برحيل الإعلامية القديرة فايزة واصف يكون الإعلام المصري، بل والعربي، فقد أحد أهم من أسهموا من خلال برامجهم في طرح حلول للمشكلات الأسرية، بل يمكن القول بأنه يرجع إليها الفضل في تأسيس ما يمكن أن نسميه إعلام الأسرة، فلم تكتفِ منذ تخرجها في كلية الآداب قسم علم النفس بموهبة التفتيش عن حلول للمشكلات الأسرية التي تتطور مع تطور العصور، بل درست المسرح، لتستفيد من صناعة الشكل الدرامي الذي تتمكن من خلاله من عرض المشكلة بطريقة فنية.
مشوارها الإعلامي تجاوز الثلاثين عامًا، فيها عرفت كنجمة من نجمات التليفزيون، إذ كان برنامجها الذي تغير عنوانه مرات عديدة حتى استقر لسنوات طويلة تحت اسم "حياتي" واقترن باسمها.. لم ينافسها أحد في طريقة الوصف والتحليل للمشكلات وعرضها من خلال متخصصين فى شتى المجالات النفسية والدينية والاجتماعية، وبطرق عدة منها الدرامي حيث تعمدت خلال تقديم برنامجها على أن تصل الحلول بشكل مبسط وموثق ويصدقه الناس كنماذج حية يشاهدون البداية والعقدة والحل لكل مشكلة بشكل تمثيلي.
لم تتوقف عند شكل تقليدى بل طورت فى شكل ومضمون البرنامج، وحتى اسمه، إذ قدمته فى سنواته الأخيرة باسم "حياتى معاك" ثم تراءى لها أن تهتم بكبار السن فقدمت برنامج "ربيع العمر" الذي يناقش قضايا المسنين.
استفادت من دراستها لعلم النفس والاجتماع، وعملها بالإذاعة لسنوات قبل انتقالها إلى التليفزيون، فعرفت كيف تتعامل من القضايا الإنسانية، وبرغم أن طرح القضايا في التليفزيون كان ولسنوات طويلة يواجه بمحاذير رقابية، وموضوعات لا يمكن التطرق إليها، نجحت فايزة واصف في أن تصل إلى ربوع مصر، فكان برنامج "حياتي" هو أفضل برنامج تنتظره الأسرة مع دقات الساعة الخامسة، وموسيقاه التي تشعرك بأنك أمام مشكلة صعبة الحلول، تحول برنامجها إلى مناسبة أسبوعية فلا توجد أسرة بدون مشكلات، وأسهمت هي بطريقتها الإنسانية في توصيل رسائل إلى المجتمعات بأنه لاتوجد مشكلة بدون حل.
طرحت قضايانا العربية من خلال ما يسمى التمثيلية القصيرة، فكانت تتعاون مع مخرجين يرشحون نجومًا كبارًا للمشاركة في تلك التمثيليات المبنية على قصص حياتية واقعية تصل إليها كل يوم، تقوم هي بتجميعها وتختار المشاكل المتشابهة، وأهم مشكلة تحتاج إلى طرحها والبحث لها عن حلول من خلال رجال الدين، أو علماء النفس، ويقوم المخرج بترشيح الممثلين وبأجور زهيدة لم يتجاوز فيها أجر الممثل عن 75 جنيهًا، وكان أجر المخرج لا يتجاوز الـ50 جنيهًا، إذ كانت أجور الدراما متواضعة، لكنها عرفت خبايا وأسرار صناعة الحلول التي تلفت الانتباه وتؤثر فى نفوس الناس كمشكلات الطلاق، والزواج المبكر، وزواج القاصرات، والخيانة، والزواج الثاني، وقصص كثيرة لا زالت بالطبع موجودة وستظل.
وما قدمته الإعلامية فايزة واصف يعتبر فنًا فريدًا في مجال صناعة البرامج الجماهيرية، إذ كانت لها علاقة وثيقة بالمجتمع تتلقى رسائل يومية، وكأنها الملجأ الأخير لمن يعانون من مشكلات أسرية، فهم يرون فيما تقدمه لهم متنفسًا يستريحون عند مشاهدة ما يعانون منه على الشاشة معروضًا وله حلول.
رحلت صاحبة أكثر البرامج الأسرية تاثيرًا، بعد سنوات عاشتها في مبنى ماسبيرو تحاول البحث عن حلول مجتمعية للمشكلات، عاشت منذ دخولها ماسبيرو فى عام 1964، اسمًا له أهميته، صديقة للجميع، وكان مكتبها بالدور السابع محطة التقاء إلى كل العاملين بالمبنى يتعاملون معها كأخت وأم وصديقة و"حلالة مشاكل" كما يقول المثل العامي.