التعاون مع شركة استرالية لتنفيذ أنظمة تشغيل وإدارة منشآت الرى
موضوعات مقترحة
برنامج جديد لتمويل تطوير أنظمة الري بدون فائدة على 10سنوات
استهداف تطوير 50 ألف منشأ مائى بالأراضى القديمة.. ومطالب بنقل التجارب العالمية الرائدة لمصر
لا تزال الحكومة فى مصر تواصل إجراءاتها لحوكمة وترشيد استخدامات المياه، والحفاظ على المخزون المائى بهدف توفير الاحتياجات المائية المطلوبة، وتحقيق التنمية الزراعية الشاملة، خاصة فى ظل تحديات نقص المياه التى يواجهها العالم كله، وقد تبنت الدولة خلال السنوات الأخيرة إستراتيجية قومية لتطوير وتحديث نظم الري، وتوفير الاحتياجات المائية المطلوبة سواء للمواطنين أو القطاع الزراعي، كان على رأس الإجراءات، التوسع فى المشروعات المائية القومية، منها المشروع القومى لتطهير الترع والمصارف، زيادة تطبيق البرامج الحديثة والتقنيات العالمية فى إدارة وتشغيل نظم الرى المتطورة.
التوسع فى مشروعات محطات المعالجة وتحلية المياه، كان على رأس المشروعات القومية التى تبنتها الدولة المصرية للنهوض بملف المياه، إضافة إلى دعم القطاع البحثى لخدمة هذا القطاع والحفاظ على الموارد المائية فى مصر، خاصة مع الطفرة البحثية الكبيرة التى حققتها الدولة خلال السنوات الأخيرة، للاستفادة من الموارد المائية الهامة كالأمطار ومياه البحار، والمياه الجوفية.. حيث كانت «الأهرام التعاوني» كانت قد نشرت فى عدد سابق حلقة أولى لإجراءات الدولة بشأن حوكمة المياه فى مصر، حيث جاء بعنوان «تفاصيل 7 محاور مهمة لحوكمة المياه الجوفية»، على رأسها تبنى برنامج متكامل لمتابعة مستوى الآبار الجوفية، والتأكد من تطبيق كافة الضوابط والاشتراطات المنظمة لعملية استخدام هذا المصدر الهام، التوسع فى تنفيذ شبكات المراقبة والتحكم لتنظيم استخدامات الآبار بشكل علمى يحقق الاستدامة للمخزون على أطول فترة ممكنة.
وجاء ضمن محاور حوكمة المياه الجوفية التى أقرتها وزارة الري، الانتهاء من إعداد الدراسات الفنية العلمية والكافية لكميات المياه المطلوبة قبل التوسع فى أعمال التنمية خاصة بالمناطق الجديدة، مطابقة الدراسات الفنية المعنية بحوكمة المياه كالدراسة الأخيرة الخاصة التى أعدتها جامعة القاهرة بشأن تحديد إمكانيات الخزانات الجوفية فى مصر، ووضع محددات آمنة للسحب، التوسع فى تنفيذ شبكة من الآبار الجوفية، للاستعانة بها فى متابعة تغير مناسيب الخزانات الجوفية بمختلف المناطق، إضافة إلى دورها فى تحقيق الرصد اللحظى لهذا التغيير، التوسع فى برامج التحول الرقمى ونظم الرى الحديث فى منظومة استخدام المياه الجوفية العميقة والاستفادة من التقنيات الرقمية المتطورة فى دعم هذا الإجراء، وتحقيق أكبر استفادة ممكنة من تقييم كميات المياه فى أعماق الأرض، التوسع فى استخدام نظم التحول لاستخدام الطاقة الشمسية فى منظومة رفع المياه بالآبار الجوفية.
فى هذا الملف ننشر الحلقة الثانية من إجراءات الدولة لحوكمة مياه الري، حيث انتهت وزارة الرى من توقيع تعاون جديد مع إحدى الشركات الاسترالية العاملة فى مجال تنفيذ منشآت الرى وأجهزة التحكم والقياس الآلى وتصميم وتنفيذ أنظمة التشغيل وإدارة المنشآت المائية.. كشف عن تفاصيله الدكتور هانى سويلم وزير الموارد المائية والري، حيث أكد أن التعاون الجديد بين الحكومة المصرية وشركة «روبيكون للمياه» يستهدف تطوير منشآت الري، والتوسع فى أجهزة التحكم والقياس الآلي، وتحديث نظم تشغيل وإدارة نظم الرى بشكل يواكب التطورات العالمية التى يشهدها العالم، إضافة إلى نقل الخبرات الاسترالية فى مجالات بحوث المياه ونظم الرى وأعمال التطوير الخاصة بالمجارى والمصارف المائية التى تجرى الدولة خلال هذه الفترة أكبر مخطط لتطويرها، كما أن تفعيل بنود التعاون الجديد سيتم من خلال مجموعة عمل مشكلة من أهم الخبراء والمختصين فى قطاع المياه من الجانبين الاسترالى والمصري، موضحًا أن هذه التعاون يأتى وفقًا لتوجيهات القيادة السياسية ممثلة فى الرئيس عبد الفتاح السيسى الخاصة بسرعة إنجاز خطة حوكمة المياه وتحديث نظم الرى التقليدية بأنظمة حديثة تحقق وفرة فى المخزون المائي، وترشد من استخدامات المياه.
وأكد الدكتور سويلم، أن القيادة السياسية فى مصر تولى ملف تطوير منظومة الرى فى مصر اهتمامًا كبيرًا، وقد تبنت وزارة المواد المائية والرى مخططا كاملا لتنفيذ هذه التكليفات، واتخاذ كافة الإجراءات المطلوبة فى توفير الاحتياجات المائية للقطاع الزراعي، وذلك من خلال الاستمرار فى استكمال مشروع تطوير وتحديث كافة العناصر المائية، باعتبار أن هذا التحديث يمثل أحد الركائز الأساسية لتحقيق الأمن الغذائى فى مصر، حيث تعمل وزارة الرى على استكمل المشروع القومى العملاق المعنى بتطوير وتأهيل شبكة المجارى المائية بشكل مستديم لضمان قدرة هذه المجارى المائية على إمرار التصرفات المطلوبة، إضافة إلى الاستمرار فى تنفيذ إجراءات الصيانة والتحديثات الدورية لكافة منشآت الرى المختلفة، وقناطر الحجز والسحارات والبدالات، حيث تبلغ عددها ٥٠ ألف منشأ مائى بمختلف منتشرة فى الأراضى القديمة.
وعلى الناحية الأخرى قال الدكتور السعيد حماد رئيس مجلس ادارة الهيئة العامة للجهاز التنفيذى لمشروعات تحسين الأراضى بوزارة الزراعة، إن الدولة تقدم كافة سبل الدعم لاستكمال خطة تطوير أنظمة الرى فى مصر، حيث تولت البنوك المصرية مهمة تمويل مشروعات تطوير أنظمة الرى بالأراضى القديمة، حيث وقع البنك الأهلى المصرى بروتوكول تعاون بين البنك الزراعى المصرى للبدء فى إطلاق برنامج جديد لتمويل المشروعات الزراعية على 10 سنوات، بعد الانتهاء من إجراءات المراجعة والتقييم من قبل اللجان المختصة من وزارات الزراعة والرى والمالية والبنك، على أن يتم منح المتقدم التمويل اللازم بدون فائدة، موضحًا أن هناك توجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسى بسرعة إنجاز مهمة تطوير وتحديث أنظمة الرى فى جميع المحافظات، خاصة فى أراضى الوادى والدلتا.
وأضاف الدكتور حماد، أنه تم الانتهاء من تحديث منظومة الرى فى الأراضى الجديدة على مساحة 1.2 مليون فدان، حيث تختص وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى بتحديث الرى على مساحة 504 ألف فدان بالأراضى الجديدة فى 8 محافظات، على أن تتولى وزارة الرى باقى المساحات المستهدفة، حيث انتهت الوزارة من تحديث طرق الرى على مساحة 400 ألف فدان من عام 2020 وحتى الآن، كما يتولى جهاز تحسين الأراضى بوزارة الزراعة مسؤولية مهمة فى منظومة تطوير أنظمة الرى الحديث التى أطلقتها الدولة، حيث أطلق الجهاز مؤخرًا برنامج قومى للتوسع فى الحقول الإرشادية البالغ عددها أكثر من 150 حقلا إرشاديا بواقع مساحات تصل لحوالى 16 ألف فدان على مستوى المحافظات المستهدفة منذ 2018، لتوعية المزارعين بأهم التوصيات الفنية الواجب استخدامها فى منظومة التطوير الجديدة، والتوعية بطرق الزراعة الجديدة والمناسبة للمحاصيل الزراعية للاستفادة من كل نقطة مياه.
وأشار قائلًا، أن وزارة الزراعة ممثلة فى جهاز تحسين الأراضي، نفذت أولى تجاربها فى محافظة بنى سويف على مساحة 30 ألف فدان من إجمالى 71 ألف فدان مستهدف كمرحلة أولى ضمن تمويل مشروعات تطوير أنظمة الرى بدون فائدة، كما تبنت وزارة الرى تنفيذ أول تجربة لها فى أراضى محافظة القليوبية، موضحًا أن هناك تنسيق تام بين وزارتى الزراعة والرى عن طريق «لجنة تنسيقية عليا» لإدارة وتنظيم برنامج تطوير وتحديث نظم الري، وإنجاز هذا المشروع القومى الهام، وفى قطاع تطوير المراوى والمساقى فقد تم الانتهاء من تطوير ما يقرب من 250 ألف فدان بمحافظات، كفر الشيخ، والبحيرة، والدقهلية، والشرقية، وبنى سويف، والمنيا، وأسيوط، وسوهاج، وقنا، والأقصر، كما تبنى جهاز تحسين الأراضى بوزارة الزراعة تزامنًا مع التوسع فى أنظمة الرى الحديث، برنامج متكامل للنهوض بمنظومة زراعة المحاصيل، عن طريق التوسع فى أعمال التسوية بالليزر على الأراضى المستهدفة من منظومة التطوير، إضافة إلى توفير كافة التوصيات الفنية لزراعة المحاصيل الزراعية الهامة كالقمح والذرة والأرز، سواء الزراعة على مصاطب، أو الزراعة بنظام البذرة الجافة، وذلك لتقليل الاحتياجات المائية للنبات.
من جانبه قال الدكتور أحمد فوزى دياب كبير خبراء المياه الدولى وأستاذ الموارد المائية بمركز البحوث، إن تطوير وتحديث نظم الرى فى مصر خطوة مهمة لا تحتمل التأخير أو التهاون، وقد تبنت الدولة السنوات الأخيرة العديد من الإجراءات لدعم هذه الخطوة، والتوسع فى أنظمة الرى المتطورة، والبدء فى تنفيذ حزمة من المشروعات القومية لإنجاح هذه المهمة لتوفير الاحتياجات المائية للقطاع الزراعي، ومواجهة التحديات المائية التى تواجه مصر بالتزامن مع الزيادة السكانية والمشروعات الزراعية الكبرى التى نجحت الدولة المصرية فى تنفيذها خلال السنوات الأخيرة، مشيرًا أن وزارة الموارد المائية والرى تقوم بحزمة كبيرة من الإجراءات لدعم التجارب العالمية الناجحة فى مجال تطوير الري، كان آخرها توقيع التعاون الأخيرة مع أحد أهم الشركات الاسترالية الكبرى العاملة فى هذا المجال.
وأضاف الدكتور دياب، أن هناك أكثر من 55 دولة حول العالم نجحت فى تنفيذ تجارب ناجحة فى مجال تحديث وتطوير أنظمة الري، وقد كان على رأسها المكسيك ودول أمريكا اللاتينية، ومن هنا يمكن أن تجرى الجهات المختصة فى مصر على رأسها وزارة الرى وقطاعاتها البحثية الدراسات اللازمة لنقل التجارب الدولية الناجحة إلى مصر، بشكل يتناسب مع تغيرات التربة والمناخ وتراكيب المحاصيل الزراعية، وإعادة تغيير ثقافة المزارعين فى التعامل مع الموارد المائية، موضحًا أن التعاون الجديد بين وزارة الرى والشركة الاسترالية أحد الخطوات المهمة التى تبذلها الحكومة المصرية ممثلة فى وزارة الرى لنقل التجارب العالمية الرائدة لمصر فى مجال تحديث أنظمة الري.
وقال الدكتور عباس شراقى أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، إن الشراكات الجديدة بين مصر والكيانات العالمية المتخصصة فى تحديث وتطوير أنظمة ومنشآت الرى أحد أهم الركائز الأساسية التى تساهم فى موجهة العجز فى المخزون المائى فى مصر، خاصة وأن هناك مجموعة من التحديات التى تواجه الأمن المائى فى مصر على رأسها التقلبات المناخية، حيث أن مصر شأنها شأن باقى دول العالم معرضة للتأثر بالاختلافات المناخية الحالية والمستقبلية سواء بالسلب أو بالإيجاب، وهذه الاختلافات تشمل ارتفاع درجات الحرارة، وتأثيرها على الزارعة والثروة الحيوانية، كما أن الاستخدام الجائر للمياه فى مجال الزارعة يستهلك حوالى 80 % من المياه المتاحة، و20% للأغراض المنزلية والصناعة، كما أن استمرار زراعة المحاصيل الشرهة للمياه دون الارتقاء بمنظومة التقاوى الموفرة للمياه عن طريق استنباط أصناف جديدة تحقق أعلى إنتاجية وتوفير أكبر قدر من كميات المياه.
وأكد الدكتور أحمد علام خبير الموارد المائية والري، أن مصر تبنت إستراتيجية كبرى للانتهاء من تحديث نظم الرى بحلول 2050، وقد أطلقت منظومة كبرى لتطوير نظم الرى والاستفادة منها فى أعمال الزراعة، ومن هنا فإن التعاون الجديد بين وزارة الرى وإحدى الشركات الاسترالية يأتى ضمن مخطط الدولة للاستفادة من الخبرات الأجنبية فى بحوث المياه، والحفاظ على المخزون المائي، وإسدال الستار على نظم الرى القديمة التى ساهمت فى إهدار ملايين الأمتار من المياه فى ظل الاحتياج الكبير للمياه فى مصر خاصة بعد المساحات الجديدة التى تم إضافتها للرقعة الزراعية فى مصر، والتى تبلغ حوالى 4 ملايين فدان جديدة تضاف لحولى 6 ملايين فدان بالأراضى القديمة، ليصبح إجمالى المساحات المنزرعة فى مصر بعد التوسعات الجديدة تقترب من 10 ملايين فدان.
وأضاف الدكتور علام أن تقارير رسمية أكدت أن 85 % من كميات المياه فى مصر تستخدم فى القطاع الزراعي، منها 95 % مصدرها من نهر النيل والمياه الجوفية والأمطار، ومن هنا فإن تقليل نسبة الفاقد من المياه تحتاج إلى التوسع فى التقنيات الحديثة وأنظمة التشغيل الذكية لتحديث نظم الرى بالمحافظات خلال فترة زمنية لا تتجاوز الـ10 سنوات بجميع المحافظات، كما توجه الدولة كل سبل الدعم لاستكمال هذه المنظومة عن طريق دعم المزارعين بقروض تمويل مدعمة، مشيرًا أن المزارعين المستفيدين بالأنظمة والتقنيات الحديثة بمنظومة الرأى حققوا أعلى معدلات الاستفادة من منظومة تطوير وتحديث أنظمة الرى فى مصر، على رأسها توفير الوقت والجهد والتكاليف التى يتم إنفاقها فى عملية الري، كما ساهمت هذه الإجراءات فى توفير كميات كبيرة من المياه، وحقق زيادة فى إنتاجية المحاصيل خاصة وأن النبات فى المنظومة الجديدة يأخذ احتياجاته الفعلية فقط.
وأشار إلى أن هناك مجموعة من أنظمة الرى الحديثة الرائجة التى يتم استخدامها فى الأراضى الجديدة، منها «البيفوت» ووصلات التنقيط وأنظمة الرى بالرشاشات، كما أن تكلفة وحدة البيفوت المستعملة يتم شرائها بحوالى 700 ألف جنيه قبل زيادة أسعار العملات الأخيرة، وهى قادرة على العمل لحوالى 5 سنوات على الأرض، وهنا يلجأ المزارع إلى البنوك للاستفادة من مبادرات تمويل المشروعات الزراعية للاستفادة من أنظمة الدعم المقدمة للمزارعين، أن إدخال التقنيات الحديثة فى منظومة الرى ساهم فى زيادة المساحات المنزرعة، وقلل من الأيدى العاملة وذلك لأن أنظمة الرى الحديثة يمكن أن تدار فى بعض المناطق من بعد عن طريق «أبليكيشن موبايل»، قائلًا: «المزارع يستطيع أن يروى ما يقرب من 100 فدان فى متوسط 5 ساعات بواسطة أنظمة الرى المتطورة.. فى حين أن نفس المساحة يمكن أن تروى فى فترة زمنية تصل لأسبوع حال استخدام الرى بالغمر»، وهذا يؤكد ضرورة استكمال إجراءات الدولة لتطوير نظم الرى وحوكمة المياه.