مع توالى الأزمات التى تعصف بالعالم ودوله خلال الأعوام الأخيرة، بدءًا من جائحة كورونا ثم التغيرات المناخية ثم الحرب الروسية الأوكرانية التى ألقت بظلالها على جميع اقتصاديات العالم، ثم الإقتتال فى السودان، تشهد مصر تسارعاً غير مسبوق فى المشروعات الزراعية القومية لمواجهة المشكلات المحلية التى نجمت عن هذه الأزمات العالمية.
موضوعات مقترحة
ومع الافتتاحات الكبرى التى أعلنها الرئيس عبد الفتاح السيسى وإطلاقه المشروعات الزراعية، كان لا بد أن نلتقى الدكتور رضا محمد على رئيس الحملة القومية للنهوض بمحصول القمح، لمعرفة ما الذى يمكن أن تحققه مصر من هذه المشروعات وإنعكاساتها على الأمن الغذائى المصرى فكان هذا الحوار..
ـ ما رؤيتكم للمشروعات الزراعية القومية الجارى إنشاؤها؟
بالرغم من التحديات الموجودة فى الفترة الأخيرة التى ألقت بظلالها على اقتصاد مصر، فما كان من القادة السياسية إلا أن تولى اهتمام كبير بالمحاصيل الإستراتيجية كالقمح والأذرة الصفراء وفول الصويا ودوار الشمس. وكانت توجيهات الرئيس السيسى ورئيس الوزراء ووزير الزراعة باتخاذ الإجراءات العاجلة لمضاعفة مساحات المحاصيل المنزرعة والعمل على عدة محاور للتنمية فى جميع المحاصيل كى نصل للمستهدف فى 2025/2030.
ـ وما المستهدف؟
المستهدف بالنسبة لـ 2025 على سبيل المثال لمحصول القمح زيادة إنتاجيته عبر عدة محاور أولها التنمية الأفقية والثانى التنمية الرأسية ثم تقليل الفاقد ورابعاً الزراعة التعاقدية. وهذه المحاور الأربعة ننفذها على جميع المحاصيل الإستراتيجيه من فول وذره وصويا ونوار الشمس.
ـ وما الذى تم بالنسبة للقمح؟
بالنسبة لمحصول القمح فنحن زرعنا هذا العام 3.2 مليون فدان ومستهدف العام القادم زراعة 4 ملايين فدان.
ـ أين سيتم زراعة الـ 800 ألف فدان الجديدة؟
يصعب ذلك فى داخل أراضى الوادى القديمة لأنه سيكون على حساب محاصيل أخرى لا تقل أهمية مثل المحاصيل الشتوية ذات الميزة الإستراتيجيه كالبصل والفول والبرسيم والكتان والبنجر وغيرها.
ولذا كان لابد للوصول للمستهدف بإنتاج 10 ملايين طن قمح وتوفير 50-55 % من إجتياجاتنا السنوية من القمح فى 2025 العمل على هذه المحاور الأربع وسد هذا الفارق بين الإستهلاك والإنتاج.
ـ أين تقع هذه المناطق الجديدة؟
توجد مساحات من المشروعات القومية التى نراها حالياً فى مشروع مستقبل مصر الموجود فى الضبعة وتوشكى الخير وشرق العوينات والفرافرة والداخلة وفى شمال ووسط سيناء وفى غرب المنيا. فكلها مشروعات قومية عملاقة الهدف منها مضاعفة المساحات المنزرعة بها كل عام وأغلبها إن لم يكن كلها تعمل فى المحاصيل الإستراتيجية فقط لا غير لتقليل الفجوة الموجودة فى القمح والتى تبلغ 45-50 % وفى إنتاج الزيت التى يبلغ العجز بها إلى 95% فنحن لا ننتج سوى حوالى 5% من إستهلاكنا السنوى من الزيوت وهذه كارثة.
فلا يصح أن نكون دولة بحجم مصر علمت العالم أصول الزراعة ولا نستطيع أن ننتج سوى 5% من إحتياجاتنا ولذا كان التحرك السريع للتوسع الأفقى ونضاعف كل عام المساحات المنزرعة فى المشروعات القومية الموجودة حالياً قى هذه الأماكن.
وحققنا نتائج مبهرة وننتج إنتاجا مرتفعا جداً يساهم فى الدخل القومى ويقلل من الفجوة الموجودة بالنسبة للمحاصيل الإستراتيجية وعلى رأسها القمح.
ـ هل تم إستغلال سلالات المعهد؟
هذا هو المحور الثانى المسمى بتعظيم الإنتاجية أو التنمية الرأسية لتعظيم الإنتاجية فى وحدة المساحة وذلك بإستنباط أصناف تتلاءم مع المشروعات القومية وهى جميعاً بأراضى جديده بالغالب تحتاج عند زراعتها إستنباط أصناف وسلالات جديده ذات مواصفات خاصة لأن هذه الأراضى الجديدة صحراوية ذات درجات حراره مرتفعه.
ـ وما الذى تقدمونه؟
معهد المحاصيل الحقليه مستعد بأصناف تتوافق مع هذه النوعية من الأراضى، ونؤدى أداء جيداً وأصنافنا تعطى إنتاج هائل ليست بأقل من 24-26 أردب قمح للفدان.
ـ وما أبرز الأصناف الجديدة؟
أصناف جيزة 171 ومصر 3 ومصر4 ومصر1 ويصل إنتاجيتها فى الفدان لـ 28-30 أردبا وهى أعلى مستوى إنتاجية للفدان من القمح على مستوى العالم.
فنحن الدولة الأولى على العالم فى إنتاجية الفدان من الأقماح الربيعية، وجميع الأصناف والهجن التى ينتجها معهد المحاصيل الحقلية أصنافاً مصرية.
ـ ماذا قدمتم لتفادى الأخطاء الدائمة التى يقع بها الفلاحون؟
لعلاج هذه المشكلة يدعمنا وزير الزراعة فى مضاعفة الحقول الإرشادية التى كانت الموسم الشتوى الماضى 3500 حقل إرشادى وصلت هذا العام لـ7000 موزعة على جميع قرى مصر بالوجهين القبلى والبحرى.
نقدم فى هذه الحقول الإرشادية للفلاح أو المزارع التوصيات الفنية والأساليب الزراعية المثالية ونطبق معهم طرق زراعية جديده ونعرفه بالأصناف المميزة التى تجود فى كل منطقة فيما يعرف بالسياسة الصنفيَّة.
ـ وما هذه السياسة؟
لكل منطقة أصناف تجود زراعتها بها ولا يجوز للفلاح زراعة أصناف غير جيدة أو غير مناسبة لمنطقته حتى لا يصاب محصوله بالأصداء أو الأمراض.
كما عليه الإلتزام بتعليمات الزراعة وموعدها المناسب ورعايتها النموذجية فى جميع مراحل النمو ونحن نتواجد معه كمعهد محاصيل بكل أقسامه المعنية منذ بدء الزراعة حتى الحصاد وندعمه حتى يحصل على محصول جيد.
ـ إلى أين وصل إنتاج الفدان فى مصر؟
متوسط مصر الإنتاجى من القمح 20 أردبا للفدان أى حوالى 3 اطنان وإذا نجحنا فى زيادة أردب واحد لكل فدان فى نفس المساحة المنزرعه أصبح وكأننى زدت المساحة المنزرعه بما يوازى 200 ألف فدان إضافية من مجرد تعظيم الإنتاجية الرأسى دون تكلفة إضافية لمجرد أننا علمنا الفلاح أن هناك ممارسات وطرق جديده للزراعه وتوصيات فنيه عليه الالتزام بها لتعظيم الإنتاجية وزيادة الربح الذى يوفر له حياه كريمه.
ـ وماذا عن الزراعة التعاقدية؟
لدينا خطه جيدة يدعمها وزير الزراعة حول الزراعة التعاقدية التى كانت فى السابق تتبع هيئة السلامة التموينية التابعة لوزارة التموين.
فأصبح يتم الإعلان عن سعر إسترشادى للمحاصيل الإستراتيجية كى نشجع الفلاح على زراعتها ونقوم وفقاً لتعليمات الرئيس السيسى بمراعاة الأسعار العالمية والتى فى حال ارتفاعها سيتم زيادة السعر للفلاح وهو ما سيتم بالنسبة للقمح والذرة الصفراء وفول الصويا ودوار الشمس وهو الأمر الذى كنا نفتقده لسنوات طويلة.
فالفلاح لا بد أن يعرف ماذا سيعطيه المحصول من ربحية قبل زراعته كى يتشجع ويقبل على زراعته.
ـ هل كانت لهذه السياسة بوادر نجاح؟
بالطبع فهناك بشائر جيدة لوحظت خلال الفترة الأخيرة خاصة فى محصول الأذره من حيث زيادة المساحات المنزرعه فأزمة الأعلاف التى تشهدها صناعة الدواجن ستنتهى إن لم يكن هذا العام والعام القادم بشكل نهائى، فقد كان الحل السحرى فى الزراعة التعاقدية.
ـ وما المستهدف زراعته؟
مستهدف زراعة 3.2 مليون فدان أذره أغلبها أذره صفراء حتى نستطيع حل المشكلة والأزمة التى حدثت العام الماضى بالنسبة لصناعة كبرى مثل صناعة الدواجن ويمكن بمشيئة الله الاستغناء عن الاستيراد.
ـ هل يمكن ذلك؟
بالطبع فنحن نستورد الأذرة والقمح والصويا بمبالغ ضخمه سنوياً من الدولارات فإذا وفرنا جزء كبير من هذه العملة الصعبة ونصل بما ننتجه لـ50-70 % من إحتياجاتنا ونزيد النسبة أفضل بالعام التالى فذاك إنجاز لا أن نقف مكتوفى الأيدى.
لقد أتت الزراعة التعاقدية بحل سحرى واصبحنا نشهد إقبالاً على زراعة المحاصيل التعاقدية بشكل لم يحدث فى تاريخ مصر.
ـ وماذا تقول لمنتجى الدواجن والأعلاف؟
أطمئن منتجى الأعلاف والعاملين بصناعة الدواجن حيث يجرى حالياً تعاقدات مبكره معهم عبر وزارة التموين بالتنسيق مع مركز الزراعات التعاقدية بوزارة الزراعة.
ـ وماذا عن إنتاجيات المحاصيل خاصة الزيتية؟
قمنا بدور كبير فى قطاع زراعات المحاصيل الزيتيه ومن المستهدف هذا العام زراعة 500 الف فدان قطن و150 ألف فدان فول صويا و50-60 ألف فدان دوار شمس.
وكل ذلك سيصب فى تقليل الفجوة بعدما كنا لسنوات ننتج 5% فقط من إحتياجاتنا من الزيوت ونستورد 95 % ولذا كانت خطتنا التى بدأناها العام الماضى وتستمر هذا العام والعام القادم والتى مع نهايتها مستهدف زيادة الإنتاج المحلى من الزيت إلى 15-20 % من احتياجاتنا وهذا إنجاز لم يحدث فى تاريخ مصر.