الذكاء الاصطناعي.. هل يغني الأطلال؟

10-6-2023 | 09:47

برغم أن الذكاء الاصطناعي ليس وليد تلك المرحلة، وأنه يستخدم منذ الخمسينيات، بشكل أقل حضورًا، إلا أن ظهور ابتكارات حديثة منها؛ مثل تطبيق "شات جي بي تي" الذى يعد ثورة جديدة فى عالم المعلومات، فتح الباب لكثيرين ممن يعملون فى مجالات ليست صناعية ولا تجارية ولا هندسية فقط، بل إبداعية وفنية، وهو ما قد يكون له جوانب سلبية كثيرة.

وقد أكون من المتشائمين بما قد يحدثه الذكاء الإصطناعي فى مجالات مثل الغناء، أو السينما، وهنا لا أقصد الصناعة أو التطوير فى مجالات الصورة أو الصوت، ولكن فى أن يحل بديلا للإنسان، فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن نسمع أم كلثوم بطريقة ذكاء اصطناعي، أو أن نسمع أحمد عدوية مثلا وهو يغنى "سلامتها أم حسن"، أو أن يمنحنا الذكاء الاصطناعي روح موسيقى مثل الأطلال، فتكون المشاعر مرتبطة بالزمن الذى نعيشه، أو حتى أن يقدم لنا الإحساس فرح وحزن وشعور بقدوم الليل مثلما أبدع لنا رياض السنباطى فى رائعته "أقبل الليل" للشاعر الكبير أحمد رامي، والتى غنتها أم كلثوم فى عام 1969، وضع رياض السنباطي لحنا فى مقدمة الأغنية يوحي بقدوم الليل، أو "سهران لوحدى"، أو لنفس الثنائى "السنباطي – رامى" فى "سهران لوحدي"، تخيل أنك تسمع الأطلال بصوت مبرمج، أو تخونوه، أو يا خلى القلب، هذه الأغاني التى لا يمكن سماعها سوى فى حالة وجدانية مرتبطة بالسهر والنجوم والليل، هكذا لحن كل كبارنا رياض وعبدالوهاب وبليغ والموجي وكمال الطويل، أغنياتهم الجميلة وهم ينسجون مشاعر وكأن الأغنيات صور من مشاعرنا.

لا يمكن أن يأتي لنا هذا "الذكاء الاصطناعي" بمشاعر بشرية، يمكنه أن يقدم معلومات، أو يحاكي أصواتًا، أو يؤدي مهام الإنسان وبأكثر دقة من الإنسان، لكنه لن يغني بنفس روح وأداء وإحساس نجاة الصغيرة، أو أن يمثل مثل سعاد حسنى أو فاتن حمامة، يمثل مثل أي ممثل غير موهوب  ملامحه جامدة غير قادر على الإحساس بالجملة والمشهد.

ما أثير منذ فترة عن قيام أحد الملحنين بتقديم ألحان لأم كلثوم بالذكاء الاصطناعي وهو ما لاقى استهجانا من الكثيرين المرتبطين بصوت "الست" وتاريخها والخوف على هذا التراث من العبث، كان فى محله، لأن الذكاء الاصطناعي ظاهرة لن يدوم استخدامه فى كل شيء، لأنه مهما قدم سيظل عاجزا أمام الأحاسيس، أمام روح الشاعر التي نلمسها فى كلماته.. يكتب شعرًا، كما هو الحال إذ قال لى أحد الشعراء إنه جرب ذلك وأعطاه نتائج معقولة، وقال أحد الإعلاميين إنه خائف على الصحافة أن تنقرض بسبب هذه الظاهرة.. 

وعلى رأي أحد مقدمى البرامج لا يمكن أن تترك له حرية أن يقدم لك حلقة – جرب أن تأتي بالبوت – ليتكلم نيابة عنك – جرب أن تمنحه كل المعلومات عن الحرية وحقوق الإنسان، وعن السلاح النووى، عن الشرق الأوسط وأمريكا- والحرب الروسية الأوكرانية، واتركه يتحدث  سيسرد لك معلومات قد تكون فى مجملها مجرد تجميع من جوجل، معلومات مرتبة لكن تفتقد الرأي والتحليل الإنساني الذى يختلف من إنسان لآخر.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة