ناقشنا فى المقالين السابقين أهمية التعليم فى الرقى بالوضع الإنسانى ومن ثم تحقيق التنمية، وألقينا الضوء على ضرورة مشاركة كل من الرجال والنساء بهدف تحقيق الأهداف المجتمعية التنموية، مع أهمية تقديم الدعم المؤسسى اللازم لمساندة مشاركة المرأة إذا ما كانت هى الطرف الذى يحتاج إلى آليات داعمة ومساندة لزيادة مشاركتها، وتعد واحدة من أهم المؤسسات الدولية الداعمة لمشاركة المرأة، هى هيئة الأمم المتحدة للمرأة والتى يرتبط عملها بصورة مباشرة بتحقيق تمكين المرأة فى مجـالات التعلـيم والتـدريب والعلـم والتكنولوجيا.
فقد تم تفعيل إنشاء هيئة الأمم المتحدة للمساواة بـين الجنـسين وتمكين المرأة عام 2010، وهو الأمر الذى عزز من قدرة الأمم المتحدة على دعم تحقيق المساواة بين الجنسين.والتأكيد على أهمية دور الآليات الوطنية الداعمة للنهوض بالمرأة، والتى ينبغى أن توضع فى أعلى مستوى إدارى ممكـن للحكومـة وبالتعاون مع المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان حيثما وجدت، والدور الهام للمجتمـع المدني، ولا سيما دور المنظمات النسائية، بهدف تنفيـذ إعـلان ومنهاج عمل بيجين وتعزيز حصول النـساء والفتيـات علـى التعلـيم والتدريب والتكنولوجيا ومشاركتهن فى ذلك بشكل كامل وعلى قدم المساواة.وبذلك اتخذت الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة خطوة تاريخية فى تسريع أهداف المنظمة بشأن المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة.
وتنحصر الأدوار الرئيسية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة فى كل من:دعم الهيئات الحكومية الدولية ومساعدتهم فى صياغة السياسات والمعايير والقواعد، وتقديم الدعم الفنى والمالى المناسب للدول التى تطلبه، وإقامة شراكات فعالة مع المجتمع المدني. ومن ثم رصد وتلبية احتياجات نساء العالم.
لتعمل هيئة الأمم المتحدة للمرأة استنادًا إلى رؤية المساواة المنصوص عليها فى ميثاق الأمم المتحدة من أجل الدعم التشريعى والمؤسسى وكل الآليات المساندة للموضوعات المتعلقة بالقضاء على التمييز ضد النساء والفتيات، فى مجالات التعليم والتدريب والتكنولوجيـا والأوساط الأكاديمية ومؤسسات البحوث ووكالات تمويل البحـوث، بهدف التصدى لعدم حصول النساء والفتيات على التعلـيم والتدريب ومشاركتهن فى ذلك على قدم المساواة مع الرجل، وتعزيز حصول المرأة علىالعمل اللائق. ومن ثم تمكين المرأة، وتحقيق المساواة بين المرأة والرجل كشركاء ومستفيدين من التنمية، وفقاً لحقوق الإنسان والعمل الإنسانى والسلام والأمن.
كما تعمل هيئة الأمم المتحدة للمرأة على تعزيز القدرات اللازمة لوضع السياسات فى مجال تعليم النساء والفتيات؛ وتحسين وتنظيم جمع البيانات المصنفة حسب نـوع الجـنس والإعاقة وتحليلها ونشرها؛ وتعزيز تنمية القدرات فى هذا الـصدد؛ ووضـع المؤشرات المراعية للاعتبارات الجنسانية ذات الصلة لدعم تطوير التـشريعات ورسم السياسات المتعلقة بالتعليم والتدريب والعلم والتكنولوجيا.كما تشجع هيئة الأمم المتحدة للمرأة على الاستثمار العام والخاص فى التعليم والتـدريب، وذلك لتوسيع فرص حصول النـساء والفتيـات طوال مراحل دورة حياتهن على التعليم والتدريب الجيد،وتقديم منح لدراسة العلوم والتكنولوجيا فى مؤسسات التعليم الثانوى والتعليم العالي، وضمان عودة أعمال البحث والتطوير بالفائدة المباشرة على النساء والفتيات.
وإذا ما نظرنا لتلك المهام والأهداف فسنتيقن أن تنفيذ تلك المهام ستحتاج إلى الكثير من الجهود لتوفير الدعم المالى اللازم، وهو الأمر الذى واجهته الأمم المتحدة لسنوات عديدة، ليصبح الدعم المالى أحد أهم التحديات الكبيرة التى قد تعيق تفعيل الجهود لتعزيز المساواة بين الجنسين على الصعيد العالمي، وبخاصة ضمان فرص الحصول على تعليم جيد، باعتبار أن التعليم هو حق من حقوق الإنسان وأولوية إنمائية، وأن الاستفادة من التعليم والتدريب والعلم والتكنولوجيا على قدم المساواة تمكـن النساء والفتيات، وهو الأمر الذى سينعكس إيجابيًا فى القضاء على جميـع أشكال التمييز والعنف ضد النساء والفتيات، ومن ثم القضاء على الفقر. لذا سيأتى مقالى القادم ليناقش أهمية المشاركات الدولية المساندة لتحقيق تكافؤ الفرص فى المشروعات التعليمية والتدريبية.