تعد قضية ترشيد الاستيراد أحد أهم التحديات التى تواجه الاقتصاد المصري في معركة الدولار حيث تسعى الحكومة إلى خفض استيراد نحو 150 سلعة وتصنيعها بالداخل لتقليل الطلب على الدولار وخفض الأسعار في السوق حيث يتوقع أن توفر هذه السلع ما يترواح ما بين 25 و30 مليار دولار .. وهو ما أشار إليه الرئيس السيسي قبل أيام خلال زيارته للإسكندرية حيث أكد فى حديث خلال مؤتمر الشباب أن الدولة لن تلجأ إلى التحرير الكامل للعملة إذا كانت ستؤثر سلبا على حياة المواطنين من خلال ارتفاع الأسعار وقال: ان هذا الأمر من دواعى الأمن القومي , واستكمل الرئيس قائلا: إن الدولة سوف تعمل على توفير النقد الأجنبي عبر زيادة الصادرات وتقليل الاستيراد.
موضوعات مقترحة
«بوابة الأهرام» طرحت قضية ترشيد الاستيراد وتعظيم الإنتاج المحلي على خبراء وصناع ومستوردين في محاولة لبلورة رؤية متكاملة حول تلك القضية المهمة التي تشكل تحديا كبيرا وأولوية قصوى في مرحلة حرجة وظروف اقتصادية تتطلب كل تحرك مسئول للخروج من هذه الأزمة وتحويلها إلى فرصة تنقل مصر من دولة مستوردة إلى دولة منتجة ومصدرة.
تعويم الجنيه
في حال تعويم الجنيه مقابل الدولار فإن المستهلك المصري هو المتضرر الأول من ذلك، بسبب استيراد الكثير من السلع والمنتجات، ومع قيام الحكومة بتعويم الجنيه فإن ذلك سوف يتسبب في موجات صعبة من ارتفاعات الأسعار، وبالتبعية سوف ترتفع معدلات التضخم إلى مستويات قياسية.
وتحتاج الدولة إلى ما بين 80 إلى 90 مليار دولار لتلبية حجم الطلب على الاستيراد، ما جعل الرئيس يوجه الدعوة لرجال الأعمال والشباب إلى الاستثمار في الصناعة لتقليل فاتورة الواردات، وزيادة الصادرات المصرية، مشيرا إلى أن هناك قائمة بـ150 سلعة مستوردة يمكن تصنيعها محليًا لتوفير 25-30 مليار دولار، وحال تنفيذ هذه الصناعات ستسهم في توفير فرص العمل وخفض البطالة وزيادة الناتج القومي.
تحرير سعر الصرف
وتحرير سعر الصرف، يعني أن يتم تحديد سعر عملة لدولة ما عن طريق العرض والطلب الذي يُجرى على العملات الأخرى الأقوى، فعندما يكون مقدار العرض أكبر من الطلب فسيؤدي هذا الأمر إلى انخفاض في سعر العملة، أما في حال زيادة الطلب ويغدو أكبر من العرض فسيؤدي إلى ارتفاع في سعر العملة.
ويلعب اقتصاد الدولة دورًا هامًا في التحكم في قوة العملة أو ضعفها، فالاقتصاد من جانب والوضع السياسي من جانب آخر فهو أيضًا يؤثر في سعر صرف العملة، فكلما كانت البلاد مستقرة من الجانب الاقتصادي والسياسي ارتفع سعر صرف عملتها، وإن بعض العوامل التي تؤدي إلى عدم استقرار الوضع الاقتصادي للدول تتجلى في التغيرات التي تطرأ على أسعار الفائدة، بالإضافة إلى الديون ووجود التزعزع السياسي وأعمال الشغب والفوضى.
إجراءات الحكومة لترشيد الدولار
وعلق خبراء على إجراءات الحكومة لترشيد الدولار، حيث قال الخبير الاقتصادي، الدكتور وائل النحاس، إن الدولة المصرية ليس لديها أزمة في النقد الأجنبي، وإنما لديها أزمة في إدارة سوق الصرف، لافتًا إلى أن مجمل إيرادات سوق الصرف تتخطى 130 مليار دولار، إلا أن جميعها لا تدخل في القطاع الرسمي بسبب أزمة إدارة سوق النقد الأجنبي.
سوق النقد الأجنبي
وأضاف الخبير الاقتصادي، أن من أسباب سوء إدارة سوق النقد الأجنبي ضعف الثقة لدى المواطن الذي يُفضَل اكتناز العملة الأجنبية خوفًا من ارتفاع سعرها بالرغم من إعلان عدم تحرير سعر الصرف .
سعر الدولار
ويعيد الخبير الاقتصادي أزمة هذه الثقة إلى السياسة الإعلامية التي تعلن عن تراجع كبير في سعر الدولار أمام الجنيه المصري وبعد اضطلاع المواطن على الأسعار يكتشف أن التراجع بقيمة 50 قرشًا على سبيل المثال.
الواردات المصرية
وحول قائمة السلع التي أشار الرئيس إلى إمكانية استبدال استيرادها من الخارج بتصنيعها محليًا، قال الخبير الاقتصادي إن 78% من الواردات المصرية عبارة عن مكونات إنتاج وليست منتجات نهائية.
الصادرات المصرية
وأضاف الخبير الاقتصادي أن هذه المواد تواجه أزمة في إعادة تداولها في صورة صادرات، مؤكدًا أن ترشيد الدولار في مصر بحاجة إلى معالجة أزمة استيراد مواد الإنتاج للسوق المصري للصناعة وعدم خروجها مرة أخرى في صورة صادرات، متسائلًا: "لماذا لا تكتمل عملية التصنيع وبعدها تصدير هذه المنتجات"؟
الصناعات الوطنية
بحسب الخبير الاقتصادي، تواجه هذه المواد عقبة في استكمال عملية تصنيعها بسبب التكلفة، لذلك يقترح دعم الدولة لعنصر التكلفة في المصانع، وليكن على سبيل المثال، تخفيض 50% على الكهرباء، أو الدعم بتخفيض اشتراكات وسائل النقل في المدن الصناعية لدعم العمال.
تطوير الصناعة
وتحتاج عملية التصنيع، كما وصف الخبير الاقتصادي، إلى التطوير المستمر للآلات التي يعمل تطويرها على تزويد الإنتاج عام بعد عام وبالتالي زيادة العمالة مما يخفض نسبة البطالة، إضافة إلى ضمان استمرارية التصنيع، قائلًا: "من لا يمتلك تطوير الآلات لا يمتلك الصناعة".
تسويق الصناعات
بحسب الخبير الاقتصادي، يعاني المنتج بعد تصنيعه من التسويق الجيد، لذلك يقترح إنشاء جهاز لتنظيم الصناعة، موضحًا أن الدولة يمكنها توفير المنتجات المستوردة عن طريق صناعتها محليًا وطبقا للجودة العالمية، وإتاحتها للمستورِد بتكلفة أقل من تكلفة استيراده لهذه المنتجات.
جهاز تنظيم الصناعة
يضيف الخبير الاقتصادي فيقول: إن الدولة يمكنها إنشاء جهاز لتنظيم الصناعة، يكون مسئولا عن وصول المنتَج للمصنع أو المستهلك، والرقابة على عملية الجودة.
الدكتور وائل النحاس
سلع استفزازية
وأكد الدكتور علي عوف، رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، أن هناك سلعًا كثيرة يمكن الاستغناء عن استيرادها، بسبب وجود البديل المصري الذي وصفه بأنه منافس قوي في الجودة قائلًا:"المنتج المصري في بعض السلع يتفوق على المنتج المستورد".
المكملات الغذائية
وقال رئيس شعبة الأدوية، يمكن الاستغناء عن استيراد المكملات الغذائية، التي يتوفر لدينا بديلها في التغذية الصحية، والنوم الكافي، وممارسة الرياضة، وغيرها من أنماط الحياة الصحية التي يمكن اتباعها.
مستحضرات التجميل
وأضاف رئيس شعبة الأدوية، أن تكلفة استيراد مصر لكل من مستحضرات التجميل، والمكملات الغذائية، تصل إلى نحو 500 مليون دولار، سنويًا، وهو الرقم الذي يراه مُهدرًا بسبب توجيهه إلى استيراد سلعة ترفيهية وليست ضرورية لحياة المواطنين، فضلًا عن وجود بدائل لها.
الدكتور علي عوف
وقال أحمد شيحة، عضو شعبة المستوردين بالغرفة التجارية، إن السلع التي أشار إليها الرئيس بإمكانية استبدال استيرادها من الخارج بتصنيعها محليًا، يمكن تصنيعها جميعًا بلا استثناء في مصر.
الإنتاج المحلي
وأضاف عضو شعبة المستوردين في حديثه لـ"بوابة الأهرام"، أن عملية التصنيع بحاجة إلى وجود تعاون مع الشركات المنتجة لهذه السلع، حيث طلب الإمداد بالمواد الخام، وكيفية الصناعة، والتكنولوجيا المصاحبة لعملية التصنيع، قائلًا: "لا يمكنني الاستغناء عن الجزء المستورد كاملًا في أي مرحلة من مراحل التصنيع ولكن يمكنني تعزيز نسبة المواد المحلية والصناعة والإنتاج المحلي".
وأكد عضو شعبة المستوردين قائلًا: "نحن كمستوردين ورجال أعمال ومستثمرين جاهزون للتصنيع والإنتاج المحلي لكننا بحاجة إلى تسهيلات داعمة لذلك".
أحمد شيحة