ملحمة القضاء على فيروس سي.. تجربة مصر في هزيمة المرض تحظى باهتمام دولي.. وخبراء يكشفون أسرار الانتصار

15-6-2023 | 23:25
ملحمة القضاء على فيروس سي تجربة مصر في هزيمة المرض تحظى باهتمام دولي وخبراء يكشفون أسرار الانتصارفيروس سي
إيمان البدري

كيف نجحت مصر في القضاء على فيروس سي؟ وما هي قصة التصدي لهذا المرض ووقف خطورته؟ وكيف تحولت مصر من الدول الأكثر انتشارا في فيروس سي؟ حتى وصلت أنها أصبحت نموذجا في القضاء على الفيروس.

موضوعات مقترحة

وعلى الجانب العالمي نجد أن مجلة "فوربس" الأمريكية أشادت بتجربة مصر في القضاء على فيروس C، وأوضحت كيف تفوقت الدولة المصرية على واشنطن استطاعت التفوق على الولايات المتحدة في هذا المجال، حيث قدمت أكبر مجلة علمية تقريرا يرصد مقارنة لانتشار المرض بين البلدين ويضم إشادة خاصة بمبادرة 100 مليون صحة، وقد أعلنت عن تسخير 11.3 مليار دولار لتكرارها في أمريكا.

وقد ذكرت مجلة فوربس أنه قبل 3 سنوات كان لدى مصر والولايات المتحدة نفس العدد تقريبًا من الأشخاص المصابين بفيروس سي، وكان عبء المرض في مصر أعلى بثلاث إلى أربع مرات للفرد منه في الولايات المتحدة، واليوم الوضع مختلف جدا، حيث تم اعتماد مصر من قبل منظمة الصحة العالمية لتكون خالية فعليًا من المرض، ومع ذلك، لا تزال الولايات المتحدة تتحمل نفس العبء على الرغم من امتلاكها الموارد اللازمة للقضاء على فيروس سي.

وبحسب التقرير وفقا لمجلة فوربس، فإن الحواجز التي تواجهها الولايات المتحدة للتخلص من فيروس سي مماثلة للعوائق التي واجهتها مصر، كما أشار التقرير أن حملة 100 مليون صحة في مصر لم تفحص فقط جميع السكان الذين تزيد أعمارهم على 12 عامًا بحثًا عن فيروس C، ولكن امتد الفحص والاستشارات أيضًا لمرض السكري وارتفاع ضغط الدم والسمنة.

              

كيف انخفض انتشار فيروس سي من 22% إلى 15% في عام 2008؟

يقول الدكتور جمال عصمت، أستاذ الكبد والجهاز الهضمي بجامعة القاهرة، نائب رئيس جامعة القاهرة الأسبق،ومستشار منظمة الصحة العالمية للفيروسات الكبدية، وعضو مؤسس للجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، كان ينظر لمصر في السابق بأنها أعلى دولة في الإصابة بفيروس سي؛ حيث كانت تصل نسبه الانتشار لفيروس سي إلى 22% في عام 1996، وهي نسبة مرتفعة وكانت تنتشر أكثر في الدلتا.

الدكتور جمال عصمت

"ويعود السبب في انتشار فيروس سي إلى استخدام الحقن الزجاجية في علاج مرض البلهارسيا في فترة الأربعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، نظرا لعدم وجود الحقن البلاستيكية، ثم جاءت محاولة التصدي لفيروس سي، في 2006؛ حيث قامت  وزارة الصحة بتشكيل اللجنة القومية لمكافحة فيروس سي، لتتولى وضع القواعد والأسس والبرامج، للقضاء على الفيروس والحد من الانتشار.

 وفي 2008 تم عمل فحص آخر، وكانت النتيجة انخفاض الفيروس من 22% إلى 15%، والسبب في ذلك هو استبعاد استخدام الحقن الزجاجية، وكذلك نتيجة التزام وزارة الصحة بطرق تعقيم الأدوات واستخدام الحقن البلاستيكية بدلا من الزجاجية.

خفض قيمة علاج فيروس سي 

 وفي سياق متصل يقول الدكتور جمال عصمت، إن وقت انتشار فيروس سي ومحاولات الحد من انتشاره، كانت توجد مشكلة أنه لا يوجد علاج لمرضى فيروس سي، غير حقنة "الانترفيرون" التي كانت نسبة نجاحها لا تزيد على 50% من الشفاء من مرض فيروس سي، ولكن كان لها أعراض جانبية عالية، ولم تكن مناسبة لكل فئات المرضى، ونتائجها كانت غير مشجعه.

"ولكن في 2014 ظهر تطور عالمي في علاج فيروس سي، عن طريق الحبوب التي يتم تناولها عن طريق الفم، التي تصل نسبة الشفاء فيها إلى أكثر من 90 %، ولا يوجد لها أعراض جانبية، وكانت تناسب معظم المرضى، لكن كانت المشكلة الكبيرة فيها أنها كانت غالية التكاليف، حيث كان يصل كورس العلاج لشخص واحد إلى مليون جنيه، مما يمثل عائق كبير جدا في مصر وفي أي مكان آخر في العالم.

ويكمل: إنه في 2015 تم التواصل مع الشركات العالمية المنتجة لدواء فيروس سي، للحصول على الدواء بسعر مخفض، وصل إلى 1% من ثمنه الأصلي أي يصل الدواء للمريض بـ 10 آلاف جنية بدلا من مليون جنيه.

 شركات الأدوية المصرية تنتج دواء فيروس سي محليًا وبنفس الكفاءة

 ويشير الدكتور جمال عصمت، أنه تم التواصل مع شركات الأدوية المصرية، للبدء في إنتاج أدوية مصرية مماثلة لهذا الدواء الأجنبي لعلاج فيروس سي، وتم تنفيذ أدوية مصرية لها نفس الكفاءة والأمان، مما ساهم في خفض سعر دواء فيروس سي مرة أخرى من 10 آلاف جنيه إلى أقل من 1500 جنيه، وبالتالي أصبح علاج فيروس سي متاحا، لجميع المصابين بفيروس سي الذي تم ترددهم على جميع المراكز التي تم إنشاؤها في جميع المحافظات المصرية.

"وبذلك استطعنا في 2016 علاج 600 ألف شخص بالأدوية المصرية المنتجة محليا، ووصل عدد من تم علاجهم على مدار السنوات الماضية إلى 2 مليون شخص ممن يعلمون أن لديهم إصابة بالفيروس، ولكن من خلال الأبحاث التي قمنا بها، علمنا أنه يوجد حوالي 2 إلى 3 ملايين شخص مازالوا مصابين بالفيروس، ولا يعلمون بإصابتهم، وهي مشكلة لأن عدم علاجهم يؤدي إلى مضاعفات تصل إلى حالة متأخرة ويصعب علاجهم.

 كما أن عدم علمهم بإصابتهم بفيروس سي، يجعلهم أكبر مصدرا لنقل فيروس سي للآخرين، وبذلك يعتبرون المشكلة التي تقف عائقا في أننا نصل إلى المعدلات العالمية للقضاء على فيروس سي التي تحددها منظمة الصحة العالمية.

" لذلك قدمت في عام 2017 اقتراح على اللجنة القومية للفيروسات الكبدية، وضع خطة لفحص جميع الأفراد البالغين،  الأكثر من 18 سنة، من خلال الوحدات الصحية الأولية، بهدف الكشف عن المصابين بفيروس سي وتحويلهم إلى مراكز العلاج للتشخيص وتلقي العلاج لحوالي من 2 أو 3 ملايين من المصابين

المبادرة الرئاسية للقضاء على فيروس سي والأمراض غير المعدية

وفي سياق متصل يقول الدكتور جمال عصمت، إن في حملة القضاء على فيروس سي، كان الدافع لنا فيها، أن الإرادة السياسية في هذا الوقت، كانت مهتمة بمشكلة فيروس سي في عام 2017، لأننا لم نكن قادرين على فعل ذلك، إلا من خلال الدعم السياسي المباشر من رئاسة الجمهورية، ولم يكن من السهل تحقيق ذلك إلا من خلال التعاون، ما بين جميع الوزارات بقيادة وزارة الصحة بتكليف من رئاسة الجمهورية.

 وبذلك تم فحص هذه الخطة وتنفيذها في 2018 باسم "المبادرة الرئاسية للقضاء على فيروس سي والأمراض غير المعدية"، وقد حدث هذا التطوير نتيجة وجود وسائل للاكتشاف السريع لفيروس سي، التي تسرع من إدخال بيانات المريض على المنظومة الصحية المتطورة، التي توضح إصابته بفيروس سي، وتدوين أنه قد تم تشخيصه وعلاجه في مكان آخر، آو أنه مصاب بفيروس سي، ولكن لم يتم علاجه من قبل، وهذه القصة استغرقت حوالي 7 شهور، بدءا من أكتوبر 2018 وحتى أبريل 2019،  وقد وصلنا في بعض الأيام، أنه كان يتم فحص نص مليون شخص يوميا، في جميع الأماكن وبذلك استطعنا إنهاء المشكلة في فترة وجيزة.

 وبعد ذلك يتم تحويل المريض للوحدة المعالجة الأقرب لسكنه بميعاد محدد، لتلقى العلاج لمدة 3 أشهر وتصل نسبه الشفاء إلى 95% من هذه الأدوية الحديثة، وجميع الفحوصات تتم بالمجان.

ولم نكتف بتحليل فيروس سي، ولكن امتد الكشف في المنظومة الصحية على السمنة والضغط والسكر، بهدف تشخيص المشاكل الطبية الغير معدية، وبذلك في 2018 و2019 تم فحص 60 مليون شخص مصري، أدخلنا نتائجهم على المنظومة الصحية،  وبذلك أصبح لدينا معلومات عن كل شخص أكثر من 18 سنة، نعرف عنهم هل مصابون بمرض مزمن أخر أو بفيروس سي أم لا، وتحديد أن المصابين منهم تم علاجهم مباشرة.

 ومن خلال هذا الإنجاز انخفضت نسبة انتشار فيروس سي بنسبة أقل من 5%، بعدما كانت تصل إلى 22%،  وبذلك وصلنا للمعدل المطلوب التي كانت تستهدفه منظمة الصحة العالمية في 2030، ولكننا حققناه سريعا في 2020، كما أن هذا الإنجاز تم تسجيله، في أكبر فحص طبي يجرى في العالم، ولم تتمكن دولة إجرائه حيث تم فيه تنفيذ فحص 60 مليون شخص،  يليه نيجريا تم بها فحص 30 مليون شخص بهدف البحث على فيروس الإيدز.

البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية أعلنا قيادة مصر في علاج فيروس سي

ويضيف  الدكتور جمال عصمت، العضو المؤسس للجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، أن منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي، اعترفوا أن مصر أصبحت القائدة في فكرة علاج فيروس سي على مستوى العالم.

كما أن مصر تمكنت من تدريب القيادات الصحية والوحدات الصحية المختلفة، لكي يستطيعوا أن يتعاونوا في نظام متكامل، ينتج عنه منظومة نجاح،  وهذا ساعدنا في وقت أزمة كورونا أن القيادات والوحدات الصحية، كانت مدربة في وقت سابق في 2018، على التصدي لفيروس سي، حيث كانت منظومة متكاملة تستطيع العمل في القضاء على كورونا وكوفيد،  بنفس المنظومة التي كانوا يعملون بها في 2018 و 2019 للقضاء على فيروس سي.

 ونتج عن ذلك أننا نفذنا مبادرة، بهدف توصيل الفكرة والمعلومة والمنظومة للدول الأفريقية المحيطة بنا، وبالفعل تم التواصل مع أكثر من 10 دول أفريقية لنقل التجربة لهم، ومساعدتهم في كيفية القضاء على فيروس سي في بلادهم، وبالفعل هذا التعاون أثمر عن تقدم في كثير من الدول الأفريقية المحيطة بنا.

منظمة الصحة العالمية تتحقق من المبادرة

يقول الدكتور وحيد دوس، أستاذ أمراض الكبد والجهاز الهضمي بجامعة القاهرة، ورئيس اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، في إطار تشكيل اللجنة الفيروسية الكبدية في 2006، كانت توجد كثير من أعضاء الجهات الدولية، ووجود تعاون وثيق مع هذه الجهات الدولية، وكان أهم تعاون تم، جاء من خلال المبادرة الخاصة بالمسح الشامل لفيروس سي، والتي تعتبر الأساس في القضاء على فيروس سي، حيث قامت منظمة الصحة العالمية في مصر من التحقق بمراجعة كل شيء في المبادرة، لكي توجد جهة دولية تقوم بمراجعتنا، وبالفعل قد خرجوا بتقرير أنهم تحققوا من النتائج التي أصدرناها في المسح والعلاج والشفاء،عند تواجدهم الميداني في الفروع ومن خلال الاتصالات الهاتفية بالمرضى ممن تناولوا العلاج.

الدكتور وحيد دوس

"كما توجد جهات دولية كثيرة أخرى أشادت بالتجربة المصرية، وقمنا بالتعاون معهم من خلال كثير من الخبراء في الجامعات الأوروبية والأمريكية.

وحول مراكز العلاج وإنشاؤها، قد تم إنشاؤها بتمويل كامل من لجنة قومية تابعة لوزارة الصحية المصرية، أما المبادرة كانت بالتعاون مع البنك الدولي في تمويل بعض نقاط المبادرة، علما بأن بعد التجربة المصرية في إنتاج دواء فيروس سي محليا فإن الفرد في مصر يتكلف 700 جنيه في العلاج مقارنة بحوالي 80 ألف دولار في علاج المريض في أمريكا، وهذا أكبر إنجازا في تقديم دواء محلي لعلاج فيروس سي وبذلك نخفض من تكلفة العلاج على نفقة الدولة.

إستراتيجيات آمنة للقضاء على فيروس سي في مصر

تشير الدكتورة منال حمدي السيد أستاذ ورئيس قسم طب الأطفال بجامعة عين شمس، وعضو مؤسس للجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، أن الشق الخاص المتعلق بفيروس سي لمصر، لها إستراتيجية تم نشرها في 2014 مع بداية العلاجات الجديدة، تضم بها الشق الوقائي ومكافحة العدوى، وما يخص التوعية المجتمعية على مستوى الدولة وما يخص الأمان دم، ويمتد إلى الحقن الأمن.

الدكتورة منال حمدي السيد

بالإضافة إلى وجود الشق الخاص بالمسح وتشخيص العلاج، وهذه الإستراتيجية كانت بالتعاون والدعم التقني والتعاون مع منظمة الصحة العالمية ومركز التحكم في الأمراض في الولايات المتحدة الأمريكية، وتم نشرها في 2014 مع بداية دخول العلاجات الجديدة لعلاج فيروس سي في مصر، وهي قد أحدثت طفرة كبيرة جدا، وكانت المحور الرئيسي الذي تم الاعتماد عليه، إلا أن تصل مصر إلى النسب العالمية لفيروس سي.

أما الشق الخاص بوضع أمان للدم، تم وضع إستراتيجية كاملة لبنوك الدم المصرية، ليصبح الدم أكثر أمانا عن السنوات الماضية، لكي نضمن أن الدم لا ينقل أي أنواع من العدوى الفيروسية للأشخاص الذي يتم لهم نقل الدم المتكرر أو على الأقل نقل الدم عامة،  وهذا عكس ما كان يحدث في الوقت السابق، حيث كان نقل الدم يقوم بنقل العدوى بفيروس سي وفيروسات أخرى، وهذا كان أحد أسباب الإصابة المرتفعة بفيروس سي.

أما الشق الثاني الخاص بالحقن الأمن في مصر، قامت مصر كأول دولة تدخل في منظومة الحقن الأمن مع منظمة الصحة العالمية،  وترتب عليها نقل الملكية الفكرية لتصنيع الحقن الآمنة ذات الاستخدام الواحد وذات التدمير الذاتي، التي تختفي فيها الإبر ذاتيا حتى لا يتمكن أحد من استخدامها مرة أخرى، وهي تحمي الأطباء والعاملين بقطاع الصحة من شكة الإبر المتكرر الذي كان ينقل العدوى في القطاعات الصحية، وبذلك أصبح في مصر شركات تصنع الحقن الآمنة، وأصبحت المستشفيات الحكومية على مستوى الدولة جميعها تستخدم بنسب مرتفعة الحقن الآمنة

منظومة الغسيل الكلوي وعلاج الأطفال

 وتضيف الدكتورة منال حمدي السيد، أن منظومة الغسيل الكلوي، منظومة قوية الآن، ومعمول لها إستراتيجية قومية أيضا، وتوجد متابعة من وزارة الصحة لكافة مراكز الغسيل الكلوي على مستوى الجمهورية،  وتم عمل توعية في الأماكن الأخرى التي من الممكن أن تنقل العدوى، مثل الحلاقين تم عمل منظومة كاملة لهم، وتم عمل توعية في القرى لكي يتم استخدام الأدوات المستخدمة في الحلاقة مرة واحدة.

 وكذلك على مستوى أطباء الأسنان في الأماكن النائية، وهي تعتبر إستراتيجية وقائية تم تنفيذها، ومازال يوجد الترصد والمتابعة للمنظومة الوقائية لأنها أهم جزء، لأن بعد المسح لفيروس سي وتقديم والعلاج على مستوى الدولة، كان لا بد من وجود المتابعة والتأكد من أنه لم يتم رصد حالات جديدة، وإذا تم رصد حالات جديدة يتم التأكد من أين جاءت لكي يتم متابعتها، لحل هذه المشكلة فورا وهذا كله يوجد في المنظومة والإستراتيجية.

أما الجزئية الخاصة بالأطفال، نعلم جميعا أنه تم عمل حملة 100 مليون صحة كمبادرة رئاسية، وهي كانت تتضمن جميع القطاعات ووصلت إلى رأس الدولة، التي حققت أهدافها في عام 2020 بدلا من 2030، حيث كانت منظمة الصحة العالمية كانت وضعت تاريخ 2030 لكل دول العالم للتخلص من الفيروسات الكبدية، وبالفعل قد وصلنا إلى النسب الدولية، وقد تم النزول من 10 % في المجتمع إلى 7% ثم 4% ثم وصلنا إلى أقل من 1%، على مدى السنوات الماضية، وبذلك قد نكون وصلنا إلى النسب العالمية.

أما المنظومة التي تم تنفيذها بالتوازي مع منظومة الكبار والبالغين، ومسح الـ100 مليون صحة الذي تم تنفيذه للبالغين لمدة 7 أشهر،وكانت بالتوازي معه حملة المدارس للأطفال م 12 إلى 18 عاما، أخذنا معها كل أنواع المدارس بأنواعها، مع ضمان السرية لنتائج المسح حفاظا على الطفل حتى لا يتم التمييز ضدهم بناء على أنه مصاب بالفيروس، هنا وضعنا في ديسمبر 2018 عمل مسح في المدارس من خلال الاختبار السريع مثلما كان يحدث للكبار، الذي تم التحليل لهم في حملة 100 مليون صحة للكبار والبالغين.

وتكمل: إنه تتم مراجعة ملفات الطلاب المصابين، من خلال تدريب لأطباء على البروتوكول العلاجي في هيئة التأمين الصحي، وهذا البروتوكول تم تنفيذه على المستوى القومي بنفس البروتوكول العلاجي، وتم علاج جميع الأطفال الذي تم اكتشاف إصابتهم، ويتم عمل تحليل "البي سي أر" لهم مع التأكيد على باقي التحاليل المطلوبة، ثم يتم البدء في العلاج وفقا لوجود أمراض أخرى مصاب بها أم لا.

المسح القومي للأطفال تم فقط في مصر

وتقول الدكتورة منال حمدي السيد، إن نسبة العلاج من فيروس سي، وصلت إلى حوالي 99% في الأطفال، ومازال المسح للأطفال يتم سنويا، مع متابعة إجراء المسح لهم في العام التالي، وهذه تعتبر المنظومة الأولى والوحيدة في العالم، حيث لم يتم عمل مسح قومي للأطفال في أي دولة في العالم.

وبذلك تراجعت مصر بعد أن كانت أعلى دولة من الإصابة بفيروس سي، وبذلك أصبحت الدول الأكثر إصابة بفيروس سي، هي دولة باكستان وهم الآن يحاولون تنفيذ برنامج مماثل لمصر، وقد تم تدريب الكثير من الدول على البرنامج المصري، مثل دولة جورجيا وهي في طريقها إلى الحصول على شهادة التخلص من فيرس سي، ثم دولة رواندا، ودول أفريقية كثيرة.

التدريب على البرنامج المصري ومبادرة الرئيس لعلاج مليون إفريقي

وفي سياق متصل تقول الدكتورة منال حمدي السيد، إن مصر تعمل مع كثير من الدول الإفريقية، ويشهد على ذلك مؤتمر صحة أفريقيا، حيث كان يضم جلسات حول الفيروسات الكبدية على مدار يومين، كما تعتبر جميع الدول المشاركة عن طريق مركز التحكم في الأمراض الأفريقي، جزء منها سيبدأ لمصر بالتدريج، لكي يتم التدريب على البرنامج المصري والدعم من مصر حسب مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي" لعلاج مليون أفريقي" سواء للدعم التقني كإستراتيجية،  ودعم تدريب الأطباء على إدخال البيانات وقاعدة البيانات الموجودة، والتدريب عليه، والتدريب على نظم العلاج ونظم مراكز العلاج، وكيف تم إنشاؤها،  وكيف تم ربط هذه المراكز معا، وهذا نوع من التدريب ينفذ حاليا للدول الأفريقية.

خريطة صحية واضحة لوزارة الصحة

 وتضيف عضو اللجنة الفيروسية الكبدية، أن مبادرة فيروس سي، تمت مع الأمراض غير السارية مثل أمراض والضغط والسمنة، وهو مهم جدا لأنه يسمح لوزارة الصحة برسم خريطة صحية واضحة، على الأمراض الأكثر احتياجا للدعم، ووضع إستراتيجية واضحة للوزارة في الفترة القادمة.

سبب انتشار فيروس سي

وتوضح الدكتور منال حمدي السيد، إنه كان لحقن البلهارسيا دور في نشر فيروس سي، باعتبار أنها حقن كانت غير آمنة في هذا الوقت، حيث كانت تستخدم أكثر من مرة لأكثر من شخص بعد غليها، ولا يتم تعقيمها بشكل، جيد مما سبب في نقل العدوى أكثر في العائلات.

ولكن في هذه الخطوة كان لمصر في مواجهة البلهارسيا نجاحات أخرى في الصحة على مستوى البلهارسيا، وهذا ما أعلنته منظمة الصحة العالمية في المؤتمر في أفريقيا، وأعلنت أن مصر كان لها نجاح سابق للبلهارسيا ماعدا بؤرا لم تعد تذكر حاليا، وذلك على مدى ال30ـ سنة الماضية من خلال عقار عبارة عن أقراص، بدلا من الحقن التي كانت تسبب فيروس سي، مع تطهير الترع من القواقع.

وتكمل: رغم أن مصر محدودة الدخل، إلا أنها حققت نجاحا ضخما باعتبارها أول دولة في العالم، تستطيع أن تفرض نفسها على المنظومة الصحية الدولية ببرنامج لم تقم به دول كبرى، ذات دخل كبير مثل الولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة تعمل في هذا المجال، ولكن مصر انطلقت بناء على إحساسها بالمسؤولية تجاه المشكلة الصحية الكبرى التي كانت تواجه مصر على المستوى الصحي والاجتماعي والاقتصادي.

لأن قضية علاج فيروس سي لها مردود اجتماعي واقتصادي، لأن المصاب بفيروس سي كان لا يعمل في أي مهنة، وكان يوجد تمييز في المجتمع ضد المصابين بفيروس سي وكانت توجد مشاكل كبيرة ليس لها حساب مادي، وقد تم تنفيذ دراسة رياضية، أثبتت أن ما تم فعله الآن، أكد أن كل دولار تم صرفه على مريض، قد وفر على الدولة 10 آلاف دولار، لهذا المريض على مدى الـ10 سنوات القادمة. 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: