تواجه سوق منتجات الألبان، أزمة مفتعلة نتيجة التراجع المتعمد من المعروض في الأسواق، بنسبة تصل لـ50%، رغم وفرة الإنتاج من المزارع، بهدف الحفاظ على ارتفاع الأسعار، فأصبحت السوق تعاني من قلة منتجات على عكس المفترض.
موضوعات مقترحة
وأزمة منتجات الألبان ليست بجديدة فهي مستمرة منذ عام 2022، حيث شهدت منتجات الألبان زيادة وصلت إلى 30% خلال الفترة الأخيرة تأثرًا بالعديد من العوامل ضمن الأزمة الاقتصادية التي يعيشها العالم، على الرغم من جهود الحكومة في تكثيف مشروعات إنتاج الألبان في مصر، لتحقيق نسبة أعلى من الاكتفاء الذاتي، تحسبًا للأزمة العالمية وارتفاع الأسعار التي يشهدها السوق.
إنتاج الألبان في مصر
وبحسب تقرير صادر عن وزارة الزراعة، فإن إنتاج الألبان في مصر موزع بين الحيوانات المحلية والحيوانات المستوردة، فنحو 80% من الحيوانات المنتجة للألبان محلية و20% مستوردة، ويتنوع إنتاج الألبان بين الأبقار والجاموس والأغنام والماعز ونسبة قليلة من الجمال.
ويتم تسديد فجوة إنتاج الألبان عن طريق الاستيراد من الخارج، حيث يبلغ احتياج مصر للألبان نحو 8 ملايين طن سنويًا، فيما يبلغ إنتاج مصر من الألبان نحو 5.80 مليون طن سنويًا، في حين تقدر الفجوة بين الاستهلاك والإنتاج بنحو 2.2 مليون طن سنويا يتم تعويضها عن طريق استيراد ألبان البودرة، التي تتراوح قيمتها بين 500 مليون دولار، ومليار دولار سنويًا.
ارتفاع الأسعار بنسبة 15% خلال الأيام المقبلة
وتوقع المهندس عبد المنعم قتيلو، رئيس شعبة الألبان في الغرفة التجارية بدمياط، ارتفاع أسعار الألبان وكافة المنتجات المرتبطة به، وبنسب تتراوح بين 10-15%، نتيجة قلة المعروض من الألبان، والمترافق مع زيادة في حجم الطلب، فالمشكلة متراكبة منذ 6 أشهر، ومازالت مستمرة، فلدينا انخفاض في كمية اللبن المنتجة في حين أن الطلب متزايد، وكل هذه المعطيات تجعلنا نتوقع ارتفاعًا في الأسعار في غضون الأسبوعين المقبلين.
وفي كل وقت تتراجع كمية اللبن، والطلب يزيد، ترتفع الأسعار، ومن ثم كافة المنتجات المتعلقة بالألبان ستزيد، لأن عنصر التكلفة هو اللبن بشكل رئيسي، وبقية العناصر التي تدخل في عملية الإنتاج لا تمثل قيمة في مدخل الإنتاج، مثل الجبنة الرومي، حيث تصل نسبة اللبن كمدخل إنتاج 85%، بحسب ما أكده رئيس شعبة الألبان في الغرفة التجارية.
رفض المنتجين تخفيض الأسعار
ولحل الأزمة اقترحت شعبة المواد الغذائية بالاتحاد العام في الغرف التجارية، على المنتجين تخفيض الأسعار لزيادة نسبة المبيعات في الأسواق، حيث إن انخفاض الأسعار يساعد على تحريك السوق الذي يشهد حالة من الركود حاليًا، ولكنهم رفضوا.
وقام منتجو الألبان بتقليل إنتاج الألبان بدلا من تخفيض الأسعار، وهو أمر لا يساعد على حل هذه الأزمة في الأسواق، بحسب حازم المنوفي عضو شعبة المواد الغذائية بالاتحاد العام في الغرف التجارية، والذي أكد أن المنتجين قللوا إنتاج الألبان بدلا من تخفيض الأسعار، وهو أمر لا يساعد على حل هذه الأزمة في الأسواق، مشددًا على ضرورة تخفيض المنتجين أسعار منتجات الألبان، في ظل الوفرة الحالية، بدلًا من عمل عروض على منتجاتهم.
تأثر سوق الألبان بأزمة الأعلاف
كما تأثر سوق الألبان بالكامل بأزمة الأعلاف الأخيرة، ما أدى إلى قلة الغذاء المتوافر في المزارع، ومن ثم ارتفاع أسعاره وعمل سوق سوداء مع الوقت وبالتالي مضاعفة الأسعار ما أثر على أسعار اللبن الطبيعي، ومع الارتفاع الواضح في لبن البودرة المستخدم للأطفال الرضع وشحه في الأسواق، اتجهت أغلب الشركات لشراء اللبن الطبيعي من المزارع وبكميات كبيرة ما أدى إلى شحه أيضًا على صغار التجار، وبالتالي زيادة أسعاره واستغلال الأزمة مع الوقت ورفع سعره بشكل فردي على المواطنين.
ارتفاع تكلفة الإنتاج السبب الرئيسي في أزمة الألبان
ولكن أرجع رئيس جمعية منتجي الألبان، عبد اللطيف شاش، سبب حالة الركود بسوق منتجات الألبان، إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج خاصة أن صناعة الألبان تعتمد على مستلزمات إنتاج من الخارج، فضلا عن ارتفاع سعر الدولار مما يؤثر في أسعار مدخلات الإنتاج لتلك الصناعة.
وينعكس هذا على تراجع القوة الشرائية للمستهلكين خلال التوقيت الحالي، ولا يمكن تحديد نسبة معينة لتراجع القدرة الشرائية لكنها في المجمل تأثرت بشكل كبير، وطبقا للحالة الاقتصادية للمستهلك فإنه لا يستطيع أن يتواكب مع الارتفاع المتوالي لارتفاع أسعار منتجات الألبان مما يجعله يعزف عن شراء أنواع منتجات اعتاد على شرائها من قبل ارتفاع الأسعار.
هل يخزن المنتجون الألبان؟
يؤكد المهندس أشرف سرور، الأمين العام للجمعية المصرية لمنتجي الألبان، أن أزمة الألبان مستمرة منذ عام 2022، وتخفيض الإنتاج جاء بسبب ضعف القوة الشرائية للمواطن، حيث أن المبيعات من الألبان انخفضت في شهر رمضان الأخير عن الأعوام الماضية بنسبة تصل إلى 25%.
ونفى الأمين العام للجمعية المصرية لمنتجي الألبان، ما يتم تداوله عن أن المنتجين يقومون بتخزين اللبن لرفع أسعاره، مؤكدا أن اللبن سلعة لا تخزن ويتغير خواصه ويفسد بعد 48 ساعة، وليس من مصلحة أي منتج التخزين، حيث واجهت المصانع قلة من شراء الألبان الفترة الماضية، لافتًا إلى أن معدل إنتاج الألبان من البقرة المستوردة هو 30 لتر يوميا، بينما الأبقار البلدي تنتج 10 كيلو من اللبن في اليوم.
تحديات صناعة الألبان
ويعاني الشعب المصري ضعفًا في استهلاكه للألبان، فهو من أقل الشعوب في استهلاكه الحليب مقارنة بالدول المجاورة والقارة الأوربية، ويوضح سرور أن الشعب المصري يأكل الجبن، ولا يشرب اللبن، ولابد من تغيير هذه الثقافة، فالإنتاج الفعلي يصل إلى 5.80 مليون طن لبن سنويا، ونحتاج 8 مليون طن ونستورد الفارق بين الإنتاج والاحتياج كلبن بودرة من الخارج.
ويعتبر التحدي الأول للمزارع وإنتاج الألبان، هو زيادة أسعار الأعلاف، والتحدي الثاني هو التسعير، وتسببت أزمة نقص فول الصويا والأعلاف الأخيرة، في إغلاق عدد كبير من المزارع ليتراجع عددها من 300 إلى 350 مزرعة مع استمرار العدد في الانخفاض.
هل خفض أسعار الألبان يحل الأزمة؟
ويقول الأمين العام للجمعية المصرية لمنتجي الألبان، إنهم ينتظرون انخفاضا في كميات إنتاج الألبان الفترة القادمة، والهدف زيادة الإنتاج وتنشيط حركة البيع والشراء ولن يتحقق ذلك إلا بخفض الأسعار، ويتم مناشدة المصانع، ومزارع الألبان بواسطة خطابات رسمية، بتخفيض الإنتاج بنسب تراوحت من 20 إلى 30%، نتيجة تراكم كميات كبيرة في المخازن بسبب انخفاض الطلب.
ويتم التعامل مع مصانع إنتاج الألبان كمستورد وليس كالإنتاج الزراعي في فواتير الكهرباء والضرائب، والدولة لا بد أن تساعد، لافتًا إلى أن مزارع الألبان بعد تخفيض الإنتاج، أصبحت أمام أمر من اثنين إما تخفيض التغذية أو التخلص من القطيع عن طرق الذبح، وهذه تعد أسوأ مشكلة تواجهها مصر؛ نتيجة فقدان القدرة عن تعويضه ببديل، نظرًا لأن سلالات مزارع الألبان جميعها ذات منشأ أوروبي تم استيرادها بالعملة الصعبة.
خسائر منتجي الألبان 4 جنيهات لكل كيلو
كما يوضح المهندس أشرف سرور، أن التكلفة الفعلية للتر الحليب 21 جنيهًا، في حين يتم تسليمه أقل من تكلفته بـ4 جنيهات، ليصبح 17 جنيهًا، معقبا: "كل كيلو لبن بيخرج من المزرعة، يخسر صاحبها 4 جنيهات بالمقابل".