نعم تمر الأيام وتعود الذكرى، 10 سنوات على إنقاذ مصر من براثن الحرب الأهلية والانقسام المجتمعى، كنا على أبواب عصر لم نعهده فى تاريخنا المعاصر، نحن أبناء هذا الجيل، الذى شاهد الاستقلال والتحرير والمعاناة فى بناء مصر الحديثة، نحاول أن نعيش بناء مصر ومحاولة عودتها إلى الحياة، نحاول أن نبعث مصر المعاصرة، ونرتبط بتاريخها العظيم، نخطئ ونصيب، ندخل حروبا، لكننا تخلصنا من الانقسام ومن الاستعمار الطويل الذى جثم على أرض مصر عقودا متباعدة، إلى أن اكتشفنا أننا نعيش ويتربى تحت جلودنا تيار يطلق على نفسه الإخوان - المتأسلمين - يسعون لكى يجعلونا مسلمين، طبعا «على كيفهم» وعلى مزاج تنظيمهم.
عشنا ورأينا تآمرهم على مصر بالصوت والصورة، فى عصر ما عرف باسم “الربيع العربى”، ما بين 2011 - 2013، ركبوا حصاناً تصوروه طريقهم إلى السلطة وحكم مصر، وكادوا يسلمونه إلى قوى إقليمية، وإلى قوى عالمية لإعادة السيطرة علينا، وتحويلنا إلى مواطنين درجة ثانية فى وطننا، المهم أنهم أثبتوا لنا عبر تاريخ طويل أنهم حصان طروادة، يستطيع أن يركبه المستعمر والمتآمر ضدنا وضد مصر وشعبها، يستغلون أى ثغرات داخلية للقفز على السلطة.
عام الإخوان الأسود، صنع أهم حدث فى تاريخ مصر المعاصر، 4 أيام هزت العالم (30 يونيو - 3 يوليو 2013)، رجت مصر أولا، وهزت الدنيا ثانيا، سنكتب عنها ما عشنا، وأحيانا الخالق، لن يتوقف الناس والمفكرون، عندما تعود ذكرى الأيام يتساءلون ويتحاورون: من صنع الحدث؟ الشعب أم المؤسسات؟ والحقيقة فقد صنعه الجميع.
أى عقل تخريبى إجرامى يحكم هذا الفكر الذى إذا وصفته بالمتخلف والجاهل، تكون أنصفته، مع أنه أكثر من ذلك، إنه خليط من الإخوان والقاعدة والدواعش.
انظر إليهم كيف يضلون أنفسهم؟
انظر إليهم كيف ينظرون إلى المجتمع والناس؟
انظر إليهم كيف يحطون من كرامة الطفل والمرأة؟
انظر إلى عيونهم لن ترى إلا العنف والتطرف والجريمة والخوف من الآن والغد، إنهم ليسوا متأسلمين، إنهم إرهابيون وأهل الجريمة المنظمة.
تحرك الشعب قبل أن يكملوا سيطرتهم على أغلى وطن فى الوجود، على مصر الكريمة التى لا تهان ولا تضام.
تحركت مصر، شعبها ومؤسساتها، تحركت لأن العناية الإلهية أنقذتها وكتبت بالخط العريض، مصر ستعود وستقوى وستكون هى جبهة الشرق العريض، ستكون حامية العرض والشرف، ستكون معبرة عن الدين الحنيف.
الله أكبر، عادت مصر منذ 10 سنوات إلى الوجود وإلى الحياة وإلى الحيوية، وإلى تجديد نفسها.
مصر تعانى من ويلات حرب داخلية صنعها الإخوان، تعانى من الإرهاب والتطرف، دفعت ثمنا غاليا من قوتها وقوت أبنائها، خسائر فادحة، لكنها عادت إلى المكانة التى تستحقها، دولة وسطية تحمى شعبها وتحمى منطقتها، دولة عاقلة تقول ما تقدر أن تفعله.
مصر عادت تحمى أبناءها، كل أبنائها، حتى إنها تسعى لمعالجة الخارجين عليها والطامحين إلى سلطة لن يحصلوا عليها إلا بقتلنا، وفقدنا هويتنا وأرضنا.
سقط الدواعش والإخوان المتأسلمون والإسلام السياسى البغيض إلى غير رجعة، والشعب الآن يجدد نفسه ويصنع روحه، حتى لا يسمح لهذه الجماعات الغريبة عليه أن تعود وتعشش مثل الغربان فى ربوع الوطن.
مصر وضميرها الجديد عرفت العقد الفائت حقائق كثيرة عمن ادعوا الإسلام، وانكشفوا بؤرة وراء أخرى، انتظرنا عليهم لنخرج من أصلابهم وعقولهم كل الترهات التى تركت تعشش فى أجيال متتابعة من المصريين والعرب، وتخيفهم من دينهم بل من دنياهم كذلك.
بلا خوف ولا تردد، مصر المعاصرة قادرة على هضم وتصفية هذه الفكرة، كما صفت المستعمر بكل أشكاله، وتصفى التخلف والجهل والفقر، وهم أصحابه، بل الأصح هم الوكيل الحصرى لإعاقة مصر وعدم دخولها نادى المتفوقين والاقتصاد القوى، وأن تكون جزءا من عصرها، أن يكون اكتشاف هذه الحركة وأفكارها المضللة المقيتة، هو نقطة فارقة فى تاريخ مصر الحديث، وكذلك سنظل نكتب ونعتبر أننا تجاوزنا أخطر كارثة مفزعة فى تاريخنا كله، وأننا بعد ذلك نكون مؤهلين لدخول أى عصر جديد نصنعه بأيدينا وثقافتنا وهويتنا المتجددة المعاصرة.