«الأب القدوة» مبادرة أطلقتها وزارة التضامن الاجتماعي تزامنا مع شهر الاحتفال بعيد الأب، مع شهر التربية الإيجابية لتذكير الآباء بأدوارهم الرئيسة بوصفهم قدوة ومثلا أعلى لأبنائهم.. وفي ظل غياب دور الآباء الذين تخاذلوا عن أداء دورهم على أكمل وجه، وجاءت هذه المبادرة باختيار عدد من الآباء المثاليين تم تكريمهم خلال فعالية كبرى نظمتها الوزارة بالتعاون مع مؤسسة العربي لتنمية المجتمع.
موضوعات مقترحة
عيد الأب هو استجابة لمبادرة أطلقتها وزارة التضامن الاجتماعي باسم مبادرة «الأب القدوة» ترسيخًا لدور الأب في تأمين الكيان الأسري وفي التنشئة السوية للأطفال.
وأعلنت السيدة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي أن شهر يونيو الذي يتزامن مع شهر التربية الإيجابية، قد شهد وللمرة الأولى إطلاق مبادرة «الأب القدوة» التي تستهدف تأكيد دور الأب في تأمين الكيان الأسري، في الحياة الأسرية السليمة والتنشئة السوية للأطفال.. ويجيء اهتمام الوزارة بإطلاق تلك المبادرة تأكيدًا على معيار عطاء الأب والحاجة إلى استعادة الدور الأبوي داخل الأسر وبخاصة مع زيادة التحديات والصعاب التي تواجه الأسرة المصرية وتزعزع العلاقات بداخلها، سواء العلاقة بين الزوج والزوجة، أو بين الأب وأولاده.
وفى هذا الإطار اختارت وزارة التضامن الاجتماعي عددا من الآباء المثاليين تم تكريمهم خلال فعالية كبرى نظمتها الوزارة بالتعاون مع مؤسسة العربى لتنمية المجتمع، وتضمنت الاحتفالية الفئات المرشحة للآباء المثاليين، ومنهم أب طبيعي، وأب قدوة لابن من ذوي الإعاقة، وأب لأسرة كافلة، وفق عدد من المعايير الخاصة بكل فئة على أساس مدى اهتمامهم بتعليم الأبناء والعمل الخاص والمشاركة بالمبادرات المجتمعية.
وجاء قرار لدولة رئيس مجلس الوزراء رقم 1665 لسنة 2021 بشأن تشكيل لجنة وزارية لبلورة مبادرة تربوية تدعم الآباء والأمهات نحو تعزيز التربية الإيجابية بعنوان «التربية.. مشاركة» برئاسة السيدة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي وعضوية كل من الوزارات المعنية بقضايا التربية الأسرية؛ حيث أكدت وزارة التضامن الاجتماعي خلال كل الفعاليات أهمية دور الأسرة في تنشئة الطفل تنشئة سليمة.. هذا وقد أطلقت وزارة التضامن الاجتماعي عام 2020 برنامج التربية الأسرية الإيجابية بهدف رفع الوعي المجتمعي بأساليب التربية الأسرية الإيجابية للأسر المستهدفة التي لديها أطفال في الفئات العمرية بداية من الميلاد حتى 18 عاما في القرى التي تحظى بتنفيذ مبادرة «حياة كريمة» إضافة إلى دمج المبادئ والقيم الصحيحة المبنية على تعزيز ثقة الأطفال في أنفسهم، وتنشئتهم على السلوكيات الصحية التي تحافظ على تنميتهم، بالإضافة إلى تأكيد أهمية التعليم والثقافة واحترام الاختلاف.
الأب هو أساس الدعم للأسرة
ولكن ما رأي الخبراء في هذه المبادرة في دعم الأسرة المصرية؟
يوضح د. جمال فرويز استشاري الطب النفسي دور الأب حين يكون قدوة لأبنائه قائلا: الأب دائما هو الداعم الأساسي لأي أسرة كونه داعما ماديا ومعنويا، فالأب يوفر قاعدة الاحتياجات، فهرم احتياجات أي شخص مأكل وملبس ومعيشة وعاطفة، وبخاصة العاطفة الحسية التي يحتاجها الطفل منذ نعومة أظافره.. وقد يعتقد البعض أن المصدر الرئيسي للعاطفة هو الأم ولكنه في الحقيقة هو الأب، وعندما يتخاذل الأب عن تقديم العاطفة يبدأ في مواجهة مشكلات كبيرة يقع فيها الأبناء ومنها المشكلات الجنسية. فالطفل يبدأ في التعرف إلى والده من سن سنة ونصف السنة، ويبدأ التعامل معه على أنه القدوة ومصدر الشعور بالأمان، وبالتالي يكون الطفل دائما فخورا بوالده، وعندما يصل إلى سن الخامسة حتى اثني عشر عاما يحاول الابن أن يمثل صورة والده محاولا أن يكون نسخة طبق الأصل منه طالما العلاقة بينهما إيجابية.
ونرى الابن يفتخر بوالده أمام زملائه، ويصبح المثل الأعلى والقدوة له، وتزداد أهمية هذه القدوة عند الابن في سن 12 عاما وبخاصة في حالة نجاح الأب في التواصل مع أولاده. وكلما كانت العلاقة إيجابية بين الابن والأب فإنها تؤثر على شخصية الابن أو الابنة، وتكون شخصية سوية ناضجة، وكلما كانت العلاقة متوترة ينتج عن ذلك اضطرابات كثيرة في الشخصية.
ويؤكد د. جمال أن ظهور المشكلات السلوكية والجنسية مع الأبناء يكون الأب غالبا هو حجر الزاوية فيها، فافتقاد الأب أو افتقاد دوره يؤدي إلى هذه المشكلات، لذلك فالكيان الأسري المترابط الذي يوجد به الأب والأم ويقوم كل واحد بدوره يسهم في تكوين شخصيات سوية للأبناء سلوكيا ونفسيا ويكون هنا الأب قدوة لأبنائه، لذلك يُقال: لا تُهِن أبا أمام أبنائه لأنك بهذه الطريقة تكسر جيلا بعده، ولذا فإنه ينبغي الحفاظ على صورة الأب جيدة حتى يكون قدوة حتى لو افترق الزوجان، وهذه نقطة مهمة لأننا أصبحنا نسمع عن أنه بمجرد أن يفترق الأبناء والأمهات يبدأ كل طرف في شن هجوم على الطرف الآخر، ويبدآن في شن هجوم مستخدمين الأبناء في هذه الحرب محاولين تشويه صورة بعضهما أمام الأبناء لكسب ودهم، ويبدأ الزوجان المنفصلان في إلقاء الاتهامات الباطلة كل طرف على الآخر، وهذه كارثة لأن تدمير صورة الأب وتشويهها أمام الأبناء يفقدانهم القدوة، وسوف تفقد الأم السيطرة عليهم في سن المراهقة، وهي السن التي يحتاج فيها الابن إلى الأب والعكس صحيح، فالأب الذي يشوه صورة الأم سوف يحتاج بعد ذلك إلى وجود الأم في حياة أبنائها للحفاظ على الأبناء أسوياء.
ويضيف د. جمال: هناك الكثير من صور افتقاد دور الأب، بالنسبة للبنت تجدها مثلا تختار في شبابها الزواج من رجل يكبرها بعشرات السنوات بحثا عن دور الأب المفتقد.
الأب أساس لتربية جيل نافع
وعن رأي الدين فى قوامة الأب ودوره الفعَّال فى الأسرة يوضح د. عطية لاشين أستاذ الشريعة والقانون بكلية الأزهر أن للأب دورا بارزا ورئيسيا وأساسيا في إيجاد نشء نافع للأمة وصالح للمجتمع والعكس صحيح، فإن له أيضا دورا رئيسيا وبارزا في إيجاد نشء يكون دمارا للمجتمع، لأن الأب مسؤول عن تنشئة الابن منذ نعومة أظافره؛ حيث يكون وقتها قابلا للتشكيل على النحو الذي يريده الوالد، فهو كالعجينة تتشكل كيفما يُراد منه.
ويقول الشاعر: «وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما عوده أبوه»، ومن هنا نحمل الآباء المسئولية حينما لا يقومون بدور التوجيه والنصح والإرشاد وغرس القيم والمثل والمبادئ والفضائل والمكرمات في نفوس النشء من أبنائهم، ولذلك يقول الله تعالى محددا المسئولية: «يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها النار والحجارة»، ويقول تعالى أيضا: «وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها».
فذمة الأب لا تكون بريئة إذا نجا بنفسه فقط، وإنما عليه أن يصلح من نفسه وينشئ أبناءه على أداء الصلاة والقرب من الله، ولذلك حثنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على ذلك عندما قال: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع»، والإعجاز النبوي في جملة (وهم أبناء سبع)؛ حيث يكون الابن في هذه السن سهل التطويع بخلاف ما بعدها، إذ يصبح له فكر مستقل ويرفض أي تدخل من الوالدين في أموره، ويعده تدخلا غير مقبول في حريته، أما إذا قام الوالد بدوره الصحيح مع أبنائه وهم صغار فإن قيامه بهذا الدور سوف يؤتي بثماره (فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته).