Close ad

قطار «البتلو» يواصل محطاته.. وأسعار اللحوم تواصل الجنون

6-6-2023 | 10:59
قطار ;البتلو; يواصل محطاته وأسعار اللحوم تواصل الجنونارشيفية
تحقيق: علاء عبد الحسيب
الأهرام التعاوني نقلاً عن

الزراعة تعلن تمويل 42 ألف مستفيد بـ7.7 مليار جنيه.. وخبراء يحذرون من استغلالها لأغراض أخرى

موضوعات مقترحة
الأزمة السودانية وراء فجوة الأسعار الأخيرة.. ومطالب بنقل «تجربة البرازيل» للنهوض بالثروة الحيوانية 

مطالب: تجريم وقائع ذبح إناث الماشية.. ودعم البحث العلمى فى تحسين السلالات المحلية
تشديد الرقابة على لجان مراجعة اشتراطات المزارع المستهدفة بالمشروع.. وربط التمويل بالحيازات الزراعية

فى الوقت الذى تواصل فيه وزارة الزراعة جهودها للتوسع فى قاعدة المستفيدين بالمشروع القومى لإحياء البتلو، وضخ المزيد من الأموال لإنجاز هذا المشروع الضخم، تواصل أسعار اللحوم جنونها بالسوق المحلى خلال الفترة الأخيرة، ربما ظهرت تداعياتها بقوة بعد الصراع الأخير فى السودان، أحد أهم الدولة المنتجة للحوم فى منطقة القارة السمراء التى تعتمد عليها مصر فى توفير البروتين، ومن هنا بدأت وزارة الزراعة تزامنا مع هذه الأزمة الراهنة فى تبنى حزمة من الضوابط والاشتراطات المهمة لاستكمال هذا المشروع القومي، ومواصلة إنجاز خطة الدولة للنهوض بالثروة الحيوانية فى مصر، ومواجهة تداعيات الظروف الاقتصادية الصعبة التى تواجه العالم، وأجبرت العديد من الدول للتفكير فى حلول وبدائل حقيقية للنهوض بإنتاج الغذاء، على رأسها قطاع الثورة الحيوانية.

ولعل الأزمة السودانية الراهنة والخلافات السياسية القائمة خير دليل على ضرورة التحرك الرسمى والحكومى نحو طريق الاكتفاء الذاتى من اللحوم، خاصة وأن وجود صراع أو تقلبات سياسية فى دولة السودان مثل تحديا كبيرا على سوق اللحوم فى العالم وليس فقط فى مصر، ومن هنا بدأت الحكومة المصرية فى حزمة من الإجراءات المهمة للنهوض بالثروة الحيوانية، كان على رأسها الإعلان عن استكمال إستراتيجية تمويل المستفيدين من المشروع القومى للبتلو.. وقد كشف عنها مصطفى الصياد نائب وزير الزراعة واستصلاح الأراضى للثروة الحيوانية والسمكية والداجنة، حيث أكد أن وزارة الزراعة ممثلة فى مجلس إدارة المشروع القومى للبتلو انتهى خلال الفترة الأخيرة من مجموعة من الإجراءات لاستكمال الجهود المبذولة فى النهوض بالمشروع، كان على رأسها الموافقة على اعتماد وصرف مبلغ 155 مليونا و700 ألف جنيه إضافية للمربين وأصحاب المزارع، وذلك ضمن المبادرة الرئاسية لتطوير قرى الريف المصرى «حياة كريمة»، وذلك لتمويل ما يقرب من 213 مستفيد من صغار المربين وشباب الخريجين، وتغطية ما يقرب من 5 آلاف و769 رأس ماشية، موضحًا أن وزارة الزراعة تبنت خلال الفترة الأخيرة إستراتيجية متكاملة للنهوض بقطاع الثروة الحيوانية، وزيادة حجم الإنتاج. 

وأضاف الصياد أن المشروع القومى لإحياء «البتلو» الذى أطلقته وزارة الزراعة خلال الفترة الأخيرة يستهدف توفير اللحوم الحمراء بأسعار عادلة تناسب الجمهور، ويحقق الاتزان بالسوق المحلي، خاصة فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى يمر بها العالم، بدءًا من تفشى فيروس كورنا ثم الحرب الروسية الأوكرانية وأخيرًا الصراع الدائر فى دولة السودان، مشيرًا أن وزارة الزراعة نجحت حتى الآن فى تمويل أكثر من 7 مليار و700 مليون جنيه فى المشروع القومى لإحياء البتلو، وقد وصل حجم المستفيدين من المشروع العملاق ما يقرب من 42 ألف و330 مستفيد، وذلك لشراء وتربية وتثمين مواشى بإجمالى يصل 486 ألف رأس ماشية سواء كانت عجول لإنتاج اللحوم أو عجلات عالية الإنتاجية، لتوفير المزيد من اللحوم والألبان، وسد الفجوة من المنتجات بالسوق المحلي.

وأوضح نائب وزير الزراعة، أن الوزارة تعمل وفق منظومة متكاملة لاستمرار عمل المشروع، والوصول بالمعدلات المطلوبة فى تمويل المشروعات، حيث يشارك فى هذه المنظومة عددا من القطاعات المعنية بالوزارة على رأسها قطاع تنمية الثروة الحيوانية والداجنة، والهيئة العامة للخدمات البيطرية بالتنسيق مع مديريات الزراعة والطب البيطرى على مستوى محافظات الجمهورية، وذلك لتكثيف المتابعات الميدانية على المستفيدين من المشروع القومى للبتلو، مع توفير كافة أوجه الرعاية البيطرية والصحية، ودراسة أى مشكلات تواجه المستفيدين على أرض الواقع والعمل على تذليلها فى مهدها، مشيرًا أن هناك تكليفات من القيادة السياسية بسرعة إنجاز المشروع القومى لإحياء «البتلو»، والتوسع فى قاعدة المستهدفين لدعم المربين فى مصر والنهوض بقطاع الثروة الحيوانية.

وعن إجراءات الموافقة على تمويل المربين، أكد الصياد، أن إدارة المشروع تبنت مجموعة من الضوابط والاشتراطات الواجب مراعاتها فى المتقدم للحصول على تمويل بمشروع البتلو، حيث كان على رأس هذه الضوابط إجراء المعاينة الأولية لأماكن تربية الماشية أو حظائر المستفيدين من قبل اللجان المتخصصة بمديريات الزراعة والطب البيطرى والبنوك الممولة للمشروع وهما البنكين الزراعى والبنك الأهلى المصري، للتأكد وجود أماكن تربية مناسبة تتوافر فيها معايير التربية والتهوية والإيواء والمسافات المناسبة لتربية رؤوس الماشية، ثم تأتى المرحلة الثانية فى اعتماد الرؤوس الجديدة ضمن منظومة «التأمين على الماشية» وذلك بعد الموافقة على كافة الاشتراطات والضوابط التى أقرتها وزارة الزراعة بالنسب المحددة بإدارة الصندوق التابع لوزارة الزراعة. 

على الجانب الآخر أكد الدكتور طارق سليمان، رئيس قطاع الثورة الحيوانية والداجنة أن هناك لجان متابعة مستمرة تنظمها مديريات الزراعة بالمحافظات لمتابعة ومعاينة حظائر تربية الماشية المستهدفة ضمن مشروع إحياء البتلو، والتأكد من تطبيق برامج العلاج داخل أماكن التربية، ومراجعة كافة الاشتراطات والضوابط من قبل رجال الطب البيطري، كما أن الوزارة أعنت منذ إطلاق المشروع القومى عن حزمة من الشروط الخاصة بتمويل المربين، على رأسها وجود سند لملكية المربى للعقار أو مكان التربية، أن يكون المربى قد انتهى من إجراءات استخراج سجل تجارى وبطاقة ضريبية للشركات، مضيفا أن الاستفادة من المشروع القومى للبتلو من خلال التقدم لأقرب إدارة زراعية أو فروع البنك الزراعى المصرى أو البنك الأهلى المصرى المنتشرين على مستوى محافظات ومراكز الجمهورية.

وأضاف الدكتور سليمان، أن «إحياء البتلو» مشروع عملاق يستهدف منع ذبح صغار العجول الأقل من 100 كيلوجرام، والوصول بوزن الحيوان لـ400 كيلو جرام، وهو فارق كبير يحقق وفرة فى اللحوم ويساهم فى الحافظ على ثروة مصر من الماشية من الإهدار، خاصة فى ظل الإستراتيجية الكبرى التى تبنتها الدولة للنهوض بهذا القطاع، كان على رأسها قيام جهاز الخدمة الوطنية باستيراد عجول محسنة من الخارج، وتوزيعها على صغار المربين والمزارعين فى مصر فى المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» التى تبنتها الدولة المصرية السنوات الأخيرة للنهوض بالقرى الأكثر فقرًا، مؤكدًا أن الوزارة بالتنسيق مع جهات التمويل المعتمدة بالمنظومة رصدت حالة التزام غير مسبوقة فى عملية سداد المستفيدين للقروض، وهو ما يؤكد الاستغلال الأمثل لمبالغ التمويل الممنوحة للمربين.

وأوضح رئيس قطاع الثروة الحيوانية والداجنة بوزارة الزراعة، أن الوزارة اعتمدت أيضًا بالمشروع القومى للبتلو منظومة جديدة لتمويل ومنح صغار المربين عجلات مستوردة عالية الإنتاجية بفائدة 5%، سواء كانت فى إنتاج اللحوم أو الألبان، وهى تحقق قيمة مضافة لمنظومة إنتاج الألبان فى مصر تتراوح ما بين 5 أو 6 أضعاف إنتاج سلالاتنا المحلية، والنهوض بالثروة الحيوانية وهى عجلات ثنائية الغرض مخصصة لإنتاج اللحوم والألبان، كما أن وزارة الزراعة انتهت مؤخرا من توقيع بروتوكول تعاون مع كل من وزارتى الأوقاف والتضامن الاجتماعى وجمعية الأورمان الخيرية، بهدف توزيع رؤوس ماشية بسلالات عالية الإنتاج على المربين فى مصر فى القرى الأكثر احتياجات ضمن مبادرة «حياة كريمة»، وذلك إيمانا من الدور الاجتماعى والخدمى الذى تلعبه هذه الجهات فى دعم الفئات المستحقة، موضحًا أن هناك تنسيق تام بين وزارة الزراعة ومؤسسات المجتمع المدني، لدعم المربين والتوسع مشروعات تربية الماشية

«وزارة الزراعة تقدم كافة سبل الدعم لجهات التمويل ومؤسسات المجتمع المدنى والجمعيات الخيرية لدعم خطة الدولة للنهوض بقطاع الثروة الحيوانية، واستكمال خطة الوزارة لزيادة الإنتاجية من اللحوم».. واستكمل الدكتور سليمان كلامه حيث أكد أن وزارة الزراعة انتهت مؤخرًا من إسناد تشغيل الأصول التابعة لوزارة الزراعة لهذه المؤسسات بنظام الإيجار مقابل استغلالها فى تربية السلالات عالية الإنتاجية من العجول المستوردة، وذلك لصالح صغار المزارعين والسيدات المعيلات والشباب الراغبين فى إدارة وتربية مزارع الإنتاج، كما يأتى ذلك فى إطار دعم الدولة لمؤسسات المجتمع المدنى باعتبارها شريك أساسى للدولة فى خطة تنمية الثروة لحيوانية فى مصر.

لكن رغم هذا المجهود الضخم الذى تبذله وزارة الزراعة وقطاعاتها المختلفة للنهوض بالثروة الحيوانية، واستكمال محطات مشروع قومى عملاق بحجم مشروع «إحياء البتلو»، والوصول بمبالغ التمويل لما يقرب من 8 مليارات جنيه.. الكثير يتساءل ما هى أسباب استمرار أزمة ارتفاع أسعار اللحوم بالسوق المحلى رغم هذا التوسع الكبير فى قاعدة المستفيدين بالمشروع العملاق؟.. وهل استمرار أزمة ارتفاع أسعار الأعلاف لها علاقة بوجود هذه الفجوة الكبيرة فى اللحوم ؟.. وللرد على هذه التساؤلات المشروع كانت البداية مع الدكتور فهيم شلتوت خبير الثروة الحيوانية أن الصراع الدائر فى السودان، أحد أهم الأسباب الرئيسية فى ارتفاع أسعار اللحوم فى السوق المحلى خلال الفترة الأخيرة، خاصة وأن الخرطوم أحد أهم المصادر التى تعتمد عليها مصر فى استيراد اللحوم والرؤوس الحية.

وأضاف الدكتور فهيم، أن الصراع القائم فى دولة السودان تسبب فى أزمة غذاء فى البلد نفسه، ومن ثم أثر على مزارع الإنتاج الحيواني، ومنظومة نقل وتصدير الماشية من الخرطوم للقاهرة، خاصة فى ظل حالات الطوارئ والظروف المضطربة التى تحيل من وصول الرسائل إلى مصر، ومن هنا كان أمام الحكومة المصرية أن تجد وبشكل عاجل بدائل سريعة وعاجلة لتوفير اللحوم البديلة من بلاد أخرى منها الصومال وتشاد لسد الفجوة التى أحدثها صراع السودان، وتسبب فى ارتفاع أسعار اللحوم بشكل جنونى وصل لـ400 جنيه للكيلو فى بعض الأماكن، قائلًا: «أزمة مصر طوال العقود الماضية غياب الرؤية والإرادة السياسية فى النهوض بالسلالات المحلية باعتبارها الضمانة الرئيسية والحقيقية لمواجهة الأزمات والتحديات الطارئة التى تواجه البلاد»، مشيرًا أن الحرب الروسية الأوكرانية تسبب فى ارتفاع أسعار المنتجات وتغيير سعر العملات، وقد أظهرت أهمية الاعتماد على المنتج المحلى فى مواجهة الأزمات الاقتصادية.

واستكمل قائلًا: «المشروع القومى لإحياء البتلو الذى أطلقته وزارة الزراعة مؤخرًا خطوة مهمة من خطوات عديدة تحتاجها خطة النهوض بالثروة الحيوانية فى مصر، حيث يأتى ملف النهوض بزراعة محاصيل الأعلاف فى مصر خطوة فى الطريق الصحيح لاستكمال الجهود المبذولة فى خطة النهوض بالقطاع، وقد لاقى هذا الملف اهتمامًا كبيرًا من القيادة السياسية بعد أن وجه الرئيس الحكومة تقديم كافة سبل الدعم لوزارة الزراعة للنهوض بهذه المحاصيل، وتقديم حوافز وتسهيلات حقيقية للمزارعين للتوسع فى المساحات، كما يأتى دعم القطاع البحثى فى استغلال الهندسة الوراثية لتحسين السلالات المحلية خاصة وأن مصر تمتلك أفضل السلالات المحلية والمحسنة فى الجاموس المصرى على سبيل المثال، موضحًا أن النهوض بالسلالات المحلية أقل تكلفة من المستوردة، والتى تحتاج إلى مزيد من التكلفة فى عملة التربية والتحصين والتغذية والظروف المناخية فى نفس الوقت.

وطالب الدكتور شلتوت، نقل تجربة البرازيل للنهوض بالثروة الحيوانية فى مصر، وتحقيق الاكتفاء الذاتى من اللحوم، وذلك فى الاعتماد على أحدث التقنيات وبرامج التحسين القوية للنهوض بالسلالات المحلية، والارتقاء بمنظومة تصنيع الأعلاف بشكل يحقق قيمة مضافة ووفرة فى وزن الحيوان، إضافة إلى التوسع فى خطوط إنتاج تصنيع اللقاحات البيطرية، وتبنى برامج وسياسات قوية للتعامل مع ملف الأمراض الطارئة التى تصيب الماشية، والتركيز على البدائل الأخرى للحوم سواء فى الدواجن أو الأسماك، والأهم الارتقاء بمنظومة البحث العلمى فى مصر لتحقيق الاستغلال الأمثل لبرامج التحسين الوراثى للأبقار والجاموس والجمال والماعز والخراف أيضًا، مشيرًا أن مصر أمامها فرصة كبرى لاستغلال الإمكانيات المتاحة للنهوض بالثروة الحيوانية فى مصر.

من الناحية الأخرى كشف نجيب المحمدى الخبير الزراعى وعضو الاتحاد التعاونى الزراعى المركزى عن مجموعة من المعوقات الخطيرة التى تواجه المشروع القومى للبتلو، حيث قال إن الكثير من المستفيدين بالتمويل يستغلون قيم التمويل فى أنشطة أخرى، حيث يلجأ البعض إلى ممارسة أنشطة أخرى بعيدًا عن تربية الماشية، وهذا يتطلب بالطبع إلى تشديد الرقابة على لجان المعاينة التى تراجع الاشتراطات والضوابط التى أقرها المشروع، وتفعيل بنود التعاقد التى أقرتها المنظومة لإلزام المستفيد أو المربى بتوجيه التمويل لتربية الماشية، ورغم أن هناك بنود تلزم المربى بدفع غرامة مالية حال إخلاله بالشروط لكنها بدون تفعيل، كما أنه من المهم أيضًا ربط التمويل بالحيازات الزراعية لضمان وصول الدعم لمستحقيه من صغار المربين، وعدم استحواذ أصحاب المصالح ورؤوس الأموال على المبالغ المقررة بفروع البنوك.

وأشار إلى ضرورة تشديد الرقابة على مديرى فروع البنك الزراعى المصرى بالقرى والمحافظات، خاصة وأن الكثير منهم يلجأ إلى صرف المبالغ المقررة بكل فرع بهدف تحقيق المستهدف من التمويل وليس الوصول للمستهدفين الفعليين من الصرف، وهو ما خلق نوعًا من المجاملة فى منظومة صرف القروض، إضافة إلى تشديد ومراجعة الاشتراطات المحددة لتمويل مزارع الإنتاج الحيوانى على المربين، وإجراء المعاينات الدورية على حظائر التربية للتأكد من سير منظومة العمل وتطبيق كافة السياسات الصحيحة فى منظومة التربية لضان تحقيق الطفرة المطلوبة فى قطاع فى الثروة الحيوانية، ومن الناحية الأخرى لابد أن يكون هناك رقابة صارمة على عمليات ذبح الإناث فى القرى، وهى ظاهرة خطيرة تهدد خطة الدولة للنهوض بهذا القطاع، مطالبًا بالتوسع فى زراعة الذرة الصفراء لمواجهة أزمة ارتفاع أسعار الأعلاف، وتوفير منظومة قوية لتجفيف المحصول، وتقليل الهدر الذى يحدث كل موسم.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة