راديو الاهرام

بين صاعقة مشتول وانتشار العمى بين جنود نابليون.. الجبرتي يسرد وقائع تقلبات الطقس في المحروسة

2-6-2023 | 10:13
بين صاعقة مشتول وانتشار العمى بين جنود نابليون الجبرتي يسرد وقائع تقلبات الطقس في المحروسة  الحملة الفرنسية على مصر
محمود الدسوقي

دوّن المؤرخون الكثير من حوادث الطقس الغريبة، وتأثير الطقس على صحة الإنسان، كان الرمد من بين أكثر الأمراض التي تُصيب سكان مصر في القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر، حيث ساعد المناخ الحار وقلة الاحتياطات الصحية على انتشار الكثير من الأمراض ومنها الرمد والجدري وكذلك الطاعون.

كان الرمد أكثر انتشارًا في الجنوب الصعيد منه في الشمال حيث الدلتا، وهو يحدث بسبب العرق وتفاقم الغبار وقد كان أكثر انتشارا في الريف عنه من المدن، ويضيف البعض أن انتشار الرمد كان بسبب شدة سطوع الشمس والحر والغبار.

أصبح الرمد من الأمراض التي توطنت في مصر قبل مجيء الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت، وقد ينشط في الصعيد في فترة الصيف، حيث ترتفع درجات الحرارة ويكثر الغبار والأتربة؛ مما يساعد على التهاب العين، وقد أصاب الأجانب والرحالة مثلما أصاب المصريين.

أرجع الفرنسيون سبب انتشار العمى والرمد لكون الأهالي كانوا ينامون ملتحفين بالسماء فيدخل الغبار لهم ، وقد كان الرمد منتشرا في مصر وبلاد الشام عامة، وقد أرجع العالم فولني أن انتشار الرمد يعود للبس العمامة حيث ينزل العرق على العيون بغزارة، وإذا كشفوا عن رؤوسهم تعرضوا للبرد.

كانت البيئة المصرية المُحاطة بالصحراء من كل جانب سببًا في شيوع الغبار وخاصة فس شهور الحسوم وشهور التقلبات المفاجئة في حالة الجو، وقد كان هذا الطقس يسبب العمى المؤقت، وقد أصيب بالعمى المؤقت 300 جندي من قوات الجنرال ديزيه في حملته على الصعيد.

حالة القاهرة في العصر العثماني كانت مذرية، فالمدن مليئة بالقاذورات والبيوت مظلمة ومتداعية والأبنية تبدو كالسجون، وتقول الباحثة ليلى السيد عبد العزيز في كتابها "الأمراض والأوبئة وآثارها على المجتمع المصري"، إن الحوانيت كانت مرابطًا للخيول، أما جوها فكان معطرًا بالتراب والقمامة، وكانت المستنقعات تملأ الأرجاء والشوارع.

أما منازل القاهرة فكانت خالية من كل أسباب الراحة، أما نظافة الشوارع فكانت تقع على عاتق الأهالي؛ حيث لم تصرف لهم الحكومة أي أموال وكان الأهالي مجبرين على رش الشوارع وتنظيفها، إلا أن ضيق الشوارع كان يمثل صعوبة في تنظيفها ويؤدي إلى تفشي الأوبئة.

وقد نجح علماء الحملة الفرنسية الذين اتخذوا منزل حسن كاشف جركس لصناعة أدوية مستخرجة من الأعشاب والنباتات المصرية في صنع دواء لعلاج الرمد، حيث يروى الجبرتي في تاريخه إنه بعد رحيل الحملة الفرنسية، وفى حوادث عام 1804م حصل برق ورعد تبعه نزول المطر وصواعق بناحية مشتول بالجيزة تسببت في موت نحو 20 من البشر والحيوانات.

وقد تسببت الصواعق في عمى بعض الأشخاص؛ حيث كان العمى منتشرًا ورصدت الحملة الفرنسية كثرة الرمد وانتشاره؛ بسبب الطقس بخاصة رياح الخماسين، حيث كان يؤدى للكثير من الإصابات في العيون، وقد أوصى أطباء الحملة الفرنسية بتغطية الرأس والعينين عند النوم.

كلمات البحث
الأكثر قراءة