القمة العربية ومخاوف البجعة السوداء!

17-5-2023 | 17:21

أثق أن العرب كانوا وهم يتجهون إلى قمتهم التي عقدت في جدة، تحت ظلال جامعة الدول العربية، يشعرون بالارتياح الكبير، أنهم استطاعوا تحقيق انتصارات على أراضيهم، مثل قدرة مصر على وقف الحرب المتصاعدة في قطاع غزة بين الفصائل الفلسطينية والإسرائيليين، ثم قدرة السعودية على تجميع فرقاء الحرب من الطرفين فى السودان على مائدة المباحثات، كما استطاعت الصين التوصل إلى اتفاق بعودة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران.
برغم ذلك فالحالة العربية لا تزال تحتاج إلى حلول جذرية فى اليمن وسوريا وليبيا.

إذ ترتب على اندلاع الأحداث فى هذه الدول، حالة من الفراغ الأمنى، التى انصرفت إلى نظرية «البجعة السوداء». أى الأحداث غير متوقعة الحدوث على أمن الدول. وترتب عليها صعود التنظيمات الإرهابية وتهديدها للأمن الإقليمى الدولى، كما نجد أن السياق ليس بالبعيد، وهناك احتمالية لتكرار المشاهد، بل من المؤكد أنها ليست أزمة عابرة، وأن المشهد السودانى سيفتح الشهية لصعود التنظيمات الإرهابية عبر استغلال تصاعد الأحداث.

وبالتالى هذا المشهد المتشابك سيؤدى إلى جملة من التداعيات المحتملة على الظاهرة الإرهابية، سواء على جغرافيا نشاطها أم على مسارات حركتها، وذلك على خلفية الرؤية التى تتبناها تلك التنظيمات الإرهابية صوب الدول العربية.

داعش تطل من هناك مثلما هى متمركزة فى العراق وسوريا، وتنتظر فرصة أخرى للظهور. هم لا يخفون اتجاهاتهم بل يكتبونها فى إصداراتهم طبقا لرؤيتهم، وتنظيم القاعدة هو الآخر عبر عن نفسه على منصاته.

هكذا تفكر التنظيمات الإرهابية، وهى تنظر إلى الحالة السودانية باعتبارها ساحة مهمة للنشاط الإرهابى، لاسيما مع وجود عدد من الأفرع التابعة لكلا التنظيمين فى القارة الإفريقية، مما يفتح المجال أمام تعزيز مظاهر الدعم البشرى. واللوجستى بينهما، مما ينصرف إلى اتساع نطاق تهديد الأمن الإقليمى.

نفس الأمر فى سوريا، لكن بصورة أسوأ، فالتنظيمات الإرهابية مسيطرة، لاسيما داعش على مساحات واسعة هناك، وبرغم الضربات الموجعة التى تتعرض لها، فإنها لا تزال تسيطر على مناطق فى شمال غرب البلاد، خصوصًا ريف إدلب.

قمة الأحداث الساخنة فى منطقتنا لم تظهر بعد، وقطعًا ستكون فى طريقها للظهور، هذه كانت رسالة القمة العربية العاجلة، فالقادة العرب لم ينتظروا بل بدأوا فى حل المشاكل من جذورها، وبرؤية إستراتيجية، لأن النار ولهيب التطرف يتمددان بالأزمات الاقتصادية وغياب الدولة القوية وبالفعل كانت القمة تملك رؤية إستراتيجية.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: