مفاجآت صادمة في جريمة طبيب الساحل.. حلم الثراء السريع يقود الشباب للسجن.. وخبراء يُحذرون من تداعيات كارثية

19-6-2023 | 19:02
مفاجآت صادمة في جريمة طبيب الساحل حلم الثراء السريع يقود الشباب للسجن وخبراء يُحذرون من تداعيات كارثية جريمة قتل
إيمان فكري

أصبح حلم الثراء السريع، هوسًا يسيطر على عقول الشباب للحصول على الأموال بأي طريقة، حتى إن كانت بقتل روح بريئة لا ذنب لها سواء أنه ميسور الحل ماديا، فهذا الحلم راود شاب وفتاة سلما عقلهما للشيطان، واتفقا على سرقة وقتل زميله للاستيلاء على نقوده والزواج بها بسهولة ويسر.

موضوعات مقترحة

وقررت النيابة حبس المتهم أحمد شحتة، الطبيب بمستشفى معهد ناصر، وعامل بعيادته، ومحامية على علاقة بها، حبسا احتياطيا على ذمة التحقيقات لاتهامهم بقتل الطبيب، أسامة توفيق، عمدا مع سبق الإصرار المقترن بسرقته بالإكراه، وجار اتخاذ إجراءات أخرى في سبيل إقامة الدليل قبلهم، واستكمال التحقيقات.

وكشفت النيابة العامة في بيان لها، أنه بعد استجواب الطبيب القاتل، أقر بأنه لعلمه من علاقته بالمجني عليه بتيسير حاله ماديا، ودوام حيازته لعملات أجنبية، وبطاقات ائتمانية، اتفق مع المتهمين الآخرين على سرقة المجني عليه بعد أن تستدرجه المحامية إلى وحدة سكنية يستأجرها العامل، بحجة توقيع كشف طبي منزلي فيها؛ حيث يخدره هو والعامل ويقومان بسرقته.

واشترت المحامية عقارًا مخدرًا وصفه الطبيب القاتل لها، ثم في الثالث من الشهر الجاري طلبت المحامية من المجني عليه الكشف الطبي المدعي، وحدد العامل بالعيادة عنوان الوحدة السكنية المستدرج إليها، فقصدها المجني عليه في اليوم التالي، وفور وصوله برفقة العامل، قيده الطبيب والعامل وحقناه بالمخدر فأغشى عليه، وسرقا حافظة نقوده وبطاقات الائتمان التي بحوزته، وأغلقا هاتفه وأتلفاه خشية تتبعه.

وأوضح الطبيب القاتل أن الضحية لما بدأ يستعيد وعيه حقناه بالمخدر مرة أخرى ونقلاه لعيادة المتهم بالساحل فجر اليوم التالي خشية افتضاح أمرهما، إذ أخفياه فيها داخل حفرة كانا قد أعداها سلَفًا، ادعى الطبيب المتهم إعدادها لتخزين أدوية فيها لبيعها لاحقًا، ولما استعاد المجني عليه وعيه حينئذ، وحاول الاستغاثة خدره الطبيب مرة ثالثة وتركه دون مأكل أو مشرب ليومين متتابعين حتى توفي، فدفنه هو والعامل داخل الحفرة وفرا هاربين.

وفتحت واقعة مقتل "طبيب الساحل" التي تُقشعِر لها الأبدان، أزمة هوس الشباب بالثراء السريع الذي أصبح حلما يسيطر على عقولهم،  فلماذا أصبح الشباب يبحث عن المال الحرام والثراء السريع، ولماذا أصبح الشباب طامعا ولا يريد السعي في حياته حتى لو كان المقابل تدمير مستقبلهم، سؤال يجيب عليه خبراء علم الاجتماع والنفس والدين في السطور التالية.

الجريمة من أجل المال

وأصبحت مقولة "الجريمة من أجل المال"، تنطبق على عشرات الشباب الذين جعلوا من المال غاية لهم، وانساقوا وراء الشيطان يرسم لهم طرقا ملتوية غير مشروعه لكسبه وتحقيق حلم الثراء السريع للوصول لنشوة زائفة، ما يؤدي بهم في النهاية إلى طريقين لا ثالث لهما، إما السجن أو الإعدام.

تؤكد الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن حلم الثراء السريع أصبح يحيط بنا من كل جانب، مما جعل تفكير الشباب في كيفية أن يتحولوا لمليونيرات بسهولة دون تعب، وتوفير الأموال دون العمل مما يشكل خطرا على فئة كبيرة من الناس وخصوصا الشباب، وانتشرت في الفترة الأخيرة جرائم كان المال هو غاية مرتكبيها، وتنوعت ما بين القتل والسرقة والنصب والرشوة والتنقيب على الآثار.

وأصبحت عقول الشباب تحت تأثير الأفلام السينمائية التي تروج للأبطال اللصوص؛ حيث يقوم صناع هذه الأفلام باستخدام كل ما هو باهر لخطف لب المشاهدين من خلال البطل الخارق الذي يستطيع أن يضرب كل من في الفيلم دون أن يصاب بخدش، ويسرق وينهب ويقود أفخر أنواع السيارات ويتمتع بالعقلية الجبارة التي تستطيع خداع أي شخص.

دوافع خفية لجريمة "طبيب الساحل"

وتشدد أستاذ علم الاجتماع، على أن المرعب في الواقعة هو اقتران المهنة بالعنف، فمهنة الطب من المفترض أن تكون إنسانية ومن لديهم مستوى أخلاقي واجتماعي متميز، ولديهم ضمير مهني ضد العنف، ودوافع هذه الجريمة بعيدة كثيرًا مما طرح من دوافع، وأن هناك أسبابًا قد تكون خفية حتى الآن، لأن طريقة ارتكاب والتخطيط للجريمة والتخلص من الجثة تضع علامات استفهام كثيرة حول القضية، ستكشفها التحقيقات الجارية.

ثروة بلا عمل

ويرى الدكتور وليد هندي استشاري الصحة النفسية، أن الشباب غيروا نظرتهم للنجاح وأصبحوا يريدون ثروة بلا عمل، وأصبحت المكاسب المادية الكبيرة حلما يطارد العديد من الشباب، يمكن أن يفعلوا أي شيء غير العمل للكسب والربح بسهولة.

تحول ملاك الرحمة إلى سفاح

ومن المعروف عن مهنة الطب أنها مهنة إنسانية تتسم بالصبر والتعب والرحمة قبل كل شئ، فهي مهنة القلوب الرحيمة التي تعمل على تخفيف آلام وأوجاع المرضى، ملائكة الرحمة الذين يسهرون لراحة المريض والتخفيف عنه، ولكن في قضية مقتل الدكتور أسامة صبور، والمعروفة إعلاميًا "طبيب الساحل"، انقلب الوضع كليًا، فتحول الطبيب المتهم من معالج إلى سفاح وقاتل.

ويوضح "هندي"، أن التقوى والفجور موجودان داخل كل نفس بشرية، ولكن يظهرهم أنماط التنشئة الاجتماعية والجزء الوراثي، وهناك الكثير من الأشخاص السيكوباتية تعيش في المجتمع، وهو مجرم اجتماعي، يحتل مكانه مرموقة، ولكنه مجرم لأنه داهس للأعراف ومستغل للإنسانية واخترق منظومة القيم وأصبح طامعا.

خطورة الشخص السيكوباتي

والأشخاص الذين يفكرون في الثراء السريع بأي وسيلة حتى لو بالقتل، هم أشخاص لا يستطيعون أن يؤجلوا أي لذة عاجلة في سبيل تحقيق منفعة أجلة، ولا يستطيعون أن يكبدوا جماح نزواتهم ورغباتهم حتى لو تطلب الأمر عليه ارتكاب جريمة معينة، فهو شخص مخادع يظهر ما لا يبطن، وحب الذات رقم واحد لديه.

واعتبر استشاري الصحة النفسية، هذه هي شخصية المتهم فهو كان لديه استعداد على التحالف مع الشيطان وليس فقط المحامية في سبيل تحقيق أهدافه وأطماعه، فهذا ناقوس خطر لأنه يجب أن نحذر من كل من حولنا، لافتا إلى أن وجود الشخص السيكوباتي في حياة أي شخص منا هي مفسدة وشرً لو تعلمون عظيم.

الثراء بلا عمل حرام شرعا

ومن الناحية الدينية، يؤكد الدكتور عطية لاشين أستاذ الشريعة الإسلامية والفقه المقارن بالأزهر الشريف، أن ما حدث من قتل طبيب على يد صديقه الطبيب من أجل الثراء السريع، والنعيم بأمواله على حساب حياة الآخرين وإزهاق أرواحهم، هو عمل يُجرم ومحرم في الشريعة الإسلامية وكل الشرائع السماوية، لأن القتل والسرقة لن تحلهم أي شريعة، مستشهدًا بقول الله تعالى: "من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا".

وهذه الجريمة، تعتبر قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد، ومن يقتل مسلما متعمدا جزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه وأعد له عذابا عظيما، ويوضح "لاشين"، أن هذه الواقعة تؤكد أهمية الثقافة الدينية، فالعلم الدنيوي مهما كانت فائدته لا يقي صاحبه والذي يعم الإنسان من الوقوع فينا يغضب الله هي الثقافة الدينية والترضية الدينية، وإيجاد إنشاء الشباب على الفضائل والأخلاق.

ويشير أستاذ الشريعة الإسلامية، أن هذا الطبيب القاتل رغم تخرجه من كليات القمة، وأصبح طبيبا وهي أعلى شريحة في المجتمع، لا يمنعه ذلك من أن يقع في أمور لا يقع فيها أنصاف المتعلمين ولا غير المتعلمين الذين عندهم ضمير ودين، ويجب أن تقابل هذه الجريمة عقاب رادع حتى لا يفكر في مثلها الغير فيما بعد.

كما يؤكد، الدكتور عطية لاشين، أن السرقة والثراء السريع دون سعي وتعب وعمل حرام شرعا، ويجب عدم اتخاذ هذا المثل السيء قدوة، وإنما يجب أن ينظروا إلى الأمثلة الناصعة التي تخشى الوقوع في الحرام، والأمثلة التي تجعل عيشها بالحلال والسعي والعمل.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة