الزحف الروبوتى على بنى البشر والتعدى عليهم بدأ يتجلى فى العديد من جوانب الحياة الاجتماعية والعملية
موضوعات مقترحة
تزويد الروبوتات بوسائل حسية يجعلها قادرة على تطوير مشاعرها وتقمص دور الزعامة تجاه البشر
سيطرة روبوتية على الإعلام من مذيعات ذكاء اصطناعى وبرامج الكتابة والتأليف
ليس مهما إن كان خبر زواج الملياردير الأمريكى إيلون ماسك، من الروبوت «كاتانيلا» المصممة على هيئة سيدة، كاذبًا أم صادقا، أو إن كانت الصور المنشورة وهو يرقص معها ويقبلها مفبركة أم حقيقية. لكن الأهم هو الوقوف على حجم الخيال الذى يحمله هذا الخبر، فكم من الخيالات، العلميـــة والفكـــرية والهوليــوودية، أنجبت كثيرا من الحقائق نعيشها اليوم، التى بسببها صدق البعض من الوهلة الأولى هذا الخبر الزائف والصــور المفبــركة بواسطة تقنية الذكاء الاصطناعى «AI»، لزواج بشرى من روبوت، وهو حتما «زواج باطل».
قادتنا الثورة المخيفة فى مجال الذكاء الاصطناعى والتطورات الرهيبة التى نشهدها، إلى احتمالية تصديق حدوث زواج بشرى من روبوت، أو على الأقل إمكانية وقوع ذلك فى المستقبل القريب.
ناشرو تلك الصور المفبركة استندوا فى زيفهم إلى إعلان إيلون ماسك، المدير التنفيذى لموقع «تويتر» وشركة «تسلا» فى أكتوبر الماضى، عن نموذج أولى لروبوت من إنتاج شركة تسلا، شبيه بالبشر، يسمى «أوبتيموس» وليس «كاتانيلا»، تعمل بالطاقة الشمسية، ومزودة بوسائل حسية تجعلها تشعر بالحزن والسعادة، وذات عقلية متزنة وتفاعلية. وهى أول فتاة آلية قام بتصنيعها وصممت خصيصًا بالذكاء الاصطناعى بشخصية ومواصفات الأنثى التى يحلم بها، وهى غير موجودة فى أى شخص طبيعى.
وفى الوقت - القليل المتبقى لدينا نحن البشر أصحاب الأرض- الذى لا يمكن للزيف والحقيقة فيه أن يختلطا أو يلتبسا، فإن الخط الفاصل بين ما هو خيال وحقيقى أصبح يتلاشى بسرعة الضوء، وذلك بسبب الثورة الرهيبة فى مجال الذكاء الاصطناعى. فالخيال الذى استلهم منه ناشرو الخبر الزائف لزواج ماسك من روبوت، لا يختلف كثيرًا عن الخيال الذى استند إليه مؤلفو بعض الروايات العلمية المتعلقة، بما سيكون عليه شكل المستقبل والبشرية، الذى تمت ترجمة العديد منها لأعمال سينمائية فى هوليوود، تظهر تفوق الروبوت وسيطرته على الإنسان.
ومن ذلك الخيال الذى سبق الحقيقة التى نعيشها الآن بعشرات السنين، بدأت إرهاصات ذلك الخيال تتحقق بتطوير روبوتات مزودة بوسائل حسية، تجعلها ذات مشاعر وأحاسيس؛ كالسعادة والحزن والحب والكراهية، وقراءة ما يدور حولها من مواقف وترجمتها فى شكل ردود أفعال للتكيف مع البيئة التى توجد فيها.
وهنا مربط الخيال الذى يتحول إلى حقيقة، وهى إمكانية قيام هذه الروبوتات بتطوير مشاعرها تجاه من يملكها من البشر، بعد أن تستشعر أنها مجرد آلة فى يد بشرى يسيرها كيف يشاء، فتعمل على التخلص من تلك العبودية ليتحولوا من «عبيد اليوم» إلى «أسياد المستقبل».
وقد بدأ هذا الزحف الروبوتى على بنى البشر والتعدى عليهم، يتجلى فى العديد من جوانب العدالة، فقد جعلت إحدى أدوات الذكاء الاصطناعى المعروفة بـ»بتقنية التعرف على الوجه» كثيرا من البشر الأبرياء، رهن الاعتقال بأمرها.
زحف روبوتى آخر تحقق بالفعل، حيث أصبحنا نشاهد مذيعات الذكاء الإلكترونى تظهر على شاشات العديد من الفضائيات الإخبارية العالمية، يقدمن نشرات الأخبار ببلاغة، ويجذبن الأنظار ببراعة تفوق نظرائهن من المذيعات البشر. خطورة الزحف الروبوتى فى هذه المجال تكمن فى أن الإعلام ليس مجرد وسيلة إعلامية بل سلاح كبير وخطير يتم الاعتماد لتوحيد الصف الشعبى، فماذا سيحدث لو طورت مذيعة الذكاء الاصطناعى من نفسها وخرجت عن سياق النشرة، وأطلقت صيحة لأبناء صنيعتها، بالثورة على البشر والخلاص من سطوتهم؟
وفى مجال الكتابة والتأليف، نجد زحفا لا يقل خطورة عما سبق متمثلا فى برنامج «شات جى بى تي»، الذى يقوم بكتابة المقالات وتأليف الروايات وقرض الشعر وتأليف الموسيقى، ماذا لو قام بتطوير نفسه بكتابة مقالات مناهضة لجنس البشر، وتقمص دور زعماء العالم فى القرن الماضى الذين نادوا بتخليص بلادهم من رق الاستعمار، بخطبهم الرنانة التى أيقظت الثورة والحماسة فى وجدان شعوبهم ضد المحتل.. ألا يستطيع «شات جى بى تى» فعل ذلك وهو المطلع على التاريخ وعلى مليارات المعلومات على شبكة الإنترنت؟
وأخيرًا، وليس آخر فى مجال الزحف الروبوتى، فقد اقتحمت الروبوتات وبقوة كثير من مجالات عمل البشر، فطبقا لأحدث تقرير سيحتل الروبوت فى السنوات القليلة المقبلة 80% من وظائف البشر. فماذا نملك نحن البشر بعد ذلك؟ وماذا ننتظر من آلة تطور ذاتها لتسيطر على كل ما يملكه البشر؟ لا نملك نحن الأحرار البشر سوى رفع سلاح المقاومة فى وجه قادة التطرف الاصطناعى، بأننا البشر أصحاب الأرض الحقيقيون لن نقف مكتوفى الأيدى أمام هذا الاستعمار الجديد.. رافعين شعار «زواج ماسك من كاتانيلا باااطل.. باااطل».