قبل عشرات السنين، مارس الأب "محمد نور" على ابنه "نور" ضغوطات كثيرة لاستكماله تعليمه في المعهد الأزهري لكن الابن كان يرفض الفكرة جملة وتفصيلا، وأمام إصرار الابن فقد ترك الدراسة واتجه إلى العمل كمبيض محارة، ولكنه استفاق بعد مرور أكثر من 15 عاما على تركه التعليم وقرر العودة للتعليم من بوابة محو الأمية، حتى وصل إلى الشهادة الإعدادية وهو في عمر الـ 44 عاما، ولديه 4 أبناء وحفيدتان.
موضوعات مقترحة
قصة كفاح "نور" أكبر طالب في الإعدادية
ولفت نور محمد نور، 44 عاما، أكبر طالب في مصر بالإعدادية، الأنظار حوله، لإصراره على مواصله تعليمه، وسط تشجيع من أسرته وأولاده وأحفاده، ففور اتخاذه لقرار مواصلة تعليمه، وجد التشجيع من جميع أفراد أسرته وبعض الأهالي في محافظته، وزوجته التي تدعمه في هذا القرار وتساعده لاستكمال دراسته والحصول على الشهادة الإعدادية والثانوية للالتحاق بالجامعة.
وروى "نور محمد" تفاصيل قراره استكمال مشواره في التعليم رغم كبر سنه حتى أصبح أكبر طالب في الإعدادية في مصر، في حواره مع "بوابة الأهرام"، قائلا، إنه ترك التعليم في صغره بعد الوصول إلى الصف السادس الابتدائي، ولكنه رفض الاستكمال في التعليم الأزهري، ومع رفض والده التحويل للتعليم العام، قرر ترك التعليم والعمل مع والده كمبيض محارة رغم صغر سنه.
لا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس
ومع مرور عشرات السنين، ورغم استقراره في عمله قرر العودة لمقاعد الدراسة من بوابة محو الأمية، حتى حصل على شهادة محو أمية، وأقنعه أحد المعلمين باستكمال تعليمه، من خلال الالتحاق بالإعدادية بشهادة محو الأمية، وبالفعل التحق بإحدى المدارس حتى وصل حاليا للصف الثالث الإعدادي.
وأكد أكبر طالب في الإعدادية في مصر، لـ"بوابة الأهرام"، أن المدرسين والمراقبين في الامتحان يظنون عند دخوله أنه زميل لهم وليس طالبا، والطلاب كانوا يعتقدون أنه والد أحدهم حتى تفاجأوا به داخل اللجنة يتسلم كغيره من باقي الطلاب أوراق الأسئلة والإجابات، ومع مرور الوقت بدءوا التأقلم مع الوضع، وأصبحوا داعمين له.
نور محمد نور مع محرره بوابه الأهرامالسن مجرد رقم
وقال "نور محمد"، إنه تزوج وهو صغير، ولديه 4 أبناء وحفيدتان، ويحفز دائما أولاده على استكمال تعليمهم لأنه أساس الحياة الكريمة لهم، مشيرا إلى أنه مازال يعمل كمبيض محارة وعامل صيانة لأنه يحب عمله، ولا يرغم في تغييره.
وعن رد فعل عائلته بعد قرار استكمال تعليمه، أوضح أن عائلته وأخواته وأولاده قدموا له الدعم اللازم والتشجيع على الخطوة، ويساعدونه في المذاكرة وشرح الدروس له فهو لا يحصل على دروس خصوصية، قائلا: "أولادي وأخواتي فخورين بيا وبيساعدوني، وزوجتي واقفة جنبي، وأحفادي بيسألوني بعد الامتحان عملت أيه يا جدو، ببقى مبسوط جدا".
وعن انتقاد بعض الأشخاص له لاستكماله التعليم رغم كبر سنه باعتبار أنه لا يحتاجه حاليا، قال "نور محمد"، إن هناك بعض الأشخاص المحبطين انتقدوا قرار استكماله كفاحه في التعليم، ولكنه لم يتأثر بهم بل أصبح انتقادهم دافعا له لإثبات نفسه، "فخور بنفسي وطموحي كبير".
وأشار "نور" صاحب الـ44 عاما، أنه يذاكر دروسه في أيام العطلة بمساعدة أولاده وأخواته وأولاده فكل فرد يوفر له بعض الوقت من كل أسبوع، وقبل الامتحانات بفترة يبدأ المذاكرة بشكل متواصل مع مراعاة عدم التقصير في عمله لأنه مسئول عن أسرته".
طموحات أكبر طالب في الإعدادية
أوضح عم نور لـ"بوابة الأهرام"، أنه ينتظر معرفة نتيجته حاليا حيث إنه تابع لمحافظة المنوفية، مؤكدا أنه لن يتوقف على الحصول على الشهادة الإعدادية فقط، فبعد ظهور نتيجته سوف يقدم للالتحاق بالثانوي الفني قسم زخرفة، لأنه سوف تفيده كثيرا في عمله، وبعد نهاية الثانوية ينوي عمل معادلة والالتحاق بأحد المعاهد الفنية.
ونصح "نور" الشباب بالاهتمام بالتعليم، قائلا: "التعليم أهم حاجة في الحياة، وندمت أني مكملتش تعليمي وأنا صغير، بس بحقق حلمي دلوقتي، والتعليم فرق معايا كتير في الحياة، وخلاني فخور بنفسي، السن مجرد رقم فقط".
وختم حديثه مع "بوابة الأهرام" قائلا: "لكل شخص نفسه يكمل تعليمه وهو كبير في السن، لا تلتفت نهائيا إلى حديث الآخرين، وضع أمامك هدف استكمال تعليمك، أنا مش مهتم برأي الناس وأولادي بيشجعوني، وفخورين بيا، والطلبة إللي معايا بعاملهم كأنهم أولادي".