حين قررت كفالة ابنتي في عام 2018 لم يكن الأمر بالسهولة التي هي عليه الآن.. هكذا بدأت يمنى دحروج صاحبة مبادرة الاحتضان في مصر (أصبحت مؤسسة أهلية حاليًا) حديثها، موضحة أنه حالياً تضع وزارة التضامن على موقعها إجراءات الكفالة والمستندات المطلوبة والمعلومات المطلوبة، توحيد الطلبات، المعلومات الكافية مما ييسر على الراغبين في الكفالة .
موضوعات مقترحة
على الصفحة الرئيسية لموقع وزارة التضامن الاجتماعي تجد صورة لطفل يبتسم مكتوب عليها (اكفل يتيم في بيتك.. اضغط هنا للتقديم).
بمجرد دخولك على الرابط الموجود على موقع وزارة التضامن يستطيع الشخص الراغب في الكفالة أن يقدم طلبه أونلاين ويقومون بالاتصال به لاستكمال الإجراءات.
في هذا السياق تعمل وزارة التضامن الاجتماعي حاليًا على إنشاء أول مركز وطني للكفالة بالتعاون مع مؤسسة فيس مصر ووزارة الصحة والسكان؛ وذلك تمهيدا لافتتاحه قريبا.
إنشاء المركز يعد خطوة من خطوات الدولة في تحسين منظومة الكفالة في مصر، ولاسيما أن نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي صرح في أكثر من مناسبة تصريحات تكشف رؤية الدولة وفلسفتها تجاه لا مأسسة دور الرعاية ورغبتها في وجود الأطفال كريمي النسب في كنف أسر بديلة وعدم نشأتهم في دور الرعاية .
بحسب ما كشف عنه مجدي حسن رئيس الإدارة المركزية للرعاية الاجتماعية بوزارة التضامن الاجتماعي لـ"بوابة الأهرام" فالمركز سيتم افتتاحه قريبًا ليكون أول مركز في مصر لاستقبال وتصنيف وتوجيه كريمي النسب في الفئة العمرية منذ الميلاد وحتى سن 6 سنوات.
فكرة المركز الوطني للكفالة
يوضح مجدي حسن، أن فكرة المركز قائمة على توحيد مسارات الخدمة فبدلاً من أن يذهب الطفل كريم النسب أو اليتيم الذي تم العثور عليه إلى أحد مراكز الأمومة والطفولة التابعة لوزارة الصحة والسكان والتي يبلغ عددها 29 مركزًا أو إلى الحضانات الإيوائية التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي البالغ عددها 43 حضانة، يصبح لدينا مركز واحد يتم فيه استقبال الأطفال كريمي النسب وتجرى لهم عمليات الدعم النفسي والإجراءات القانونية الخاصة باستخراج الأوراق الثبوتية لهم، مضيفًا أن المركز كذلك به مكان مختص بالنواحي الصحية لهم من تطعيمات وخلافه على أن يكون كل ذلك تحت إشراف وزارة التضامن الاجتماعي.
حين يتم العثور على الطفل كريم النسب والأيتام يحصلون على قرار النيابة بإيداعهم مراكز الأمومة والطفولة - وهي تتبع وزارة الصحة وعددها 29 مركزا - وبعد ٣ أشهر يذهب للحضانات الإيوائية وعددهم 43 حضانة إيوائية.
يتابع رئيس الإدارة المركزية للرعاية الاجتماعي:"المركز مقسم لقسمين قسم دون سن السنتين وقسم من سن السنتين وحتى 6 سنوات، موضحًا أن هذا التقسيم؛ لأن هناك أطفالا ممن يزيد عمرهم عن العامين قد يحتاجون لتدخلات نفسية واجتماعية يكون مطلوب من المركز القيام بها".
تبقى الخطوة التي تتبع وجود الأطفال بالمركز الوطني للكفالة وهي قدوم الأسر البديلة لرؤية الأطفال، بإنشاء المركز سيتم التيسير على الأسر البديلة، حيث سيكون لديهم مكان واحد فقط لرؤية الأطفال بدلاً من التنقل بين المحافظات والحضانات الإيوائية.
بحسب مجدي حسن سيُغطي أول مركز وطني للكفالة محافظات: القاهرة، والجيزة، والاسكندرية، والقليوبية، وسيكون من شأنه التيسير على الأسر الراغبة في الكفالة، كذلك من المقرر أن يكون المركز هو النقطة أو التجمع الذي سيذهب إليه راغبو الكفالة لمشاهدة ورؤية الطفل، ثم يقومون بعمل إجراءات الكفالة ويستلمونه من المركز بحيث إن الطفل يمكث في هذا المكان بحد أقصى 3 أشهر.
ووفقا لرئيس الإدارة المركزية للرعاية الاجتماعية، فإن الأسرة الراغبة في الكفالة تقوم بعمل إجراءات الكفالة سواء أونلاين أو عن طريق مديريات التضامن الكائنة في 27 محافظة.
ويوضح مجدي حسن أن كل محافظة لديها ما يسمى بـ"اللجنة المركزية للأسر البديلة الكافلة"، وهي التي تبت في طلبات الكفالة وترى مدى صلاحية الأسرة ومطابقتها للشروط أم لا.
يتابع مجدي حسن توضيحه:"يقوموا بعمل استمارة التقييم الشامل للأسرة ، وهي صورة من صور الفحص الاجتماعي ولكن أكثر تفصيلاً ودقة، إضافة إلى عمل التقارير الطبية اللازمة الفحص الطبي للأب والأم الراغبين في الكفالة واختبار الشخصية متعددة الأوجه؛ لنرى قدرة الأب والأم نفسيًا على الكفالة، وكل أنواع الفحص التي نقدر عليها".
بعد ذلك يحضر الأب والأم منهج التدريب الإلزامي الموحد، والذي أقرته وزارة التضامن الاجتماعي وتنفذه بالتعاون مع الجمعيات الأهلية المتخصصة، ولابد لهم من اجتياز المنهج حضوريًا وليس أونلاين، وهو تدريب مجاني وبعد اجتياز التدريب واستيفاء كافة الشروط تقرر اللجنة إذا كانت الأسرة تأخذ طفلا أم لا، مؤكدًا أنه تتم المقابلة الشخصية للأب والأم بطريقة مباشرة سواء من اللجنة المحلية أو اللجنة العليا لمناقشتهم ولنكون قادرين على التقييم للأسرة في مدى صلاحيتها لكفالة الطفل من عدمه.
في حالة رفض وزارة التضامن الاجتماعي أن تكفل الأسرة الطفل، بإمكان الأسرة تقديم تظلم لدى اللجنة العليا للأسر البديلة الكافلة، وهي برئاسة المستشار محمد عمر القمارى المستشار القانوني لوزارة التضامن الاجتماعي، وبها ممثلون عن الأزهر والأوقاف والنيابة العامة، الصحة، التربية والتعليم، مؤسسات المجتمع المدني وكافة الجهات المعنية.
السماح للمطلقة والأرملة وغير المتزوجة بالكفالة
وفي إطار التيسير وتشجيع منظومة الكفالة في مصر، تم السماح مؤخرا للمطلقة والأرملة والفتاة غير المتزوجة التي يزيد عمرها عن 30 عامًا بكفالة الأطفال.
يؤكد رئيس الإدارة المركزية للرعاية الاجتماعية أن منظومة الكفالة في مصر ناجحة جدا حيث وصلنا في مصر لـ 14 ألف أسرة بديلة تكفل 14 ألف طفل كريم النسب، وبناء عليه ندعم هذه المنظومة لنجاحها وتأثيرها الإيجابي، ونتمنى وجود الطفل في مناخ الأسرة أكثر من وجوده داخل مؤسسة .
يُشار إلى أن مركز الكفالة المرتقب افتتاحه سيخدم بعض المحافظات وليس كلها وبإنشاء العديد من المراكز سيكون هناك توحيد لمسارات الخدمة وفي المستقبل القريب لن تحتاج الأسر الكافلة الذهاب لدور الرعاية.
نحو دور رعاية خالية من كريمي النسب 2030
تابع رئيس الإدارة المركزية للرعاية الاجتماعية بوزارة التضامن الاجتماعي:"نعمل على الغلق التدريجي للحضانات الإيوائية ومراكز الأمومة والطفولة، ونتمنى بحلول 2030 أن يكون كريمي النسب في بيوت لأسر بديلة وأن تكون دور الرعاية خالية".
ماذا يحدث عند إرجاع الطفل كريم النسب؟
في بعض الأحيان تقوم الأسرة الكافلة بإرجاع الطفل كريم النسب مرة أخرى لدار الرعاية؛ مما يكون له تأثير سلبي على الطفل.
يرد مجدي حسن حول رد فعل الوزارة تجاه ذلك قائلا:"نواجه ذلك بكل الخطوات الإجرائية التي وضعناها كإجراء وقائي واحترازي للحيلولة دون ذلك".
وتابع: "بعد بحث أسباب إرجاع الطفل نقوم بتغريم الأسرة مبلغ وصل حاليا لـ 20 ألف جنيه مصري توضع في حساب الطفل بالبنك ونضع الأسرة في القائمة السوداء بحيث يكون من غير المسموح لها التقدم بطلبات لكفالة الأطفال".
يُشار إلى أنه حين ترغب أسرة في كفالة طفل من الأطفال كريمي النسب يكون من شروط الكفالة وضع مبلغ 3 آلاف جنيه مصري كحد أدنى في حسابه بالبنك.
يكشف مجدي حسن: "حين يحدث ذلك نقوم بدراسة الأسباب مع مراعاة أن هذا الطفل إنسان، ولابد من المحافظة عليه وعلى حالته النفسية ولابد من عمل تأهيل نفسي واجتماعي له".
تشجيع منظومة الكفالة في مصر
رغم نجاح المنظومة وتيسير الإجراءات وتشجيع منظومة التكافل في مصر، إلا أن هناك سلبيات تظهر من نوع آخر، منها الإقبال على كفالة أطفال من سن معين أو تفضيل كفالة الإناث عن الذكور لأسباب دينية واجتماعية.
مميزات إنشاء مركز الكفالة الوطني
ترى يمنى دحروج صاحبة مبادرة الاحتضان في مصر (أصبحت مؤسسة أهلية حاليا) وأم كافلة أنه بإنشاء مركز الكفالة الوطني سيقضي على عدة معوقات وعيوب وصفتها بالخطيرة.
توضح دحروج أن مركز الكفالة سيمنع أي نوع من أنواع ما وصفته بالتحايل وسينهي فكرة الوساطة.
صعوبات منظومة الكفالة
في هذا الصدد تشير إحدى الأمهات الراغبة في الاحتضان (غير متزوجة) إلى أن وزارة التضامن الاجتماعي يسرت إجراءات الكفالة بشكل غير مسبوق ولكن هناك بعض الأمور التي تشكل صعوبات في منظومة الكفالة وهي الإقبال على كفالة البنات أكثر من الأولاد لأسباب دينية وهو ما يترتب عليه وجود قائمة انتظار مطولة، وبالنسبة للاتجاه لكفالة الإناث أكثر من الذكور فمؤخرا وجدت النساء حلا لذلك كي تستطيع النساء كفالة الذكور، وهو أن يكون الابن بالرضاعة.
إرضاع الأمهات لأطفالهن بالكفالة
تقول دكتورة أسماء صادق استشاري طب الأطفال و الرضاعة الطبيعية أن هناك أمهات كثيرات يأتين للعيادة وذلك لبدء إرضاع أطفالهن بالكفالة.
توضح أسماء صادق أن بدء الإرضاع ينجح بنسبة 95% ، ويحتاج مدة شهرين تقوم الأم فيها باستخدام جهاز تشفيط اللبن 8 مرات يوميا.
تشير استشاري الرضاعة الطبيعية أن هناك أمهات كافلات يحتاجن بدء الإرضاع للحصول على 5 رضعات مشبعات والحصول على شهادة مني تقدمها للأزهر والافتاء لتحصل على شهادة منهم بأن الطفل ابنها بالرضاعة.
تتابع: "وهناك بجانب الحصول على شهادة أن يكون الطفل ابنهم بالرضاعة، أن يقوموا بإرضاعه طبيعيا لفوائد الرضاعة صحيا ونفسيا وأثرها على جهاز مناعة الطفل".
وترى دحروج أن من الصعوبات التي تواجهها الأسر الراغبة في الكفالة هي النظرة السلبية من حولهم أو عدم وجود دعم مجتمعي أو وجود مجتمع جاهل حول الأسر.
تضيف دحروج أن الأسر تواجه تحديات حين تريد أن تكفل طفل كبير نسبيا (فوق السنتين) وليس طفل رضيع، أحيانا تصل تلك التحديات لاضطرار الأسرة لإرجاع الطفل مرة أخري.
تشير دحروج إلى أنه من ضمن الصعوبات كذلك إخبار الأطفال عن حقيقة كفالتهم وأنهم ليسوا أبناء بيولوجيين وخصوصاً لو كانوا في سن المراهقة.
من المقرر أن تشهد منظومة الكفالة في مصر مزيدا من التيسيرات، حيث كشف مجدي حسن عن أن وزارة التضامن تعمل تشريعيا على مسودة مشروع قانون الرعاية البديلة ومسودة الاستراتيجية الخاصة بالرعاية البديلة بالإضافة للجهود التي تتم لتعديل بعض الأحكام بقانون الطفل المصري، مشيرا إلى وجود لجان تنعقد لمناقشة هذا الأمر.
أيضًا كشف مجدي حسن عن وجود خطة موضوعة بالتعاون بين وزارة التضامن ووزارة الصحة لإنشاء سلسلة من مراكز الكفالة الوطنية بدأناها بهذا المركز ومن المنتظر أن نفتتح قريبا مراكز أخرى.
في هذا السياق كانت وزيرة التضامن الاجتماعي قد صرحت بأنه تم تحقيق إنجازات كبيرة فى تيسير باب كفالة الأطفال كريمى النسب وخفض عدد مؤسسات الرعاية بهدف الوصول إلى "لا مأسسة" قطاع الرعاية الاجتماعية، علمًا بأنه تم إغلاق 48 مؤسسة العام الماضى، حيث إن نسبة الإشغال فى المؤسسات بشكل عام تبلغ حوالى 67%.