وساطة مصرية وتقدير دولي

15-5-2023 | 14:11

لا شك أن ما قامت به مصر من جهود مكثفة على مدار الأيام القليلة الماضية لإنجاح - ما فشل العالم في تحقيقه – الجهود الرامية لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة والتوصل لاتفاق هدنة بين الفلسطينيين وبالتحديد حركة الجهاد الإسلامي وإسرائيل يعد إنجازًا حقيقيًا يضاف إلى العديد من الإنجازات المصرية البارزة في ملف الدعم المصري التاريخي والمتواصل للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني في كافة مراحل نضاله المشروع ضد الاحتلال الإسرائيلي.

وبالطبع فإن الجهود واللقاءات المكثفة والجولات المكوكية التي قامت بها الأجهزة الأمنية المصرية برعاية القيادة السياسية ممثلة في الرئيس عبدالفتاح السيسي لم تكن لتؤتي ثمارها دون وجود ثقة وثقل وتقدير لدى الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بل وتقدير أيضًا من جانب المجتمع الدولي للدور المصري المحوري في تلك القضية.

وعلى الرغم من الدمار الكبير الذي خلفته الاعتداءات الإسرائيلية الممنهجة على الشعب الفلسطيني؛ حيث استشهد ٣٣ فلسطينيا من بينهم ٦ من حركة الجهاد الإسلامي، وأصيب ١٤٧ فلسطينيًا بجروح بينما قتل شخصان في إسرائيل أحدهما إسرائيلي والآخر فلسطيني وأصيب ٥ بجروح، بالإضافة إلي الدمار الذي لحق بعشرات بل مئات المباني السكنية والإدارية في غزة جراء القصف الإسرائيلي، إلا أن المجتمع الدولي جلس في مقاعد المتفرجين، واكتفت الأمم المتحدة؛ ممثلة في الأمين العام، أنطونيو جو تيريش، بالإعراب عن "قلقها العميق" بشأن العنف الدائر بين إسرائيل والجماعات المسلحة في غزة، ونبهت إلى "ضرورة التزام إسرائيل بالقانون الدولي خلال الأحداث الأخيرة "، كما أدانت "الإطلاق العشوائي للصواريخ" من غزة على إسرائيل، واعتبرته "انتهاكًا للقانون الإنساني الدولي".

ولم يكن الموقف الأمريكي بعيدًا عن توقعات الشارع العربي فلم تحرك واشنطن ساكنًا، ولم تمارس أي ضغوط على إسرائيل لوقف العدوان على غزة، بل اكتفت بالمشاهدة على الرغم من استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني والوضع الإنساني "القاسي" على الفلسطينيين خاصة الأطفال والنساء وفقًا لتقديرات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وأيضًا الأوضاع غير الإنسانية داخل المستشفيات والمدارس. 

وبالطبع جاء الموقف الأوروبي متماشيًا مع الموقف الأمريكي الهزيل من العدوان الإسرائيلي، وبات واضحًا تمامًا أن أمريكا ومعها أوروبا هي المصدر الأساسي لاستخدام "المعايير المزدوجة" في التعامل مع القضايا الدولية فعلى الرغم من الدعم اللامحدود من قبل الكثير من القوى الكبرى وفي مقدمتها أوروبا وأمريكا لأوكرانيا لدعمها في مواجهتها مع روسيا إلا أن نفس الدول لم تكن على الساحة الدولية في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة.

ولذا فإن ما قامت به مصر من جهود مكثفة ومخلصة لوقف الحرب وإنجاز الاتفاق على هدنة بين الطرفين في وقت تخلى فيه الجميع عن التصدي للأزمة جاءت بمثابة طوق النجاة الحقيقي للمجتمع الدولي كله لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة وبمثابة جرس إنذار للعالم لممارسة ضغوط حقيقية على الحكومة الإسرائيلية للعودة لطاولة المفاوضات والقبول بما أقره المجتمع الدولي وهو "حل الدولتين".. وإن كانت الأوضاع في ظل الحكومة الإسرائيلية الحالية لا تشير إلي حدوث أي تقدم أو انفراجة في ملف السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل؛ بل استمرار حكومة نتنياهو في تعنتها وممارستها غير الشرعية ضد الشعب الفلسطيني بدعم أمريكي غير محدود وضعف واضح في الموقف الدولي تجاه القضية الفلسطينية.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة