يقاوم الاحتلال لإنقاذ تاريخه المُغتَصِب

23-5-2023 | 14:17

ليست المرة الأولى التي يجمع فيها حكومة الاحتلال تحت نفق أسفل المسجد الأقصى، وسبق واجتمع بها في 2017، غير مكترث بمشاعر جموع المسلمين، ومزيدًا من الاستفزاز تجول بن غفير وزير الأمن الإسرائيلي في صباح نفس اليوم في أنحاء الأقصى، وخرج من باب المغاربة، وبهذا الاجتماع يرد به نتنياهو على خطاب أبومازن في نيويورك، الذي قال فيه إن الشعب اليهودي لا علاقة له بالقدس.

اجتماع نتنياهو الثاني تحت الأقصى حلقة من سلسلة حلقات لطمس هوية ثاني القبلتين، ولن تهدأ شراسة هجمات الاحتلال الإسرائيلي منذ 75 عامًا في محاولته لمحو تاريخ وثقافة الفلسطينيين، يتحدى نتنياهو باجتماعه المجتمع الدولي في ذكرى نكبته، ذلك وقت إحياء الأمم المتحدة ذكراها، ويحضر وقائعها الرئيس الفلسطيني.

كان نهب تاريخ الأقصي نهج المحتل مع أول يوم وطأت قدماه أرض فلسطين، ولا يزال يجرف كل شيء فلسطيني؛ سواء بيت أو زرع، كشف "جيت أميت" الباحث الإسرائيلي في عام 2009 عن مقتنيات فلسطينية في أحد أقسام المكتبة الوطنية الإسرائيلية، تحتوي على وثائق تاريخية عديدة، وقابعة على أرفف داخل قسم بعنوان "أملاك متروكة"، وقال أميت إن في هذا القسم آلاف الكتب والملفات باللغة العربية وصور وخرائط، وكلما كان يقتحم بيتا فلسطينيًا، يغتصب ما يكتنزه من كتب وأوراق ثبوتية.

وفضح فيلم إسرائيلي هذا الاغتصاب، والفيلم مشهور باسم "سرقة الكتب الكبرى" للمخرج الإسرائيلي "بيني بروز"، وأثار الفيلم انتباه جامعة الدول العربية، وطالبت المجتمع الدولي بالتحرك لإنقاذ التراث الثقافي الفلسطيني، ويشهد الجميع أن أول يد إسرائيلية سرقت هي عصابات "الهاجانا"، وعاثت في الديار نهبًا أثناء عدوان 1947، وقدر المراقبون حجم السرقة بـ 70 ألف وثيقة وكتاب، فضلا عن سرقة حجارة أثرية.

ولن يهدأ الاحتلال عن تغيير المعالم التاريخية للقدس، ثم في بجاحة لا نظير لها ينسبون إليهم التراث الفلسطيني، ويدّعون أن وجود الإسرائيليين على أرض فلسطين منذ القدم، حتى الزي الفلسطيني لم يسلم من لصوص التاريخ.

أخذ باحثون ونشطاء فلسطينيون على عاتقهم إعادة تدوين التاريخ الفلسطيني المغتصب من صدور وأفواه الفلسطينيين القدامى ومن أهل الشتات، وانطلقت مبادرات مختلفة في هذا المضمار منها موقع "فلسطين في الذاكرة"، ويعد من أهم وأكبر المواقع الفلسطينية الوثائقية على الإنترنت، وأقام ياسر عرفات في عام 1994 مركزًا كبيرًا للأرشيف الوطني الفلسطيني، وبلغ حجم تكلفته 14 مليون دولار.

مازالت مبادرات حفظ التراث يعكف عليها الشباب الفلسطيني، كان آخرها مبادرة "خزائن"، وتهدف إلى توثيق يوميات الفلسطينيين في الماضي، وتعتبر مقاومة اندثار تاريخ فلسطين واحدة من صور مقاومة الاحتلال، واسترداد الأرض بدون إحياء تاريخها، كمن يعثر على أرض بور.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: