جاء إعلان نتيجة الدبلومات الفنية للعام 2023، ليعيد من جديد طرح قضية التعليم الفني في مصر بعد تعاظم أهميته في المرحلة المقبلة التي يتصاعد فيها الطلب على خريجي هذا التعليم إذ تحتاج سوق العمل إلى آلاف الخريجين فهو المصدر الرئيسي لإمداد سوق العمل بالعمالة الفنية المدربة حرفيا، والتي تلعب دورا مهما في تنمية البلاد، ويحظى هذا النوع من التعليم بأهمية كبرى في معظم الدول المتقدمة لدوره الكبير في تنمية الدول.
موضوعات مقترحة
وعلى الرغم من الأهمية الكبرى للتعليم الفني ودوره في تنمية الدول، إلا أن الدول العربية ظلت لسنوات طويلة تهتم بالتعليم العام اهتماما كبيرا يفوق بكثير اهتمامها بالتعليم الفني والتدريب المهني، حيث كانت هناك نظرة سلبية للتعليم الفني ويلتحق به فقط من لم يستطع الالتحاق بالثانوي العام، ولكن مع الجهود المبذولة في مجال تطوير أنظمة هذا النوع من التعليم من حيث السياسات والأهداف والبنية المؤسسية والبرامج وطرق وأساليب التعليم، تغيرت نظرة المجتمع نحو التعليم الفني.
وزاد الاهتمام بالتعليم الفني في مصر في الآونة الأخيرة، استجابة للضرورات الحتمية التي تفرضها التحديات العالمية المعاصرة، والتي تتطلب تخصصات غير نمطية لمواجهة متطلبات سوق العمل في عصر العولمة، ومسايرة الثورة العلمية والتكنولوجيا والمعلوماتية، فهذا النوع من التعليم يعد استثمارا جيدا للمستقبل، وتتم عملية تطوير التعليم الفني ضمن إستراتيجيات وسياسات شاملة، فهو أحد الأدوات الرئيسية لتحقيق برامج التنمية الشاملة.
1300 مدرسة فنية في مصر
ويبلغ عدد مدارس التعليم الفني في مصر 1300 مدرسة موزعة على محافظات الجمهورية، بالإضافة إلى بعض المدارس والفصول الملحقة على مدارس التعليم العام، وطورت وزارة التعليم 881 مدرسة فنية حتى الآن، ويتم تطبيق البرامج والمناهج المبنية على منهجية الجدارات المهنية بها، وكذلك استحداث 29 برنامجا ومنهجا جديدا بالتعاون مع ممثلي سوق العمل، ومن المتوقع الانتهاء من تطوير جميع مناهج التعليم الفني وتدريب جميع المعلمين وتطبيقها في جميع المدارس الفنية بحلول العام الدراسي 2024\2025.
التعليم الفني قاطرة التنمية
ويعتبر التعليم الفني قاطرة التنمية الصناعية والزراعية في مصر، بحسب الدكتور حسن شحاتة الخبير التربوي، الذي أكد أن الحكومة تولي اهتماما بالغ خلال الفترة القليلة الماضية إلى تطوير التعليم الفني من خلال إقامة مدارس تكنولوجيا حديثة، بالإضافة إلى تطوير التعلم الفني الصناعي بمختلف مجالاته.
ويوضح الخبير التربوي، أن مصر بها عدد من الكوادر الشبابية والطاقة البشرية الهائلة التي يجب حسن استغلالها في القطاع الصناعي الذي يعد من أهم وأبرز القطاعات خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى أن الدولة وضعت مسارا واضحا لخريجي التعليم الفني على ألا يقتصر فكر الخريج أو الأهل على منح الطالب شهادة يحتفظ بها، يجب أن تكون هناك آلية واضحة لربط التعليم الفني بسوق العمل.
وهناك جهود مبذولة بشأن ربط التعليم الفني بسوق العمل وفقا لبروتوكول بتمويل معونة أمريكية التي تقوم بإجراء اختبارات القبول للطلاب، وفقا لشروط صارمة، ولاجتياز هذه الشروط يتم إعداد الطلاب بداية من المرحلة الإعدادية لتأهيلهم وتدريبهم لاجتياز الاختبارات اللازمة.
أهمية تغير الصورة الذهنية للدبلومات الفنية
وطالب الدكتور حسن شحاتة أستاذ المناهج بجامعة عين شمس، بضرورة تغيير الصورة الذهنية للدبلومات الفنية للمجتمع حول الأفكار الخاطئة عن التعليم الفني، لأن الدبلومات الفنية هي المستقبل، وهذا النوع من التعليم في مصر اختلف كثيرا فأصبح هو المستقبل للطلاب، وتسعى الدولة إلى توفير فرص تدريبية للطلاب والمصانع وإتاحة فرص عمل للقضاء على نسبة البطالة وإتاحة الفرصة للمتفوقين للالتحاق بالكليات التكنولوجية.
أسباب عدم الالتفات إلى الدبلومات الفنية
ويرجع "شحاتة" أسباب عدم الالتفات إلى الدبلومات الفنية، إلى السوشيال ميديا والإعلام، مناشدًا وسائل الإعلام المختلفة الانتباه إلى التطوير الهائل بالدبلومات الفنية ومتابعة كافة التطوير بشكل دقيق يجذب الطلاب إلى التعليم الفني وحثهم على أهميته بالنسبة للمجتمع.
وتولي الدولة اهتمامًا كبيرا بالمدارس الفنية والحرفية، كونها عنصرًا رئيسًا لإمداد سوق العمل بالعمالة اللازمة المدربة، والتوجه الحالي هو أن يكون هناك شراكة فيها مع القطاع الخاص، ويؤكد "شحاتة"، ضرورة أن يتم التوسع في نوعية هذه المدارس، لافتًا إلى أن هناك مطالبات بأن يتم الاستعانة بموارد صندوق التدريب التابع لوزارة العمل؛ لتأهيل المدارس الفنية وتدريب المستفيدين من هذه المدارس المهمة.
تغيير النظرة المجتمعية للتعليم الفني
ويشدد الخبير التربوي، على أن التعليم الفني في مصر يعيش أزهى عصوره في الجمهورية الجديدة؛ حيث أصبح بديلا جيدا عن الثانوي العام الذي لم يكن له منافس في الماضي، ومدارس التكنولوجيا التطبيقية الفنية تعتبر بديلا مناسبا لخريجي الشهادة الإعدادية، الذين لا يرغبون في الالتحاق بالثانوي العام، وهذه المدارس لديها العديد من المميزات التي تؤهل الطالب لمواكبة سوق العمل.
وتطبق مدارس التكنولوجيا التطبيقية مناهج دراسية قائمة على نظام الجدارات ويتم تدريسها من قبل معلمين مؤهلين على أعلى مستوى، ويتقلى الطالب أثناء الدراسة تدريب العملي بمصانع وشركات الشريك الصناعي، بالإضافة إلى أنه يمكن أن يتم تعيينه بشركات ومصانع الشريك الصناعي بعد التخرج ويحصل الطالب على مكافآت مالية أثناء فترة التدريب العملي.
بدائل الثانوية العامة
ويرى الخبير التربوي، أن اختيار دراسة بديلة للثانوية العامة من الأمور الضرورية لدى الكثير من الطلاب وأولياء الأمور، ويرجع ذلك للعديد من الأسباب، لعل من أهمها حاجة سوق العمل، فتوجه الدولة خلال السنوات الأخيرة أصبح يعتمد بشكل أكبر على التعليم الفني، خاصة بعد أن زادت أعداد خريجي الكليات النظرية بشكل أكبر كثيرا من احتياجات سوق العمل، ومن أسباب اللجوء لبديل الثانوية العامة يرجع إلى ارتفاع تكاليف الدروس الخصوصية.
وأصبحت بدائل الثانوية العامة أكثر أهمية من الدخول إلى الثانوية العامة ثم كلية، فيؤكد الدكتور تامر شوقي أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس، أنه حتى إذا كانت كلية قمة أصبح الشغل فيها نادرا سواء "إعلام أو اقتصاد وعلوم سياسية وألسن" أو غيرها.
دراسة ما تحتاجه سوق العمل
ويؤكد خبراء علم النفس التربوي، أنه يجب علي الطالب دراسة ما تحتاجه سوق العمل، فأصبح البحث عن بدائل مدارس الثانوية العامة، محل اهتمام كبير من جانب شريحة كبيرة من المواطنين الذين حصل أبناؤهم مؤخرا على نتيجة الشهادة الإعدادية، خاصة أن المجال الصناعي المؤهل لسوق العمل داخل مصر، كبدائل للتعليم الثانوي العام.