مرة أخرى ومن مدينة الثغر، لؤلؤة البحر المتوسط، الإسكندرية العاصمة الثانية لأم الدنيا، يتجدد اللقاء مع الشباب يحاورون القائد الذي دأب على منحهم الفرصة الكبرى للتعبير عن أنفسهم وأحلامهم، وحول واقع ومستقبل هذا الوطن الكريم، في تأكيد دال على ما تدركه الأمم المتحضرة وصانعة الحضارة من قيمة الشباب كثروة هي الأهم في معادلة البناء والتنمية والرهان على المستقبل، إيمانا مستقرًا بأن ذكاء الشباب وحماسهم ومهاراتهم وقدراتهم العملية هي العوامل الأساسية لدفع البلاد نحو طريق التطور والنجاح، عبر ترجمة هذا الحماس في صورة المسئولية والمعرفة باتجاه النهوض بمجتمعاتهم لتحسين مستوى معيشة الأفراد ومواكبة التقدم والتطور العالميين.
وانطلاقًا من هذا الإيمان الراسخ استقبلت مدينة الثغر هذا الحوار البناء والكاشف، والذي اكتنفته روح التفاهم والاتفاق حول المصلحة العليا لمصر في كل شئون الحياة والمجالات التي تفرض نفسها على طاولات النقاش، سواء في مثل هذا الحوار أو بالحوار الوطني، هذه الفكرة الخلاقة التي لا تزال تعمل بدأب لحصد مخرجات من شأنها أن تحدث حراكًا فارقًا ومؤثرًا في مجريات الحياة المصرية، خصوصًا بعد تأكيد الرئيس الدال على مصداقيته وإيمانه بقيمة الحوار إذ أشار إلى استعداده التام على التوقيع دون قيدٍ أو شرط على مخرجات الحوار الوطني، ليقينه بأن المجتمعين من الشخصيات والأحزاب والطوائف والمؤسسات الرسمية إنما يسعون بكل جدٍ وإخلاص نحو الوقوف على النتائج الناجعة المتعلقة بجميع الملفات المهمة، ومن هنا أيضًا كان اللقاء ذاته أقرب إلى تجمع العائلة المصرية بصوتها المصري الخالص، متطرقًا للقضايا الملحة التي تتماس مع المواطن والوطن في آن واحد.
ولأن اللقاءات مع الشباب ومنحهم الثقة جزء أصيل في بناء الدولة بثوبها الحديث المتطلع لآفاق بعيدة وريادة عالمية تستحقها، ويسهم في تعزيز مكانة مصر ودورها القيادي بمصاف الدول ذات التأثير الدولي، لا يزال الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة السياسية مستمرًا ويعبر عنه هذا الحوار الذي امتد لساعات تخللت افتتاح عددٍ من المشروعات القومية الحيوية بالإسكندرية والبحيرة، كمشهد اعتاده المواطن المصري خلال هذه السنوات، حيث الإنجاز الممتد، وهذا الحديث التلقائي الصادق حول المفات المُلحة وتأكيد أهمية الحوار بين أبناء الأمة على اختلاف انتماءاتهم الحزبية وهو يؤكد بالنص "المخرجات اللى هتوصلولها سواء السياسي أو الاقتصادي أو المجتمعي.. اللى داخل صلاحياتي طبقا للدستور والقانون هصدق عليها"، ومطمئنًا المواطن بعدم التهيب من تأثير سعر الصرف الذي لا يمكن أن يمس أمن الناس واحتياجاتهم "عندما يكون تأثير سعر الصرف على حياة المصريين وممكن يضيعهم لا إحنا منقعدش في مكاننا"، و"الدولة دي مش بتاعتي ومش بتاعة الحكومة، دي بتاعتنا كلنا ولازم تنجح بينا كلنا"، وجميعها رسائل طمأنة قوية وواضحة لجموع الشعب الذين ينضوون تحت راية هذا الوطن، تُضاف إلى الرسائل الدالة بالإنجازات على مستوى ما تحقق في المجالات المختلفة كافة الزراعية والصناعية والاستثمارية وقبل ذلك وخلاله الاهتمام بحياةٍ آمنة وكريمة للمواطن، فضلًا عن تطوير الموانئ الذي يهدف لوضع البلاد على خريطة المنافسة والاستفادة من قدراتها وموقعها، وتوفير الدعم للشركات الناشئة وتشجيعها، والاهتمام بالتعليم وفق النماذج المتطورة التي تناسب التطلع للمنافسة العالمية، فرأينا الجامعة التكنولوجية بمدينة برج العرب، التي تضم كلية تكنولوجيا الصناعة والطاقة، ببرامج في تكنولوجيا تشغيل وصيانة ماكينات الغزل والنسيج، وتكنولوجيا الجرارات والمعدات الزراعية، وتكنولوجيا الصناعات الغذائية، وتكنولوجيا السكك الحديدية، وتكنولوجيا المعلومات، وكلية تكنولوجيا العلوم الصحية ببرامج في التمريض والصيدلة، وكذا الاطمئنان على الجوانب الصحية سواء على مستوى المستشفيات أو الوحدات الصحية والخدمة المقدمة للمواطنين في جميع الأنحاء والعاملين في المجال الصحي، ليؤكد لنا هذا التجمع الملهم بين الرئيس وشباب مصر الرسالة الأبرز بأن بناء الدول وإصلاحها أمر ليس يسيرًا، لكنه أيضًا حلم الجميع.