Close ad

العراق.. حضارة تعبر عن نفسها بالثقافة والفنون

14-5-2023 | 15:32

في زيارتي الأولى إلى العراق بدعوة من مهرجان بابل للثقافة والفنون العالمية فى دورته العاشرة، كان كل ما يدور بخاطري هى الحرب وما تبقى منها على هذه الأرض، والمدهش هو أنك إن حللت بأرض العراق اليوم لن تشم رائحة دخان تلك الحرب التى ظلت لسنوات تفتك بالأخضر واليابس، حرب حدود ثم حرب أرهاب، ثم تدخل أجنبي، وظل الإرهاب الداعشي لسنوات يحاول أن يبيد ما تبقى من كنوز بلد الحضارات العراق.

لن تجد سوى وطن يحاول أن ينعش ذاكرته الثقافية والفنية بمهرجانات للثقافة، والفنون، وطن عاد ليتغنى بالحرية، ففي بابل وهي إحدى أهم المدن الأثرية بها واجهة العراق الجميلة أقيم مهرجان بابل، برئاسة الشاعر الكبير ووزير الإعلام الأسبق الدكتور على الشلاه، وكانت المشاركة المصرية؛ سواء من خلال دور النشر، أو الحضور الثقافى والفنى ثرية جدا، ففي الثقافة حضر الشاعر المصري الكبير أحمد الشهاوى محاضرا ومتحدثا عن "النفري بين مصر والعراق" وألف لا فصاعدا عنه وعن التصوف، ثم الكاتب والفيلسوف يوسف زيدان، وحضر من الكتاب المؤلفة هناء متولى تحدثت فى شهادتها عن الكتابة سواء كمؤلفة للقصة القصيرة، أو الرواية، والدكتورة إنتصار محمد التى وقعت هناك كتابها عن المشرع العربي الإسرائيلي، ثم مناقشات حول سينما المخرج الكبير هاني لاشين وعرض لفيلمه "الأراجوز"، وندوة مهمة عن الدراما التاريخية بحضور المخرج الكبير عمر عبدالعزيز.

فى العراق قد تكون الشوارع لا زالت تبعث فيك حالة من عدم الطمأنينة، لكثرة ما تراه من حواجز، وتأمين للطرق، لكن ما إن يعلم الجميع أنك من مصر تفتح لك جميع الطرق، لهجتك المصرية تكشف عن هويتك، هي بطاقتك الشخصية التى تمنحك الضوء الأخضر لقلوب من تلتقيهم.

مقامات الأولياء والصالحين، والشعراء، والشوارع التى تحمل أسماءهم المتنبي، مثلا، منطقة الحضور العربي فيها كل الجنسيات، وفيها مقام الشاعر الكبير أبى الطيب المتنبي، الكاظمية، النجف، كربلاء، الحلة، كل منطقة بها جزء من حضارة وطن يعود ليتنفس حبا ورغبة فى أن يحتضن كل الجنسيات القادمة إليه، إن سألت أحدهم عن الحياة حاليا سيقول لك عبارة مهمة نحن نفيق من سنوات كنا فى وطن مستغل، وطن أصبح مريضا، يعود من حالة نقاهة، تلك هي التعبيرات التي قد يحدثك بها مثقف واع يحب وطنه ويتمنى أن تتبلل الشوارع بماء دجلة والفرات، وأن تزدهر ملايين أشجار النخيل التى تمنحك شعورا بالبهجة وأنت تمر من بغداد متجها إلى الحلة، بلد به خيرات الله من القمح والنخيل وزيت الزيتون، إنه العراق الذي نتمنى أن يعود أبناؤه ليتغنوا به، فلن تجلس في مكان إلا ويأتيك صوت ناظم الغزالي، فبرغم أنه توفي منذ أكثر من 60 عامًا فإن صوته يصدح في كل مكان، صوره معلقة في مطاعم بغداد وفي فنادقها، يغني أم العيون السود، وياحلو، وعيرتني بالشيب، وفنانون أسهموا في صناعة تاريخ الدراما العراقية مثل الفنانة القديرة هند كامل وشذى سالم، وغيرهما تراهم فى ندوات مثل هذا المهرجان يعبرون عن سعادتهم بعودة الفنون والثقافة إلى وطن الحضارات.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة