Close ad

طائرات مسيرة فوق موسكو

7-6-2023 | 13:43
الأهرام العربي نقلاً عن

الثلاثاء الماضى 30 مايو 2023، هاجمت طائرات أوكرانية مسيرة العاصمة الروسية موسكو، فى تحول نوعى فى الحرب الدائرة منذ 24 فبراير 2022 بين البلدين، وكان أحد البلدين ملحقًا بالآخر إلى عام 1991، وينتميان إلى نفس الثقافة، ونفس العرق.

روسيا من جانبها أعلنت عن تدمير المسيرات المهاجمة تدميرًا تامًا، دون أن تحقق أهدافها، أو تسبب أضرارًا، واتهمت المسئولين عن إطلاقها بالإرهاب الدولى، وكان هجوم المسيرات ردًا على هجوم روسى سابق.

لم يكن هذا الهجوم هو الأول من نوعه، بل سبقه هجوم آخر على الكرملين، ومحاولات اغتيال طالت مقربين من السلطة الروسية، أبرزها محاولة تفجير سيارة المفكر الروسى القومى ألكسندر دوجين، وذهبت ابنته داريا ضحية بدلا من أبيها، حين تم تفجير سيارتها التى كان من المفترض أن يكون فيها الأب، ثم جرت محاولات أخرى، طالت صحفيين وإعلاميين مقربين من الرئيس فلاديمير بوتين.

فى العام الثانى للحرب تبدو كل الأطراف متمسكة بخرائطها السياسية، يراهن بعضهم على عنصر الوقت، والشاهد أن الوقت لم يعد فى صالح أحد، فالقوى الغربية «الناتو والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا»، تعانى أزمات اقتصادية طاحنة، وتواجه شبح إفلاس فى الأسلحة والذخائر.

أما على الجانب الروسى، فإن الاقتصاد يواجه محنة الحصار، ومنع الطاقة الروسية من التدفق إلى الأسواق العالمية كما كان، ثم أخيرًا إصابة المقاتلين بالملل، ومتلازمة الخنادق فى الحروب الطويلة.

كذلك يشعر الشعب الأوكرانى بأن نهاية هذه الحرب، قد لا تكون فى صالح وجود الدولة الأوكرانية نفسها، وكان بوتين قد صرح أكثر من مرة بأنه لم تكن هناك دولة أوكرانية قبل وجود الاتحاد السوفيتى، واتهم قادة الاتحاد السوفيتى السابقين بارتكاب هذه الخطيئة!

فى الوقت نفسه تبدو قوات حلف الناتو تقترب من الحدود الروسية، فالمفاوضات تجرى على قدم وساق، لضم فنلندا والسويد إلى عضوية الناتو، وهذا يعنى تغييرًا شاملًا فى قواعد اللعبة، وتوسيع جبهات القتال.

أما التحول من الدفاع الأوكرانى إلى مهاجمة الأراضى الروسية، فيعنى أن هناك مسارًا نوعيًا جديدًا، قد تتحرك معه قطع الشطرنج على الرقعة الملتهبة، وإذا ما تحركت القطع، فإن هذا النظام الدولى «القديم» سيتمزق إلى قطع صغيرة، لا يتصورها أحد.

من تجلياتها استفحال الأزمة المالية العالمية، وتأثير تراكم الديون الأمريكية على الاقتصاد الدولى، واستمرار نقص الطاقة الأوروبية، ومحاولة ألمانيا وفرنسا للتصرف، كقوتين مستقلتين عن الولايات المتحدة الأمريكية.

إنها حالة سيولة عالمية غير مسبوقة، ستتغير معها قواعد اللعبة.

والرهان على الهزيمة الصفرية هو ضرب من ضروب المستحيل، فروسيا لا يمكن هزيمتها هزيمة ساحقة، فهى مجتمع فلاحين شرقيين، يؤمن مواطنوها بالأرض والوطن كعقيدة، وهو ما يبدو جليًا فى كتابات تولستوي وتورجينيف وبوشكين، ودوستويفسكى، وغيرهم من كتاب ومبدعين، ومفكرين، وموسيقيين، وصولا إلى مفكر بوتين الحالى ألكسندر دوجين.

من جانب آخر، فإن أوكرانيا تنتمى إلى نفس العرق السلافى، يؤمن مواطنوها بنفس الأفكار والمعتقدات تقريبًا، وبالتالى يتبنون عقيدة الدفاع عن الأرض بقدر ما يعتقد الروس.

ما دامت الحال كذلك، فإنه من الرشد والعقل، أن يتفاوض البلدان ضمن إطار محدد، لا يسمح بتهديد خارجى، بعيدًا عن التصورات النظرية لمفكرى ما وراء المحيط، وأتباعهم على المسرح الدولى، وهم مع الأسف كثيرون، تراهم جماعات مصفوفة، مستعدة لتبرير الحروب الليبرالية المتواصلة، وكأنهم فى طقس جماعى مفروض.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: