في حياة الأمم لحظات ومواقف تاريخية لاتنسى بل تظل على مدار التاريخ نبعًا للأجيال الجديدة ومصدر إلهام لهم تمنحهم العزيمة وتمدهم بالإرادة وتزودهم بالطاقة والقوة لاستكمال مسيرة العمل والتقدم..
ولم تكن ثورة ٣٠ من يونيو التي نحيا خلال هذه الأيام ذكراها العاشرة مجرد لحظة غضب شعبي على أوضاع سيئة، بل كانت ثورة للدفاع عن هوية الدولة المصرية ومستقبلها.. ثورة جسدت إرادة هذا الشعب في الدفاع عن قيمه وعن منجزاته وعن تاريخه وعن مقدراته وعن أمنه القومي.
هكذا الشعب المصري على مر التاريخ حارسًا على هوية الوطن ومدافعًا عن تاريخه وحافظًا لمقدراته، وحين استشعر خطر جماعة الإخوان الإرهابية في تغيير هذه الهوية والسطو على تلك المقدرات انتفض في وجه السلطة الحاكمة، وأصدر حكمه الذي لا راد له بإسقاط تلك الجماعة في يوم مشهود شارك فيه وفق أدق التقديرات أكثر من ٣٥ مليون مواطن امتلأت بهم الميادين والشوارع في أكبر جمعية عمومية للشعب المصري تهتف بصوت واضح وتصدح بقرار واحد "يسقط يسقط حكم المرشد.. والشعب يريد إسقاط النظام".
هكذا كانت حتمية إسقاط نظام الإخوان قرار الشعب الذي رأى وتيقن بحس وطني أن الدولة المصرية تنزلق إلى هاوية الحرب الأهلية وإلى مستنقع الدول الفاشلة.
.. عام واحد من حكم هذه الجماعة كان كفيلًا أن يعود بمصر إلى الوراء عشرات السنوات، عام انهارت فيه مكونات الاقتصاد الوطني، وتآكل فيه الاحتياطي النقدي، وتوقفت فيه عجلة الإنتاج، ولم يجنِ المواطن الذي كان يتوق إلى العيش الكريم سوى طوابير الخبز وصعوبة الحصول على أنابيب البوتاجاز؛ بل وحل الظلام نتيجة لا نقطاع دائم للكهرباء، ناهيك عن تدهور مروع في الخدمات الصحية والتعليمية.
عام واحد من حكم الإخوان أسقط الدولة المصرية في قبضة قوى إقليمية ودولية لها أطماع في توسيع نفوذها الإقليمي والدولي للدرجة التي تم الكشف فيه عن صفقات وتسويات إقليمية على حساب أراضي مصر في سيناء..
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ بل تحالفت جماعة الإخوان مع منظمات ودول ترعى الإرهاب؛ بل شرعت في تأسيس ميليشيات مسلحة لها موازية للجيش الوطني لتنفيذ مخططاتها وتحصين مؤامراتها.
هكذا كانت تسعى جماعة الإخوان الإرهابية خلال العام الأسود الذي حكمت فيه مصر.. إنه مسعى الخيانة وطريق الشيطان الذي أرادته الإخوان تحت عباءة الدين، والدين من أعمالهم ومخططاتهم براء إلا أن الشعب المصري بفطنته ووطنيته كشف هذا المخطط، وتحرك في الثلاثين من يونيو ليقول كلمته وينقذ وطنه ويعلن بناء دولته؛ دولة مدنية ديمقراطية حديثة تعلي قيم الحرية ومبادئ العمل والإنتاج.
ولعل من منجزات الثورة - بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي كان له الفضل في نجاح هذه الثورة المباركة - أنها وضعت مصر ولأول مرة في تاريخها على طريق النهضة الشاملة؛ ففي السنوات العشر الماضية تغير وجه الحياة في كل ربوع الوطن، وتم عبر حزمة من المشروعات القومية العملاقة إحداث نقلة نوعية وحضارية، كانت محل إعجاب وتقدير من كبرى المؤسسات والدوائر العالمية؛ بل تم تقديمها كنموذج ملهم للدول الساعية لتحقيق تحول نوعي لديها.
ورغم وجود بعض التحديات التي فرضتها الأزمات الاقتصادية الدولية وتداعياتها على كثير من الدول، ومنها الدول الكبرى، إلا أن مصر من خلال هذا المشروع الوطني التنموي استطاعت أن تتغلب على كثير من هذه التحديات، وهي حاليًا تعمل على تجاوز ما تبقى من هذه التحديات، والبدء في مرحلة تنموية جديدة على طريق تحقيق مستهدف الجمهورية الجديدة التي أعلنها الرئيس السيسي.
المؤكد أن ١٠ سنوات في عمر الدول ليست كبيرة، لكن بالنظر إلى ما تحقق على أرض مصر من مشروعات وإنجازات، ربما لا يكفيه عشرات السنوات، وهو ما يحمل رسالة طمأنة لكل مواطن؛ مفادها أن مصر على الطريق الصحيح، وإن كان وعرًا، وأن المستقبل سيكون الأفضل طالما استمرت روح ٣٠ يونيو ملهمة للبناء ومصدرًا للعطاء؛ لأن ما يجري على أرض الوطن من قفزات في تنفيذ المشروعات - لم تره مصر على مدار تاريخها - سيضع هذا الوطن في صدارة دول المنطقة؛ بل في قائمة الدول التنموية الكبرى، كما تتوقع الكثير من مؤسسات التقييم الدولية.
تلك هى الرسالة الأهم لدولة ٣٠ يونيو في ٣٠ يونيو ٢٠٢٣
[email protected]