تلعب الهرمونات التي تفرزها الغدد المختلفة دورا رئيسيا في الحفاظ على توازن كل ما يقوم به الجسم من عمليات حيوية، لكن قد يحدث خلل في إفراز الغدد لبعض الهرمونات، مما يؤثر في الحالة الصحية للفرد ونمط حياته بشكل كبير، وهُنا نقدم عددا من النصائح التي أجمع عليها الأطباء للحفاظ على توازن الهرمونات في الجسم بطرق طبيعية من خلال اتباع نظام غذائي سليم ونمط حياة صحي.
أشار الأطباء إلى أن بعض أنماط الحياة الصحية، التي تعتمد على ممارسة الرياضة بانتظام، وتناول نظام غذائي غني بالبروتين والألياف يمكن أن تساعد بشكل طبيعي على تحقيق توازن الهرمونات بالجسم. والهرمونات عبارة عن رسل كيميائية لها تأثيرات عميقة في الصحة العقلية والجسدية والعاطفية.
على سبيل المثال، تلعب الهرمونات دورا رئيسيا في التحكم في الشهية والوزن والمزاج، وعادة ينتج الجسم كمية دقيقة من كل هرمون ضروري لعمليات حيوية مختلفة للحفاظ على الصحة، لكن قد تؤثر أنماط الحياة غير المستقرة والأنماط الغذائية غير السليمة في التوازن الهرموني للجسم، كما تنخفض مستويات بعض الهرمونات مع تقدم العمر، ولحسن الحظ يمكن تحسين الصحة الهرمونية للفرد ليشعر بأداء بدني وعقلي أفضل.
1 – تناول كمية كافية من البروتين في كل وجبة
لا يوفر البروتين الأحماض الأمينية الأساسية التي لا يستطيع الجسم صنعها بمفرده فقط، بل يحتاج إليه الجسم أيضا لإنتاج هرمونات مشتقة من البروتين، تعرف باسم هرمونات الببتيد، حيث تصنع الغدد الصماء هذه الهرمونات من الأحماض الأمينية. تلعب هرمونات الببتيد دورا مهما في تنظيم العديد من العمليات الفسيولوجية، مثل النمو، وإنتاج الطاقة، والشهية، والتوتر، والتكاثر، على سبيل المثال، يؤثر تناول البروتين في الهرمونات التي تتحكم في الشهية وتناول الطعام، وتوصيل المعلومات حول حالة الطاقة إلى العقل. وأظهرت الأبحاث أن تناول البروتين يقلل من إفراز هرمون الجوع «جريلين»، ويحفز إنتاج الهرمونات التي تساعد على الشعور بالشبع. وربطت نتائج دراسة أخرى، استمرت لمدة ثلاثة أشهر أجريت على 156 مراهقا يعانون من السمنة، بين تناول وجبة إفطار غنية بالبروتين مع زيادة مستويات الهرمونات التي تساعد على الشبع، مما أدى إلى فقدان الوزن بسبب زيادة الشعور بالامتلاء. وينصح الأطباء بتناول ما لا يقل عن 20-30 جراما من البروتين كل وجبة، وذلك من خلال تناول الأطعمة الغنية بالبروتين مثل البيض أو صدور الدجاج أو العدس أو السمك.
2 – ممارسة التمارين الرياضية بانتظام
يؤثر النشاط البدني بشكل كبير في الصحة الهرمونية، بصرف النظر عن تحسين تدفق الدم إلى العضلات، فإن التمارين الرياضية تزيد من حساسية مستقبلات الهرمونات، مما يعني أنها تعزز إيصال العناصر الغذائية وإفراز الهرمونات. ومن الفوائد الرئيسية للتمارين الرياضية قدرتها على تقليل مستويات الأنسولين وزيادة حساسية الأنسولين، والأنسولين هرمون يسمح للخلايا بامتصاص السكر من مجرى الدم لاستخدامه في الطاقة. ومع ذلك، إذا كانت لدى الفرد حالة تسمى مقاومة الأنسولين، فقد لا تتفاعل خلاياه بشكل جيد مع الأنسولين، وتعد هذه الحالة مؤشرا خطرا للإصابة بمرض السكر والسمنة وأمراض القلب. وفي حين أن بعض الباحثين لايزالون يناقشون ما إذا كان التحسن يأتي من التمرين نفسه أو من فقدان الوزن أو الدهون، تشير الأدلة إلى أن التمارين المنتظمة تحسن مقاومة الأنسولين بشكل مستقل عن وزن الجسم أو تقليل كتلة الدهون. ووجد أن تمارين القوة والتمارين الرياضية الخفيفة وحتى المشي تعمل على تعديل مستويات الهرمون لتقليل خطر الإصابة بالمرض ومنع انخفاض كتلة العضلات مع التقدم في العمر.
3 – الحفاظ على وزن معتدل
ترتبط زيادة الوزن ارتباطا مباشرا بالاختلالات الهرمونية التي قد تؤدي إلى مضاعفات في حساسية الأنسولين والصحة الإنجابية. وترتبط السمنة ارتباطا وثيقا بتطوير مقاومة الأنسولين، بينما يرتبط فقدان الوزن الزائد بالتحسينات في مقاومة الأنسولين وتقليل خطر الإصابة بمرض السكر وأمراض القلب. وترتبط السمنة أيضا بقصور الغدد التناسلية، أي انخفاض أو عدم إفراز الهرمونات من الخصيتين أو المبايض، وتعد هذه الحالة واحدة من أكثر المضاعفات الهرمونية ذات الصلة بالسمنة لدى الرجال. وهذا يعني أن السمنة ترتبط ارتباطا وثيقا بانخفاض مستويات هرمون التستوستيرون لدى الرجال وتسهم في ضعف الخصوبة عند النساء، لذا يعد الحفاظ على وزن معتدل أمرا ضروريا لصحة وتوازن الهرمونات، ويمكن أن يساعد تناول الطعام بشكل صحي ومعتدل على الحفاظ على التوازن الهرموني والوزن المعتدل.
4 – الاهتمام بصحة الأمعاء
تحتوي الأمعاء على أكثر من 100 تريليون من البكتيريا الصديقة، والتي تنتج العديد من المستقلبات التي قد تؤثر في صحة الهرمونات بشكل إيجابي أو سلبي، وهو ما يعرف بميكروبيوم الأمعاء، ويؤثر ميكروبيوم الأمعاء الصحي بشكل إيجابي في الهرمونات عن طريق تنظيم الشهية والشعور بالامتلاء وتقليل مقاومة الأنسولين. على سبيل المثال، عندما يخمر ميكروبيوم الأمعاء الألياف، فإنه ينتج أحماضا دهنية قصيرة السلسلة (SCFAs) مثل الأسيتات، والبروبيونات، والزبدات، التي تساعد على إدارة الوزن عن طريق زيادة حرق السعرات الحرارية وبالتالي المساعدة على منع مقاومة الأنسولين، كما تنظم الشعور بالامتلاء عن طريق زيادة هرمونات الامتلاء GLP-1 وPYY . ومن المثير للاهتمام أن الدراسات تشير إلى أن السمنة قد تغير تكوين ميكروبيوم الأمعاء لتعزيز مقاومة الأنسولين والإصابة بالالتهابات، لذا يجب الاهتمام بتناول الأطعمة التي تحسن من بكتيريا الأمعاء وأهمها الزبادي.
5 – عدم الإفراط في تناول السكر
أثبتت الدراسات أن تقليل تناول السكر يعمل على تحسين وظيفة الهرمونات وتجنب السمنة والإصابة بمرض السكر وأمراض أخرى. ويوجد سكر الفركتوز البسيط في العديد من أنواع السكر، بما يصل إلى 43 ٪ من العسل، و50 ٪ من سكر المائدة المكرر، كما تعد المشروبات المحلاة بالسكر المصدر الأساسي للسكريات المضافة في النظام الغذائي للكثيرين، ويشيع استخدام الفركتوز تجاريا في المشروبات الغازية وعصير الفاكهة ومشروبات الطاقة. وزاد تناول الفركتوز بشكل كبير في الولايات المتحدة الأمريكية منذ حوالي عام 1980، وتظهر الدراسات باستمرار أن تناول السكر المضاف يعزز مقاومة الأنسولين، بغض النظر عن إجمالي السعرات الحرارية أو زيادة الوزن. وتم ربط تناول الفركتوز على المدى الطويل باضطراب ميكروبيوم الأمعاء، مما قد يؤدي إلى اختلالات هرمونية أخرى. إضافة إلى ذلك، قد يفشل الفركتوز في تحفيز إنتاج هرمون الشبع المعروف باسم اللبتين، مما يؤدي إلى انخفاض حرق السعرات الحرارية وزيادة الوزن، لذلك فإن تقليل تناول المشروبات السكرية وغيرها من مصادر السكر المضاف يحسن صحة الهرمونات.
6 – تجنب القلق والتوتر
يؤثر التوتر في إفراز الهرمونات بعدة طرق، ويعرف هرمون الكورتيزول بهرمون التوتر، لأنه يساعد الجسم على التعامل مع الإجهاد طويل الأمد، وتنشط استجابة الجسم للتوتر سلسلة من العمليات التي تؤدي إلى إنتاج الكورتيزول. وبمجرد انتهاء عامل الضغط أو مسبب التوتر، تنتهي الاستجابة، ومع ذلك فإن الإجهاد المزمن يضعف الآليات التي تعيد الأنظمة الهرمونية إلى وضعها الطبيعي. ويؤدي أيضا إلى استمرار ارتفاع مستويات الكورتيزول، ويحفز الشهية ويزيد من تناول الأطعمة السكرية والدهنية، مما يؤدي إلى الإفراط في تناول السعرات الحرارية وبالتالي السمنة. وتحفز مستويات الكورتيزول المرتفعة تكوين الجلوكوز، أي إنتاج الجلوكوز من مصادر غير كربوهيدراتية، مما يسبب مقاومة الأنسولين. وأشارت الأبحاث إلى أنه يمكن خفض مستويات الكورتيزول من خلال ممارسة التأمل واليوجا والاستماع إلى موسيقى الاسترخاء، لذا ينصح بتخصيص ما لا يقل عن 10-15 دقيقة يوميا لممارسة هذه الأنشطة، لإعادة مستويات هرمون التوتر إلى طبيعتها.
7 – تناول الدهون الصحية
يساعد وجود الدهون الطبيعية عالية الجودة في النظام الغذائي على تقليل مقاومة الأنسولين والشهية، فالدهون الصحية دهون فريدة يقل تخزينها في أنسجة الجسم ويزداد تناولها مباشرة من قبل الكبد للاستخدام الفوري كطاقة، مما يعزز زيادة حرق السعرات الحرارية، كما تقل احتمالية تعزيز هذه الدهون لمقاومة الأنسولين. إضافة إلى ذلك، تساعد الدهون الصحية مثل أوميجا 3 على زيادة حساسية الأنسولين عن طريق تقليل الالتهاب والعلامات المسببة للالتهابات، إضافة إلى ذلك، تشير الدراسات إلى أن أوميجا 3 تمنع زيادة مستويات الكورتيزول أثناء الإجهاد المزمن. وتوجد هذه الدهون الصحية في الأفوكادو، واللوز، والفول السوداني، والجوز، والبندق، والأسماك الدهنية، وزيوت الزيتون، وجوز الهند.
8 – الحصول على قسط كاف من النوم
بغض النظر عن مدى صحة النظام الغذائي أو روتين الحياة، فإن الحصول على قسط كاف من النوم أمر بالغ الأهمية للتمتع بصحة جيدة. وترتبط قلة النوم باختلال العديد من الهرمونات، بما في ذلك الأنسولين والكورتيزول واللبتين والجريلين وهرمون النمو، على سبيل المثال، لا يؤدي الحرمان من النوم إلى إضعاف حساسية الأنسولين فحسب، بل يرتبط بزيادة في مستويات الكورتيزول، مما قد يؤدي إلى مقاومة الأنسولين. ووجدت دراسة صغيرة أجريت على 14 من البالغين الأصحاء أن 5 ليال من عدم النوم الجيد قللت من حساسية الأنسولين بنسبة 25 ٪. إضافة إلى ذلك، تظهر الدراسات باستمرار أن الحرمان من النوم يؤدي إلى زيادة هرمون الجريلين وانخفاض مستويات اللبتين، وفي مراجعة لإحدى وعشرين دراسة أجريت على 2250 شخصا، أظهر أولئك الذين تم وضعهم في مجموعة النوم القصير مستويات جريلين أعلى من أولئك الذين حصلوا على القدر الموصى به من النوم. ويحتاج العقل إلى نوم غير متقطع ليخوض المراحل الخمس لكل دورة نوم، الأمر الضروري لإفراز هرمون النمو، الذي يحدث بشكل رئيسي في الليل أثناء النوم العميق، وللحفاظ على التوازن الهرموني يجب النوم 7 ساعات على الأقل من النوم عالي الجودة كل ليلة.
9 – اتباع نظام غذائي غني بالألياف
تعد الألياف عنصرا ضروريا لاتباع نظام غذائي صحي، حيث كشفت الدراسات أن تناول كميات كبيرة من الألياف يرتبط بتحسين حساسية الأنسولين والهرمونات التي تتحكم في الشعور بالجوع والامتلاء وتناول الطعام. وعلى الرغم من أن الألياف القابلة للذوبان تميل إلى إنتاج تأثيرات أقوى على الشهية عن طريق زيادة هرمونات الشبع، فإن الألياف غير القابلة للذوبان قد تلعب أيضا دورا. ويقوم ميكروبيوم الأمعاء بتخمير الألياف القابلة للذوبان في القولون، مما يؤدي إلى إنتاج SCFAs التي تحفز إفراز هرمونات الامتلاء PYY و GLP-1، لذا ينصح بتناول العديد من الأطعمة الغنية بالألياف كل يوم.
10 – اتباع حمية البحر الأبيض المتوسط
يساعد استبدال نظام غذائي غني باللحوم الحمراء والأطعمة المصنعة والسكريات بنظام غذائي غني بالحبوب الكاملة والبقوليات والأسماك على توازن مستويات هرمون الإستروجين، وهو هرمون يشارك في الصحة الإنجابية للإناث والذكور، ويعمل على توازن السكر في الدم، وصحة العظام والقلب، ووظائف المناعة والدماغ. وتم ربط مستويات هرمون الإستروجين المنخفضة أو المرتفعة بالحالات الصحية الحادة والمزمنة، بما في ذلك السمنة واضطرابات التمثيل الغذائي وأنواع مختلفة من السرطان أهمها سرطان الثدي والمبيض، لذا ينصح باتباع حمية البحر الأبيض المتوسط الغنية بالحبوب الكاملة، والبذور، والأسماك، والبقوليات، والخضروات مثل القرنبيط، والبروكلي، التي تساعد على تقليل مستويات هرمون الإستروجين وبالتالي الحماية من خطر الإصابة بالسرطان.