توطدت المخاوف الكبيرة التي أثارها عمل الذكاء الاصطناعي العام لدى الكثير منا في السنوات القليلة الماضية إلى خوف أكثر عمقاً مع تنامي قدراته، حينما يستطيع جهاز كمبيوتر فائق الذكاء يتعلم ويتطور بشكل مستقل، أن يتفهم بيئته من دون الحاجة إلى إشراف بشري ويمكنه تغيير العالم من حوله.
موضوعات مقترحة
وعلى رغم أن العالم لم يصل إلى هذه النقطة بعد، لكن طبيعة التكنولوجيا تعني أنه من الصعب للغاية التنبؤ بالضبط متى سنصل إليها، حيث يمكن أن يكون "الذكاء الاصطناعي الشبيه بالآلة" قوة خارج سيطرة البشر أو فهمهم، ويمكن أن يؤدي إلى تدمير الجنس البشري.
التطور التكنولوجي سلاح ذو حدين
وبهذا الصدد، يقول الدكتور حمدي الليثي، خبير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ونائب رئيس غرفة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السابق، لـ"بوابة الأهرام": كل تطور تكنولوجي سلاح ذو حدين؛ حيث إن هناك جزءا إيجابيا وآخر سلبيا، فلا ننكر أن الذكاء الاصطناعي سوف يغير في أوجه كثير من الحياة فبقدر أنه سوف يلغي وظائف ولكنه سوف يخلق وظائف أخرى، فلا داعي للخوف من تلك النقطة.
دور الاتحاد الدولي للاتصالات
ولفت الليثي أن الأمر الذي يمكن أن يثير المخاوف هو فقد السيطرة على الآلة لتصبح تهديدا ولكن ما نستطيع قوله بأن هناك جهات تحمي وتكبح الجانب السلبي للتكنولوجيا، فضلا عن وجود معايير أخلاقية تتابع وتحمي من تلك المخاطر السلبية، مؤكدًا على أن الإنسان هو المنشئ والمتحكم في هذه الآلة وهناك منظومة تتحكم في تلك الخوارزميات وليست مجهودات فردية.
وأثنى خبير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على دور الاتحاد الدولي للاتصالات لقواعد الممارسة وأطر للتعاون في هذا الأمر.
الدكتور حمدي الليثي
الفرق بين الذكاء الاصطناعي البسيط والعميق
ومن جانبه، يوضح الدكتور محمد حجازي، استشاري تشريعات التحول الرقمي والابتكار والملكية الفكرية، هناك فرق بين "الذكاء الاصطناعي البسيط" و"الذكاء الاصطناعي العميق"، فالأول يتم به برمجة الكمبيوتر والخوارزميات للقيام بوظيفة معينة وهذا موجود في بيئة محددة وبالتالي لا يتكون منه أي مخاطر.
وتابع: أما "الذكاء الاصطناعي العميق أو المتقدم" والذي يمكن أن يكون به قوة كبيرة أو خارقة وهذا النوع يتميز بأن لديه القدرة على جمع البيانات وتحليلها ومحاولة الخروج بسيناريوهات من عملية التراكم بعملية البيانات والمعلومات والخبرات التي أُدخلت له واستطاع تجميعها، وهذا الأمر ترتب عليه منحه القدرة على اتخاذ قرارات تشكل مختلف وهذه القرارات قد تكون قرارات مستقلة منها على سبيل المثال السيارات ذاتية القيادة، أيضا بعض الربوتات التي تقوم بعملية الدردشة الفورية في بعض المواقع.
كيف يمكن لتطبيقات الذكاء الاصطناعي محاكاة القدرة العقلية للإنسان وتأثيرها على سلوكه؟
عن كيفية محاكاة القدرة العقلية للإنسان والتأثير على سلوكه من خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي، يقول حجازي إن نماذج هذا النوع من الذكاء الاصطناعي تشعر وتتنبأ بالمشاعر الخاصة بالإنسان وتحدد المواقف وتتفاعل معها، ومن هنا تمكن الخطورة؛ حيث إنه من المعروف أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي يمكن استخدامها في عدة مجالات مختلفة منها الطبي والصناعي والتجاري، حتى يمكن استخدامها لتحل محل الأشخاص الطبيعيين، كذلك يمكن استخدامه في بعض الأعمال الخطرة على سبيل المثال في المعارك أو من الناحية الاقتصادية؛ حيث يمكن لتطبيقات الذكاء الاصطناعي أن تفقد بعض الأشخاص لوظائفهم، بالإضافة إلى إمكانية حدوث تهديدات للأمن القومي مثلما حدث في حادثة الكرملين الأخيرة.
هل ستحول تطبيقات الذكاء الاصطناعي الإنسان إلى آلة؟
واستكمل: كما أن هناك مخاطر مرتبطة بالجوانب الاجتماعية؛ حيث سيكون هناك حالة من انفصال بين البشر وبين المحيط الاجتماعي الخاص بهم خاصة وأننا نتعامل مع الآلة بشكل مختلف.
مخاطر تطبيقات الذكاء الاصطناعي في حالة الخروج عن السيطرة
ويرى استشاري تشريعات التحول الرقمي والابتكار والملكية الفكرية، أنه بالفعل يمكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي وتبعاته ولكن لا ننكر أن هناك مخاطر لذا من الضروري، أن يكون هناك تشريعات تحكم وتنظم استخدامات الذكاء الاصطناعي وتضمن حيادية الخوارزميات المستخدمة حتى لا نصل إلى مخاطر نفقد من خلالها السيطرة، مع وضع معايير وضوابط بعدم الخروج عن القواعد الأخلاقية أو الثوابت في المجتمع حتى لا نتحول إلى آلات فيما بعد.
الدكتور محمد حجازي