4-6-2023 | 15:10

حياتنا رحلة، والعمر هو الشيء الوحيد الذي كلما زاد نقص، ويمر العمر بنا ونحن نضحك أحيانًا ونحزن أخرى، وقد نجتمع أو لا نجتمع مع من نحب، وحياتنا مهما طالت فهي قصيرة ونحن عليها ضيوف، كما وصفها الرسول "صلى الله عليه وسلم" عندما قال: (ما لي وللدُّنيا ما أنا في الدُّنيا إلا كراكِبٍ استظلَّ تحتَ شجرةٍ ثمَ راحَ وترَكَها)، صدق رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، فنحن نأتي إلى الدنيا عرايا ونتركها بكفننا الأبيض لا جيوب به، لا نحمل معنا شيئًا من ملذاتها.

وحين تتجمد مشاعرنا فلا يكون لصوت عواطفنا أي صدى، وأحيانًا نشعر أن هناك أبوابًا مغلقة، ولكن نكتشف أنها مفتوحة على مصراعيها، ولكن لا يراها كثير من الناس، وفجأة نجد أنفسنا نعيش حياة أخرى جديدة كم كنا نتمناها. 

فالحياة تحمل الكثير في طياتها من الأقدار والأحلام؛ حلم يتحقق، وآخر يتعثر، لقاء بلا موعد، وفراق بلا سبب، بداية لم نكن نتوقعها ونهاية لم نكن نتصورها، ولكن تستمر الحياة بحلوها ومرها.

كل منا يبحث عن ضالته؛ بعضنا يبحث عن اليقين، وآخرون يبحثون عن الدين، وكثيرون يبحثون عن المتعة، وكل منا له حق وحرية الاختيار؛ فالحياة رحلة، ولكن طرقها مختلفة.

بدأنا حياتنا من الصرخة الأولى، وتمر حياتنا بمحطات كل محطة جزء من عمرنا، فالحياة ما هي إلا محطات. 

ونظن أن رحلتنا طويلة، ولكنها أقصر مما كنا نتخيل، نتألم عندما نفارق  من رحلوا عنا من الأحبة، وتتألم معنا الأماكن والطرقات، ولكن تبقى الذكريات ورائحة الحنين.

نستعد للمحطة القادمة، ونُسائل أنفسنا هل سنقابل في دروبنا مثل هذه الشخصيات مرة أخرى؟!

أيها الإنسان؛ ذلك الكائن العجيب رحلتك عبارة عن عدة محطات تتوقف في كل محطة منها، وتترك وراءك ذكريات جميلة تظهر على مُحياك، وتترك أخرى مؤلمة تسجنها بداخلك. 

ولكي تهنأ برحلتك؛ عليك أن تتخلص من تلك الذكريات المؤلمة والأحمال الثقيلة التي تجثم على صدرك وتثقل خطواتك، لابد أن تتخلص منها، حتى تهنأ برحلتك.

حاول يا عزيزي أن تتجنب الأشياء والأماكن التي تثير الذكريات المؤلمة، وتجعلك تسترجع وتجتر الماضي المؤلم.

حاول أن تستبدل الذكريات المؤلمة بتلك الأكثر سعادة، ففي بعض الأحيان تتعلق في عقولنا أنماط تفكير سلبية يتعذر علينا الخروج منها، فإذا وجدت نفسك تخوض كثيرًا في تلك الذكريات المؤلمة، درب عقلك على التركيز علي الذكريات السعيدة، واستثمر قدراتك في التدرب على التفكير الإيجابي ومهاراته؛ حتى تتوقف عن الانصياع تلقائيًا نحو التفكير السلبي.

ولابد أن تدرب نفسك على اليقظة الذهنية بممارسة التأمل والتركيز على التنفس، وتفريغ الذهن من المشتتات؛ فإن ذلك يساعدك على تحسين الحالة المزاجية، فالتجارب السلبية جزء لا مفر منها في حياتنا، ولكنها تجعلنا أقوى، وتساعدنا على الاستمتاع باللحظات الجميلة.

أيها الإنسان تذكر قول الله تعالى: (وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ) صدق الله العظيم.

حاول أن تحصي النعم التي  منحها الله لك، وضع أمامك دائمًا قائمة امتنان إلى الله تعالى الذي وعدنا: (... لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ).
* استشاري علم النفس والإرشاد الأسري والتربية الخاصة

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: