موضوعات مقترحة
استهداف تنفيذ 4 مشروعات كبرى.. وتغيير أنظمة زراعة المحاصيل
تحديث أنظمة الرى بالأراضي الجديدة على مساحة 1.2 مليون فدان.. وإسناد 504 آلاف فدان منها لوزارة الزراعة
تأهيل مساقى بنى سويف بطول 208 كيلو مترات لخدمة 30 ألف فدان فى 5 مراكز
التوسع فى استنباط أصناف التقاوى الموفرة للمياه.. وتوفير برامج تمويل مناسبة للمزارعين
تطوير 250 ألف فدان بالأراضى القديمة فى 10 محافظات.. والاستعانة بـ«الطاقة الشمسية» فى التشغيل
منذ قرابة تسع سنوات، تبنت الدولة إستراتيجية كبرى لتطوير وتحديث نظم الرى فى مصر، وأطلقت برنامجًا متكاملًا للحفاظ على المخزون المائي، بعد أن أصبحت قضية الأمن المائى الشغل الشاغل للكثير من شعوب العالم، خاصة فى ظل التغيرات الطارئة التى يشهدها القطاع الزراعى فى الكثير من المجالات حول العالم، وقد ساهمت هذه التغيرات فى تغيير ملامح الاستراتيجيات المحددة لاستخدامات المياه، وكذلك أنظمة زراعة المحاصيل بشكل عام، مما فرض ضرورة ملحة على دول كثيرة من بينها مصر، لإعادة النظر فى أنظمة الرى التقليدية وتحديثها بشكل يحقق خدمة القطاع الزراعي، ومن هنا بدأت الحكومة المصرية ممثلة فى وزارتى الزراعة والري، تبنى مجموعة من الإجراءات والبرامج والمشروعات المهمة للنهوض بهذا الملف، كان على رأسها إطلاق أكبر مشروع قومى لتبطين وتأهيل الترع ومصارف الرى على مستوى المحافظات، بهدف تقليل الهدر ووصول المياه إلى نهايات الترع، ودعم خطة التنمية الزراعية التى تبنتها الدولة المصرية خلال السنوات الأخيرة.
وزارة الرى من ناحيتها تبنت خطة كبرى لتنفيذ التكليفات التى وجه بها الرئيس عبد الفتاح السيسى لتحديث وتطوير أنظمة الرى فى مصر، ودعم أنظمة تشغيل وإدارة منشآت الرى بأحدث التقنيات والأنظمة الذكية العالمية، وذلك لسرعة التعامل الحكيم مع المخزون المائى فى مصر بمصادره المتعددة، ممثلة فى الآبار الجوفية والمصارف المائية المنتشرة على مستوى الجمهورية، ومياه نهر النيل، والبحار، وخزانات الأمطار والسيول، كان على رأسها التوسع فى مشروعات محطات المعالجة وتحلية المياه، وتنفيذ العديد من المشروعات القومية التى تبنتها الدولة المصرية للنهوض بملف المياه، إضافة إلى دعم البحث العلمى لخدمة هذا القطاع والحفاظ على الموارد المائية فى مصر، خاصة مع الطفرة البحثية الكبيرة التى حققتها الدولة خلال السنوات الأخيرة للاستفادة من مواردها.
وباعتبار أن خطة النهوض بملف المياه فى مصر مهمة مشتركة وقومية بين وزارتى الزراعة والري، خاصة مع وجود لجنة تنسيقية عليا مشكلة من مجموعة من أهم المختصين من الجانبين، فقد أسُند لوزارة الزراعة ممثلة فى الجهاز التنفيذى لتحسين الأراضى مهمة إدارة وتنفيذ 4 مشروعات مهمة لاستكمال هذه الإستراتيجية، وتنفيذ توجيهات القيادة السياسية للتوسع فى أنظمة الرى الحديثة والمتطورة، حيث تضمن مشروع الأول تطوير الرى الحقلى فى الأراضى القديمة، المشروع الثانى تحديث الرى الحقلى فى الأراضى الجديدة، أما المشروع الثالث تحديث الرى الحقلى فى الأراضى القديمة، أما المشروع الرابع فى تضمن ترشيد استخدام المياه فى الأنشطة الزراعية..
«الأهرام التعاوني» حصلت على تفاصيل الخطة كاملة، ورصدت مراحل تنفيذ المشروعات وأهم الإنجازات التى حققتها الوزارة فى هذا الملف خلال السنوات الأخيرة.
المشروع الأول الذى تبنته وزارة الزراعة تنفيذه، هو تطوير الرى الحقلى بالأراضى القديمة فى محافظات الوادى والدلتا، حيث انتهت وزارة الزراعة ممثلة فى جهاز تحسين الأراضى من تطوير أنظمة الرى الحقلى على مساحة حوالى 250 ألف فدان كمرحلة أولى من الفترة 2011 وحتى 2018، وقد تضمنت الخطة استهداف عدد من المحافظات، وهى البحيرة، وكفر الشيخ والدقهلية والشرقية بالوجه البحري، وفى الوجه القبلى استهدفت الخطة محافظات بنى سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج وقنا والأقصر، كما شملت خطة التطوير تبنى منظومة متكاملة لإعادة تأهيل غرف محطات الرى بمناطق المشروعات بمحافظات الوجه البحري، إضافة إلى تركيب وحدات جديدة من الماكينات تدار بالكهرباء، وتصميم محطات من الطاقة الشمسية لتشغيل الطلمبات الخاصة برفع المياه، حيث أثبتت بعض التجارب التى نفذتها الوزارة بالتعاون مع الشركات والجهات المختصة جدوى منظومة الطاقة الشمسية فى منظومة التطوير، باعتبارها أحد الحلول المهمة الموفرة للطاقة.
أما المشروع الثانى فقد تضمن تحديث نظم الرى فى الأراضى الجديدة، حيث انتهت وزارة الزراعة ممثلة فى جهاز تحسين الأراضى من تحديث أنظمة الرى بالأراضى المستصلحة أو الجديدة على مساحة 1.2 مليون فدان، حيث تتم عملية التحديث من خلال «لجنة تنسيقية عليا» مشكلة بين وزارتى الموارد المائية والرى وبين وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، حيث تتولى وزارة الرى مهمة تقييم وقياس المناسيب الخاصة بالمخزون الجوفى والآبار، فى حين أن وزارة الزراعة ومحطاتها البحثية تكون مسئولة عن تنفيذ المشروع، وتوفير السياسات الزراعية المطلوبة والإرشادات الصحيحة الخاصة بالتعامل مع ملف المياه، إضافة إلى توفير النماذج الإرشادية التابعة لإشراف وزارة الزراعة للتوسع فى هذه المنظومة، والرد على كل استفسارات المزارعين المستفيدين بالمناطق الجديدة، حيث تستهدف وزارة الزراعة فى منظومة تحديث أنظمة الرى بالأراضى الجديدة مساحة 504 ألف فدان فى إجمالى 8 محافظات، وقد انتهت حتى الآن من تحديث مساحة 400 ألف فدان منذ البدء فى تنفيذ هذه المساحات وتحديدًا سنة 2020.
وزارة الزراعة تبنت أيضًا تنفيذ مشروع تحديث أنظمة الرى بالأراضى القديم، وهو المشروع الثالث الذى تبذل فيه الوزارة جهدًا كبيرًا لإنجازه، حيث يختلف تمامًا عن مشروع تطوير الرى الحقلى القديم الذى سبق وأن أعلنت الدولة عن تنفيذه منذ سنوات، حيث انتهت وزارة الزراعة ممثلة فى جهاز تحسين الأراضى من تحديث أنظمة الرى على مساحة 4 ملايين فدان بمحافظات الوادى والدلتا، حيث يأتى ذلك فى ضوء توجه الدولة لتحقيق الاستغلال الأمثل للموارد المائية، والوصول إلى أعلى إنتاجية من المحاصيل الزراعية، تماشياً مع رؤية القيادة السياسية نحو دعم وتنمية مشروعات التنمية من خلال توفر سبل وآليات التحول، سواء فى استخدام الأساليب التقليدية فى الرى إلى اتباع أساليب الرى الحديثة بأشكالها المختلفة، وبناءاً على ما توفره الدولة ممثلة فى البنك المركزى المصرى والبنوك التابعة له من فرص تمويلية للعديد من المشروعات القومية من أجل تحقيق التنمية المستدامة لثرواتنا الطبيعية من نتائج التعاون، والتنسيق المشترك بين كافة جهات الدولة المعنية بدعم وتنمية مشروعات تحديث منظومة الرى سواء الوزارات ذات الصلة أو البنوك الرائدة فى الجهاز المصرفى التى لها باع فى تمويل هذا النوع من المشروعات.
فى هذا الصدد، أكد الدكتور السعيد حماد، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للجهاز التنفيذى لمشروعات تحسين الأراضي، أنه تم الانتهاء من عمل بروتوكول تعاون مشترك بين كل من وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، وزارة الموارد المائية والري، ووزارة المالية، والبنك الأهلى المصري، والبنك الزراعى المصري، وذلك لتوفير برنامج متكامل لتمويل تكاليف المساقى وتجهيزها، إضافة إلى توفير تمويل تكاليف التحول إلى استخدام شبكات الرى الحديث، وتقديم الدعم الفنى للمزارعين المستفيدين من برامج التمويل المختلفة من خلال المختصين بوزارتى الزراعة ووزارة الرى أثناء أعمال وقبل تأهيل المساقي، والتوسع فى برامج التحول من الرى بالغمر إلى الرى الحديث، مشيرًا أن خطة التمويل استهدفت محافظتين تجريبيتين للتوسع فى برامج التمويل الجديدة فى منظومة تحديث وتطوير نظم الري، وهما محافظة بنى سويف التى تشرف عليها وزارة الزراعة، ومحافظة القليوبية التى تشرف على خطة تنفيذها وزارة الموارد المائية والري، بالتعاون مع الهيئة العربية للتصنيع المعنية بتوفير وتصنيع المعدات والأجهزة والمستلزمات المطلوبة فى عملية التطوير.
وأضاف أن وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى من إنجاز مساحة كبيرة بمحافظة بنى سويف، حيث نجحت فى تأهيل مساقى بطول حوالى 208 كيلو متر طولى بإجمالى 5 مراكز فى محافظة بنى سويف وذلك لخدمة مساحة حوالى 30 ألف فدان، وذلك باستخدام نموذج التبطين المغطى بالطبقة الخرسانية وفقًا لطبيعة التربة فى كل منطقة يتم تصميم سمك هذه الطبقات، حيث تبنت الدولة منذ الإعلان عن تنفيذ إستراتيجية تحديث نظم الرى تنفيذ مشروع تطوير وتأهيل الترع والمصارف أحد أهم المشروعات القومية التى تستهدف ترشيد استخدامات المياه وتقليل الهدر ودعم القطاع الزراعى من خلال تطهير الترع من الشوائب ووصول المياه إلى النهايات، والتى ترتب عليها انتظام المناوبات المائية، وانتظام عملية الرى والتى ساهمت فى النهوض بزراعة المحاصيل فى مصر.
إستراتيجية وزارة الزراعة التى اعتمدها وزيرها السيد القصير، تضمنت خطة كبرى للتوسع فى الحقول الإرشادية للرى الحديث ضمن إجراءات تطوير وتحديث أنظمة الري، ففى محافظة الغربية انتهت الوزارة من تنفيذ حقل إرشادى على مساحة 7.5 فدان، منزرعة بمحاصيل حقلية تروى بنظم الرى الحديث، الرى بالرش والرى بالتنقيط، وذلك بتمويل من البنك الزراعي، وتم الاستلام الشبكة واختبارها للتأكد من عملها بالكفاءة المطلوبة، وفى محافظة القليوبية حيث تم الرفع المساحى والتصميم لحقل إرشادى لمساحة 5 فدان، حيث تم تنفيذ شبكة رى حديث بالتنقيط، وبتمويل من البنك الزراعي، حيث تم الانتهاء من الأعمال وتشغيل الشبكة بكفاءة، أما فى محافظة قنا فقد تم الانتهاء من الرفع المساحى والتصميم وتنفيذ حقل إرشادى لمساحة 6 أفدنة و17 قيراطا فى مركز قنا مؤهلة للزراعة بمحصول قصب السكر، حيث يتم زراعتها تحت نظام شبكة رى حديث بتمويل من مشروع ترشيد استخدامات المياه فى الأنشطة الزراعية بالتعاون مع مجلس المحاصيل السكرية، وفى محافظة القليوبية، فقد تم الرفع المساحى والتصميم لحقل إرشادى لمساحة 5 فدان، يتم تنفيذها بشبكة رى حديث الرى بالتنقيط، وتمويل من البنك الزراعى المصري، كما تم الانتهاء من الأعمال وتشغيل الشبكة بكفاءة وبتاريخ 10 مارس 2022 وبعد مرور عام من تاريخ تشغيل الشبكة تم معايرة التصرف والضغوط والتأكد من مطابقتها للمعايير والمواصفات الفنية، وتم استلام الشبكة استلاما نهائيا بتاريخ 29 مارس 2023 م.
من الناحية الأخرى تبنت وزارة الزراعة حزمة من الندوات الإرشادية المهمة على مستوى المحافظات المستهدفة من منظومة تطوير أنظمة الرى فى مصر، حيث انتهت الوزارة من تنفيذ مجموعة من ندوات التوعية بمحافظات بنى سويف وقنا والمنيا والوادى الجديد والإسماعيلية والشرقية والسويس، والتى تستهدف هذه الندوات توعية المزارعين بأهمية التوسع فى برامج تطوير وتحديث نظم الري، وآثار الرى بالغمر على تراجع إنتاجية الحاصلات الزراعية، بجانب الهدر الكبير للمياه.
كما تستهدف هذه الندوات توضيح المميزات الاقتصادية والفنية والبيئية والمجتمعية لأنظمة الرى الحديث، على الجانب الآخر تبنى قطاع الإرشاد بوزارة الزراعة برنامج قومى للتوسع فى برامج الذكاء والاصطناعى لتطوير أنظمة الري، وإدخال مجموعة من التقنيات الحديثة فى هذه المنظومة أسوة بالعديد من الدول الرائدة فى هذا القطاع، حيث انتهت وزارة الزراعة من توقيع العديد من الشراكات وبروتوكولات التعاون بين مجموعة من والوكالات والشركات العالمية المتخصصة فى إدارة المياه منها الوكالة الألمانية «Giz» لتطوير أنظمة الرى والإرشاد الزراعي، وتنفيذ المشروع المصرى الألمانى «دلتا النيل لإدارة المياه» الممول بمنحة من الوكالة بمبلغ 6 ملايين يورو.
«نقل التجارب العالمية الرائدة فى منظومة تطوير الرى من خلال الشراكات المختلفة مع الكيانات المعنية بهذا الملف فى دول العالم.. أوضح الدكتور حماد أهمية هذه الشراكات حيث أكد أنها بداية قوية للتوسع فى أنظمة الطاقة الشمسية لإدارة وتشغيل أنظمة الري، والمعمول بها فى العديد من الدول، كما تستهدف التوسع فى إدخال أجهزة الرش والتنقيط الحديثة والتى بالفعل تم تطبيقها فى العديد من المناطق المستصلحة والجديدة، كأجهزة الرى المحورى «البيفوت»، ومنظومة تشغيل الآبار الجوفية، كما أن توقيع شراكات عالمية جديدة فرصة للاستفادة من البحوث المتطورة فى ملف المياه خاصة فى ظل التغيرات المناخية التى يشهدها العالم والتى أثرت بالطبع على استخدامات المياه، وغيرت من شكل الخريطة الزراعية على مستوى العالم وليس فقط فى مصر، إضافة التوسع فى استنباط أصناف جديدة من تقاوى المحاصيل غير شرهة للمياه وتحقق أعلى إنتاجية، خاصة وأن صناعة التقاوى تطورت فى مصر بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، واستطاعت مصر ممثلة فى مراكزها البحثية فى إنتاج أصناف جديدة من الأرز والذرة والقمح والقطن موفرة للمياه.
وزارة الزراعة تبنت أيضًا مشروع رابع، وهو ترشيد استخدام المياه فى الأنشطة الزراعية، وهو مشروع قومى يأتى ضمن خطة وزارة الزراعة لتطوير وتحديث نظم الري، حيث يستهدف المشروع توفير مياه الرى المستخدمة فى رى المحاصيل الزراعية، وتطبيقه لزيادة إنتاجية 3 محاصيل رئيسية منها القمح والذرة والأرز، واستخدامه فى الاستفادة من إكثار الأصناف عالية الإنتاجية قصير العمر وذات الاحتياجات المائية القليلة، كما تتضمن إجراءات التطوير التى تبنتها وزارة الزراعة رفع كفاءة المرشدين الزراعيين، تدريبهم على الطرق الزراعية الموفرة للمياه، وكذا التعريف بالأصناف قصيرة العمر ومبكرة النضج، واستخدام طرق وأساليب تكنولوجية حديثة فى أعمال الزراعة تساهم فى تقليل الهدر، مثل أعمال التسوية بالليزر للأراضى لتسهيل مهمة وصول المياه إلى نهاية الحقول، والتوسع فى نظام الزراعة على مصاطب خاصة فى القمح، إضافة إلى الزراعة على خطوط فى محصول الذرة، وكذلك الزراعة بالتسطير فى محصول الأرز.
الدكتور حماد كشف أيضًا عن أرقام مهمة بشأن أهمية تطوير وتحديث أنظمة الرى فى مصر، حيث أكد أنه حال تطبيق وتعميم ممارسات المشروع على جميع مساحات الأراضى الزراعية على مستوى الجمهورية، سيكون نقلة كبيرة فى ملف المياه وسيوفر كميات كبيرة من المياه التى تم استخدامها فى الطرق التقليدية، حيث أكد أنه على سبيل المثال تعميم نظم الرى الحديث فى زراعات القمح سيوفر 1.4 مليار متر مكعب سنويًا، أما فى محصول الذرة فسيتم توفير ما يقرب من 1.7 مليار متر مكعب سنويًا، فى حين أن المشروع سيوفر فى محصول الذرة حوالى 800 مليون متر مكعب سنويًا، مشيرًا أن وزارة الزراعة تستهدف بنهاية 2023 الانتهاء من تنفيذ 10 آلاف حقل إرشادى على مستوى المحافظات لتوعية المزارعين بأهمية تحديث وتطوير أنظمة الري، موزعة على محصولين الذرة والأرز.