3-7-2023 | 15:56

 كنت طفلة متفوقة جدًا في علوم الرياضيات، إلى حد أن جميع المحيطين كانوا يعتقدون أنني سوف أصبح عالمة ذرة مثل سميرة موسى، وكانت المسائل الصعبة تثير دوافعي ورغباتي، وكنت أجهز عليها بشغف كبير، ولم تكن الدراسة مهمة ثقيلة كما كانت عند أقراني من نفس الجيل؛ بل كنت أحزن عندما تقترب إجازة الصيف.

كنت أحب المدرسة بكل تفاصيلها، وعلى الجانب الآخر كنت أعشق القراءة وأتسلل إلى مكتبة والدي لأرتمي في أحضان روايات إحسان عبدالقدوس وكتيبات الشيخ الشعراوي وكتب روندا بايرن ورسائل مي زيادة وجبران خليل جبران في كتاب الشعلة الزرقاء، وكيف دشنوا لأدب الرسائل، وكنت أغرق في أبيات شعر نزار قباني، وأبذل جهدًا ضخمًا لمحاولة الغوص في معانيها، فلم يكن عقلي مكتمل النضج حينها، ولم ترق مشاعري لنشوة الإحساس بالمعنى، فقد كنت في سن المراهقة المرهقة جدًا.

وفجأة راودتني رغبة عنيفة في الكتابة والسرد، وصرت أحدث نفسي بأنني سأصبح كاتبة مثل مي زيادة وغادة السمان وأمينة السعيد وفتحية العسال، وبعد اجتياز أسوار المدرسة والوقوف على بوابة المستقبل الجامعي، قررت دراسة الإعلام، وتعجب المحيط الاجتماعي كيف لي أن أتخلى عن نبوغي العلمي، وأعكف على دراسات أدبية؟! وما هذا التحول المفاجئ في خط السير الحياتي؟!

وهنا تذكرت مقولة "نابليون هيل": (لا تستطيع المشاعر الإيجابية والسلبية شغل الذهن في آنٍ واحد، فإما تشغله هذه أو تلك، ومن واجبك أن تحرص على استثمار المشاعر الإيجابية بذهنك فهذه مسئوليتك أنت).

نعم إنها مسئوليتك أنت، أنت من تفكر وتنقح وتقرر كيف سيصبح غدك، وليس لمن حولك يد في اختياراتك فلا تلقي باللوم على شماعة الظروف والآخرين، وفقًا لقوانين الجذب والتخاطر الكوني، أنت المتحكم الأساسي في كينونتك، وأنت المحرك الرئيسي لمجرى حياتك.

وأكدت "كاثرين بوندر" هذا قائلة: (كل ما تفكر به وتشعر به ويتصوره ذهنك وينطق به لسانك، تجذبه إلى حياتك)، بينما رأى "أرنست هولمز": (أن كل فكرة تصبح حقيقة بقدر قوتها، فأدنى فكرة تدور في العقل تخلق قوة بنفس المقدار لتنتج شيئًا مطابقًا).

وبشكل أوضح.. وُجِدَت فتاة خرجت للتو من تجربة عاطفية مريرة، وتولد لديها شعور سلبي بشأن الجنس الآخر، وجلست تردد "كلهم أنذال" والحقيقة أن غالبية من ستجتمع بهم مستقبلًا سيكونون أنذالًا، وستسقط ضحية في بحيرة النذالة المفرطة، وهذه زوجة تطلقت بسبب الخيانة، وسيطرت عليها الحالة فستمضي الحياة أسيرة لهذه الفكرة التي ترسخت بداخلها، وهذا طالب دائمًا يؤكد فشله، فلن يحصد نجاحًا، وهذا فقير يشكو حاله ويرى الثراء حلمًا أسطوريًا بعيد المنال، إنما لو قررت أن تصبح غنيًا مهما خاصمك الواقع وعاندتك الظروف، فسوف تصبح غنيًا يومًا ما، إذا تشبثت بالحب الحقيقي، وأنك ستجده مهما طالت قائمة الانتظار وخابت النتائج، فسوف تجد حبيبك بالفعل، لو قرر الزوجان منذ اللحظة الأولى أنهما سوف يؤسسان لدولة عشق ودستور للحب الخالد والأسرة السعيدة، سوف يحدث هذا؛ فما ينطقه لسانك هو ما يخطط لحالك، وما عليك فقط هو حذف كل الأفكار السلبية وبلورة الإيجابية بشكل واضح قابل للتطبيق، وأنت على يقين بأن الحلم يبدأ بفكرة والواقع كذلك، والفكرة محلها عقلك أنت، ويمكنك أن تدمج أمنياتك وأحلامك مع أهدافك ومخططاتك في بوتقة واحدة، وأنت على قناعة تامة بالوصول والتحقق.

فما أنت إلا كائن مغناطيسي، فأنت تجذب إلى حياتك الأشخاص والمواقف والظروف التي تتناغم مع الأفكار المسيطرة على عقلك، وكل ما يدور في خلدك يتحقق في واقعك.

وهناك مقولة منسوبة لسيدنا علي بن أبي طالب في كتاب "نهج البلاغة" بنفس المعنى: "كل متوقع آتٍ" فتوقع ما تتمنى.

 فضلًا عما قاله الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: "أنا عند ظنِّ عبدِي بي إنْ ظنَّ خيرًا فلهُ، وإنْ ظنَّ شرًّا فلهُ".

 وأخيرًا فالثراء ليس حلمًا بعيد المنال، والحب ليست معجزة في زمن اللا معجزات، والنجاح ليس مستحيلًا، وإنما يتطلب مزيدًا من الإصرار والعزيمة والتخطيط المزمن واليقين العميق بالله.

وتذكروا معي مقولة "روندا بايرن" صاحبة كتاب "السر": (كثير من الناس الذين ينظمون حياتهم على خير وجه بكافة الطرق يظل الفقر يطاردهم لافتقارهم إلى الحمد والامتنان).. فقل الحمد لله.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة