تحمل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي "AI" مخاوف كثيرة في المستقبل القريب، وتطرح كثير من التساؤلات في مقدمتها مخاوف استخدامها في طمس هويتنا وتراثنا الفني؟" وعما إذا كان يمكنا الاستفادة منها، وماذا إذا أطاحت بصناع الأغنية بمرور الوقت، وهل ستكون مؤشر لضياع تراث كبار عمالقة الأغنية وصناعها من أصحاب التراث بإعتبار أن ما سيصل للجيل الجديد هي الأعمال المقدمة لرموز الفن باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي "AI".
موضوعات مقترحة
كما تفرض تساؤلات آخرى، عما إذا كان هؤلاء المبدعين على قيد الحياة كانوا سيقبلون هذه الأعمال المقدمة لهم بهذه التقنية الجديدة، هل ستمنح الفرصة لأنصاف ومعدومي الموهبة من آخذ فرص لا يستحقونها.
وبرغم حالة الجدل التي أثيرت خلال الأيام الماضية من وجود نزاع بين المنتج محسن جابر والملحن والفنان عمرو مصطفى بشأن استخدام صوت أم كلثوم على لحن جديد قدمه الأخير بتقنية الذكاء الاصطناعي، وعزم جابر مقاضاة عمرو مصطفى بصفته مالكا لتراث أم كلثوم، قبل أن تتصاعد الأزمة من جانب آخر والخاص بأسرة الراحلة واعتزامها هي الآخرى مقاضاة الملحن الشهير انتهت بمصالحة بينه وبين الورثة، أفصح المنتج المخضرم عن ترحيبه بهذه التقنية، مفسرًا رؤيته ومؤكدًا عمل شركته بها منذ عامين تحت التجريب.
"لست متخوفًا من الـ AI"، بهذه العبارة بدأ المنتج محسن جابر حديثه لـ «بوابة الأهرام» مؤكدًا على أن لكل شىء إيجابيته وسلبياته.
يواصل جابر حديثه قائلاً:"عاصرت أمورًا كثيرة قبل ظهور الذكاء الاصطناعي، بداية من الاسطوانة البلاك، ثم فكرة وجود شريط الكاسيت ثم اختفاؤه، وظهور الإنترنت وتحميل الأغاني، وحينها كان لدينا الكثير من المخاوف خصوصًا وأنه كان مجانيًا في البداية، والحقيقة أن ظهور الإنترنت غيّر المشهد الفني وأثراه كثيرًا متجاوزًا الشكل التقليدي للإنتاج الغنائي، فلكل عصر أدواته الخاصة به".
والحقيقة أننا اليوم في تجربة جديدة «الذكاء الاصطناعي» لابد أن تأخذ وقتها حيث تستغرق من ٥: ٧ سنوات من التجريب؛ حيث إن الثلاث سنوات الأولى تنحصر في فكرة فهم التجربة ثم من ٣: ٥ تتضح أبعاد المشروع، وأخيرا من ٥: ٧ تحدث التقنية والمردود الذي تم استعماله في الذكاء الاصطناعي.
ويشير جابر أن الذكاء الاصطناعي سيسهم في كثير من الأشياء الإيجابية ما لم يأخذها بعض الأفراد بطريقة عبثية، ضاربًا المثل بشركة يونيفرسال العالمية وتأسيسها لقسم أبحاث خاص لتقنية الـ Ai حتى يستطيعوا تحديد مدى استفادتهم من هذه التقنية أكثر من كونها وسيلة تساهم في عملية التلحين على سبيل المثال، فهم يريدون تطوير كل فرع من فروع شركتهم وبالتالي تحدث قفزة وثورة فنية جديدة.
يستكمل جابر حديثه:"بدأنا منذ عامين العمل بتقنية الذكاء الاصطناعي في كل فروع الشركة تحديدًا في اقسام البرمجة والـ IT الذين يقومون بمهمة تحميل الأعمال عبر المنصات والمواقع في مدة زمنية قصيرة".
ودعيني أشرح لكي مراحل عمل تقنية الـ Ai التي تمتلك قاعدة بيانات ضخمة، فالبداية في عملية اختيار الكلمات حيث نطلب من البرنامج عمل أغنية رومانسية من نفس فصيلة الأغاني الكلاسيك التي نقترحها عليه فمثلا نعطيه على هذا النموذج أغنيات مثل نسيني الدنيا، تملي معاك، مش هتنازل عنك أبدًا، فتقوم التقنية باختيار أفضل الكلمات من بين هذه الفئة.
ثم تأتي مرحلة اللحن، ونطلب منه مثلا لحن درامي مقسوم بنفس طريقة اختيار الكلمات ثم يضع نوعية الصوت المركب الذي نختاره، الحكم في النهاية سيكون للجمهور على هذه التجربة.
واعتقد أن هناك نوعيات معينة من الأعمال الغنائية المقدمة بهذه التقنية سيتم تقبلها من الجمهور مثل أغاني الراب فهي لا تحتاج لأصوات قوية أو طبقات صوتية معينة.
أما الأغاني الكلاسيك فهي التي ستحتاج جهدًا أكبر فإذا كنت أريد تقديم تجربة بصوت وردة أو فايزة أحمد فمن الممكن أن تقرب التقنية للصوت لكنها لن تستطيع تقديمها بنفس الإحساس.
وكما ذكرت أن لكل عصر إيجابياته وسلبياته فعندما بدأت ظاهرة تحميل الأغاني، هناك ٩٠ بالمئة من المطربين أصبحوا بدون شركات إنتاج، فقد كان هناك ٧٠٠ شركة بالمنطقة العربية، ومن ٧٠ إلى ١٠٠ شركة قبل الانترنت، لذلك فإن تقنية الـ Ai بالتاكيد سيكون هناك متضررين منها؛ لذلك فأنا بالرغم من عدم مخاوفي من الذكاء الاصطناعي لكني أؤكد أن الأمر بحاجه لدراسة متقنة، فمثلا عندما نتحدث عن تعاملنا مع رمز مهم مثل أم كلثوم وهي أكبر صوت فالمنطقة العربية لا يمكن أن نذهب بها في تجربة لم تأخذ حقها الكامل حتى تخرج في شكل أفضل ولا نهدم تاريخها وتراثها الفني، فلابد أن نشاهد ونستمع لتجارب تمت بالفعل حتى نستطيع تقديم منتج يليق برموزنا ولا يكون مجرد تجربة غير ناجحة.
وأنا شخصيا إذا أقدمت على التجربة فلن أجرب في صوت أحد رموزنا من العمالقة القدامى، بل في صوت قابل لهذا التجريب فإذا أتقنت الفكرة ونجحت ربما يمكننا تنفيذها على رموزنا بعد مراحل كبيرة من التجريب فكيف يُمكن مثلاُ أن نأتي من خلال تقنية الـ AI بشكل "العربة" الصوتية لأم كلثوم.