ما جدوى إنشاء المجلس الوطني الأعلى للتعليم والتدريب؟ هكذا تُطرح التساؤلات من فئات عديدة لها علاقة بالمنظومة التعليمية، سواء معلمين أو خبراء ومتخصصين، أو حتى أولياء الأمور، في ظل فتح نقاشات موسعة بإدارة الحوار الوطني حول المجلس، وأهميته، وعوائده على التعليم المصري، وهل سيكون مجرد كيان أم ستخرج عنه توصيات وسياسات وإستراتيجيات واجبة النفاذ، والتطبيق.
موضوعات مقترحة
وحسب المعلن من إدارة الحوار الوطني، اليوم الأحد، بشأن تفاصيل مشروع قانون إنشاء المجلس الوطني الأعلى للتعليم الذي كلّف الرئيس عبد الفتاح السيسي بطرحه للنقاش على أجندة الحوار الوطني، فإنه يهدف إلى "توحيد سياسات التعليم والتدريب بكافة أنواعه، وجميع مراحله، وتحقيق التكامل بينها، والإشراف على تنفيذها، بهدف ربط مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل المحلي والدولي، والنهوض بالبحث العلمي".
القضاء على الجزر المنعزلة
وتعليقًا على مشروع القانون، قال محب الرافعي وزير التربية والتعليم السابق، وهو أيضا عضو لجنة التعليم بمجلس الشيوخ، إن الفكرة "ممتازة"، مبررًا كلامه بأن "التعليم المصري يحتاج على وجه السرعة، إلى جهة عليا مسئولة عن وضع سياسات فعلية، تلتزم بها كل الجهات، والتنسيق فيما بينها، بدلا من العمل بمنطق الجزر المنعزلة".
أضاف "كان لازم الدولة تتدخل.. مينفعش يكون التعليم الأزهري في وادٍ، والتعليم العام في وادٍ، والتعليم الفني في وادٍ، والتعليم الجامعي في وادٍ، والتعليم المهني في وادٍ.. مينفعش كل جهة يكون ليها إستراتيجية منفصلة عن الجهة التانية.. ومينفعش يكون عندي نوعيات مختلفة من الخريجين، أغلبها ملوش علاقة بسوق العمل ولا احتياجات الدولة.. النهاردة هيكون عندي خطة واحدة وإستراتيجية واحدة ليها هدف واحد محدد ومعلن".
انتهاء زمن القرارات الفجائية
وحسب مشروع القانون، يستهدف المجلس، مراجعة وتحديث الأولويات الوطنية في مجال التعليم والتدريب في القطاعات المختلفة، ووضع سياسات موحدة للتعليم والتدريب، بكافة أنواعه، وجميع مراحله، ومتابعة تنفيذها مع الوزارات والجهات والأجهزة المعنية، والاستفادة من تحليل قواعد البيانات المعلوماتية لسوق العمل في رسم السياسات الموحدة للتعليم والتدريب طبقًا للخطط القومية للتنمية.
ووفق تفسير الوزير السابق محب الرافعي "مع تفعيل المجلس الوطني الأعلى للتعليم والتدريب، مش هيكون فيه خطط وقرارات وسياسات تخضع لوجهات نظر شخصية من أي مسئول.. يعني محدش هيصحى الصبح يلاقي الوزير الفلاني مطلع قرار مصيري.. لأن القرارات والسياسات التعليمية هتتعرض على المجلس وتتناقش وتتفلتر ويطلع بيها إستراتيجية محددة.. وده اللي كان الخبراء والمعلمين وأولياء الأمور عايزينه فعلا، مفيش مسئول واحد هيكون صاحب القرار الوحيد، ده هيبقى قرار مجلس أعلى".
خريجون بمواصفات دولية
ويختص المجلس، بإعداد التوصيل المتعلقة بالأطر الفنية والقانونية والاقتصادية اللازمة لتطوير منظومة التعليم والتدريب، ومتابعة منظومة التعليم والتدريب لتحقيق مستهدفات الدولة، واقتراح سبل التطوير والارتقاء بهما، مع مراعاة تكامل مخرجاتها مع متطلبات سوق العمل المحلي والدولي.
وقال الرافعي "النقطة دي تحديدا، مهمة جدا.. أنا عندي خريجين مش مناسبين لسوق العملي المحلي والدولي، طب أنا كدولة استفدت إيه؟! هنا لازم يكون فيه تدخل.. أنا لازم أخلي كل الخريجين من مختلف أنظمة التعليم، سواء العام أو الأزهري أو الفني أو الجامعي، مؤهلين لسوق العمل، ومؤهلين للوظائف الجديدة، وعندهم خبرة وكفاءة تتناسب مع الاقتصاد المحلي والعالمي، ودي بداية مثالية بأ تخلي المجتمع يقتنع أن الشهادة مش كل حاجة، المهم اتعلمت إيه، وازاي، علشان تتخرج تتوظف، وده هدف الدولة".
تعليم فني لاقتصاد مصري قوي
ومن بين اختصاصات المجلس، وضع مخطط قومي لتطوير البنية التحتية لمدارس التعليم الفني، بما يتوافق مع توزيع الجامعات والمعاهد التكنولوجية، والمناطق الصناعية والمشاريع القومية، ومتابعة تنفيذ هذا المخطط مع الوزارات والجهات المعنية، وإقرار الإستراتيجية القومية للتوعية بأهمية التعليم الفني والتدريب المهني والتخصصات المستحدثة في هذا المجال، ودوره في دعم الاقتصاد القومي لتحسين الصورة النمطية والمكانة المجتمعية للتعليم الفني.
وعلّق وزير التعليم السابق على تلك المادة، بقوله "لما الدولة تكون واخدة مسار اقتصادي وتنموي، يبقى طبيعي إن المدارس الفنية تكون هي المصدر الأساسي للكفاءات الفنية اللي يقوم عليها الاقتصاد والمشاريع القومية والمناطق الصناعية، هنا كان لازم يكون عندي خطة واضحة ومحددة لتخريج طلبة فنيين على مستوى عالٍ جدًا من الكفاءة.. لما أعمل مناطق صناعية كبرى، ألاقي خريجين مناسبين ومؤهلين للعمل فيها، علشان كده المجلس الوطني للتعليم والتدريب جزء من دوره إنه يعمل نظام تعليمي فني يتبني عليه الاقتصاد وتتوطن من خلاله الصناعة، وده اللي عملته دول كبرى، زي ألمانيا واليابان، إن التعليم الفني يكون أساس الاقتصاد".
تعديل قوانين التعليم
وسيكون من مهام المجلس، إعداد التوصيات الخاصة بالتشريعات ذات الصلة بمجالات التعليم والتدريب المختلفة، ومقترحات تعديلها، بما يحقق دعم آليات تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للتعليم والتدريب، وإصدار تقرير دوري شامل عن تطوير منظومة التعليم، بكافة أنواعه، وجميع مراحله، كل عامين، بالتعاون مع الهيئات المختصة بضمان الجودة والاعتماد يقدم إلى مجلس الوزراء ومجلس النواب.
وقال محب الرافعي "علشان تعمل تعليم معاصر تخرج منه طلبة معاصرين وتنافس بيهم عالميا، أنت عندك تشريعات لازم تتعدل، وعندك قوانين قديمة عفا عليها الزمن.. هنا دور المجلس الوطني للتعليم، يحدد طبيعة التشريعات دي، وإيه النصوص اللي ممكن تتعدل عليها.. ما ينفعش أكون هدفي أطوّر حاجة وأعملها صح، وفيه قانون معين يمنع ده.. طب مين اللي يقول عايز القانون ده أو بلاش المادة دي؟.. المتخصصين الموجودين في المجلس لأنهم أكثر دراية باحتياجاتهم من القوانين السلسلة اللي تخلي التعليم ينجح".
أضاف "الميزة الأهم، إن أي مسئول، وليكن وزير التعليم، عنده مشكلة أو بيواجه تحدي معيّن، هيكون قدامه مسار واحد يحل بيه المشكلة، وهو إنه يعرضها على المجلس ويحطها قدام رئيس الوزراء مباشرة، وتتناقش بحضور أعضاء المجلس والخبراء والمتخصصين، ويتحط لها حلول جذرية، سواء كانت المشكلة مالية أو إدارية أو قانونية، وده بيخللي التحرك سريع والإنجاز في حل المشكلات أسرع، وده طبعا لازم هينعكس على أداء التعليم، إن مش هيكون عندك أي مشكلة أكبر من الوزير".
متابعة دورية من الرئيس
ويتشكل المجلس، الذي سيكون تابعًا بشكل مباشر لرئيس الجمهورية، من وزراء: الدفاع، الصحة، التخطيط، المالية، الداخلية، الاتصالات، التضامن، التعليم العالي، التربية والتعليم، التجارة والصناعة، القوى العاملة، وكيل الأزهر، رئيس جامعة الأزهر، أمين المجلس الأعلى للجامعات، نائب وزير التعليم لشئون التعليم الفني، ورئيس هيئة ضمان جودة التعليم، ورئيس هيئة ضمان جودة التعليم الفني، وثمانية خبراء يختارهم رئيس مجلس الوزراء.
ويشارك في تشكيل المجلس، عدد من الخبراء في مجالات التعليم والتدريب بمراحله المختلفة، لا يقل عددهم عن ثمانية، ويتولى المجلس الأعلى للجامعات، ومجلس الجامعات الخاصة، ومجلس الجامعات الأهلية، ومجلس شئون فروع الجامعات الأجنبية، والمجلس الأعلى للجامعات التكنولوجية، ومجلس شئون الجامعات لعليا الخاصة، والمجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي، والمجلس الأعلى للأزهر، كل في مجاله، تنفيذ السياسات الموحدة للتعليم والتدريب التي يضعها المجلس، وتقديم تقارير نصف سنوات إلى المجلس الوطني الأعلى للتعليم، على أن يعرض المجلس تقريرا بنتائج أعماله وتوصياته كل ثلاثة أشهر على رئيس الجمهورية.
واختتم الرافعي كلامه، مفسرا تلك المادة "لما المسئول يكون عارف إن رئيس الجمهورية شخصيا هيتابع تنفيذ السياسة التعليمية كل 3 شهور، لازم هيكون فيه نسب تنفيذ مثالية، مفيهاش غلطة.. لما يكون الوزير عارف إنه هيرفع تقرير للرئيس كل 3 شهور يحدد هو عمل إيه ونفذ إيه من السياسة والإستراتيجية المكلف بتطبيقها، يبقى دي خطوة غير مسبوقة في التطوير والإنجاز بملف التعليم، ولما هينفذ هيكون ده بناء على خطة واضحة وضعها خبراء ومتخصصون ووزراء، يعني خطة دولة، مش خطة أشخاص، ولما الوزير ده يسيب منصبه ويمشي، هيكون اللي بعده ملتزم يكمل نفس الخطة بنفس الأسلوب، ودي أهم ميزة في مشروع القانون".