ثقافة جودة التعليم.. ومؤسساتنا التعليمية!

24-6-2023 | 14:49

حديثنا اليوم عن كيفية الارتقاء بمستوى "جودة التعليم" في مصر! ولكن.. قبل الإجابة يقفز في خاطرنا هذا السؤال العفوي البريء: أليس من المستغرب أن يكون لدى مصر ما يسمى بالهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد منذ العام 2006؛ والصادر بشأن نشأتها القانون رقم (82 ) لسنة 2006؛ وأصدرت لائحتها التنفيذية طبقا لقرار رئيس الجمهورية رقم 25 لسنة 2007.

ولا ننتبه إلى تفعيلها بالصورة الجديَّة الواجبة؛ إلا بعد أن تحدَّث عنها الرئيس عبدالفتاح السيسي في إحدى لقاءاته بشباب جامعة كفر الشيخ في العام 2021؛ وبمنتدى القمة العالمية للحكومات في العام 2023؟ بلى .. بل يتملكنا كل الاستغراب والدهشة!

وقبل أن نترك الحديث للسيد الرئيس عبدالفتاح السيسي؛ لنلقِ نظرة سريعة على ماهية تلك الهيئة القومية لضمان جودة التعليم؛ فهي ـ بتصرف ـ بحسب التعريف الوارد في منطوق التكوين والإنشاء:  
 ( تُعد الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد إحدى الركائز الرئيسة للخطة القومية لإصلاح التعليم في مصر، وذلك باعتبارها الجهة المسئولة عن نشر ثقافة الجودة في المؤسسات التعليمية والمجتمع، وعن تنمية المعايير القومية التي تتواكب مع المعايير القياسية الدولية لإعادة هيكلة المؤسسات التعليمية وتحسين جودة عملياتها ومخرجاتها على النحو الذي يؤدي إلى كسب ثقة المجتمع فيها، وزيادة قدراتها التنافسية محلياً ودوليًا، وخدمة أغراض التنمية المستدامة في مصر. وفي ضوء ذلك تسعى الهيئة إلى التطوير المستمر للتعليم وضمان جودته وفقًا لمجموعة من المبادئ والقيم التي تؤكد الشفافية والموضوعية والعدالة والحرص على معاونة المؤسسات التعليمية على توفيق أوضاعها وتحسين أدائها الكلى للتأهل والحصول على الاعتماد. إن الهيئة لا تعتبر جهة رقابية، بل هي جهة اعتماد للمؤسسات التعليمية التي تتمكن من تحقيق متطلبات المعايير القومية، ومن ثم فإنها تحرص على تقديم كافة أشكال التوجيه والإرشاد والدعم لهذه المؤسسات بما يساعدها على التحسين المستمر لجودة مخرجاتها من خلال آليات موضوعية وواقعية للتقويم الذاتي والاعتماد.
 
ولتحقيق ما سبق تحرص الهيئة على توفير ونشر المعلومات الكافية والدقيقة والتي يمكن أن تساعد المؤسسات التعليمية على التقويم الذاتي، ومن ثم اتخاذ الخطوات اللازمة للتقدم والحصول على الاعتماد.

إذن.. لقد بات للقاصي والداني أن تفعيل آليات العمل العام ـ وبخاصة في مجال التعليم وجودته ـ تحتاج دومًا إلى "مهماز" لتفعيل البنود والمواد والقوانين التي من شأنها الاستفادة القصوى من تلك الآليات من أجل المصلحة العامة للمجتمع؛ وتحتاج أيضًا إلى من يرى بعين الخوف والحرص على حاضر الأمة ومستقبل الأجيال الصاعدة.. فكان الرئيس السيسي حريصًا ـ في حديثه إلى شباب جامعة كفر الشيخ ـ على الإشارة إلى أهمية تلك الجودة في مجالات الحياة كافة؛ حين قال: 
"إحنا لمَّـا نتكلم عن جودة التعليم؛ نتكلم عن التعليم في كل المجالات؛ لا التعليم الفني، ولا التعليم التكنولوجي، ولا التعليم الإنساني فقط؛ كلما زدنا جودة التعليم سينعكس هذا على المتلقين من المتعلمين من الشباب والشابات؛ وبهذا نقوم بضخ قوة حقيقية في دماء مصر.
 
والمعرفة الحقيقية وجودتها هي كنز وثروة مخفيَّة؛ ولكن للحصول عليها لابد من وجود قدرات؛ أولها القدرات الاقتصادية للدول؛ حتى تتمكن من توفير هذا التعليم المنشود؛ وعندنا في مصر مبدأ "التعليم للجميع"! ولكن: هل "الكَمْ" حقق ما نرجوه.. لارتفاع "الكَيْف" للارتقاء لمستوى الدول المتقدمة؟ 
في منتهى الوضوح: لأ!

والآن.. وقد صدرت الإشارة بالضوء الأخضر من هذا الرجل الشجاع؛ الذي آثر أن يواجه مشكلات الوطن بكل الصراحة والوضوح؛ ولم يلجأ أبدا لأن يخبئ رأسه في الرمال كالنعامة؛ ولا أن يجعل "من البحر طحينة" – كما يقول المثل الشعبي المصري العبقري -؛ ولكنه يعمل بدأب ومثابرة للقضاء على كل مايقف في سبيل عملية التنمية الشاملة؛ لم يتبق إلا العمل على استصدار – أو تعديل – القوانين التي تكفل تدعيم الأبنية التعليمية باللازم من أدوات معامل البحث العلمي؛ وتسريع تفعيل القوانين التي تكفل العائد المادي المحترم للأستاذ الأكاديمي؛ والعمل الجاد لدعم التعليم الجامعي الحكومي بميزانيات تتوافق وتتناسب مع الجامعات الخاصة والأهلية من حيث مرتبات ومكافآت أعضاء هيئة التدريس.

وتلك الإجراءات المهمة لابد أن تُتَّخذ لتقليص الفروق الرهيبة بين الحكومي والخاص؛ فالأستاذ الجامعي يلعب في حقل التعليم الدور المحوري في جودة مخرجات التعليم؛ بشرط أن يضع نصب عينيه أهمية تطوير أدائه في ضوء معايير الجودة الشاملة من أجل سد النقص في الصفات الشخصية والتأهيل العلمي ومهارات التدريس؛ بالإضافة إلى تدعيم الإمكانات المادية للميزانية الخاصة بأجهزة وتجهيزات وأدوات المعامل؛ ويجب أن يتواكب مع كل هذا؛ ضرورة إيجاد جيل جديد من الهيئة المعاونة لبناء الكوادر المستقبلية التي تحمل في ضميرها وروحها مسئولية الأمانة العلمية؛ وخلق المناخ الطبيعي لتفجيرالطاقات الكامنة والثروات المدفونة في عقول وقلوب أبناء مصر المخلصين؛ ولنقول بكل الاعتزاز والفخر: نحن نسير على درب القيادة المصرية الوطنية المخلصة نحو الغد الأرقى لصالح الوطن.. والمواطن، فكل إصلاح يبدأ بالتعليم.. ثم التعليم مع ضمان جودته التي يقودها خبراء على أعلى مستوى يقع على عاتقهم ضبط الأداء داخل مؤسساتنا التعليمية بغية الوصول بها إلى حالة من الكمال قدر الإمكان تحقيقا للرضا الوظيفي داخلها كل في موقعه.. وهو خطوة نهضوية ضرورية نحو الانطلاق إلى مجال المنافسة عالميا لتبوء مكانة مشرفة بين الكيانات العلمية على مستوى العالم.. وهذا ماتستحقه مصرنا الغالية بجدارة.. أن تنافس.. وتفوز!

* أستاذ اللغويات والتأليف والكتابة الإبداعية بأكاديمية الفنون ورئيس قسم الإنتاج الإبداعي الأسبق وعضو اتحاد كتاب مصر

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة