في رسالة هي الأهم؛ وتحول هو الأبرز؛ وتطور هو الأكبر؛ جاءت قرارات أول اجتماع للمجلس الأعلى للاستثمار اليوم برئاسة الرئيس السيسي لتفتح كل الأبواب أمام المستثمرين، وتتدخل بمشرط الجراح لتستأصل بيروقراطية عميقة في دواوين الحكومة عمرها عقود، كانت تعوق الاستثمار وتقف أمام تدفقات رأس المال.
22 قرارًا شملت كل ما كان يؤرق المستثمرين، ونسفت كهوفًا إدارية عقيمة اتخذ منها ضعاف النفوس ساحة للتربح وانتزعت مخاوف طالما روج لها أعداء مصر ودفع بها منافسون يسعون لاستقطاب الاستثمارات في الإقليم، واتخذتها مؤسسات التقييم الدولية ذريعة في تقارير وتقييمات غير موضوعية عن الاقتصاد المصري, واتخذت منها صحف دولية مادة لتشويه مناخ الاستثمار في مصر والتي كان آخرها ما نشرته صحيفة الفايننشال تايمز أمس.
أهمية هذه القرارات التاريخية أنها في مجملها تؤسس لمناخ استثماري تنافسي منفتح يوفر كافة الضمانات والحوافز اللازمة للمستثمرين ويقضي تماما على البيروقراطية الإدارية في تأسيس الشركات وتخصيص الأراضي عبر منصة واحدة توفر خدمات التأسيس والتصفية وغير ذلك مما تتطلبه ظروف الشركة وتسهيل تملك الأجانب للعقارات، وإلغاء التمييز بين المصري والأجنبي في التسجيل في سجلات المستوردين والتوسع في إصدار الرخصة الذهبية، وعدم قصرها على الشركات التي تؤسس لإقامة مشروعات قومية كبرى وغير ذلك من القرارات التي تتعاطى مع مشكلات المستثمرين مع تعدد الرسوم والضرائب وتحويل الأرباح والتمييز مع شركات الدولة في المناقصات.
المؤكد أننا أمام ثورة إدارية في التعامل مع المستثمرين سوف تكون لها انعكاساتها الإيجابية على معدلات تدفق الأموال على مصر في مشروعات تنموية تعود بالنفع على الاقتصاد القومي الذي يواجه تحديات كبيرة تتطلب مثل هذا الانفتاح الذي يشجع على دخول استثمارات جديدة ويبعث برسالة ثقة وطمأنة للشركات الأجنبية الكبرى؛ مفادها أن مصر اليوم ترحب بكل المستثمرين في مناخ جديد يوفر كل السبل لإقامة مشروعات ناجحة ومربحة.
والحقيقة أن مصر تمتلك فرصًا استثمارية كبرى وموقعًا فريدًا يتوسط قارات العالم؛ يؤهلها أن تكون مركزًا إقليميًا لاستقطاب المستثمرين في مشروعات إنتاجية وخدمية كبرى.
كما أن مصر لديها سوق كبرى قوامها ما يزيد على 100 مليون نسمة، كما أنها تعد بوابة للسوق الإفريقية والعربية؛ وكذا قربها للقارة الأوروبية وكلها عوامل جذب للمستثمرين.
مصر اليوم حين تتخذ هذه القرارات في هذا التوقيت فإنها أيضًا تتخذها بعد أن نجحت في تنفيذ بنية تحتية حديثة أنفقت عليها تريليونات الجنيهات، شملت الطرق والكباري والأنفاق والموانئ وخطوط سكة حديد ومطارات، بالإضافة إلى البنية التحتية في الاتصالات وهي كلها خدمات أساسية للمستثمرين، ولولاها لا يمكن الحديث عن جذب استثمارات مهما كانت التسهيلات الإدارية.
ففى فترة من الفترات قامت الدولة بإنشاء مناطق صناعية ومنحت المستثمرين إعفاءات ضريبية 10 سنوات وأراضي بالمجان ولم تنجح في جذب المستثمرين؛ لغياب الخدمات من طرق ومطارات وغير ذلك.. لكن اليوم الأمر اختلف تمامًا؛ حيث الفرص متاحة والخدمات متوافرة والقيادة السياسية هي الضامن لتذليل أي عقبات بعد أن أصبح الرئيس السيسي هو من يترأس اجتماعات المجلس الأعلى للاستثمار؛ إذ توفر هذه الآلية عوامل الإنجاز وضمانات التنفيذ لكل ما يصدر من قرارات ويقف عائقا أمام المشروعات.
أتوقع بعد قرارات اليوم أن الطلب على الاستثمار في مصر سوف يتعاظم خلال المرحلة المقبلة؛ لما وفرته تلك الإجراءات من شفافية وأتاحته من حوافز، وأزالته من معوقات لتوفر المناخ اللازم والملائم للمستثمرين، ولا يخفى على أحد أن هناك أسواقًا ناشئة للاستثمار في المنطقة بدأت تلفت انتباه المستثمرين، وكان على مصر أن تتنبه لهذا الأمر من خلال خلق مناخ تنافسي أكثر جاذبية لأن مصر تمتلك مقومات فريدة يبحث عنها أى مستثمر يريد النجاح وتحقيق الأرباح.
الآن فقط؛ يمكن القول إن حملة مصر التي تم تنظيمها قبل سنوات في الخارج ورفعت شعار "استثمر في مصر" ستحقق أهدافها.
[email protected]