Close ad

أطلس "إفريقيا الخضراء"..

5-6-2023 | 17:41

حظيت القارة الإفريقية، خلال الثلث الأخير من مايو الماضي، بنصيب وافر من الاهتمام بالشأن البيئي المستدام، عبر لقاءات مكثفة وجلسات عمل متكاملة الأطراف الرسمية والأهلية، الوطنية والإقليمية والعالمية، شارك فيها نحو 80 مسئول وخبير بأحوال القارة، استعرضوا على مدى 3 أيام بالقاهرة، "المراجعة الفنية لتوقعات البيئة الأفریقیة للأعمال"، وإصدار"أطلس رأس المال الطبيعي لإفريقيا" في إطار أھداف التنمية المستدامة، واتفاق باريس للمناخ، وأجندة الاتحاد الإفريقي 2063.

المشروع يعد فائق الأهمية لحاضر القارة الخضراء، ومستقبلها، وهو إصدار "أطلس"، ويعد أول موسوعة علمية رقمية مصورة لإفريقا، فكما شهدت القاهرة ولادة "منظمة الوحدة الإفريقية" منذ 60 عامًا، فهي بصدد إصدار هذا المشروع، بمشاركة برنامج الأمم المتحدة للبيئة "UNEP"، ومركز البيئة والتنمية للإقليم العربي وأوروبا "CEDARE"، وبنك التنمية الإفريقي، بدعم معھد "نبض البيئة" بولاية فرجينيا، و"جامعة جورج ماسون" بالولايات المتحدة، بناء على طلب الحكومات الإفریقیة بالدورة العادية "17" لمؤتمر وزراء البيئة بالقارة.

توفر الموسوعة، البیانات عن موارد رأس المال الطبيعي لدعم التخطيط واتخاذ القرارات بالدوائر الثلاث، المحلية والإقليمية والقارية، وعرض تفصيلي متكامل للموارد الطبیعیة والبيانات البیئیة والاقتصادیة والاجتماعیة في هيئة رسومات وخرائط وإحداثيات وصور السلاسل الزمنیة، مع توضیح التغییرات باستخدام صور الأقمار الصناعیة، كما يكشف عن الفرص النادرة التي تحظى بها من الثروات الطبيعية والبشرية ليمكن شبابها في مجال ريادة الأعمال للقارة الفتية، التي تعد القارة الأكبر من حيث عدد الشباب الذين يمثلون 60٪ من القارة، ما يجعلها أصغر قارة عمرا في العالم، كما أشارت د. نادية مكرم عبید، المدير التنفيذي لمركز البیئة والتنمیة للإقليم العربي وأوروبا "CEDARE"، إضافة إلى حشد الموارد التي تكتظ بها القارة بكافة أنواعها الطبيعية والمعدنية والبشرية، ويسهم المشروع في تحقيق أهداف تنمية القارة المستدامة، وتضيف المدير التنفيذي، إن إفريقيا إقوى وأكثر تأثيرًا عندما تتحدث بصوت واحد، ولن يتحقق هذا الهدف المنشود إلا باستخدام أحدث ما توصل إليه العلم والتقنيات فائقة التطور عبر أحد مفردات لغة العصر "الأقمار الصناعية".

ولعل اتفاق دول القارة على مفاهيم واحدة، ولتكن رؤية تمويل المناخ، وهي الأساس الذي انطلقت منه مناقشات "COP27" في مصر العام الماضي، لكي تكتسب قوة أمام دول العالم وتكتلاته العديدة، فالقارة تكاد تصل إلى صافي انبعاثات كربونات، فهي بكافة دولها، في الوقت الذي تنتج فيه الدول المتسببة وهي 20 دولة، حوالي 80% من إجمالي حجم الانبعاثات الكربونية للكوكب، ومن المقدر أن يساعد "أطلس" في تحقيق العدالة المناخية، وتفعيل مبادئ "الحوكمة" في القارة، خاصة أن مصر حققت تقدمًا بلغ 3 مراكز في مؤشر الحوكمة الإفريقية.

ومن المقدر أن يركز أطلس" بصوره وخرائطه ووسائله الرقمية، على الجهود لحصر الموارد الداعمة لتنفيذ مشروعات القارة الخضراء، وأيضًا للضغط على الدول الكبرى الملوثة والأكثر إنتاجًا للكربون.

الأطلس المرتقب يرصد تاريخ الموارد وتفاعلاتها منذ نحو 50 عامًا، ويقدم استكشافات المياه الجوفية ويراقب الأراضى والمشروعات الزراعية، ومستقر الثروات المعدنية، فضلا رصد المتغيرات المناخية، والمشروعات الوطنية في كل بلد، ومد الكيانات العلمية بها، ودور البحث والدراسات، والجامعات، فضلا عن متخذ القرار، وإنتاج خرائط مساحية للمدن والقرى باستخدام التصوير الجوي والفضائي، وتقييم المياه الجوفية باستخدام تقنيات الاستشعار من البعد، فضلا عن تعزيز الاقتصاد الدوار.

لم يعد "أطلس" إلهًا معبودًا - حسب الأساطير الإغريقية كأحد الجبابرة الأقوياء - فهو اليوم مجسد على الأرض مصور وراصد للماضي والحاضر والمستقبل، كما يرى د. أحمد عبدالرحيم، المدير الإقليمي لبرنامج إدارة المعرفة بمركز البيئة والتنمية للإقليم العربي وأوروبا "سيداري"، موضحًا أن هذا المشروع يتم عبر التعاون والتنسيق بين "هيئة الاستشعار عن بعد"، و"وكالة الفضاء المصرية"، والتي تحتضن مقر "هيئة الفضاء الإفريقية"، وهو من شأنه توظيف تكنولوجيات الفضاء وتطبيقاتها لإنجاز عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة للقارة، وبالتالي الوصول إلى رفاهية المواطن الإفريقي الذي يستحق السلام والعدل والتضامن، فهو لم يأخذ حقه حتى اليوم.. المعروف أن مصر وافقت على استضافة مقر "وكالة الفضاء الإفريقية"، بمقر "وكالة الفضاء المصرية" بالقاهرة الجديدة، لتمكين ودعم وتنشيط الصناعات المرتبطة بتكنولوجيا الفضاء لدى أشقائها الأفارقة.

يعمل "أطلس" على مستويين، الأول مباشر أو ما نطلق عليه "HOT Spot"، ليسلط الضوء على المشروعات التنموية العملاقة الخضراء بالقارة، مثل محطة الطاقة الشمسية المصرية "بنبان" في أسوان، والتي تشكل مشروعًا غير مسبوق للطاقة المتجددة، وغيرها من المشروعات في القارة، أما برنامج العمل الآخر غير المباشر هو "Hope Spot"، ويستشرف فرص العمل الخضراء في القارة، ويهتم بترجمة وتسييل رأس مال القارة وكنوزها المتعددة والمتنوعة الي مشروعات ميدانية تكاملية مشتركة بين دول القارة وطنيا وإقليميا، حيث كل الدول الإفريقية مشاركة في "أطلس"، ومن المتوقع أن يصدر قبل نهاية العام الحالي خلال اجتماعات وزراء البيئة الأفارقة بأديس أبابا، حيث تم إنجازه تقريبًا، باستثناء بعض خرائط وصور الاقمار الصناعية التي يجري استكمالها، كما يوضح د. عبدالرحيم.

إفريقيا، وهي تضع أقدامها على الطريق، تترقب بعيونها ما تحمله السماء من خير وفير تستحقه، ولعل القرن الحالي هو بالفعل "قرن إفريقيا الخضراء".

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: