نجحت ثورة 30 يونيو في إفشال المؤامرات التي كانت تحاك لتقسيم مصر، ومحاولة تفكيك الجيش وخلق فوضى خلاقة في البلاد، وانتصرت الثورة لإرادة المصريين في 3 من يوليو 2013 بعد فترة حكم عصيبة للجماعة الإرهابية في 2012، العام الذي حاول فيه الإخوان "أخونة" الدولة المصرية هذا المصطلح الذي سيظل حديث الساعة منذ تولي الإخوان الحكم في 24 يونيو عام 2012، وحتى سقوطهم في 2013، مما كان سيثير كثيرا من الأزمات السياسية والاجتماعية، حيث إن المقصود بـ «الأخونة» هو أن يكون الوزراء والمحافظون وشاغلو المناصب التنفيذية العليا من المنتمين أو القريبين من جماعة الإخوان الارهابية أو حزب الحرية والعدالة.
موضوعات مقترحة
ولكن استطاع الشعب المصري ومعه قيادة مخلصة أدركت خطورة ما يحاك للوطن أن يكتبوا "الخلاص" للوطن من حكم الإخوان الذين مارسوا كل السياسات القمعية، وأضروا بمصلحة البلاد.
وقد كشفت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات، أن الدولة المصرية شهدت منذ العام 2011 وحتى قيام ثورة 30 يونيو 2013 حالة من الانفلات الأمني غير المسبوق في تاريخ البلاد، فبالتزامن مع رغبة جماعة "الإخوان الإرهابية" في إسقاط الدولة ومؤسساتها ضمن سلسلة الجرائم التي اشتهرت بها الجماعة منذ تاريخ تأسيسها عام 1928؛ استغل الخارجون عن القانون والبلطجية حالة الفراغ الأمني في تلك الفترة، لارتكاب أعمالهم الإجرامية من قتل وسرقة وتدمير وسطو على الأموال العامة والخاصة وإشاعة الفوضى في البلاد.
ويقدم الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف بالقاهرة، بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين القاهرة، ورئيس ومؤسس "التآلف بين الناس" الخيرية، شهادته في انفلات الإخوان في تحقيق أغراضهم للوصول للحكم، قائلا إنها شهادة من باب "أقيموا الشهادة لله".
الدكتور أحمد كريمة
شئون إسلامية ومسيحية
قال الدكتور أحمد كريمة، إن من أهم الإنجازات، التي حققتها 30 يونيو في مواجهة أخونة مؤسسات الأزهر إنقاذ الأزهر الشريف بكافة هيئاته من الاختطاف الإخواني، ونسخ ثقافته الأصلية الأصيلة المعبرة عن صحيح الدين الحق، منذ ألف وثمانين عاماً حتى الآن، ومحاولة طمس مرجعيته الكبرى، ليكون أداة لأدبيات جماعة الإخوان ومبادئ أدعياء السلفية، والقضاء على التنوع العلمي في مناهجه، لتحل طائفية إخوانية بغيضة، وتداعيات ذلك على الثقافة الإسلامية لا تخفى على أولى النهى والبصائر.
ويقدم الدكتور أحمد كريمة، وقائع موثقة لما كانت عليه الشئون الدينية – سواء إسلامية ومسيحية – في عهد الحكم الإخواني.
حوادث وأحداث إخوانية
ويشير كريمة، بالأمثلة الواضحة إلى حوادث وأحداث إخوانية منها:
- اقتحام رموز إخوانية في عهد حكم الفاشية المنسوبة إلى الدين جامعة الأزهر، بندوات تناهض الثقافة الأزهرية ونشر أشرطة إلكترونية وإصدارات التكفير والتفسيق والتشريك المستوردة من خارج مصر، والتدليس على الناس بما تسمى مناقشة لدرجة علمية من بريطانيا لواعظ بقاعة احتفالات كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر بالقاهرة لتنسب إلى جامعة الأزهر زوراً وبهتاناً.
- استيلاء مليشيات الإخوان على مسجد المدينة الجامعية، ومنع أساتذة جامعة الأزهر من الخطابة فيه.
- حصار مكتب الدكتور أسامة العبد، رئيس جامعة الأزهر آنذاك، لمطالب فئوية لصالح طلاب الإخوان للتعيين في هيئة معاونة، للاستيلاء حاضراً ومستقبلاً على مفاصل الأزهر الشريف، وتحمله ما لا يتحمله بشر من صبر ومثابرة مضرب المثل.
- حصار مليشيات الإخوان مشيخة الأزهر إبان واقعة ما أشاعوه من تسمم غذائي بمطعم المدينة الجامعية، واعتداءات بذيئة متدنية.
- وقائع إهانة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب من قبل الإخوان منها:
- رفض تكرار المصافحة من الرئيس الإخواني، الدكتور محمد مرسى لفضيلة الإمام في احتفال بالكلية الحربية.
- سحب مقعد فضيلة الإمام الأكبر من الصف الأول بقاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة، وكذا مقاعد كبار العلماء في أداء الرئيس الإخواني اليمين للمرة الثالثة، وجلوس الإخوان مكان العلماء، واضطرارهم برئاسة الأمام أحمد الطيب لمغادرة القاعة حفاظاً على كرامة العلماء.
- هرولة واعظ إخواني لحل مشاكل نزاعات وخصومات في بلاد عديدة لأحداث طائفية وغيرها لتقزيم دور علماء الأزهر.
- محاولة نزع تبرير قروض ربوية، وصكوك وهمية بفتاوى أزهرية.
- النص في الدستور الإخواني على أن "الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي على مذهب أهل السنة والجماعة إملاء لمذهبية وطائفية منسوبة إلى الدين
- التربص الإخواني بأعلام العلماء والدعاة الأزهريين.
- النص في دستور الإخوان على "شرائع المصريين" بما يوحى أن الشريعة المسيحية وضعية وليس سماوية.
- الاعتداءات الإخوانية على الكنيسة الأرثوذكسية بالعباسية، وقد كنت شاهد عيان على هذه الاعتداءات نظرا لوجود مركز ثقافى لمؤسستى الخيرية مجاور لها.
- تصاعد ازدراء المسيحية رموزاً ومراجع وكنائس، وتداعيات هذا هو نسف الوحدة الوطنية وضربها فى مقتل .
واختتم كريمة شهادته قائلا: لو كان استمر الحكم الإخواني في الحكم السياسي لأصبح الأزهر الشريف أثراً بعد عين، وتدبروا فى زيارات الإخوان والجماعة الجهادية لمشيخة الأزهر لانتزاع صك اعترافات بهم.
تساءل كريمة أيضا كيف تصدر قتلة الرئيس الراحل محمد أنور السادات – غفر الله له – لاحتفال نصر 6 أكتوبر، وكذلك مخططات تدمير مراقد الصالحين من آل البيت والصحابة والأولياء – رضى الله عنهم.
الوجه الحقيقي للإخوان
يقول الدكتور نجاح الريس أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية جامعة بني سويف، إنه تم إنشاء في عام 1928 في أول إنشاء لها، أي أنهم انتظروا 80 عاما حتى يصلوا إلى الحكم في مصر في عام 2012 بعد ثورة، 2011.
الدكتور نجاح الريس
وللأسف الشديد بعد وصول الإخوان للحكم ظهر الوجه الآخر لهم الذي كان لا يعرفه المصريون، لأن المصريين كانوا يعتقدون أن الإخوان جماعة ناس بتوع ربنا واعتقدوا أنهم قريبون من الدين وأنهم غلابة، واعتقد المصريون أنهم جماعة دينية ليس لهم في السياسة.
ولكن فجأة ظهرت أن هذه الجماعة التي كانت لتدعي أنها لا توظف الدين، ولا تشتغل بالسياسة، وظهرت عكس ما كانت تقول وتدعي، ووضح أنها جماعة توظف السياسة في الدين لمصلحة السياسة الخاصة بهم، وظهر هذا جليا حينما بعدما وصلوا إلى السلطة من خلال سياسة التمكين التي سارعوا فيها بكل ما أوتوا من قوة لتمكين أنصار الجماعة وتسكينهم في وظائف الدولة المختلفة.
أخونة القضاء
وفي سياق متصل يقول الدكتور نجاح الريس، إنه قد وصل الأمر بجماعة الإخوان، إنهم أرادوا أخونة القضاء فيما يعرفه المصريون بحركة خفض سن تقاعد القضاة من 70 عاما إلى سن 60 عاما، وذلك بهدف أن يستبدلوا القضاء المحترمون بمجموعة أخرى من المحامين الإخوان، ليتقدموا للوظائف القضائية، وهي كانت حركة خطيرة جدا، ولكنهم لم يستطيعوا الوصول لهذا الهدف كما كانوا يخططون، فهي صورة من صور الأخونة التي سارعوا فيها لأخونة مؤسسة من مؤسسات الدولة.
وبذلك عرف الشعب الإخوان على حقيقتهم، حينما بدا لهم أن الشعارات التي يستخدمونها مجرد شعارات سياسية أو صراعات دينية وأنها فقط للتوظيف السياسي، لأنه حينما أراد الشعب المصري توظيف الشعارات الدينية لمصلحة البلد وللشعب المصري، ترصد لهم الإخوان وتنكروا لأبسط المبادئ التي كانوا يدعونها، وظهر أنهم جماعة لا ولاء لهم، إلا لمصالحهم الشخصية.
الإخوان تطبق سياسة "التقية"
ويضيف، أن الإخوان كانوا مازالوا يستخدمون سياسات "التقية، أي التي يظهرون فيها غير ما يبطن في قلبه شيئا مختلفا، وهذا هو جوهر سياستهم أي يقول عكس ما يبطن، وهذه هي طبيعة سياسة الإخوان بصفة عامة، أي إظهار في العلن غير ما يكون في الخفاء، وهو نظام تستخدمه بعض الجماعات الإسلامية في بلاد أخرى، أي توظيف المصلحة أي ما كانت المصلحة للوصول للسلطة وللسياسة من بوابة الدين.
ويشير الدكتور نجاح الريس، الحكم والأخونة، هذا هدف كان يريده الإخوان، ولكن القوات المسلحة كانت يقظة لذلك وهبت لمناصرة الشعب المصري في 2013 بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، والذي كان وزير الدفاع في ذلك الوقت، استطاع أن يخلص البلاد والعباد من هذه الشرذمة التي أرادت تدمير مصر بأفكارهم السامة وأطماعهم وأهوائهم، التي كانت ستعيد مصر إلى سنوات وسنوات إلى الوراء.
ماذا لو استمر الإخوان في الحكم؟
ويشير إلى أن استمرار الإخوان في الحكم، كان سيمكنهم من أخونة الدولة المصرية، والعيش في دولة دينية تخدم مصالح الجماعة، وليس أن تحكم الدين ولكنها كانت ستحكم لصالح جماعة الإخوان الإرهابية وليس لصالح الشعب المصري، ولولا انتفاضة الجيش لمساندة الشعب المصري في 30 يونيو في 2013، لكنا الآن نعيش في دولة دينية تخدم مصالح الجماعة الإرهابية.
الإسلام السياسي وخدعة شعار الإسلام هو الحل
يرى الدكتور جمال الريس، أن الإسلام السياسي يعني به توظيف السياسة في الدين، واستخدامهم شعار أن الإسلام هو الحل، صحيح أن الإسلام هو حل في كل شيء، لكن أي إسلام؟ من المؤكد ليس الإسلام الذي يتم حسب التفسيرات الإخوانية وما يعتقدون أنه صحيح فقط، وهنا تكمن الخطورة حيث إنهم يفسرون الدين حسب أهوائهم ومعتقداتهم الخاطئة، هذا هو المعتقد الخاطئ الذي أوصلنا إلى مراحل خطيرة جدا إلى مشاكل.
وأوضح الدكتور جمال، أن الإسلام الحق الذي يأتي من خلال التفسير الصحيح والمعتدل كتفسير الأزهر الشريف، هذا لا بأس به وهذا ما يطلبة المصريون ونعيش عليه منذ قرون، أما التفسير الخاطئ لجماعة الإخوان الإرهابية يؤدي بالسياسة المصرية والدولة المصرية إلى عصور قديمة، ويؤدي إلى مشاكل اجتماعية عظيمة وغيرها من المشاكل السياسية والزراعية والصناعية، نظرا للتفسير الخاطئ وقول كل شيء باسم الدين، وهنا نصبح أسرى للحلال والحرام وفقا لإهواء جماعة الإخوان، وليس المفهوم الصحيح المعتدل للإسلام.