تمثل المخلفات تحدياً كبيراً لدى دول كثيرة فى العالم، حتى أنها ينظر إليها باعتبارها ثروة قومية، بعد إعادة تدويرها، الذى يمكن أن يوفر الكثير من المواد والعناصر التى تستخدم فى كثير من الصناعات، وتقلل من استهلاك المواد الخام الجديدة، كما أن إعادة تدوير هذه المخلفات يساعد على تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة.
موضوعات مقترحة
وتعد عملية إعادة التدوير عنصرًا رئيسيًا فى الحد من تشكل نفايات جديدة، وهى المكون الثالث من التسلسل الهرمى للنفايات «تقليل وإعادة استخدام وإعادة تدوير». وتهدف عملية إعادة التدوير إلى الاستدامة البيئية عن طريق استبدال مدخلات المواد الخام وإعادة توجيه مخرجات النفايات إلى خارج النظام الاقتصادى.
من الدول التى تعتبر رائدة فى استغلال تدوير المخلفات، النمسا وألمانيا وتايوان، وسنغافورة التى تقوم بإعادة تدوير وإعادة استخدام مخلفاتها بنسبة 59% ثم كوريا الجنوبية بنسبة 49%، وتأتى المملكة المتحدة بنسبة 39%.
وأدركت مصر أهمية إعادة استخدام مخلفاتها الإلكترونية والزراعية، بعدما كانت عائقا كبيرا أمام المزارعين والمستثمرين والحكومة، وأصبحت جزءاً مهماً من عجلة التنمية، وأصبح لها شأن مهم فى الاقتصاد المصرى تحت مسمى الاقتصاد الأخضر، وأصبحت عملية إعادة تدوير المخلفات تدر على الدولة دخلاً كبيراً، وتوفر فرص عمل للشباب. وبسبب هذا الاهتمام قامت الدولة فى الآونة الأخيرة بإنشاء أكبر وأول عقد تنفيذ وتمويل وتصميم وإنشاء واستغلال وصيانة ونقل ملكية أول محطة لتحويل المخلفات الصلبة البديلة إلى طاقة كهربائية بين محافظة الجيزة وتحالف الهيئة القومية للإنتاج الحربى، بتكلفة إجمالية نحو 120 مليون دولار استثمارات مباشرة، مما يعد خطوة فارقة فى الطريق نحو توطين تكنولوجيا تحويل المخلفات لطاقة كهربائية فى مصر وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص.
ولنتعرف أكثر على الاقتصاد الأخضر وإعادة المخلفات بشتى أنواعها، يوضح الأستاذ الدكتور طارق محمد العربى - الرئيس التنفيذى لجهاز تنظيم إدارة المخلفات - أن وزارة البيئة قامت بتوقيع عدد من العقود مع عدد من الوزارات، لتنفيذ المرحلة الرابعة من البنية الأساسية لمنظومة إدارة المخلفات الصلبة بالمحافظات بتكلفة قدرها مليار جنيه، وتعتبر منظومة المخلفات ليست تحدياً وطنياً فقط، لكنها ترتبط بتحد عالمى وهو تغير المناخ، حيث تأتى المخلفات كثانى مصدر لانبعاث غازات الاحتباس الحرارى فى مصر بعد قطاع الطاقة بنسبة 13%.
وأضاف العربى: قمنا بعمل شراكة مع القطاع الخاص وهذه خطوة فارقة فى المضى قدما بعد تقرير البنك الدولى، أن القطاع الخاص يمكن أن يسهم بنحو 28 مليار جنيه فى تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050، وفى قطاع المخلفات لتحويل المخلفات لطاقة كهربائية قمنا بتنفيذ 16 محطة، مما يعنى إضافة استثمار مباشر للقطاع الخاص فى قطاع المخلفات بنحو 1.6 مليار دولار.
وبالنسبة للمخلفات الإلكترونية، لدينا 18 مصنعا تم إصدار تراخيص رسمية لها من وزارة البيئة لتدويرها، وأيضًا العمل على منظومة المخلفات الطبية مع وزارة الصحة لاستبدال التكنولوجيات المستخدمة فى تدوير المخلفات الطبية داخل المستشفيات إلى تكنولوجيات أكثر تطورا، وعمل منظومة لإشراك القطاع الخاص للتخلص من المخلفات الطبية.
وتم توقيع تنفيذ 9 مدافن صحية آمنة، منها مدفنان بمحافظة مطروح بمنطقة العلمين وسيوة، ومدفن بمنطقة الشيخ زويد بشمال سيناء و3 مدافن بمحافظة البحر الأحمر بمناطق القصير وحلايب وشلاتين ومدفن بمنطقة رأس سدر بجنوب سيناء ومدفنان بمحافظة سوهاج بمدينتى سوهاج وجهينة، كما تضمن العقد إزالة ورفع التراكمات التاريخية للمخلفات بكمية قدرها 2.1 مليون طن بجميع المحافظات.
ويؤكد العربى، على الاشتراطات التى تحافظ على حقوق المواطن فى استخدام تلك المقالب لتكون آمنة ولا تؤثر على صحة الإنسان، فقد تضمنت المقالب العمومية الاشتراطات والإرشادات، لإعادة تأهيل المقالب العمومية إلى تحسين طرق التخلص النهائى من المخلفات بطريقة علمية للحد من التأثيرات الضارة للمخلفات على البيئة، وأصبحت هناك سيطرة على الاشتعال الذاتى وانبعاثات تلوث الهواء من الروائح والمناظر الكريهة والأمراض.
وتم إنشاء سور حول المحيط الخارجى للموقع، لمنع الأفراد غير المصرح لهم من دخول الموقع، وإحاطة الموقع بأشجار عالية مثل الجازورين والكافور، وتوفير معدات لإطفاء الحريق، وتزويد الموقع بالمرافق الأساسية مثل الكهرباء والمياه ودورات المياه والتليفون، وتوفير جراج لمعدات المقلب لأعمال الصيانة وتخزين قطع الغيار داخل الموقع، وتركيب ميزان لوزن كمية المخلفات الداخلة للمقلب، تنظيم مرور عربات النقل واللوادر إلى داخل المقلب بتوفير عامل عند بداية الطريق إلى داخل المقلب وآخر عند المهبط داخل المقلب، بحيث يتم التنسيق لمرور العربات على حسب الدور مع تقسيم مناطق العمل بالموقع، ويتم تصميم وإنشاء الطريق بمستوى وتكلفة تناسب كمية ونوعية وزن المعدات التى تستخدمه. ويتم أيضاً تنظيف منطقـة المقلب بصفة دوريـة داخـل وخارج الحدود من أى مخلفات.
ويضيف العربى، هناك طرق خاصة بالتشغيل فى الموقع، بحيث يتم تخصيص موقع لتخزين مخلفات عمليات البناء والهدم، ونواتج الحفر لاستخدامها فى عمليات التغطية للخلايا بصفة يومية، كما يتم عمل تقسيم أرض المقلب إلى خلايا، بحيث يتم تفريغ المخلفات فى خلية واحدة وبطريقة منظمة، واختيار المكان المخصص للفرز ليكون قريبا من موقع الدفن النهائى.
والقيام بضغط المخلفات فى المدفن على هيئة طبقات سميكة لأنة يجب كبس هذه الطبقات، حتى يصل سمكها إلى 2 متر، وهذا يساعد على الحد من انخفاض وتهيل التربة وتوفير سعة المقلب.. وتعتبر التغطية اليومية مهمة جدا لمنع الاشتعال الذاتى، وتقليل جذب المخلفات للطيور والقوارض، ومنع وصولها إلى أى غذاء، والحد من تقليل البيئة المناسبة لنمو الحشرات، العمل على توفير مواد ردم تكفى على الأقل احتياجاً لأسبوعى عمل بجانب منطقة الدفن لتفادى عدم ردم المخلفات يوميا لأى نقص فى مواد الردم.
وقد تم وضع نظام للرسوم، مقابل التخلص من المخلفات الخطرة (فى حالة توفير مواقع خاصة بالمدافن للتخلص الآمن من المخلفات، طبقا لاشتراطات قانون البيئة) على أن تتم المحاسبة على أساس كمية ونوعية المخلفات، وفى نهاية عمر المقلب، يتم ردمه بتربة قليلة الامتصاص لتقليل تسرب المياه داخل الخلايا، والأخذ فى الاعتبار عمل انحدار فى الأرضية النهائية للمقلب لمنع تجمع المياه.
وبالنسبة للمخلفات الزراعية، قامت مؤسسة الطاقة الحيوية للتنمية المستدامة التابعة لوزارة البيئة، بالتوسع فى إنشاء وحدات للغاز الحيوى، وتصميم أنظمة مدمجة مع الطاقة الشمسية لتخفيض تكلفة الكهرباء المنتجة لصالح مزرعة 3M البيئية بالصالحية بمحافظة الشرقية، ودمج نظام تحليل المياه بالمزرعة لتغذية، وحدة إنتاج الغاز الحيوى وأحواض الزراعة السمكية، وأيضاً تصميم أنظمة لإنتاج الغاز الحيوى من مخلفات مصنع البدر فروزينا لإنتاج البطاطس النصف مجهزة، بوادى النطرون بمحافظة المنوفية. كما قمنا بالتشغيل التجريبى فى الأشهر السابقة لوحدة الغاز الحيوى بحديقة الحيوان بالجيزة، والمنفذة ضمن البروتوكول الموقع بين كل من جهاز شئون البيئة، ومؤسسة الطاقة الحيوية للتنمية المستدامة والإدارة المركزية لحدائق الحيوان بوزارة الزراعة، وشركة خدمات المشروعات.
ويقول الدكتور على أبو سنة - الرئيس التنفيذى لجهاز شئون البيئة - لتحقيق التزامات مصر الدولية تجاه اتفاقية ستوكهولم، للحد من الملوثات العضوية الثابتة، تم الانتهاء من التقرير النهائى لبرنامج الرصد العالمى للملوثات العضوية الثابتة، حيث تم قياس الديوكسينات والفيورنات، وبعض الملوثات العضوية الثابتة الجديدة فى المياه والهواء وألبان الأمهات، ولأول مرة تم قياسه فى الأسماك وتمت الموافقة عليه، وأوضح التقرير انخفاض تركيزات الملوثات العضوية الثابتة، عن عام 2012 التى تم تقديرها فى ألبان الأمهات والمياه بالمعامل الدولية والمحلية.
ويشير أبو سنة، إلى أنه تم الانتهاء من معالجة 430 طنا من زيوت المحولات الملوثة، وذلك فى نطاق كل من شركة غرب الدلتا لإنتاج الكهرباء ومنطقة الإسكندرية وغرب الدلتا، التابعة للشركة المصرية لنقل الكهرباء منذ بدء أعمال تنفيذ المعالجة فى شهر أكتوبر 2021 حتى الآن، وذلك من خلال وحدتى المعالجة المتحركة، ومن المتوقع الانتهاء من استكمال أعمال المعالجة للجزء الآخر فى منتصف 2024.
ومن أهم أهداف وزارة البيئة، الحد من استخدام الأكياس البلاستيكية لخطورتها على البيئة والتنوع البيولوجى، فقد قمنا بإعداد الإستراتيجية الوطنية للحد من استخدام الأكياس البلاستيكية أحادية الاستخدام، وذلك من خلال التعاون مع هيئة المعونة اليابانية «جايكا» ومركز البيئة والتنمية للإقليم العربى وأوروبا سيدارى، وقد وافق السيد رئيس الجمهورية على الإستراتيجية، بأهداف يمكن الوصول إليها فى مدى زمنى مناسب، وتتضمن الاتفاقية حظر التوزيع المجانى للأكياس البلاستيكية التقليدية على ثلاث مراحل أساسية، تبدأ من كبار سلاسل التجزئة والسوبر ماركت والمراكز التجارية، والمدن الساحلية. ومن ضمن تلك البدائل استخدام كيس من البلاستيك المنسوج، أو القماش «قطن أو كتان أو الألياف الطبيعية، وأيضاً استخدام أكياس البوليستر المعاد تدويرها، وكيس ورقى مبيض أو غير مبيض، وهذه الأكياس قابلة للتحلل الحيوى.
ومن بين المناطق التى أصبحت خالية من البلاستيك مدينة الغردقة، فقد تم بذل العديد من الجهود المشتركة بين وزارة البيئة ومحافظة البحر الأحمر، وعدد كبير من منظمات المجتمع المدنى، للحد من استخدام الأكياس البلاستيكية واستبدالها بأكياس أخرى صديقة للبيئة بمدينة الغردقة، وذلك لحماية البيئة البحرية والبرية، من أخطار هذه الأكياس، وحماية الصحة العامة، وقد تم تنفيذ العديد من حملات التنظيف للشواطئ من البلاستيك من خلال مبادرة «شواطئ خالية من البلاستيك».
ومن أهم البرامج التى قمنا بإعدادها، هى البرنامج الوطنى أحد أذرع وزارة البيئة لرفع كفاءة منظومة المخلفات فى محافظات الغربية، وكفر الشيخ، وقنا وأسيوط، ودعم جهاز تنظيم المخلفات سواء على مستوى الدعم الفنى والدعم المؤسسى والاستثمارى، ويتم تنفيذه من خلال شركاء التنمية بنك التعمير الألمانى، هيئة التعاون الدولى الألمانى، الاتحاد الأوروبى، هيئة التعاون الدولى السويسرى.
فقد أسهم البرنامج الوطنى لإدارة المخلفات الصلبة، فى تطبيق المنظومة المتكاملة للمخلفات من خلال إعداد الأكواد والأدلة الإرشادية والإستراتيجيات، وخطط العمل وقانون موحد لتنظيم إدارة المخلفات فى جمهورية مصر العربية، من خلال إعداد الكود المصرى لأسس التصميم وشروط التنفيذ لنظم إدارة المخلفات الصلبة البلدية، وكود مخلفات البناء والهدم، حيث تم تعديل عدد 16 مواصفة قياسية لإدارة مخلفات البناء والهدم لدعم صناعة إعادة تدوير مخلفات البناء والهدم.