كان من الطبيعى أن تضج المساجد المصرية، بعد صلاة الجمعة (26 مايو 2023) بالصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، بصوت جماعى هز وجدان المسلمين، ليس فى مصر وحدها، لكن فى العالم كله، وهذه ظاهرة إيجابية.
كنا أمام حدث نعيشه كل يوم ومتكرر فى أنفسنا، ونفعله كأننا نتنفس، لكننا عشناه أكثر بعمق مع شهيق وزفير أقوى، كأنه تمرين حقيقى، انتقل بنا من اللا وعى إلى الوعى، بكامل الإرادة، بما نملك ونعيش، لعلنا نتمكن ونقود سفينتنا إلى بحر الهداية.
فنحن أمام حكاية لا تشبه الحكايات، لأن صاحبها لا يشبه أحدا، هو الذى ما ضل وما غوى، وما نطق يوما عن الهوى، علمه شديد القوى، إن هو إلا وحى يوحى.
صليت على النبى وخرجت من المسجد أبحث عنه، لعلى أجد ما هو غائب عنى، من وصايا وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، كما استنبطها كاتب فلسطينى شاب قائلا: هذا هو شأنى دوما، إذا ترفعت عن رد الإساءة أو المخاوف، قالوا جبان، وإذا تصدقت قالوا يرائى، وإذا صاحبت عالما قالوا يتزلف، وإذا صافحت عاصيا قالوا هو مثله، ... وإن لم تجارهم فى قبول الرشوة قالوا غشيم، وإن أنصفت زوجك قالوا ضعيف الشخصية، فكن أنت ولا تسمح لهم أن يغيروك، ولا تتنازل عن مبادئك لإرضائهم.
ويضيف ذلك الشاب: لو تأملت حال الناس لوجدت أكثرهم ليسوا راضين عن الله، فكيف يرضى الناس عن الناس، خذ بأيدى الناس إلى الله. ولا تحكم على الأمور بظاهرها، لكن كن أذكى من أن تخدعك المظاهر، هناك عصاة يحبون الله ورسوله أكثر من كثيرين من تجار الدين الذين تعرفونهم، لكن غلبتهم شهواتهم وتسلطت عليهم شياطينهم. إن القلوب أسرار لا يعلمها إلا خالقها، الذى يسمع الموسيقى لا يكره القرآن. ونحن لا ندافع عن العصاة ولا نبرر لهم، لكننا نقول خذوا بأيديهم إلى الله.
ويواصل: لا تصدق تهمة بلا دليل، فشأن الناس دوما أن يفترى بعضهم على بعض، فلا تخض فى ذمة رجل لم تشهد خيانته، كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع.
الإنسان سمعة، وهدر سمعة إنسان كهدر دمه، وحتى لو ثبتت عندك تهمة، تذكر أن الله الستار ويحب الستر، فلا تذكر عيوبا ليس لذكرها حاجة ترتجى بالمقابل لو سئلت من باب النصيحة، فمن الغش ألا تبوح بما تعرف، الستر شىء وأن تكون سببا فى ابتلاء عفيف بفاجر، أو عفيفة بفاجرة شىء آخر، كن مع الله يكن معك.
ويختتم الكاتب الشاب: خرج النبى صلى الله عليه وسلم، من مكة خلسة ثم عاد ودخلها فى وضح النهار من أبوابها الأربعة، ودخل يوسف السجن مظلوما، وخرج عزيز مصر، وفتية الكهف فروا بدينهم ثم بعثهم الله وعلى دينهم أهل مدينتهم، الإنسان أعجز أن يلحق الضرر، ما لم يأذن به الله، وأن يجروا نفعا لم يأذن به الله.