نحن وترامب والحلم الأمريكي

17-6-2023 | 11:46


 في الرابع عشر من يونيو الحالي أتم الرئيس الأمريكي السابق ترامب عامه السابع والسبعين، وسط محاكمات لم تحدث من قبل، فهو أول رئيس أمريكي يواجه اتهامات جنائية فيدرالية..

كعادته في الهجوم للدفاع عن نفسه قال: "المحاكمة تسير بشكل رائع؛ هي قضية مزورة في بلد مزور ودولة فاسدة ليس لها حدود، وليس لها سوى المشاكل، نحن أمة تتدهور"..
نحن مدينون لترامب؛ فقد أظهر الوجه "الحقيقي" لأمريكا ولم يردد "أطنان" أكاذيب من سبقوه ومن جاء بعده عن احترام الحريات وهراء نشر الديمقراطية بالعالم، وقدم النموذج رغمًا عنه "الحقيقي" للحلم الأمريكي بكل تفاصيله وكيف لا؟! وهو ملياردير وأمريكا دولة غنية، وهي وترامب يتفقان في الرغبة "المحمومة" للسيطرة على الغير وانتزاع ثرواتهم وسرقتها منهم..

فلديه أموال طائلة وسيصيبه الجنون إن لم يعد للسلطة؛ وأمريكا ترتكب الجرائم وتتقبلها من حلفائها لمواصلة السيطرة على العالم بأي ثمن.

تجسد علاقته بزوجته الحالية، ونفورها الواضح منه والبقاء معه، السياسة "النفعية" الأمريكية المعروفة..

 "يختار" دومًا الاستعراض للتضليل وهي عادة أمريكية كطريقة الإعلان عن القبض على صدام حسين؛ اختلفنا أو اتفقنا معه، التي ثبت لاحقًا أنها كانت "تمثيلية" مدبرة بما فيها تحطيم تماثيله العملاقة.

قال ترامب: "آسف لجعلكم تنتظرون" بعد عودته على تويتر وفيسبوك بعد حجبه طويلًا لدوره في التحريض على اقتحام الكونجرس يناير 2021، وشارك سابقًا بالتمثيل في فيلم.
 
قال ابنه "إيريك" عنه: لقد غير الحزب الجمهوري وأصبح حزب ترامب!!

من شدة صلفه يقول ما يأتي على باله دون تفكير، ومن تصريحاته الغريبة قوله: "إذا كانت المطهرات تقتل فيروس كورونا فلماذا لا نشربها"!!، وتصريحه: علينا وضع علم الصين على طائراتنا F22 ونرسلها لحرق الجيش الروسي في الليل، ثم نقول الصين فعلتها ولسنا نحن، وسيبدآن بقتال بعضهما البعض فيما نجلس نحن ونتفرج!! وتأكيده أنه سيحل الحرب في أوكرانيا خلال 24 ساعة!!

كما دافع عن اتهامه باغتصاب سيدة بأنها ليست نوعه المفضل، ولا يمكن أن تلفت انتباهه!! ولم يقل إنه لا يمكن أن يغتصب أبدًا..

سخر من الرئيس الأمريكي بايدن لعدم معرفته مؤخرًا بطريق الخروج بعد انتهاء مؤتمراته، وقلد حركاته "بابتذال" وأهانه، وأخذ معه وثائق مهمة؛ ومنها التصرفات الجنسية للرئيس الفرنسي "ماكرون"!!

ورفض تسليم شفرة النووي!! ووصفته سي إن إن بآلة الكذب "المحترفة"، اتهمته 26 سيدة بالاعتداء الجنسي منذ السبعينيات، مع اتهام غريب بالإصرار على "فحص" المتسابقات في مسابقة ملكة جمال أمريكا عام 2013 بنفسه "بالإكراه" ومعاملتهن كالخراف..

يفضل التعامل بالجبروت الظاهري لإخافة من "يختار" إضعاف نفسه، يجسد غطرسة فاقدي التاريخ؛ فالحلم الأمريكي تحقق بالكذب والاحتيال وسرقة أرض ومستقبل الهنود الحمر الساكنين الأصليين لأمريكا"، لا يختلف في جوهره عن معظم الرؤساء السابقين لأمريكا، ولكنه أكثرهم "وضوحًا" وصلفًا..

نستطيع "التعلم" دومًا حتى من أعدائنا، وعدم الاكتفاء بانتقادهم؛ فترامب يرفض رؤية الواقع كما هو، ويصر على رؤيته من حيث "يتمنى" فقط؛ كرفضه إعلان هزيمته في الانتخابات.. يحيط نفسه بمن يقولون له ما يرضيه، والنتيجة إصراره على الخطأ، يجدد اختياره للمكابرة والرهان الخاطئ على مساندة أنصاره له من خلال بث خطاب التحريض والكراهية ونفعه ذلك سابقًا، ولكن بالتكرار سيفقد التأثير..

أما نجاحه في حلمه "الأمريكي" فبدأه مبكرًا؛ فحدد أهدافه في حياته بوضوح؛ وهي المال والنفوذ وركز عليهما منذ كان شابًا، ويعرف جمهوره جيدًا من العنصريين والمتطرفين "ويجيد" استغلال عنصريتهم وتطرفهم ليدفعهم للتصويت له..

تعلم من إدمان شقيقه للخمور فلا يشربها أبدًا، يتقن التراجع في الوقت المناسب؛ فعلها أكثر من مرة مع الصين وإيران.

يجيد استعمال وسائله الخاصة للتواصل مع جمهوره عبر تويتر؛ ولا يترك نفسه رهينة لوسائل الإعلام التي تهاجمه.

في فيلم  The Founder وهو عن سيرة ذاتية لصاحب أشهر مطعم للأكلات السريعة بأمريكا وبالعالم، قال البطل: "الأعمال كالحرب؛ لو رأيت خصمي يغرق سأضع الخرطوم في فمه"، وقال عن صاحبي المطعم "الأصليين" هؤلاء لا يصلحان للأعمال بعد أن "سرق" منهما اسم المطعم، وأنشأ سلسلة مطاعم به وقال الاسم مثل أمريكا!!

وأضاف: إذا كنت عاجزًا عن التغلب عليهم فعليك شراؤهم، ومنذ رأيته عزمت على "امتلاكه" واستولى على زوجة متعهد عمل معه، الجدير بالذكر أنه طوال الفيلم يتحدث عن تجسيده "للحلم الأمريكي"..

 ويفتخر بانتزاع الاسم من أصحاب المتجر؛ لأنه اسم مميز، ولم يحاول ابتكار اسم مثله أو أفضل، بل سطا على اسم غيره واحتال عليه، والأسوأ افتخاره بذلك، وقوله إنه حقق الحلم الأمريكي.

 كلنا نقابل في مرحلة من حياتنا من يحاول، وقد يسعى باستماتة، لتحقيق حلمه الأمريكي على أشلاء أحلامنا، ولن يستطيع أحد امتطاء ظهرك إلا إذا انحنيت كما يُقال عن صدق رائع وواقعي جدًا..

أحلامنا جزء غالٍ من حياتنا، ولن تتسلل من بين أيدينا أو يسرقها أحد منا إلا إذا تساهلنا في الإمساك بها، وعندئذ سيسرع لصوص الأعمار والأحلام بسرقتها، ويستغرق منا وقتًا وجهدًا كبيرًا لاستردادها، والوقاية دومًا أسهل وأقل "كلفة" من العلاج.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: