أكاديمية البحث العلمي والجهات المعنية والشركاء في القطاع الخاص، إضافة إلى عمل مسابقة بيئية علمية سنوية باسم المجلس لأهم الأبحاث المتخصصة في الزراعة والطاقة والبيئة لشباب الباحثين بجوائز تحفيزية كبيرة.

وفيما يخص تشجيع الشباب والنصائح العلمية لهم لإنجاح مشاريعهم الصغيرة في استصلاح الأراضي أو استخراج الطاقة والمياه للاكتفاء الذاتي ذكر د. رضا أننا نقيم دورات  تدريبية على أرض الواقع في إحدى المزارع النموذجية التدريبية التي لديها اكتفاء ذاتي من الطاقة والمياه ليشهدوا التجربة بأنفسهم ويتعرفوا على التحديات والمشكلات التي يمكن أن تقابلهم وكيف يتعاملون معها، وبالفعل استفاد عدد كبير من شباب المزارعين من تلك الدورات، كما أن المجلس يخطط  للاستفادة من مواقع السوشيال ميديا وهي الأقرب للشباب من خلال عمل مجموعة من الأفلام الوثائقية لطرح المشكلات التي تواجههم في مشاريع استصلاح الأراضي، ووضع الحلول أمامهم  من خلال عرض النماذج الناجحة والتي استطاعت ان تتغلب علي العقبات كنموذج للنجاح والتحدي مؤكدا دور الإعلام في دعمهم في هذه الحملة لمساعدة كل شاب.

 

 أول مزرعة صديقة للبيئة 

أشار المهندس حاتم الرومي رئيس لجنة الطاقة المتجددة بمجلس علماء مصر إلى أن (مزرعة ريف العضوية) الصديقة للبيئة نموذج للأرض المستصلحة المكتفية ذاتيا من الطاقة والمياه والغذاء وتهدف إلى خلق مجتمع بيئي نظيف متكامل متجانس مكتف ذاتيا متطور من أجل مستقبل أفضل للأجيال القادمة، وأنها نموذج حي للدراسة أمام الباحثين  وأصحاب المشروعات المماثلة من الشباب للتعلم من التجربة والاستفادة من تنوع توليد الطاقة الجديدة والمتجددة بكل أشكالها (الشمسية والرياح والبيوجاز والهيدروجين الأخضر)، مؤكدا حرصه على أن تكون المزرعة نموذجا علميا وعمليا للمزرعة البيئية في مصر، مشيرا إلى عمل بروتوكولات تعاون بين مجلس علماء مصر والجامعات المصرية والمزرعة النموذجية لكي تكون نموذجا أمام طلاب الجامعات والمدارس لرؤية كل نماذج وتجارب الطاقة المتجددة في مكان واحد علي الطبيعة، إضافة إلى الباحثين وأصحاب المشاريع الصغيرة للاستصلاح الزراعي للاستفادة من التجربة .

تجربة عمرها ثمانية أعوام 

وشرح الرومي أن فكرة المشروع بدأت منذ ثمانية أعوام لإنشاء تطبيق عملي للطاقة المتجددة لخدمة الزراعة من خلال إنشاء تلك المزرعة لإنتاج محصول عضوي ملائم للبيئة والمجتمع وتساعد في تعمير الصحراء والخروج من الوادي الضيق، وتلك المزرعة هي الوحيدة من نوعها في الشرق الأوسط وهي نموذج مماثل لمزرعة شبيهة في الدنمارك لتطبيق وسائل توليد الطاقة المتجددة المختلفة، والبداية جاءت من تشغيل بئر المياه بالطاقة الشمسية، ثم تم تشغيل البيت والأجهزة وربطها بمحطة طاقة شمسية، وبسبب احتياجه إلى الأسمدة للزراعة العضوية أنشئت حظائر بقر وأغنام وطيور ودواجن للاستفادة من مخلفاتها في تسميد الأرض. كما تتم الاستفادة من المتبقي في إنشاء وحدة طاقة لغاز البيوجاز لتشغيل البوتاجاز والسخان والإضاءة وغيرها. ومن خلال هذا الأسلوب للاكتفاء الذاتي تغلب الشباب على أهم ثلاث مشكلات تقف أمام أي مشروع استصلاح زراعي، وهي (الطاقة والمياه والغذاء)، والسماد من أجل إنتاج الغذاء، وهو مثلث الحياة، وأن التجربة العملية أكدت أننا جميعا في مصر لدينا مشكلة في التطبيق الفعلي للتطبيقات العلمية والحلول التقنية على أرض الواقع، وقد طالب بصفته النائب الأول لشعبة الطاقة المستدامة في غرفة التجارية بالقاهرة بضرورة أن تساعد الدولة أصحاب مشاريع الاستصلاح بخاصة الشباب وأن تيسر لهم تمويل إنشاء شبكة طاقة شمسية ليستطيعوا أن يستكملوا مشروعهم لأنه التحدي الأكبر لهم هو توفير الطاقة التي ستساعدهم في تشغيل مياه الري وإضاءة البيت الذي يعيشون فيه وتشغيل الأجهزة والآلات الخاصة بالزراعة وغيرها، مشيرا إلى أنه بالفعل أصبحت تطبيقات الطاقة المتجددة كثيرة، وقد تكون مكلفة ولكنها رخيصة أمام العائد والمردود بعد سنوات مقابل الديزل والسولار .

وسيتمكن وفي سنوات معدودة من استرداد تكلفتها على عكس طرق الطاقة التقليدية، مؤكدا أن (الهيدروجين الأخضر) هو طاقة المستقبل، وحلمه أن يكون الهيدروجين الأخضر هو بديل الطاقة المناسب في الأراضي الصحراوية لأن إنتاج الهيدروجين بأفضل وأنقى الطرق الممكنة للإنتاج عن طريق استخدام الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح لتوفير الطاقة اللازمة لعملية الإنتاج فيصبح منتجا مصنعا كليا من الموارد الطبيعية.
 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: