في ظل اهتمام الدولة بذوي الاحتياجات الخاصة وقناعتها بأهمية رعاية هذه الفئة ومنحها كافة الحقوق المجتمعية، بما يستلزم ضرورة العمل التشاركي وتوحيد كافة الجهود لتحقيق هذا الهدف، فكان الاهتمام بوجود مركز ذوي الاحتياجات الخاصة وطفل التوحد والاحتياجات الخاصة ليس وصمة عار، ومن هنا أوصت القيادة السياسية بضرورة إنشاء مركز علاجي عالمي لعلاج الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة ومصابي اضطرابات طيف التوحد، وقد كان التنفيذ من خلال إنشاء مركز تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة بالعاشر من رمضان.
موضوعات مقترحة
جاء هذا الاهتمام بالأمر نتيجة معاناة أسرة أطفال اضطراب التوحد وأنواع الإعاقات المختلفة من الضغوط التي تواجههم في المجتمع والأسرة ، بدء من عدم الوعي بحقيقة اضطراب التوحد الذي يصيب أبنائهم فضلا عن الأسعار المرتفعة التي يعانون منها في مراحل العلاج التي يقدمها غير المتخصصين في التربية الخاص، مما ساعد على انتشار كيانات مراكز تأهيل عشوائية في كل مكان، وذلك في ظل حصولهم على تراخيص تسمح لهم بممارسة علاج ذوي الهمم داخل جمعيات غير مؤهلة ، وبالتالي تسوء حاله ذوي الهمم ولا تساعدهم في القدرة على تعديل سلوكهم الذي يعتبر الهدف الأساسي من دمجهم في المجتمع .
قضية التوحد لدى الأطفال أصبحت تحتاج إلى نشر الوعي في كافة مراحلها بدءا من طبيب الأطفال الذي لا يعترف أن الطفل مصاب بالتوحد مما يؤخر الكشف المبكر لحالة الطفل فتزداد سوءا ، حتى نصل إلى ملف الاستثمار المالي داخل النوادي بحالات أطفال اضطراب التوحد وذوي الهمم نظرا لعلمهم التام بأهمية الرياضة في تحسين حالاتهم، حتى نصل إلى مرحلة ضرورة وجود مركز إعلامي قوي، يعمل على نشر التوعية بكل محاورها لكي يتمكن من إخبار المجتمع وتوجيهه لكي يصبح كل فرد وكيان له دور إيجابي من مشاركته في "حملة رفقاء قادرون باختلاف" التي أعلن عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي.
معاناة كريم طفل اضطراب التوحد مع المجتمع والخدمات ومراكز الرعاية
تقول صفاء ممدوح والدة الطفل كريم، إحدى حالات اضطراب التوحد، إن الجميع تخلى عنها لأنهم غير متقبلين لحالة ابنها ولا يتحمله أحد، وتركها زوجها، فتركت عملها وباعت كل ما تملكة حتى تتفرغ لابنها الذي يحتاج رعاية ومتابعة من نوع خاص، حيث تنتابه حالات الهياج المستمرة لمدة تصل 3 ساعات، لذلك فهي تحتاج إلى مكان يقوم بتأهيل ابنها بشكل جيد، لأن كثيرا من مراكز التأهيل أغلبها أصحاب دعاية وهمية تهدف لتحقيق أغراض مادية فقط، وهي تحتاج مكانا أمينا ومجانيا لدمجه في المجتمع.
كريم حالة اضطراب التوحد
وتشتكي صفاء من مراكز تأهيل رعاية مرضى التوحد لأنها تكسب طفل التوحد صفات سيئة تتسبب في سوء حالته، فضلا فرضهم أسعار مرتفعة لا تتناسب مع إمكانيتها البسيطة، حيث صل دخلها الشهري ألف جنية فقط، في حين أن إيجار الشقة التي تسكن فيها 800 جنيه، بالتالي لا تتمكن من إعادة ابنها لممارسة رياضة السباحة التي تعدل من سلوكه، كما أنها تحتاج من يساعدها في الحصول على سيارة المعاقين حيث تمت الموافقة والتصريح لأبنها للحصول على السيارة، لكنها لا تملك المال الذي يمكنها من الحصول على السيارة لتساعدها في الذهاب به في مراكز الشباب البعيدة عن منطقتها.
تأخر التشخيص باضطراب التوحد من طبيب الأطفال يدق ناقوس الخطر
وتقول مريم والده الطفل شريف حالة اضطراب التوحد، إنها لاحظت في وقت متأخر ظهور أعراض التوحد على طفلها في سن عام و٣ أشهر نظرا لعدم معرفتها وجهل طبيب الأطفال بتشخيص الأعراض، وتركهم دون توجيه، واكتفى بطلب إلحاقه بالحضانة، فسافرت إلى ألمانيا لعلاجه في أماكن خاصة، لأن الأماكن الحكومية تحتاج انتظارا وأماكنها بعيدة عن منطقة سكنها، لكن الكثير من الحالات لا تستطيع العلاج في الأماكن الخاصة، فيضطرون لحبس أبنائهم في البيت دون علاج لعدم قدرتهم على دفع هذه المبالغ وعدم معرفتهم بأماكن مراكز التأهيل.
وتؤكد أن جميع المستويات تحتاج دعم من الدولة، خاصة غير القادرين على دفع الأسعار المبالغ فيها في مراكز التأهيل الجيدة التي توفر الخدمات لأطفال اضطراب التوحد، وأن يصل الدعم بصرة كاملة، مثل عدم سحب رخصة سيارة المعاقين والسيارة من المرافق للطفل ، في حالة عدم وجود الطفل في حين أننا نكون في طريقنا لاستلام الطفل من مركز التأهيل الذي يتم تدريبه فيه.
كما تطلب دعم النوادي في تقديم تدريب على التمارين لأطفال اضطراب التوحد، حيث إن النوادي خالية من تقديم خدمات لهم، مع الاهتمام بتوعية المجتمع، بعدم التنمر بأطفال التوحد وغيرهم.
التوحد اضطراب وليس مرضًا
يقول الدكتور عادل عبد الله عميد كلية علوم الإعاقة الأسبق بجامعة الزقازيق، لا يوجد الوعي الكافي للأسر والمجتمع بأعراض التوحد والتصرف الصحيح مع المصاب باضطراب التوحد، والأصعب هو استهانة طبيب الأطفال بأعراض التوحد، الذي من المفترض أن يهتم بتوجيه الطفل إلى إخصائي تعديل سلوك، وهذا يتطلب توعية لجميع الأطباء أنه يجب التحرك سريعا في الــ 6 أشهر الأولى من عمر الطفل.
الدكتور عادل عبدالله
وزارة التضامن توزع تراخيص الجمعيات دون أساس علمي
ويؤكد عميد كلية العلوم والإعاقة أنه لا توجد مراكز متخصصة لعلاج التوحد، والموجود هو فقط بهدف الاستثمار في أطفال التوحد، رغم أنه من الممكن أن نوفر آماكن متخصصة، لكن في ظل ما تفعله وزارة التضامن لن تتوفر هذه المراكز المتخصصة، نظرا لأن الوزارة تمنح الموافقة على إنشاء الجمعيات لأي شخص يدعي أن من ضمن أهداف نشاط الجمعية رعاية ذوي الإعاقة !! ثم تزداد التجاوزات في هذه الجمعيات من خلال الاستعانة بأفراد غير مؤهلين، ممن حصلوا على دورة لمده أسبوع في التربية الخاصة، ويقومون بالتجريب على الأطفال وبذلك تسوء حالتهم، وللأسف هذا هو المنتشر، في حين أن الطلبة المتخرجين من كليات متخصصة حتى الآن لم نتمكن من الحصول لهم على مسمى وظيفي يمكنه من العمل في مجال تخصصه.
لذلك لكي يتم منح تراخيص للجمعيات والمراكز لابد من أن يكون من خريجي كليات الإعاقة أو أقسام كليات التربية الخاصة، مع تحديد احتياجات المركز وتوافر فريق عمل كامل متخصص ويضم التخصصات الطبية، حتى يصبح مركزا متخصصا يخضع للإشراف والمحاسبة ويكون له مواصفات وشروط محددة.
لذلك لا بد من وقف هذه المهزلة نظرا للخطر الذي يحيط بأطفال التوحد وغيرهم وذويهم الذي يكونون في شتات من البداية، لذلك يجب تحديد من هو المسموح أن يفتح مركز تأهيل، على أن يقتصر دور الجمعيات التي تجهز جمعيات لذوي الإعاقة على تقديم المعونات فقط لأهالي ذوي الاحتياجات الخاصة ولاشئ غير ذلك، وأن يحاسبوا على ادعاء تأهيل أطفال التوحد وغيرهم، حيث إن نتيجة التعامل مع غير المتخصصين يؤدي إلى زيادة سوء الحالات.
ولذلك على الأسرة دور في أنها تتأكد أن علاج ابنها يتم في مراكز متخصصة قادرة على ذلك، وهذا غير متاح حتى في كلية علوم الإعاقة نفسها التي برغم تخصصيها لا يوجد بها سوى معمل أو اثنين للتعامل مع أطفال التوحد، ولايتاح بها سوى تحديد نسبة الذكاء لكي نتمكن من وضع برامج التدخل المناسبة لتعديل سلوك طفل اضطراب التوحد، ويكاد يكون المركز الوحيد المتخصص في حالات التوحد، لكنه يحتاج أمورا كثيرة ويعتبر محدودا ويقدم الخدمة لعدد قليل من الناس بإمكانيات محدودة، والمقصود أنه في المقابل نجد انعدام التخصص وضعف إمكانيات مراكز التأهيل العشوائية المنتشرة في كل مكان لأنها لن تتمكن من تعديل سلوك أطفال التوحد،لأنها غير مؤهلة وهدفها مادي فقط، والسؤال هنا فلماذا يتم تركهم لامتصاص أموال الأهالي ولماذا نستمر في أننا نضحك على بعض؟
لذلك لابد أن يوجد اهتمام وأولوية بالمتخصصين في هذا المجال بدءا من حصولهم على المسمى الوظيفي وتوليهم فتح مراكز للتأهيل حتى تقتصر دور الجمعيات الحالية على تقديم الخدمة فقط لأهالي أطفال التوحد الذي يعانون من أزمة كبيرة لارتفاع تكلفة العلاج.
مركز تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة بالعاشر من رمضان
ويشير الدكتور عادل عبد الله عميد كلية علوم الإعاقة الأسبق بجامعة الزقازيق، أن مركز تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة بالعاشر من رمضان يعتبر مركزا عالميا مجهزا لخدمة أطفال اضطراب التوحد ولطلاب المدارس من أجل هدف دمج طفل التوحد الذي يحتاج تعديل سلوك لدمجه في المدارس، والمركز يعتبر نقلة ممتازة في هذا المجال، ولكنه لن يكون كافيا ولن يستوعب كافة أعداد أطفال اضطراب التوحد و أطفال ذوي الاحتياجات الخاصة لأنه سيكون له طاقة استيعابية محددة، كذلك الإخصائيين والأطباء الذي ستعمل فيه ستكون لهم طاقة استيعابية في العمل أيضا.
لذلك لا بد من تعدد المراكز وأن يتم انتشارهم حسب احتياج المنطقة بهدف تقديم خدمة ميسرة الخدمة لسكان المحافظات البعيدة، خاصة أن الطفل يحتاج جلسات على الأقل ثلاث إلى خمس مرات أسبوعيا لمده تصل إلى سنة أو أكثر.
تقول سحر الألفي مدير إدارة التربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم، إنه في ظل اهتمام القيادات السياسية بذوي الاحتياجات الخاصة، جاء الاهتمام بوجود مركز ذوي الاحتياجات الخاصة بالعاشر من رمضان، وسيتم قريبا تقديم خدمات المركز للمساهمة في علاج التوحد وفي علاج حالات مختلفة من ذوي الإعاقة.
سحر الألفي
وقد تم تشكيل مجلس إدارة المركز، وقريبًا سيتم تشغيله بكامل طاقته حيث يتوافر يه فصول أكاديمية وتوفير العلاج المائي، والغرف السمعية، ويضم المركز أجهزة على مستوى عال جدًا.